ذِكـــراكَ للمبـتـلـى رَوحٌ ورَيـحــانُ |
|
ونـورُ حبِّـك فـي الألـبـابِ إيـمـانُ (3) |
يـا بهجـةَ المصطفـى، يـا ضَـوءَ ناظـرِهِ |
|
آيــاتُ مـجـدِك لـلأجـيـال فُـرقــانُ |
شَـدا بـهـا الـمـلأُ الأعـلـى، ورتّلَـهـا |
|
في روضة القُدس بين الحُورِ «رِضوانُ» (4) |
فَـرَنّ إيقاعُـهـا فــي الخُـلْـدِ منتـشـراً |
|
فَـهَـبّ هـاشـمُ جَـذْلانـاً، وعـدنـانُ (5) |
قــالا، وللزَّهْـوِفـي بُردَيهـمـا ألَـــقٌ |
|
والكـلُّ مِـن سِحْـرِ هـذا النَّغْـمِ نَـشـوانُ: |
تَـاللهِ لـم يَـتْـلُ قَـبـلَ الـيـوم مَلحـمـةً |
|
كهـذهِ فــي ريــاضِ الخُـلـد جَـنّـانُ |
ولا رأينـا كمِثـلِ آبــنِ البـتـولِ فـتـىً |
|
يُنمـى إليـه العُـلـى والـعِـزُّ والـشـانُ |
فيـا رَبيـبَ الهُـدى، يـا نــورَ موكـبِـهِ |
|
يـا مَـن لِعيَنَـي رسـولِ اللهِ إنـسـانُ (6) |
إن كـان للمـجـدِ عُـنـوانٌ فـأنـتَ لَــهُ |
|
ـ مهمـا تَبايَـنـتِ الأمـجـادُ ـ عُـنـوانُ |
تُنسـى ذُكــاءٌ إذا مــا اللـيـلُ يَعقبُـهـا |
|
ونـورُ مـجـدِك لا يَـعـروهُ نسـيـانُ (7) |
للهِ سِـفــرُ فَـخــارٍ أنـــت كـاتـبُـهُ |
|
مـا خَطَّـه مِـن بُنـاةِ الفخـرِ إنسـان (8) |
يَـشُـعُّ فــي حَـلَـكِ الأيّــام مُؤْتَلِـقـاً |
|
وطَــيُّ أنــوارهِ هَـــدْيُ وعِـرفــانُ |
سَـرَتْ بـهِ فـي ظـلامِ الدهـرِ ـ آمِـنـةً |
|
مـن الضَّلالـةِ ـ أظـعـانٌ ورُكـبـانُ (9) |
فـهـو الدلـيـلُ إذا ضَـلّـتُ نجائـبُـهـم |
|
وهـو المَـنـارُ إذا مـاتـاهَ رُبّــانُ (10) |
صفاتُـك الغُـرّ أسـمـى أن يـقـومَ بـهـاَ |
|
نَـظْـمٌ ونـثـرٌ، وإبـــداعٌ وإحـســانُ |
لـو رامَ «سَحْـبـانُ» تَـعـداداً لأيسـرِهـا |
|
لَباتَ وهـو عديـمُ اللُّـبِّ «سَحبـانُ» (11)! |
مـآثـرٌ فــي سـمـاءِ الـعِـزِّ مُشـرقـةٌ |
|
لـم يَـأْلُ ترتيلَهـا شـيـبٌ وشُـبّـانُ (12) |
تَضـوعُ فـي دولـة الأمجـاد نَشْـرَ هُـدىً |
|
فيَنتَـشـي بِشَـذاهـا الإنــسُ والـجــانُ |
فـي نَفْـسِ كـلِّ أبـيٍّ مِـن سَنـاك سَـنـاً |
|
وقـلـبِ كــلِّ كـريـمٍ مـنـك تَحْـنـانُ |
هـذا هـو المجـد، لا مـا قـال قائلُـهـم: |
|
(قُمْ ناجِ جُلَّقَ وانشدْ رَسمَ مَـن بانـوا) (13) |
بَنُوأُمـيّـةَ للشيـطـانِ مـــا صَـنَـغُـوا |
|
وللضّلالـةِ مــا شــادُوا ومــا دانُــوا |
بُورِكَـت «شَوقـيُّ» هـل أغـراك بارِقُهـم |
|
إذ رُحتَ تبكي ودمـعُ العيـنِ هَتّـانُ؟! (14) |
مَـرَرتَ بالمسـجـد المَـحـزونِ تَسـألُـهُ: |
|
هل في المصلّى أو المحرابِ مَـروان؟ (15) |
إنّـي عَجِـبـتُ إذِ استَفهَـمـتَ لا حَــذِراً |
|
فكيـف يُوجَـد فـي المحـرابِ شيـطـانُ؟! |
شَـدَوتَ فـي مُلِكهـم، هــل إنّ مُلكَـهـمُ |
|
إلاّ ضَــلالٌ، وتَـدلـيـسٌ، وبُـهـتـانُ؟! |
مِـن كـلِّ ُمُحتـقَـرٍ فــي زِيّ مُحـتـرَمٍ |
|
ومُبصِريـن وهُــم ـ تَــاللهِ ـ عُمـيـانُ! |
أهــؤلاءِ يَـسُـودونَ الأنـــامَ هُـــدىً |
|
وهـــؤلاءِ لِــدِيــنِ اللهِ أعــــوانُ؟! |
أنّـى لهـم بـأُصـولِ الـديـن معـرفـةٌ؟! |
|
هـل يَعـرِف الديـنَ خَمّـارٌ ودَنّـانُ؟! (16) |
الطـاسُ والـكـاس والطُّنـبُـورُ دَيدَنُـهـم |
|
فَجَـدُّهـم نـاقـرٌ والإبـــنُ سـكــرانُ! |
فـــلا الأذانُ أذانٌ فـــي ديــارِهِــمُ |
|
وقـــد تَـعـالــى، ولا الآذانُ آذانُ (17) |
وقيـل: قـد فَـتَـح الأمـصـارَ جيشُـهـمُ |
|
وامتـدّ منهـم عـلـى الآفــاقِ سُلـطـانُ |
فقـلـتُ: واعَجَـبـاً فـتــحٌ ولا خُـلُــقٌ |
|
ومَـجـدُ سـيـفٍ ولا عــدلٌّ وإيـمــانُ! |
مـا قيمـةُ الفتـحِ إن سـادَ الفـسـادُ بــهِ |
|
وعَـمّ فــي ظِـلِّـه ظُـلـمٌ وطغـيـانُ؟! |
ما الفتـحُ أن تَخضَـعَ الأقطـارُ عـن جَشَـعٍ |
|
الفـتـحُ عــدلٌ، وأخــلاقٌ، وعـمـرانُ |
يا مَـن قـد ارتـاب فيمـا قلـتُ مُعترِضـاً |
|
الـحـقُّ لـلـحـقِّ تـأيـيـدٌ وبـرهــانُ |
فتلـك «يثـربُ» سَلْـهـا عــن مثالِبِـهـم |
|
تُنْبيـك «يثـربُ» والأنبـاءُ أشـجـانُ (18) |
كـم هُتّكَـتْ مِـن بنـاتِ الخِـدْر مُحصَنَـةٌ |
|
ورِيـع قلـبٌ وأطفـالٌ ورضـعـانُ! (19) |
حِمـى النبـيّ أبـاحُـوهُ.. فَــوا عَجَـبـاً! |
|
كيف استَقَرَّت على الأقـذاء أجفـانُ؟! (20) |
وذلـك البيـتُ بـيـتُ الله قــد هُـدِمَـت |
|
جَوانـبٌ منـه حيـث انْـدَكّ أركـانُ! (21) |
ففـي مجانيـقِ «سُفـيـانٍ» رَمَــوهُ بِـهـا |
|
لا كان «سفيانُ» في الدنيـا ولا كانـوا (22) |
طَغَـت عُلوجُهـمُ مِـن فـرطِ مـا غَصَبـوا |
|
حتّـى كــأنّ جمـيـعَ الـنـاس عِـبْـدانُ! |
ونكّـلـوا بِـدُعـاةِ الـحــقِّ جُـهـدَهـمُ |
|
فـضَـجّ منـهـم مَـحـاريـبٌ وقُـــرآنُ |
وقَبلَهـا وقـعـةٌ فــي الـطـفِّ دامـيـةٌ |
|
شبّـتْ لهـا فـي فـؤادِ الـحـقِّ نـيـرانُ |
يــومٌ بــه وقَــفَ التـاريـخُ مُنـذَهِـلاً |
|
لِمـا جَـرَت مِـن دم الأحــرارِ وُديــانُ |
يا أرضُ مِيـدي ويـا دُنيـا العُلـى انقلبـي |
|
هذا الحسينُ قطيـعُ الـرأس عُريـانُ!! (23) |
مُلقـىً علـى الأرضِ أشــلاءً مُـوزَّعـةً |
|
والسافيـاتُ لــه غُـسْـلٌ وأكـفـانُ (24) |
ويـا سمـاءُ اخجَلـي أن تُطْلِـعـي قـمـراً |
|
ففـي ثَـرى الطـفِّ أقمـارٌ لـهـا شــانُ |
أبَـوا سِـوى العِـزِّ فـي أسمـى مراتـبِـهِ |
|
فآستُشهِـدوا فـيـه، لاذَلُّــوا ولا هـانُـوا |
سَقَـوا ريـاضَ المعالـي مِــن دمائِـهِـمُ |
|
والكـلُّ منهـم صَــدِيُّ القـلـبِ ظَـمـآنُ |
مَضَـوا إلـى ربِّـهِـم يَحـدُوهـمُ بَـطَـلٌ |
|
تـشـدو بِـذكـراه أحـقـابٌ وأزمـــانُ |
كـانـوا مصابـيـحَ للعلـيـاءِ مُـشـرِقـةً |
|
فهل سألتَ «بني مروان» مـا كانـوا؟! (25) |
فيـا «أميـرَ القـوافـي» إن أردتَ عُـلـىً |
|
قِفْ في رُبى الطفّ وانشدْ رسمَ مَن بانوا (26) |
ودَعْ أُمـيّــةَ فـالـتـاريـخُ يَـعـرِفُـهُـم |
|
ولا يَـغُـرَّنْـك سـلـطـانٌ وتـيـجــانُ |