الكليم يبكي حسيناً (عليه السلام ) .
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ

حكي أن موسى بن عمران رآه إسرائيلي مستعجلاً وقد كسته الصفرة واعترى بدنه الضعف، وحكم بفرائصه الرجف، وقد اقشعر جسمه، وغارت عيناه ونحف، لأنه كان إذا دعاه ربه للمناجاة يصير عليه ذلك من خيفة الله تعالى، فعرفه الإسرائيلي وهو ممن آمن به، فقال له:

يا نبي الله أذنبت ذنباً عظيماً فاسأل ربك أن يعفو عني فأنعم، وسار.

فلما ناجى ربه قال له:

يا رب العالمين أسألك وأنت العالم قبل نطقي به، فقال تعالى: يا موسى ما تسألني أعطيك، وما تريد أبلغك، قال: رب إن فلاناً عبدك الإسرائيلي أذنب ذنباً ويسألك العفو، قال: يا موسى أعفو عمن استغفرني إلا قاتل الحسين.

قال موسى: يا رب ومن الحسين؟ قال له: الذي مر ذكره عليك بجانب الطور، قال: يا رب ومن يقتله؟ قال أمة جده الباغية الطاغية في أرض كربلا وتنفر فرسه وتحمحم وتصهل، وتقول في صهيلها: «الظليمة الظليمة من أمة قتلت ابن بنت نبيها» فيبقى ملقى على الرمال من غير غسل ولا كفن، وينهب رحله، ويسبى نساؤه في البلدان، ويقتل ناصره، وتشهر رؤوسهم مع رأسه على أطراف الرماح، يا موسى!صغيرهم يميته العطش، وكبيرهم جلده منكمش، يستغيثون ولا ناصر ويستجيرون ولا خافر.

قال: فبكى موسى (عليه السلام ) وقال: يا رب وما لقاتليه من العذاب؟ قال: يا موسى عذاب يستغيث منه أهل النار بالنار، لا تنالهم رحمتي، ولا شفاعة جده، ولو لم تكن كرامة له لخسفت بهم الأرض.

قال موسى: برئت إليك اللهم منهم وممن رضي بفعالهم. فقال سبحانه: يا موسى كتبت رحمة لتابعيه من عبادي، واعلم أنه من بكا عليه أو أبكى أو تباكى حرمت جسده على النار.