الشيب.. وقار ومظهر للوسامة والرجولة
الشيب يعرّف بتلك المساحة من الشعر التي يظهر عليها اللون الأبيض، ويعتبره الكثير من الناس بداية انتقال من مرحله الشباب إلى الشيخوخة، وهو المفهوم الذي أصبح سائدًا.
القاهرة- الشيب ذلك الرسول المزعج الذي يأتي إلينا على حين غرة ودون ميعاد، أو سابق إنذار فيزعج البعض منا لقدوم هذا الضيف غير المرغوب فيه ويبادرون إلى البحث عن وسيلة للقضاء عليه وبالعكس البعض لا ينزعج من ظهوره ويعتبره وقارا للشخص.
هل يعتبر الشيب نقطة تحول لكبر العمر أم الخوف من الموت؟
لا شك أن للشيب وقاره بين كل الأعمار ورغم محاولات شركات الدعاية والإعلان بتوفير منتجات لمقاومة الشيب وإضفاء أنواع كثيرة من الأصباغ، إلا أن هناك من يحترم الشيب ويعتبره من سمات الشخصية الوسيمة، وكثير من الرجال يرفضون صبغ هذا الشيب لإحساسهم أنه يضيف إلى شخصيتهم نوعا من الجاذبية والأناقة. وهناك نساء يعتبرن الشيب علامة على النضج والتجربة الحياتية الخصبة بالحياة.
يعرف الشيب مجازًا بتلك المساحة من الشعر التي يظهر عليها اللون الأبيض ويعتبره الكثير من الناس بداية انتقال من مرحله الشباب إلى الشيخوخة، وهو المفهوم الذي أصبح سائدًا في الأوساط الكثيرة ونظرتهم للشخص بشكل عام، مما جعل الكثير من الناس يلجأون إلى إخفاء ظهوره بطرق متعددة.
وهو من عجائب القرآن التي لا تنقضي وأسراره التي لا تنتهي فهناك علاقة غريبة اكتشفها العلماء حديثًا تربط بين هشاشة العظام وشيب الشعر، ويؤكدون أن الوهن الذي يصيب العظام مع تقدم العمر يؤثر على عمل الخلايا المسؤولة عن صباغة الشعر والذي يسرع في ظهوره، والقرآن ربط في آية واحدة بين وهن العظام وشيب الرأس في قوله تعالى: " وهن العظم مني واشتعل الرأس شيبًا". فهل يعتبر الشيب نقطة تحول لكبر العمر أم الخوف من الموت؟
قال علي السيد (55 عامًا): أعتبر الشيب تحذيرا للعمر المتبقي واجتماعيًا بنظري هو وقار ودلالة على رشد الإنسان وبدء حياة جديدة. وأنا لا أخجل من شعري الأبيض فهو دليل الحكمة والشخصية المحترمة، وكنت قد فكرت كثيرًا في صبغ شعري فوجدت أن الأمر نوع من السخافة فلا يوجد مبرر إطلاقًا لذلك وأفضل أن أظل بشعري الأبيض لأنه أصبح من سمات شخصيتي.
وقالت السيدة فوزية عبد المنعم ( 45 ) عامًا: إن الأمر لا يعني لي شيئا فهو تحصيل حاصل كل مرحلة ولها جماليتها فهو بنظري جزء من الجمال فهو لا يشكل قبحا، وأكثر الأحيان يولد الطفل وفي رأسه الشيب فيكون الشيب وراثيا والخوف من الشيب بنظري يكون بتأثير عامل نفسي.
وتقول الدكتورة إيمان كرم خبيرة علم النفس: إن الشيب نقطة تحول لكبر العمر ويوجد نوعان من الشيب شيب مبكّر وشيب يأتي في عمر الأربعين، والشيب بالنسبة إليّ وقار والتزام وهذه هي سنّة الحياة فالشباب لا يدوم والإنسان في تقدم بالعمر.
وقد يكون الشخص شابًا وشعره أبيض وتجد تصرفاته كأنه رجل في الأربعين لأن الشعر الأبيض يمنحه إحساسا أنه كبير السن ويشعر أن عليه احترام هذا الشيب، ثم تجد كثيرًا من الرجال يصبغون شعرهم الأبيض لأنهم في قرارة أعماقهم يشعرون بالكهولة والتقدم في العمر.
المسألة نفسية في الغالب؛ لأنها ترتبط بالمشاعر ومدى صدق الإنسان مع ذاته وثقته في شخصيته، فهناك كثير من المشاهير من الرجال والنساء رفضوا تغيير الشعر الأبيض أو صباغته بالأسود لأنهم يشعرون بارتباط نفسي مع مظهرهم وملامحهم وما تعكس من معان لدى الآخرين.
وتقول المحامية نجلاء عمر: أعتبر الشيب حالة وراثية لأني شبت مبكرًا ومنذ المرحلة الابتدائية والموت لا يعرف صغيرا ولا كبيرا ولا توجد علاقة للشيب بالموضوع، والشيب عندنا وراثة يبدأ من عمر مبكر (18) سنة فقد توفيت والدتي وبعدها أحسست بأني كبرت عشرين سنة، فقد تحملت مسؤولية أخواتي البنات رغم أنني لست الكبيرة وتوجد من هي أكبر مني، وبعدها تزوجت وبدأت المسؤولية تزيد، بالإضافة إلى ضغط العمل والحالة النفسية التي لها تأثير كبير والتفكير الزائد بالدنيا وهمومها.
ربما هموم الحياة تزيد من متاعب الفرد ويصاب بالشيب مبكرًا، لكن ليست قاعدة عامة وبعض الأطباء يؤكدون أن الشيب قد يتصل بالوراثة.
ويقول الدكتور نبيل عبد الحليم لا أخاف من الشيب باعتباره مرحلة عمرية وهو وقار، والصبغ لا يفيد فهو مظهر فقط يقول المثل الشعبي "لا يصلح العطار ما أفسده الدهر"، فبنظري الشيب لا يؤثر مهما تقدم الإنسان في العمر ويبقى الشخص مثل ما هو في عمر (18) فالشباب شباب الروح وليس المظهر.
فالتفكير المستمر والهموم الزائدة والعيشة الصعبة والأطفال بنظري عامل رئيسي كبير للشيب.
ربما هموم الحياة تزيد من متاعب الفرد ويصاب بالشيب مبكرًا لكنها ليست قاعدة عامة وبعض الأطباء يؤكدون أن الشيب قد يتصل بعوامل الوراثة
والشيب ظاهرة طبيعية على كل إنسان أن يتقبلها شاء أم أبى، فهي ظاهرة تدل على كبر العمر مثله مثل قلة النظر والتهاب المفاصل وغيرها من أمراض الكبر، والشيب بالذات يكون واضحًا فهو مثله مثل كل طاقة في جسم الإنسان فهو أمر طبيعي جدًا لا يخيف وبالعكس يمكن أن يكون نعمة من الله سبحانه، فالكثير من الأشياء تظهر للإنسان لكي يعرف بأي مرحلة يمر وهو أيضًا وقار.
وبالحديث عن المشاهير الذين يزداد "رصيدهم" من الإعجاب بفضل بياض شعرهم، يعتبر عمر الشريف أحد الأمثلة الصارخة، حيث تجمع المعجبات على "تفاقم" جاذبيته وتزايد وسامته بعد أن غزا الشيب مفرقة.
وثمة نجوم آخرون لم يعرفوا إلا وهم بفروة رأس بيضاء أو رمادية، وكأنهم ولدوا معها.
ومنهم، طبعًا، كل من "ريتشارد غير" و"جورج كلوني"، فنرى الأول، ومن خلفه شريكة عمره الحالية، "كاري لويل"، ولسان حالها يقول: "وراء كل أشيب شعر امرأة".
بينما يحظى "سنودون" بغرة بيضاء، والتي يحلم العديد من الشبان بكامل شعرهم الكاحل الفاحم الظفر بمثلها، أو حتى "أقل" بكثير، وعلى الرغم من ذلك، فإن "لويل" و"سنودون" ليسا إلا نزرا يسيرا من المغامرات العديدة المنسوبة إلى النجمين الأشيبين".
بطبيعة الحال، كثيرون هم مشاهير "الشيّاب" والشباب "المكتهلين"، ونذكر النجم المصري حسين فهمي، الذي شوهد الربيع الماضي في مهرجان "كان" السينمائي محاطًا بمراهقات يتدافعن كي يحصلن على توقيعه على الأوتوغراف.
وهناك الفنان محمود قابيل بشعره الأبيض فله جاذيبة مماثلة، وهناك من الأجانب الممثل "هاريسون فورد" و لا يضاهيه وسامة في أعين المعجبات الكثيرات سوى "كيفن كوستنر"، البالغ من العمر تسعة وأربعين عامًا.
يقول الدكتور عبد الحميد حنفي أستاذ الغدد والخلايا العصبية، سواء أكان الشيب "نعمة" أم لا، فلماذا نشيب؟ وهل يتناسب الشيب طرديًا مع السن؟ من الناحية العلمية، يعتمد لون الشعر على نشاط خلايا "ميلانوسايتس"، التي تحدد شدة لون الجلد والشعر عبر شدة إفرازاتها من مادة "الميلانين".
و"تستقر" هذه الأخيرة أولًا في جذر كل شعرة، ومن ثم تنتشر عبر نسيجها في الفراغات الخلوية بين مادة "الكيراتين" التي يتألف منها جلّ الشعر، وحين تنضب "الميلانين"، تمتلئ مسام نسيج الشعر، أي الفراغات بين خلاياه، لا بتلك المادة الملونة، إنما بفقاعات هوائية هي التي تضفي اللون الأبيض.
ويتوقف تركيز مادة "الملايين" في نسيج الشعر على عوامل متباينة، منها درجة تركيز إنزيم يسمى "تايروزينير". وهنا يكمن سبب الشيب كعملية فسيولوجية طبية.
فهو يظهر حين يضمحل نشاط تلك الخلايا، وبالتالي يقل إفراز "الميلانين"، فتحل الفقاعات الهوائية محله. بيد أن مرد هذا التراجع ليس بالضرورة التقدم في السن.
فمن شأن ظروف فسيولوجية أو نفسية معينة، وأحيانًا وراثية، التأثير في عملية الإفراز تلك، حتى في عز الشباب.