اللهم صل على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها صلاة كثيرة دائمة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
------------ --------- ---
الغضب: حالة نفسية، تبعث على هياج الانسان، وثورته قولاً أو عملاً. وهو مفتاح الشرور، ورأس الآثام، وداعية الازمات والاخطار. وقد تكاثرت الآثار في ذمه والتحذير منه:
قال الصادق عليه السلام: «الغضب مفتاح كل شر»
وإنما صار الغضب مفتاحاً للشرور، لما ينجم عنه من أخطار وآثام، كالاستهزاء، والتعيير، والفحش، والضرب، والقتل، ونحو ذلك من المساوئ
وقال أمير المؤمنين عليه السلام: «الحدّة ضرب من الجنون، لأنّ صاحبها يندم، فإن لم يندم فجنونه مستحكم»أودّ أن أعرض وصفة علاجية لهذا الخُلق الخطير، وهي مؤلفة من عناصر الحكمة النفسية، والتوجيه الخلقي، عسى أن يجد فيها صرعى الغضب ما يساعدهم على مكافحته وعلاجه.
وإليك العناصر الآتية:
(1) - إذا كان منشأ الغضب اعتلالاً صحياً، أو هبوطاً عصبياً كالمرضى والشيوخ ونحاف البنية، فعلاجهم - والحالة هذه - بالوسائل الطبية، وتقوية صحتهم العامة، وتوفير دواعي الراحة النفسية والجسمية لهم، كتنظيم الغذاء، والتزام النظافة، وممارسة الرياضة الملائمة،
واستنشاق الهواء الطلق، وتعاطي الاسترخاء العضلي بالتمدد على الفراش.
كل ذلك مع الابتعاد والاجتناب عن مرهقات النفس والجسم، كالاجهاد الفكري، والسهر المضني، والاستسلام للكئابة، ونحو ذلك من دواعي التهيج.
(2) - لا يحدث الغضب عفواً، وإنّما ينشأ عن أسباب تستثيره، أهمها: المغالاة في الانانية، الجدل والمراء، الاستهزاء والتعيير، المزاح الجارح. وعلاجه في هذه الصور باجتناب أسبابه، والابتعاد عن مثيراته جهد المستطاع.
(3) - تذكّر مساوئ الغضب وأخطاره وآثامه، وأنها تحيق بالغاضب، وتضرّ به أكثر من المغضوب عليه، فرب أمر تافه أثار غضبة عارمة، أودت بصحة الانسان وسعادته.
يقول بعض باحثي علم النفس: دع محاولة الاقتصاص من أعدائك، فإنك بمحاولتك هذه تؤذي نفسك أكثر مما تؤذيهم... إننا حين نمقت أعداءنا نتيح لهم فرصة الغلبة علينا، وإنّ أعداءنا ليرقصون طرباً لو علموا كم يسببون لنا ممن القلق وكم يقتصّون منّا، إنّ مقتنا لا يؤذيهم، وإنّما يؤذينا نحن، ويحيل أيامنا وليالينا الى جحيم
وهكذا يجدر تذكر فضائل الحلم، وآثاره الجليلة، وأنّه باعث على اعجاب الناس وثنائهم، وكسب عواطفهم.
وخير محفّز على الحلم قول اللّه عز وجل: «إدفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنّه وليّ حميم، وما يلقّاها إلا الذين صبروا وما يلقّاها إلا ذو حظ عظيم» (فصلت: 34 - 35)
(4) - إنّ سطوة الغضب ودوافعه الاجرامية، تعرّض الغاضب لسخط اللّه تعالى وعقابه، وربما عرّضته لسطوة من أغضبه واقتصاصه منه في نفسه أو في ماله أو عزيز عليه. قال الصادق عليه السلام: «أوحى اللّه تعالى إلى بعض أنبيائه: إبنَ آدم أذكرني في غضبك أذكرك في غضبي، لا أمحقك فيمن أمحق، وارض بي منتصراً، فانّ انتصاري لك خير من انتصارك لنفسك»(5) - من الخير للغاضب إرجاء نزوات الغضب وبوادره، ريثما تخفّ سورته، والتروّي في أقواله وأفعاله عند احتدام الغضب، فذلك مما يخفّف حدّة التوتر والتهيج، ويعيده الى الرشد والصواب، ولا يُنال ذلك إلا بضبط النفس، والسيطرة على الأعصاب.
قال أمير المؤمنين عليه السلام: «إن لم تكن حليماً فتحّلم، فإنّه قَلّ من تشبه بقوم إلا أوشك أن يكون منهم»
(6) - ومن علاج الغضب: الاستعاذة من الشيطان الرجيم، وجلوس الغاضب إذا كان قائماً، واضطجاعه إن كان جالساً، والوضوء أو الغسل بالماء البارد، ومس يد الرحم إن كان مغضوباً عليه، فإنه من مهدئات الغضب.
أبعد الله عنا وعنكم والمؤمنون من هذه الصفة