الفروق بين الكلمات والجُمل المتشابهة
هذه بعض اللمسات البيانية من كتاب الأسئلة
والأجوبة المفيدة في لطائف بعض الآيات القرآنية
للدكتور / فاضل صالح
السامرائي / أستاذ النحو في جامعة الشارقة .

ما اللمسة البيانية في
استعمال كلمة (سلام) و (السلام)


في سورة مريم في قصتي يحيى - عليه السلام - وعيسى -
عليه السلام -؟
قال تعالى في سورة مريم
في قصة يحيى - عليه السلام - (وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ
وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيّاً) 15 ، أما في قصة عيسى – عليها السلام - فقال تعالى
(وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوت ُوَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً)33.


(السلام) معرفة و(سلام) نكرة ؛ والنكرة عادة تدل على الشمول والعموم والمعرفة
تدل على الاختصاص. فكلمة (سلام) أعمّ من (السلام) ولذلك تحية أهل الجنة هي (سلام)
وهي كلها جاءت بالتنكير وتدل على السلام العام الشامل (سلام عليكم) (تحيتهم يوم
يلقونه سلام) وتحية أهل الجنة سلام وتحية الله تعالى لعباده سلام (سلام على موسى
وهارون) ولم يحيي الله تعالى عباده المرسلين بالتعريف أبداً وجاء كله بالتنكير
سواء في الجنة أو لعباده وتحية سيدنا يحيى -عليه السلام - هي من الله تعالى لذا
جاءت بالتنكير (سلام عليه) أما تحية عيسى -عليه السلام - فهي من نفسه فجاءت
بالمعرفة (والسلام عليّ). وهناك أمر آخر هو أن تحية الله تعالى أعمّ وأشمل وعيسى -
عليه السلام - لم يحيي نفسه بالتنكير تأدباً أمام الله تعالى فحيّى نفسه بالسلام
المعرّف.


ما اللمسة البيانية في
تقديم (الرحيم) على(الغفور) في سورة سبأ وقد وردت في باقي القرآن (الغفور الرحيم)؟

لو قرأنا
الآية في سورة سبأ (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا
فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ) 1
يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ
السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ ) 2 لم يتقدّم
الآية ما يخصّ المكلَّفين أبداً والمغفرة لا تأتي إلا للمكلَّفين والمذنبين الذين
يغفر الله تعالى لهم وإنما جاء ذكرهم بعد الآيتين الأولى والثانية لذا اقتضى تأخير
الغفور لتأخر المغفور لهم في سياق الآية. أما في باقي سور القرآن الكريم فقد مرت
الغفور الرحيم لأنه تقدّم ذكر المكلَّفين فيذنبون فيغفر الله تعالى لهم فتطلّب
تقديم المغفرة على الرحمة .