°'¨¤¦¤¨'°~ °'¨¤¦¤¨'°
امتد العالم الإسلامي على رقعة واسعة جدّاً من الأرض، وانطلق هذا الدين الجديد كزوبعة عاصفة تجرف معها حضارات وفنون الشعوب المختلفة وتصبغها بصبغة عربية خالصة من شبه الجزيرة العربية..
وما أن هدأت هذه العاصفة، حتى بدأ العرب بالتفكير ببناء عمارة تتناسب وعظمة الدين الجديد.. فبنوا المدن والجوامع، وزينوها بقصور تسحرنا بجمالها أحياناً ونتعجب لبساطة تصميمها أحياناً أخرى.
°'¨¤¦¤¨'° ~ °'¨¤¦¤¨'°
تعد القصور الإسلامية من أجمل المعالم المعمارية في العالم، على الرغم من قلتها وندرة آثارها وذلك لأن استمرار وجودها يقترن باستمرار وجود بانيها. فهي بذلك عكس المساجد ذات الوظيفة المستمرة، وقد مرت على العديد من هذه القصور يد التهديم والتشويه، فقلت بقاياها لاسيما ضمن المدن.
أما القصور المبنية في البادية فكان مصيرها مختلفاً تماماً. لقد وجدت هذه القصور أصلاً حباً بالخلفاء بحياة الصيد والاصطياف، بالإضافة لرغبتهمبالاتصال بزعماء حلفائهم من القبائل، فتوجب على ذلك بناء قصور على درجة عالية من الفخامة والأبهة، واستخدام الزخارف التي تظهر عظمة الخليفةوخضوع أعدائه مثل لوحة الفسيفساء الشهيرة في قاعة العرش في قصير عمرة في الأردن والتي تظهر الوليد مع الملوك الذين انتصر عليهم المسلمون من أمثال كسرى وملك الإسبان وتظهرهم يقدمون الطاعة للخليفة.
وجود هذه القصور قرب البادية وقربها من القبائل التي ممكن أن تقوم بغارات للسلب والنهب وخاصة اثناء غياب الخليفة، استوجب أن تكون هذه القصور على شكل قلعة دفاعية من الداخل والخارج، فكانت مزودة بالأبراج وخالية من الفتحات.
إلا أنها كان لابد أن تتاثر بالمناطق التي وجدت فيها، فاستخدم الحجر في بلاد الشام واللبن والجص في مصر، تماشياً مع العمارة التي كانت سائدة في تلك المناطق.
أما استخدام الأعمدة الرخامية فهي تظهر تأثراً جلياً بالعمارة الإغريقية المنتشرة بشكل أساسي ضمن حوض البحر المتوسط، والتي كانت متأثرة بدورهابالعمارة المصرية قبلها، بعد أن حورتها لتناسب تقاليدها ومعتقداتها، وكذلك فعل الإسلام من بعد الإغريق.
°'¨¤¦¤¨'° ~ °'¨¤¦¤¨'°
- العصر الأموي(661-750)م
البداية مع العصر الأموي، الذي بنيت فيه العديد من القصور والتي تميزت ببساطة التشكيل الخارجي أما الداخل فكان عبارة عن لوحة فنية مزدانة بزخارف الفسيفساء والحجر.
يمكننا أن نلاحظ في القصور الأموية تطور حياة الترف والانتقال من القصور المتواضعة إلى القصور الفخمة التي تنقل لنا عظمة هذا العهد وتصور لناالانتصارات المدهشة التي حققها المسلمون في ذلك العصر..
من أشهر القصور الاموية قصر هشام المعروف بخربة المفجر وهو واحد من اهم المعالم السياحية في فلسطين خاصة وفي العالم العربي عامة. أغلب الظن ان بنائه كان في الفترة ما بين 105- 126هـ اي في عهد حكم كل من الخليفة الاموي هشام بن عبدالملك (105- 125هـ) والخليفة الاموي الآخر الوليد بن يزيد (125- 126هـ)، ولكن اكتشفت في الموقع دلائل كتابية تثبت نسبة هذا القصر إلى هشام وليس إلى الوليد، ولذلك سمي قصر هشام.
شيد القصر بالحجارة المشذبة المقطوعة من الحجر الرملي إلى جانب السقوف الخشبية المغطاة بالقرميد؛ وكانت الأرضيات مرصوفة بحجارة من منطقةالنبي موسى إلى جانب الفسيفساء وكمعظم القصور الاسلامية يتكون قصر هشام من بناء مربع الشكل تحيط به ابراج دائرية عند الزوايا، وهو مكون من طابقين سفلي وعلوي، وفي المنتصف هناك بلاط حجري تنتظم حوله اربعة اروقة بأعمدة، ويقع المدخل الرئيسي للقصر في الجهة الشرقية، وهو عبارة عنممر معقود تحيط به مقاعد حجرية للحراس ومزين بزخارف حجرية؛ ويحتوي ايضا على حديقة كبيرة وواسعة يحيط بها السور من الخارج، وكان يتم تزويد القصر بالمياه عن طريق نبعي النويعمة والديوك اسفل جبل قرنطل بواسطة قناة مكشوفة على بعد اربع كيلوميترات غربا عن القصر.
يتكون الطابق السفلي من وحدات سكنية مخصصة للخدم وايضا قاعة كبيرة لاستقبال الضيوف اضافة الى مصلى صغير خاص بالخليفة يتجه محرابه الى القبلة، بينما الحمامات تقع في الجزء الغربي من الساحة المركزية وتستطيع الوصول اليها عن طريق درج حجري متصل بها (وهذا الجزء ما زال قائما الى اليوم).
ورغم ضخامة وفخامة الطابق السفلي للقصر الا ان الجناح السكني للخليفة كان في الطابق العلوي الذي بالامكان الوصول اليه عن طريق درجين يقع احدهما في الجهة الشمالية الشرقية من الساحة المركزية والآخر من الجنوبية الغربية، ويحتوي هذا الطابق على الكثير من الغرف السكنية الخاصة بالخليفة واهله وعائلته.
وبعض من تلك الغرف تطل على الساحة وعلى جدرانها الخارجية المواجهة للساحة الكثير من الرسوم والزخارف والفسيفساءات النباتية والاشكال الهندسيةالتي تضفي رونقا الفخامة على القصر، وتعتبر الفسيفساء الموجودة على ارضية الحمامات اضافة الى شجرة الحياة المصنوعة من الموزاييك في غرفة الضيوف من اهم الاعمال الفنية القديمة في العالم وايضا من اهم المعالم جذبا للسياح والزوار في المنطقة.
- العصر العباسي(750-1258)م:
وعند انتقال مركز الخلافة من بلاد الشام إلى العراق في عصر الدولة العباسية تم التأثر بالمعطيات الطبيعية للمنطقة بالإضافة للتأثر بعمارة الحضارات السابقة في بلاد الرافدين وبالعمارة الساسانية التي طبعت المنطقة بطابعها قبل الإسلام مباشرة. ومن أهم المتغيرات اتباع الآجر بدلاً من الحجر فغدا الآجر وكسوته بالنقوش الجصية سمة من سمات العصر.
واتسمت القصور العباسية بالضخامة والمساحات الواسعة وبرحابة باحاتها بالمقارنة مع أبنية الأمويين. وتميزت أيضاً بسماكة أسوارها المدعمة بالأبراج نصف الدائرية ، ويعد قصر الأخيضر في العراق مثالاً بارزاً على ذلك
وهو مبنى هام في بداية العصر العباسي، يذكر بالقصور الأموية ولكنه يضم الكثير من العناصر التي أثرت على العمارة العباسية التي تلته.
يقع ضمن البادية العراقية كان يتوسط زمن إنشائه منطقة خصبة ترويها مياه الفرات وكان يروى بواسطة نظام الأقنية. ينسب القصر إلى عيسى بن موسى ابن أخي المنصور يتميز بتحصينه الجيد ويضم عناصر مبتكرة في فنون التحصين والعمارة العسكرية.استخدم الحجر الغشيم في بناء أسواره الخارجية.
وهو يتألف من سور حصين بداخله قصر مسور، تحيط به الحدائق من 3 جهات بينما يلتصق في الشمال بالسور الخارجي.
تتوسط الأضلاع بوابات مفتوحة ضمن برج كبير، تؤدي الشمالية منها إلى القصر السور مدعم بأبراج مسقطها في الأركان ثلاثة أرباع الدائرة، أما في الأضلاع فتتألف من دعامة جدارية يلتصق بها برج نصف دائري.
يتوسط المسافة بين كل برجين دعامة جدارية تستند إليها أقواس، وهي ليست للزينة، بل لها وظيفة دفاعية، فهناك فراغ بين الأقواس والجدار يستخدمكسقاطة لصب الزيوت المغلية على المهاجمين، تستعمل من الممر الدفاعي الممتد أعلى السور. ويعتبر هذا العنصر الأول من نوعه في العمارة العسكريةواتخذ أهمية لاحقاً في زمن الحروب الصليبية هناك أدراج موزعة في الأركان عند الأبواب.
القصر يقع مباشرة خلف البوابة الشمالية ولا يفصله عنها سوى ممر مسقوف يؤدي في نهايته إلى الحدائق المحيطة بالقصر القصر محاط بالأبراج نصف الدائرية ننتقل عبر بهو فخم مسقوف بقبوة اسطوانية إلى فناء مركزي.
القسم الأهم من القصر هو قصر الأمير يطل على الفناء بواجهة لها ثلاثة أبواب.
الزاوية الشمالية الغربية يحتلها مسجد القصر يوجد بين القصر والسور الخارجي جناح ملحق يعتقد أنه كان مخصصاً لأبناء الأمير.
وشاع استعمال القبوات المتصالبة والدعامات المستطيلة المبنية بالآجر ومن العناصر المعمارية المميزة استخدام الإيوان والبوابات والتي تظهر تأثراً واضحاًبالعمارة الفارسية ولاسيما الإيوانات وظهرت أشكال جديدة للأقواس عرفت بالقوس العباسي المرسوم من أربعة مراكز بالإضافة إلى أقواس تزيينية مثل القوس المفصص والمحاريب التزيينية. ويظهر قصر بلكوارا في سامراء (القصر المنقور) تأثراً كبيراً بالعمارة الفارسية التي سبقت بناء سامراء.
- العصر السلجوقي(1038-1157)م:
أما السلاجقة فقد نقلوا عمارة تركستان، موطنهم الأصلي ونشروها في أنحاء الأمة الإسلامية حيث وصلت حدودها غرباً إلى سواحل بلاد الشام وإلى الحجاز واليمن غرباً وفي هذه الفترة انضمت تركيا للبلاد العربية فانتقلت التأثيرات الأرمنية الأصل للبلاد العربية وأثر المناخ القاسي على نمط القصور فظهرت لأول مرة أفنية القصور المسقوفة والقباب المقرنصة كما أوجد السلاجقة فكرة مجمع المباني الذي استمدوه من بلاد الأناضول وكانت هذه المجمعات تضمقصر الحاكم ومدرسة وبيمارستان وجامع ونحو ذلك..
كما استخدم السلاجقة في عصورهم عناصر زخرفية جديدة تماماً، حيث استمدوا من براعة النحاتين الأرمن ليزينوا القصور والمدارس بنحت نافر ولكنهم طبعوه بالفن والثقافة الإسلامية فظهرت الأشرطة الكتابية بخط الثلث أو الكوفي.
القصور المتبقية من العصر السلجوقي قليلة جداً ولذلك يعد القصر العباسي في بغداد جوهرة نادرة تحدثنا عن عمارة القصور في العهد السلجوقي:
على الرغم من الأسم الغريب إلا أن المسجد يعود للعهد السلجوقي، شيد في النصف الأول من القرن السابع الهجري في زمن الخليفة الظاهر المبنى مشيد من الآجر وهنالك اعتقاد أن المبنى بني أساساً كمدرسة ودار علم.
وهو مؤلف من طابقين و يحيط بفناء داخلي ومحاط بكلا الطابقين برواق يؤدي إلى الفراغات المختلفة مع وجود إيوان واحد فقط. يقابله حرم الصلاة المبنى يتميز بكون الرواق السفلي مغطى بمقرنصات آجرية بديعة. والتي تميز العصر السلجوقي عن باقي العصور، فقد نقلها السلاجقة عن المعماريين الأرمن وطوروها لتناسب أبنية القصور والمدافن.
أما سبب تسميته كذلك فيعود لنمط الأقواس التي شيدت بها أسقف القصر هذا القوس يعرف بالقوس العباسي يرسم من أربعة مراكز، وقد طورت هذ الطريق في بداية العصر العباسي إلا ان انتشار استخدامها يعود للعصر السلجوقي.
الأيوبيون كانوا استمراراً للسلاجقة لكن عمارتهم تميزت بالتقشف وعدم الإسراف بالزخرفة اما قصورهم فكانت غالباً ضمن سور القلعة وبالتالي كانت تتميزبتخطيط وموقع متميز لكن بطابع قلعة خالية من الرسوم والنقوش.
- العصر المملوكي(1250-1516):
أما المماليك فكانوا عكس ذلك تماماً فنجد في قصورهم الزخرفة من جميع المدارس التي سبقتهم.
تأثرت قصور المماليك بشكل كبير بعمارة العهد السلجوقي وزخرفتها، وعملت على تطويرها بشكل كبير، فكانت قصور المماليك تزدان بالكتابات المزخرفة.
أحب المماليك الزخرفة، وبالغوا بها، فقل ما تدخل قصراً مملوكياً إلا وتضيع بين أنواع الزخارف المختلفة، من زخرفة بالخطوط إلى تلاعب بالأشكال. وقد جاء ذلك تأثراً بطبيعة المماليك وثقافتهم التي جاءت كخليط من كل ما سبقها وكل ما حولها.
أهم القصور يرجع لأهم السلاطين الظاهر ركن الدين بيبرس وهو قصر الأبلق في دمشق
تقوم مكانه اليوم التكية السليمانية، بناه الفاطميون، لكن الملك الظاهر بيبرس أعاد بناءه بالشكل المعروف اليوم، مستخدماً الحجارة المتناوبة السوداء والصفراء، بما يعرف باسم الأبلق والذي تعود شهرته للعصر المملوكي، على الرغم من أن بداية استخدامه تعود لبداية العصر الأيوبي إلا ان انتشاره يرجع لزمن المماليك.
يتميز القصر بواجهته الخلابة والتي يرسم فيها بواسطه هذا الابلق مشاهداً لأسود ونمور.
تفضي البوابة إلى ممر يؤدي إلى قاعات مملوكية مفروشة بالرخام الملون والمفصص والمذهب
هدم هذا القصر في العصر العثماني، لتقوم مكانه التكية السيمانية، التي بناها المعمار الشهير سنان للسلطان سليمان القانوني، والتي تضم جامعاً ومدرسة ومشفى وتكية وغيرها
- العصر العثماني(1516-1918):
قدم العهد العثماني ثورة على القصور السابقة في بلاد الأناضول، إذ تأثرت القصور بمفاهيم عمارة جديدة قدمها العثمانيون، مثل القباب الكروية والتي استمدت مباشرة من عمارة الكنائس في تلك المنطقة، وعلى الرغم من أنهم نقلوها إلى البلاد العربية التي بنوا فيها قصورهم إلا أنهم لم يستطيعوا محو الآثار الموجودة قبلاً والمتوارثة عبر العصور، ولذلك نرى في بلاد الشام قصوراً تجمع بين القباب الكروية والزخرفة المملوكية.
وعلى الرغم من اهتمام العثمانيين بشكل رئيسي ببناء الجوامع إلا أنهم بنوا مجموعة من القصور الجميلة، لاسيما في اسطنبول ويعد "توبكابي سراي"
أهم هذه القصور:
هو أحد القصور الكبيرة في اسطنبول، بناه السلطان محمد الفاتح وسكنه السلاطين العثمانيين 400 عام من حكمهم الذي استمر 600 عام.
بالإضافة لكونه سكن للسلطان كان أيضاً مقراً لإدارة شؤون الدولة ومكان إقامة الاحتفالات الرسمية.
يتألف القصر من 4 قاعات رئيسية وتحيط بكل منها مباني أصغر والقصر الذي يمتد على طول الشاطئ كان يشمل مسجداً مشفى وتكية.
عندما أمر السلطان محمد الثاني (الفاتح) ببنائه كان اسمه القصر الجديد أما اسمه الحالي بمعنى (بوابة المدفع) فيعود للنقش الموجود على إحدى بواباتهوالتي تهدمت اليوم.
القصر يقع في مرتفع من الأرض مطلاً على مضيق البوسفور، حيث كانت تقام القلعة (الأكروبول) اليونانية القديمة. وكانت أعلى نقطة من القصر هيالمقر الخاص بالسلطان محمد الفاتح .
وقد طرأ على القصر العديد من الإضافات والتوسعات خاصة في عهد سليمان القانوني (1520-1560)
شب عام 1574 حريق أتلف مطابخ القصر فقام المعمار الشهير سنان بإعادة بنائه وجدد قسم الحريم وبعض الأقسام الخاصة وذلك في عهد السلطانسليم الثاني.
الأندلس:
لا يمكن الإلمام بعمارة القصور الإسلامية دون التوقف عند الأندلس، تلك الظاهرة الفريدة، التي قدمت حضارة مستقة امتزجت فيها الألوان الأندلسية بالصبغة العربية فجاءت عمارة لامثيل لجمالها.
قصر الحمراء في غرناطة ينتصب مثلاً ساطعاً عن هذه الحضارة التي لم يشهد العالم مثيلاً لها بعد.
يقع قصر الحمراء على بعد 267 ميلا (430 كيلومترا) جنوب مدريد، فوق الهضبة الواقعة على ضفة نهر حدرّه اليسرى، وقد قام الزعماء البرابرة ملوك غرناطة ببناء قلعة سميت "قصبة الحمراء" فوق الهضبة،
وفي عهد ملوك الطوائف عندما تولى باديس بن حبوس حكم غرناطة سورها بسور كبير جدا، ثم آثر ان يكون ذاك هو مركز مملتكه وحكومته وبنى داخل هذا السور قصرا سمي بـ "قصر الحمراء" نسبة الى الحجارة التي استعملت في بناء القصر والضاربة الى الحمرة،
وفي عهد الملك محمد بن الأحمر النصري اضيفت بعض الابراج الى القلعة كما جُلِب الماء من نهر حدرّه، كذلك قام الملك محمد ببناء مسكنه الخاص في جهة الجنوب الغربي من الحصن (في المكان نفسه الذي شُّيد عليه قصر الإمبراطور شارلمان)،
وفي أواخر القرن السابع الهجري، أنشأ محمد بن محمد بن الأحمر الغالب بالله مباني الحصن الجديد والقصر الملكي، ثم أنشأ ولده محمد في جوار القصرمسجدًا قامت محلّه فيما بعد كنيسة سانتاماريا،
لكن اكثر من تدين له الحمراء بجمالها وبهائها هو السلطان يوسف أبو الحجاج، الذي كان ملكًا شاعرًا وفنانًا موهوبًا، بنى معظم الأجنحة والأبهاء الملكية، وأغدق عليها من روائع الفن والزخارف، وبنى باب الشريعة المدخل الرئيسي حاليًّا للحمراء، وتم الانتهاء من بناءه في عام 1391م الموافق792هـ.
تصميم القصر
يحوي قصر الحمراء على ثمانية ابراج تبقى منها حاليا ستة فقط، وايضا خمسة ابواب لا زالت موجودة الى يومنا، هذا من الخارج بينما من الداخل تتسم معظم اجنحة قصر الحمراء بالفخامة وعجائب الصنع النادرة الوجود في اي مكان آخر،
ومنها فناء كبير يسمى بفناء الريحان تتقدمه ساحة البركة وهو فناء كبير مستطيل الشكل تتوسطه بركة المياه وتظللها أشجار الريحان الجميلة.
وفي نهايته الشمالية يؤدي الى بهو السفراء او بهو قمارش، الذي يُعدّ أضخم أبهاء الحمراء سعةً، أضف إلى ذلك ارتفاع قبته الذي يصل إلى 23م، ولهذا البهو شكل مستطيل أبعاده 18 × 11م، وفيه كان يعقد مجلس العرش، ويعلو بهو السفراء برج قمارش المستطيل.
بينما الجهة اليمنى لساحة البركة في فناء الريحان تؤدي الى باحة السرو المجانبة للحمامات الملكية والتي تضم غرفة فسيحة تسمى بغرفة الانتظار، زخارفها متعددة الألوان مع بروز اللون الذهبي ثم الأزرق والأخضر والأحمر وفي وسطها نافورة ماء صغيرة.
وفي شرق بهو البركة، تقع قاعة تسمى بقاعة الاختين لأن أرضها تحتوي على قطعتين من الرخام متساويتين وضخمتين.
ومن بابها الجنوبي تؤدي قاعة الاختين الى اشهر اجنحة قصر الحمراء "بهو الاسود"، وهو بهو مستطيل الشكل أبعاده 35 × 2م، تحيط به من الجهات الأربع أروقة ذات عقود، يحملها 124 عمودًا من الرخام الأبيض صغيرة الحجم، ولكنها كثيرة الجمال والرشاقة وعليها أربع قباب مضلّعة، وفي وسط البهونافورة الأسود الجميلة، وعلى حوضها المرمري المستدير إثنا عشر أسدًا من الرخام الجميل، تخرج المياه من أفواهها بحسب ساعات النهار والليل، وتمثل فوارات قصر الحمراء وجنة العريف نموذجًا متطورًا لما وصلت إليه إبداعات المسلمين في ذلك الوقت.
°'¨¤¦¤¨'° ~ °'¨¤¦¤¨'°
القصور الاسلامية بطبيعتها متشابهة في تصميماتها ومخططاتها ولا يعني ذلك ان كل القصور متشابهة كليا.. ولكن هناك سمات وخصائص لا يخلو منها اي قصر اسلامي.. وهذا لا يرجع الى كونه فنا بقدر ما يرجع الى كونه نوعا من العيش بالطريقة التي تخدم وتحترم عقيدة المسلم وأخلاقه حتى في الفن..
تميزت تلك القصور الاسلامية الشامخة بالاتساع والرحابة وعظم المساحة التي تحتلها حتى ان بعضها قارب المدن بمقاساته، فقصر الزهراء مثلا قربقرطبة في الاندلس تبلغ مساحته اكثر من خمسة وعشرين الف متر مربع.. ايضا تميزت القصور الاسلامية بمساقطها المربعة الشكل، والاسوار العاليةالتي تحيط بها والتي تعلوها ابراج ركنية وضلعية، دائرية أو نصفية، وتتميز ايضا بمدخل واحد يوصل الى فناء مكشوف تحيط به كل المرافق، كالأروِقَة والمساكن والإسطبلات والسلالم والأحواض والنوافير التي تحتلّ أحيانًا وسط الصحن..
هذا من ناحية التصميم والمخطط الخارجي العام للقصور.. اما بخصوص الوحدات الداخلية للمبنى فقد برع المسلمون في استحداث طريقتهم الخاصة.. فقد كانت الوحدات السكنية تصمم بطريقة استفرد بها المسملون وسمِّيت بـ "الطابع الشرقي"، فقد كانوا يعزلون بعض وحدات المبنى ويخصصونها للنساء(الحريم) وسميت بـ "الحرملك"..
ايضا كانت الفتحات المطلة على الطريق العام ضيقة صغيرة حفظا للأعراض وتسدها قضبان من الحديد، بينما كانت الفتحات العلوية ذات سعة وحجممناسبين تحتوي علىفتحات ضيقة مغطاة بمشربيات خشبية لحمايتها من اشعة الشمس.. واشتهرت ايضا القصور الاسلامية بالفسيفساءات الخارقة الجمال التي كانت فن العصور الاسلامية بامتياز وكذلك الزخارف البديعة ذات الطلة الخرافية التي تأسر الناظر اليها..
فقد كان من ميزات هذه الفنون أنها تلزم عين المشاهد بالحركة، أو بالحركة والتوقف ثم الحركة، فهي فنون تأخذ بيد المشاهد وتتجول به في جميع ردهات اللوحة، أو المساحة المزخرفة.. ومن المعلوم أن "الحركة" من مميزات الفن الإسلامي بشكل عام، لأنها – في الأصل – خاصية من خواص المشهد القرآني.
°'¨¤¦¤¨'° ~ °'¨¤¦¤¨'°
العمارة الإسلامية هي النتاج المعماري للحضارة الإسلامية، والتي شارك فيها العديد من الشعوب العربية والأعجمية. وعلى الرغم من تأثر العمارة بالمعطيات المحلية في كل منطقة من المناطق نجد هناك مظاهر مشتركة واضحة جاءت نتيجة الحضارة والفكر الإسلاميين.
العمارة الإسلامية ليست عمارة دينية، بل عمارة مرتبطة بالحضارة الإسلامية، فهي لم تقتصر على المساجد بل شملت كل مراكز الحياة اليومية من قصور وحمامات ومدارس والقصور الإسلامية، رغم قلتها، حدثتنا بأمانة عن تاريخ أصحابها وسجلت لنا تاريخ مدن اندثرت فلم يبق منها سوى أطلال قصر يحكي لنا قصة من مر بها..
°'¨¤¦¤¨'° ~ °'¨¤¦¤¨'°