لقد انطلقت الركضة من منطقة باب طويريج واستمرت الاجساد والجموع الكبيرة بالتدفق باتجاه منطقة المخيم ثم دخلت مرقد الامام الحسين واخيه العباس (ع) وانتهت في منطقة المخيم التي قام فيها جيش يزيد بحرق خيم عوائل الحسين وصحبه الاكرمين (ع) وقد شارك في هذه الركضة عدد غفير من النساء المؤمنات اللواتي دوّى صوتهن عاليا وهو يصرخ بنصرة الامام (ع) وتدفقت جموع غفيرة للرجال من باب مرقد العباس (ع) باتجاه تقاطع الجمهورية حيث تلاقت الحشود الراكضة في امواج بشرية متتالية عند هذه النقطة التي غصت بآلاف الاجساد، وكانت أصوات الحق والايمان تهدر عالية (يـــا حســين يـــــا حســــين يـــــا حســـــين، لبــيــك يامــولاي).
وقد تخلل هذه الحشود مجموعة( التشابيه) وهم زمرة من الرجال ذوي الملابس الحربية(الحمر) بكامل عدتهم يمثلون جيش الظلم والطغيان، جيش يزيد بن معاوية وهم يتقدمون لحرق الخيام وأخذ السبايا من آل بيت الرسول الأكرم(ص)، وقد تواصلت هذه الشعيرة المقدسة على مدى ساعتين ولن يعيقها أي عائق مهما كان نوعه اذ كانت مشاعر الايمان بالفكر الحسيني وبمآثره الخالدة المتجددة متأججا في نفوس المشاركين جميعا في الركضة رجالا ونساءً وأطفالا بل وحتى شيوخا ومرضى ومعاقين، وفي أكثر من مرة غصت الشوارع بهذه الحشود لدرجة انها توقفت في بعض الاحيان من شدة الزحام لتواصل ركضها من جديد هاتفة باسم الحسين (ع) بصوت هادر هو صوت الايمان، صوت الحرية، صوت الحق الذي لم يخش أحدا قط، انه الصوت الحسيني الباقي بقاء الدهور.
وهكذا عاشت كربلاء المقدسة أيام عاشوراء مدججة بالايمان وحافلة بالشعائر الحسينية المقدسة وعابقة بأريج الطهر ومطوقة بشعاع الفكر الحسيني الوقاد، هذه هي مناقب أهل البيت وهذه هي جموعهم الهادرة التي لا تتوانى عن بذل الغالي والنفيس من أجل نصرة الحسين(ع) ونشر مبادئ ملحمته في عموم ارجاء العالم الى أبد الآبدين.