وتذكر ملحمة جلجامش أن الإلهة ((عينانا)) نظرت ذات يوم إلى الملك جلجامش، عاهل الورقاء*الوركاء*، بعد أن عاد ظافراً من معركته الرهيبة مع العفريت (خمبابا)، المُوكل بحراسة غابات الأرز، فأسرها جماله، وفتنتها رجولته، فعرضت عليه أن يتزوَّجها. ولكن الملك الشجاع جلجامش رفض عرضها خوفاً من تَقلّب أحوالها وخشية خيانتها له، ولم يتردد في الإفصاح عن مشاعره الحقيقية، فتمادى في جرح مشاعرها بقوله:
(( ما أنتِ إلا مَوقد سرعان ما تخمد ناره في البرد
أنتِ باب لا ينفع في صدِّ ريح عاصفة
أنتِ قصرٌ يتحطم في داخله الأبطال
أنتِ بئر تبتلع غطاءها
أنت حفنةُ قيرٍٍ تلوِّث حاملَها
أنت قربةُ ماء تبلِّل صاحبها…
أنت حذاء تقرص قدم منتعلها..))
ثم يذكّرها بخياناتها السابقة فيقول:
(( فأيّ من عشّاقك أحببتِ إلى الأبد؟
وأي من رعاتك مَن طاب لك على الدوام؟
تعالي أسمّي لك عشّاقك…
وبعد ما أحببتِ طير الشقرتق المرقّط
ضربتِه وكسرت جناحه
وها هو قابع في البساتين يصيح يا جناحي
ثم أحببتِ الأسد الكامل القوة
ولكن حفرتِ له سبعَ وسبعَ حفر
وأحببتِ الحصان المجلّي في المعركة والسباق
ولكنك كتبت عليه الجري سبعة فراسخ مضاعفة
وحكمتِ عليه بالعدو شوط سبع ساعات مضاعفة
وقضيتِ عليه أن لا يَرِد الماء إلا بعد أن يعكّره…
ومن ثم أحببتِ راعي القطيع
الذي كان يكدِّس لك أرغفة الخبز المحمَّصة على الدوام
ويذبح لك الجداء كل يوم
ولكنك ضربتِه ومسخته ذئباً
حتى صار رفاقه في الرعي يطاردونه
وصارت كلابه تعضّ فخذيه…
فإذا ما أحببتني فإنك ستجعليني مثلهم))!