إنهم يَقتلونَ الشُّعراء والمبدعين ... أليسَ كذلك ؟ !
August 3, 2012 at 9:05am
ـــ آه لقد غدا صباحي الذي أحببت ترابا ــ " كلكامش " ــ كلما سمعت بكلمة ثقافة تحسست مسدسي ، لم تكن هذه العبارة التي قالها ، غوبلز ، نزوة من نزوات العسكرتارية الهتلرية ، بل هي إنعكاس لواقع الفكر الفاشي وهذا ما حصل في العراق قديماً وحديثاً ولم تتوقف أعمال القتل والإرهاب والنزاعات الطائفية المقيتة التي ظلت مترسبة في عقل الجمهور والمثقفين منهم منذ قرابة الألف عام وحتى اليوم مدفوعة بأحلام الغزاة الإجانب من تثبيت سلطتهم في إخضاع العراق لمناطق النفوذ المتعدد الأشكال بل إمتدت الى أبشع ما عرفته البشرية من دمار ، ألا وهو ، تهديم روح الإنسان المثقف ودفعه نحو مسخ المنتج الإبداعي وذلك لإعتقاد النظم الإرهابية بأن الثقافة هي الشبح المخيف الأول الذي يحوم حول تركيبها الفكري والطبقي منذ وقت طويل و " عندما يختنق صوت الشّاعر يفقد التاريخ معناه ، وينفجر وعد الدينونه مثل فجر جديد مخيف علىّ وعلى الإنسان " وهكذا كانت قصة " كبلر " المحروق مع آرائه ، ومأساة " غاليلو غاليلي " ثم تراجعه عن أفكاره الجديدة تحت العسف ، شواهد على عذابات المفكريين وجبروت القمع كما هو الحال بالنسبة ل " لويس باستور " ودفاعه عن صواب تحليلاته في العلم عندما كان في واد والجهلة في واد آخر .. وعندما خرجت آراء " مصطفي الحلاج " الى النور تحركت أيادي السلاطين لترفع هذا المفكر الى أعواد الشنق في وسط بغداد .. وكذلك أعدم " إبن المقفع " بأمر حاكم البصرة لأنه لم يمتدحه !، وهكذا كان الأمر " للسهروردي في مصر العربية أيضاً . إلاّ أن تلك الأفكار الواعدة رغم قسوة التخلف الكنسي والسلطاني مضت الى الأمام وأصبحت جزءً من حركة الحياة والتاريخ بعد أن كانت القاعدة التي إرتكزت عليها من الصلابة ما أعطتها القدرة على أن تكون ، وعلى أن تثمر عطاءً لاحقاً ثراً رغم رحيل أصحابها .. وهكذا كان عندما سقط " لوركا " شاعر أسبانيا الخالد على أيدي فاشية " فرانكو " ! ومات " بابلو نيرودا " كمداً من جرائم فاشية تشيلي ، ألم يسقط " سعيد سلطانبور " شاعر إيران العظيم كما سقط قبله " خسرو روزيه " و " كلسرخي " والشاعرة الشهيرة " فروغ فرخزاد " سقطت شهيدة على أيدي جلاوزة الشاه برصاص فاشية القرون الوسطى . وهي الرافضة داخل تكوينة إجتماعية تعاني من التخلف والظلم والجوع والطغيان . ولازال القتل في إيران قائماً حتى وقتنا الحاضر بعد إنتصار الجمهورية " الإسلامية " ! وإستلام الثيوقراطية الدينية مقاليد السلطة والحكم ليس هذا فقط بل تجاوز القمع الحدود وعبر الى العراق الجريح بعد الإحتلال الأميركي الغاشم لتقوم المليشيات الإيرانية بتصفيات جسدية قتلاً في شوارع بغداد بالتواطؤ مع أميركا وعملائها من العراقيين في الحكم لتغتال حوالي أكثر من ثمانين من خيرة الطياريين العراقيين غدراً وجهاراً أمام أنظار الناس قاطبة يا حكام أيران هدا هو إسلامكم ؟ وإين هو حق الجار ؟ ، لقد أجرمتم وبغيتم على الشعب العراقي الصديق الا إستكفيتم قتلاً وظلماً وملاحقة للوطنيين العراقيين أيما كانوا وحيثما أقاموا .. ؟ لقد مكنتم أمريكا من غزو العراق وقتل وتشريد أبنائه البررة ، ولكن شعب العراق مهما طالت غفلته عنكم فلن تطول أكثر وسوف يخرجكم من العراق أذلاء مذمومين وسوف تستفيق ذاكرة الشعب ولن ينسى تلك الجرائم الوحشية والبربرية مطلقاً ، أما في وطننا العربي تكون الكارثة أكبر حيث تسود أغلب أقطاره أنظمة الظلام والقمع والإرهاب فتبز للعيان مشاكل ومظاهر وظواهر مأساوية جمة للثقافة الوطنية تكمن في التضييق على حرية الفكر والنشر ومحاصرة الثقافة وراء القظبان . فالمشاكل والظواهر تلك هي حزء مكمل لكل الأمراض السياسية والإجتماعية ، وهي نفس نوع المشاكل الحادة الرئيسية في حياتنا الوطنية العامة .. وإذا كان النتاج الثقافي بأنواعه المختلفة هو الأساليب والموضوعات والأفكار يحيا وينمو خارج القيود وكَمْ الأفواه ، فإنه يبقى مادة الفرد والشعب تلك المادة التي تتطلب أيضاً حرية كافية بين المؤلف والمتلقي .. فالقاريء الجاد بلا شك يحس بحرارة تلك البذور في القصيدة أو في الكتاب الذي يقرأه أو الفيلم والمسرحية التي يشاهدها والتي تعبر عن حريته وتقدمه .. وكما أظهرت تلك البوادر الأولى للمبدعين الحقيقيين الثقة والتواثق المبدئي بمنعطف العلم والمعرفة بتمردها على الأعراف والنظم البالية وصراعها مع كل الشرور والجهل والجهالة .. ولكن شرف الكلمة الحرة ترفرف فوق عذابات شعوبنا المظلومة وهي الحس المعبر عن دواخل ذات الإنسان العربي المتفجر بالقهر و الإذلال إذن هي الكلمة ، والرصاصة ، والحس ، والثورة ، من أجل التفجر والإبداع الإنساني في سبيل البقاء من أجل الآخرين ، ذلك هو عالم الإبداع ، عالم الأدب الرحب في الحياة .