المباهلة تمر علي الامة الاسلامية في مثل هذا اليوم 24 من ذي الحجة ذكرى مباهلة الرسول الكريم (ص) في مثل هذا اليوم استجاب رسول الله (ص) الي نصارى نجران حينما طلبوا منه المباهلة‘ فخرج صلي الله عليه و آله ومعه علي و فاطمة و الحسن و الحسين عليهم السلام فلما رآهم العاقب و السيد و هما من كبار شخصيات النصارى


– قالوا هذه وجوه لو أقسمت على الله أن يزيل الجبال لأزالها و لم يباهلوه و صالحوه على بعض الامور التي فيها خدمة للاسلام و المسلمين فقد باهلهم الرسول (ص) بأعز الناس اليه و بأفضل من في الامة على وجه الأرض ‘ فيقتص النصارى أنهم لو باهلوه لنزل عليهم العذاب ‘ و نزلت عليهم اللعنة ‘ لأنه صلي الله عليه و آله باهلهم بذويه و بأعزهم عليه‘ فقد أيقنوا أنه صلي الله عليه و آله باهلهم و هو متيقن بالنجاح و الغلبة. و بآية المباهلة و بخطواتها العملية كان علي عليه السلام نفس رسول الله صلي الله عليه وآله و ذريته أبناء رسول الله (ص) قال صدر الحفاظ: لما نزلت آية المباهلة دعا رسول الله (ص) الحسن و الحسين و فاطمة و عليا عليهم السلام فدل على أن نفس علي نفس النبي (ص) و قال الشيخ محمد عبده : الروايات متفقة على أن النبي (ص) اختار للمباهلة عليا و فاطمة و ولديهما و يحملون كلمة (نسائنا) على فاطمة و كلمة (أنفسنا) على علي فقط و من أيات هذاا اليوم أنه اليوم الذي شهد الله جل وجلاله لكل واحد من أهل المباهلة بعصمته مدة حياته
و من آياته أنه يوم كشف الله جل جلاله لعباده أن الحسن و الحسين عليهما السلام مع ما كانا عليه من صغر السن احق بالمباهلة من صحابة رسول الله صلي الله عليه و آله وسلم و المجاهدين في رسالاته
و من آياته أن يوم المباهلة يوم بيان برهان الصادقين الذين أمر الله جل جلاله باتباعهم في مقدس قرآنه و آياته

آية المباهلة
قوله تعالى: (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ العِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ)(1) .
هذه الاية تسمّى بـ «آية المباهلة».

المباهلة في اللغة
المباهلة: من البهل، والبهل في اللغة بمعنى تخلية الشيء وتركه غير مراعى، هذه عبارة الراغب في كتاب المفردات(2) .
وعندما تراجعون القاموس وتاج العروس وغيرهما من الكتب

____________
(1) سورة آل عمران: 61.

لكنّي رأيت عبارة الراغب أدق، فالبهل هو ترك الشيء غير مراعى، كأنْ تترك الحيوان مثلاً من غير أن تشدّه، من غير أن تربطه بمكان، تتركه غير مراعى، تخلّيه وحاله وطبعه.
وهذا المعنى موجود في رواياتنا بعبارة: «أوكله الله إلى نفسه»، فمن فعل كذا أوكله الله إلى نفسه.
وهذا المعنى دقيق جدّاً.
تتذكّرون في أدعيتكم تقولون: «ربّنا لا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين أبداً»، وإنّه لمعنى جليل وعميق جدّاً، لو أنّ الانسان ترك من قبل الله سبحانه وتعالى لحظة، وانقطع ارتباطه بالله سبحانه وتعالى، وانقطع فيض الباري بالنسبة إليه آناً من الانات، لانعدم هذا الانسان. لهلك هذا الانسان.
ولو أردنا تشبيه هذا المعنى بأمر مادّي خارجي، فانظروا إلى هذا الضياء، هذا المصباح، إنّه متّصل بالمركز المولّد، فلو انقطع الاتصال آناً ما لم تجد هناك ضياءً ولا نوراً من هذا المصباح.
هذا معنى إيكال الانسان إلى نفسه، تقول «ربّنا لا تكلنا إلى

____________
(1) تاج العروس: «بهل».

هناك كلمة لامير المؤمنين (عليه السلام) في نهج البلاغة، أُحبُّ أن أقرأ عليكم هذه الكلمة، لاحظوا، أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول:
«إنّ أبغض الخلائق إلى الله رجلان، رجل وكله الله إلى نفسه فهو جائر عن قصد السبيل، مشغوف بكلام بدعة ودعاء ضلالة، فهو فتنة لمن افتتن به، ضالٌّ عن هدي من كان قبله، مضلٌّ لمن اقتدى به في حياته وبعد وفاته، حمّالٌ لخطايا غيره، رهنٌ بخطيئته»(1) .
وجدت عبارة الراغب أدق، معنى البهل، معنى المباهلة: أن يدعو الانسان ويطلب من الله سبحانه وتعالى أن يترك شخصاً بحاله، وأنْ يوكله إلى نفسه، وعلى ضوء كلام أمير المؤمنين أن يطلب من الله سبحانه وتعالى أن يكون هذا الشخص أبغض الخلائق إليه، وأيّ لعن فوق هذا، وأيّ دعاء على أحد أكثر من هذا ؟
لذا عندما نرجع إلى معنى كلمة اللعن في اللغة نراها بمعنى الطرد، الطرد بسخط، والحرمان من الرحمة، فعندما تلعن شخصاً ـ أي تطلب من الله سبحانه وتعالى أن لا يرحمه ـ تطلب من الله أن

____________
(1) نهج البلاغة: 51، الخطبة رقم 17.

إذن، عرفنا لماذا أُمر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بالمباهلة، ثمّ عرفنا في هذا المقدار من الكلام أنّه لماذا عدل القوم عن المباهلة، لماذا تراجعوا، مع أنّهم قرّروا ووافقوا على المباهلة، وحضروا من أجلها، إلاّ أنّهم لمّا رأوا رسول الله ووجوه أبنائه وأهله معه قال أُسقفهم: «إنّي لارى وجوهاً لو طلبوا من الله سبحانه وتعالى أن يزيل جبلاً من مكانه لازاله»(1) .
فلماذا جاء رسول الله بمن جاء ؟ لا نريد الان أن نعيّن من جاء مع رسول الله، لكن يبقى هذا السؤال: لماذا جاء رسول الله بمن جاء دون غيرهم ؟ فهذا معنى المباهلة إلى هنا.

____________
(1) راجع: الكشاف 1 / 369، تفسير الخازن 1 / 242، السراج المنير في تفسير القرآن 1 / 222، تفسير المراغي 13 / 175، وغيرها.

تعيين من خرج مع الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في المباهلة
إنّه ـ كما أشرنا من قبل ـ ليس في الاية المباركة اسم لاحد، لا نجد اسم علي ولا نجد اسم غير علي في هذه الاية المباركة.
إذن، لابدّ أن نرجع إلى السنّة كما ذكرنا، وإلى أيّ سنّة نرجع ؟ نرجع إلى السنّة المقبولة عند الطرفين، نرجع إلى السنّة المتّفق عليها عند الفريقين.
ومن حسن الحظ، قضيّة المباهلة موجودة في الصحاح، قضيّة المباهلة موجودة في المسانيد، قضيّة المباهلة موجودة في التفاسير المعتبرة.
إذن، أيّ مخاصم ومناظر وباحث يمكنه التخلّي عن هذا المطلب وإنكار الحقيقة ؟
وتوضيح ذلك: إنّا إذا رجعنا إلى السنّة فلابدّ وأن نتمّ البحث
دائماً بالبحث عن جهتين، وإلاّ لا يتمّ الاستدلال بأيّ رواية من الروايات:

الجهة الاُولى
جهة السند، لابدّ وأن تكون الرواية معتبرة، لابدّ وأن تكون مقبولة عند الطرفين، لابدّ وأن يكون الطرفان ملزمين بقبول تلك الرواية. هذا ما يتعلّق بالسند.

الجهة الثانية
جهة الدلالة، فلابدّ وأن تكون الرواية واضحة الدلالة على المدعى.
وإلى الان فهمنا أنّ الاية المباركة وردت في المباهلة مع النصارى، نصارى نجران، ونجران منطقة بين مكّة واليمن على ما في بالي في بعض الكتب اللغوية، أو بعض المعاجم المختصة بالبلدان.
وإذا رجعنا إلى السنّة في تفسير هذه الاية المباركة، وفي شأن من نزلت ومن خرج مع رسول الله، نرى مسلماً والترمذي والنسائي وغيرهم من أرباب الصحاح(1) يروون الخبر بأسانيد معتبرة،
____________
(1) راجع: صحيح مسلم 7 / 120، مسند أحمد 1 / 185، صحيح الترمذي 5 / 596، خصائص أمير المؤمنين: 48 ـ 49، المستدرك على الصحيحين 3 / 150، فتح الباري في شرح صحيح البخاري 7 / 60، المرقاة في شرح المشكاة 5 / 589، أحكام القرآن للجصاص 2 / 16، تفسير الطبري 3 / 212، تفسير ابن كثير 1/319، الدرّ المنثور في التفسير بالمأثور 2 / 38، الكامل في التاريخ 2 / 293، أسد الغابة في معرفة الصحابة 4 / 26، وغيرها من كتب التفسير والحديث والتاريخ.
خرج رسول الله ومعه علي وفاطمة والحسن والحسين، وليس معه أحد غير هؤلاء.
فالسند معتبر، والخبر موجود في الصحاح، وفي مسند أحمد، وفي التفاسير إلى ما شاء الله، من الطبري وغير الطبري، ولا أعتقد أنّ أحداً يناقش في سند هذا الحديث بعد وجوده في مثل هذه الكتب.
نعم، وجدت حديثاً في السيرة الحلبيّة بلا سند، يضيف عمر بن الخطّاب وعائشة وحفصة، وأنّهما خرجتا مع رسول الله للمباهلة(1) .
ووجدت في كتاب تاريخ المدينة المنوّرة لابن شبّة(2) أنّه كان مع هؤلاء ناس من الصحابة، ولا يقول أكثر من هذا.
ووجدت رواية في ترجمة عثمان بن عفّان من تاريخ ابن

____________
(1) إنسان العيون 3 / 236.
(2) تاريخ المدينة المنورة 1 / 581.


فهذه روايات في مقابل ما ورد في الصحاح ومسند أحمد وغيرها من الكتب المشهورة المعتبرة.
لكن هذه الروايات في الحقيقة:

أوّلاً: روايات آحاد.

ثانياً: روايات متضاربة فيما بينها.

ثالثاً: روايات انفرد رواتها بها، وليست من الروايات المتفق عليها.

رابعاً: روايات تعارضها روايات الصحاح.

خامساً: روايات ليس لها أسانيد، أو أنّ أسانيدها ضعيفة، على ما حقّقت في بحثي عن هذا الموضوع.

____________
(1) ترجمة عثمان من تاريخ دمشق: 168.

دلالة آية المباهلة على إمامة عليّ (عليه السلام)
أمّا وجه الدلالة في هذه الاية المباركة، بعد بيان شأن نزولها وتعيين من كان مع النبي في تلك الواقعة، دلالة هذه الاية على إمامة علي من أين ؟ وكيف تستدلّون أيّها الاماميّة بهذه الاية المباركة على إمامة علي ؟
فيما يتعلّق بإمامة أمير المؤمنين في هذه الاية، وفي الروايات الواردة في تفسيرها، يستدلّ علماؤنا بكلمة: (وأنفسنا) ، تبعاً لائمّتنا (عليهم السلام).
ولعلّ أوّل من استدلّ بهذه الاية المباركة هو أمير المؤمنين (عليه السلام)نفسه، عندما احتجّ في الشورى على الحاضرين بجملة من فضائله ومناقبه، فكان من ذلك احتجاجه بآية المباهلة، وهذه القصّة، وكلّهم أقرّوا بما قال أمير المؤمنين، وصدّقوه في ما قال، وهذا ا لاحتجاج في الشورى مروي أيضاً من طرق السنّة أنفسهم(1) .
وأيضاً هناك في رواياتنا(2) أنّ المأمون العباسي سأل الامام الرضا (عليه السلام)قال: هل لك من دليل من القرآن الكريم على إمامة علي، أو أفضليّة علي ؟ السائل هو المأمون والمجيب هو الامام الرضا (عليه السلام).

المأمون كما يذكرون في ترجمته كما في تاريخ الخلفاء للسيوطي وغيره(3) أنّه كان من فضلاء الخلفاء، أو من علماء بني العباس من الخلفاء، طلب المأمون من الامام أن يقيم له دليلاً من القرآن، كأنّ السنّة قد يكون فيها بحث، بحث في السند أو غير ذلك، لكن لا بحث سندي فيما يتعلّق بالقرآن الكريم، وبآيات القرآن المجيد.
فذكر له الامام (عليه السلام) آية المباهلة، واستدلّ بكلمة: (وأنفسنا) .
لانّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عندما أُمر أنْ يخرج معه نساءه، فأخرج فاطمة فقط، وأبناءه فأخرج الحسن والحسين فقط، وأُمر بأن يخرج معه نفسه، ولم يخرج إلاّ علي، وعلي نفس رسول الله

____________
(1) ترجمة أمير المؤمنين من تاريخ دمشق 3 / 90 الحديث 1131.

فتخرج النبوّة بالاجماع على أنّه لا نبي بعد رسول الله، وتبقى بقيّة مزايا رسول الله، وخصوصيات رسول الله، وكمالات رسول الله، موجودةً في علي بمقتضى هذه الاية المباركة.
من خصوصيّات رسول الله: العصمة، فآية المباهلة تدلّ على عصمة علي بن أبي طالب قطعاً.
من خصوصيّات رسول الله: أنّه أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فعلي أولى بالمؤمنين من أنفسهم كرسول الله قطعاً.
من خصوصيّات رسول الله: أنّه أفضل جميع الخلائق، أفضل البشر والبشريّة، منذ أن خلق الله سبحانه وتعالى العالم وخلق الخلائق كلّها، فكان أشرفهم رسول الله محمّد بن عبدالله، وعلي كذلك.
وسنبحث إن شاء الله في ليلة من الليالي عن مسألة تفضيل الائمّة على الانبياء، وسترون أنّ هذه الاية المباركة ـ وهناك أدلّة أُخرى أيضاً ـ تدلُّ على أنّ عليّاً أفضل من جميع الانبياء سوى نبيّنا (صلى الله عليه وآله وسلم).
فحينئذ حصل عندنا تفسير الاية المباركة على ضوء الاحاديث المعتبرة، حصل عندنا صغرى الحكم العقلي بقبح تقدّم المفضول على الفاضل، بحكم هذه الاحاديث المعتبرة.
وناهيك بقضيّة الاولويّة، رسول الله أولى بالمؤمنين من أنفسهم، وعلي أولى بالمؤمنين من أنفسهم.
وفي جميع بحوثنا هذه، وإلى آخر ليلة، سترون أنّ الاحاديث كلّها وإنْ اختلفت ألفاظها، اختلفت أسانيدها، اختلفت مداليلها، لكنّ كلّها تصبّ في مصب واحد، وهو أولويّة علي، وهو إمامة علي، وهو خلافة علي بعد رسول الله بلا فصل.
لابدّ وأنّكم تتذكّرون حديث الغدير: «ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم ؟ قالوا بلى، قال: فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه».
نفس المعنى الذي قاله في حديث الغدير، هو نفس المفهوم الذي تجدونه في آية المباهلة، وبالنظر إلى ما ذكرنا من المقدّمات والممهّدات، التي كلّ واحد منها أمر قطعي أساسي، لا يمكن الخدشة في شيء ممّا ذكرت.


(2) الفصول المختارة من العيون والمحاسن: 38.
(3) تاريخ الخلفاء: 306.

(2) المفردات في غريب القرآن: «بهل».

قصة المباهلة :
كتب النبي ( صلَّى الله عليه و آله ) كتابا إلى " أبي حارثة " أسقف نَجران دعا فيه أهالي نَجران إلى الإسلام ، فتشاور أبو حارثة مع جماعة من قومه فآل الأمر إلى إرسال وفد مؤلف من ستين رجلا من كبار نجران و علمائهم لمقابلة الرسول ( صلَّى الله عليه و آله ) و الاحتجاج أو التفاوض معه ، و ما أن وصل الوفد إلى المدينة حتى جرى بين النبي و بينهم نقاش و حوار طويل لم يؤد إلى نتيجة ، عندها أقترح عليهم النبي المباهلة ـ بأمر من الله ـ فقبلوا ذلك و حددوا لذلك يوما ، و هو اليوم الرابع و العشرين من شهر ذي الحجة سنة : 10 هجرية .
لكن في اليوم الموعود
عندما شاهد وفد نجران أن النبي ( صلَّى الله عليه و آله ) قد إصطحب أعز الخلق إليه و هم علي بن أبي طالب و ابنته فاطمة و الحسن و الحسين ، و قد جثا الرسول ( صلَّى الله عليه و آله ) على ركبتيه استعدادا للمباهلة ، انبهر الوفد بمعنويات الرسول و أهل بيته و بما حباهم الله تعالى من جلاله و عظمته ، فأبى التباهل .
قال العلامة الطريحي ـ صاحب كتاب مجمع البحرين ـ : و قالوا : حتى نرجع و ننظر ، فلما خلا بعضهم إلى بعض قالوا للعاقِب و كان ذا رأيهم : يا عبد المسيح ما ترى ؟ قال والله لقد عرفتم أن محمدا نبي مرسل و لقد جاءكم بالفصل من أمر صاحبكم ، والله ما باهَل قومٌ نبيًّا قط فعاش كبيرهم و لا نبت صغيرهم ، فإن أبيتم إلا إلف دينكم فوادعوا الرجل و انصرفوا إلى بلادكم ، و ذلك بعد أن غدا النبي آخذا بيد علي و الحسن و الحسين ( عليهم السَّلام ) بين يديه ، و فاطمة ( عليها السَّلام ) خلفه ، و خرج النصارى يقدمهم أسقفهم أبو حارثة ، فقال الأسقف : إني لأرى و جوها لو سألوا الله أن يزيل جبلا لأزاله بها ، فلا تباهلوا ، فلا يبقى على وجه الأرض نصراني إلى يوم القيامة ، فقالوا : يا أبا القاسم إنا لا نُباهِلَك و لكن نصالحك ، فصالحهم رسول الله ( صلَّى الله عليه و آله ) على أن يؤدوا إليه في كل عام ألفي حُلّة ، ألف في صفر و ألف في رجب ، و على عارية ثلاثين درعا و عارية ثلاثين فرسا و ثلاثين رمحا .
و قال النبي ( صلَّى الله عليه و آله ) : " و الذي نفسي بيده إن الهلاك قد تدلّى على أهل نجران ، و لو لاعنوا لمسخوا قردة و خنازير و لأضطرم عليهم الوادي نارا ، و لما حال الحول على النصارى كلهم حتى يهلكوا ".
في من نزلت آية المباهلة :
لقد أجمع العلماء في كتب التفسير و الحديث على أن هذه الآية نزلت في خمسة هم :
1. النبي الأكرم محمد رسول الله ( صلَّى الله عليه و آله ) .
2. الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السَّلام ) .
3. السيدة فاطمة الزهراء ( عليها السَّلام ) .
4. الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب ( عليه السَّلام ) .
5. الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب ( عليه السَّلام ) .
ففي صحيح مسلم : و لما نزلت هذه الآية : { ... فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ ... } دعا رسول الله ( صلَّى الله عليه و آله ) عليا و فاطمة و حسنا و حسينا فقال : " اللهم هؤلاء أهلي " .
و في صحيح الترمذي : عن سعد بن أبي وقَّاص قال : لما أنزل الله هذه الآية : { ... نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ ... } دعا رسول الله ( صلَّى الله عليه و آله ) عليا و فاطمة و حسنا و حسينا ، فقال : " اللهم هؤلاء أهلي ".
و في مسند أحمد بن حنبل : مثله.
و في تفسير الكشاف : قال في تفسير قوله تعالى : { ... فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ ... } ، فأتى رسول الله ( صلَّى الله عليه و آله ) و قد غدا محتضنا الحسين ، آخذا بيد الحسن ، و فاطمة تمشي خلفه و علي خلفها ، و هو يقول :
" إذا أنا دعوت فأَمّنوا " فقال أسقف نجران : يا معشر النصارى لأرى و جوها لو شاء الله أن يزيل جبلا من مكانه لأزاله بها فلا تباهلوا فتهلكوا و لا يبقى على وجه الأرض نصارى إلى يوم القيامة ... " .
و هناك العشرات من كتب التفسير و الحديث ذكرت أن آية المباهلة نزلت في أهل البيت ( عليهم السَّلام ) لا غير ، و لا مجال
هنا لذكرها .