إليك مجموعة طرق تنفعك في ذلك:

أولا: إلق بنفسك في معترك الحياة، وحاول أن تدبر أمورك بنفسك دون أن تترك التعاون مع الآخرين.
والفرق واضح بين أن يستعين الإنسان بالآخرين، وبين أن يعتمد عليهم حتى يتخذوا له قراراته..
فمن يتخذ قراراته بنفسه، فهو يبني دار مجده بيده، أما من ينتظر الآخرين حتى يتخذوا له القرار فإن انتظاره سيطول بلا طائل.
قد تقول كيف اكتشف قدراتي وطاقاتي؟
وأقول: الأمر سهل، إلق بنفسك في المصاعب حتى تكتشفها، وتذكر أن طاقاتنا مثل منجم ذهب، لا يمكن الحصول منها على شيء، إلا إذا استخرجناها من أعماقنا.

ثانيا: تدرج في سلم النجاح.
فإذا كنت من الذين لا يمتلكون الثقة بأنفسهم بعد، فابدأ بتحديد هدف متوسط واسعى للوصول إليه، فبدل أن تستهدف تأليف كتاب مثلا، وأنت لا تملك الثقة بإمكانية إنجازه، إبدأ بكتابة مقال، أو إذا كنت ترغب في فتح محل تجاري يدر عليك الألوف، فابدأ بفتح محل يدر العشرات.
فمن الحكمة أن تتدرج، وتعمل على التقليل من رغباتك.

ثالثا: تحول إلى الطاقات الأخرى.
عندما تقف الحدود العقلية، أو الجسدية عائقا في طريق تحقيق بعض الرغبات، مما قد يؤدي إلى فقدان الثقة بالنفس، أو عندما تتجمع الصعوبات في طريق النجاح، فمن المنطقي أن تحول جهودك في اتجاه آخر مقبول، مستثمرا بعض المؤهلات التي تقودك إلى النجاح..
فلا داعي في أي ظرف من الظروف إلى أن تفقد ثقتك بنفسك فحتى لو فشلت في أمر ما، فلربما يكون النجاح مضمونا لك في أمر آخر، وبالتالي إلى التعويض عن الرغبة السابقة برغبة جديدة.
إن الكفاح في سبيل هدف يستحيل تحقيقه عمليا لا يؤدي إلى نتيجة. ومثل من يسعى إلى هذا مثل الأعمى الذي يصر على أن يبصر، بدلا من أن يعوض عن عماه، بتحسين حاستي السمع واللمس عنده، أو مثل الأصم الذي يسعى جاهدا لأن يسمع بدلا من أن يعوض عن نقصه هذا بأن يرهف بصره.
إذن، فالتعويض باصطناع البديل طريقة أخرى لمعالجة النقائص بصورة مرضية. ذلك بأن المرء يطمع في شيء، مبدئيا، فإذا عجز عن بلوغه طمع في بلوغ ما يليه من مراتب الأهمية، في نظره. ألا ترى الطالب الضعيف في دروسه يعزز احترام النفس عنده ويفوز باعتبار أصحابه بأن يجلي في الألعاب الرياضية، وأن الشاب الضعيف الذي لا قبل له بهذه الألعاب يقصد إلى هذه كله عن طريق الفوز في دراساته؟
إن كثيرا من الناس لا يستطيعون أن ينهضوا بأعباء مشروعات عظيمة، ويرغبون مع ذلك في أن يكونوا قادة ومديرين، فهم يرضون رغبتهم المكبوتة عن طريق المناصب، كأن يعملوا في قوى الشرطة أو أن يحترفوا التعليم، إلى غير ذلك من الوظائف التي تخولهم السلطة.
كذلك الذين هم ضعفاء البنية، أو الذين لا يستطيعون أن يحتملوا المزاحمة في الأعمال التجارية العادية، أو الذين جرحتهم اتصالات الحياة الخشنة، يلجأون، غالبا، إلى الأدب، أو الفن، أو المناصب الحكومية، وغيرها من المهن "الهادئة". وليس نادرا أن يكون كثير من نجوم الأدب خجولين عزوفين عن الناس.
والحق أن السبب في سعادة معظمنا ونجاحهم فيما يزاولون من أعمال يعود إلى اهتمامهم وشوقهم إليها. وإنما يتعزز اهتمامنا وشوقنا كثيرا بهذه الحقيقة، وهي أن أعمالنا ليست في الواقع إلا نوعا من التسامي بحوافز قوية فينا، لا نستطيع، لسبب من الأسباب، أن نشبعها، مباشرة على الأقل.
إن النجاح يتوقف على الثقة بالنفس، وإرادة النجاح. وهذا يعني أن الحياة تحني هامتها لكل من يستعطيع في النهاية أن يفجر طاقاته الكامنة فيه..
وفقدان الوسائل المادية ليس إلا عذرا من أعذار فاقدي الثقة بالنفس، فالذي يبحث عن الوسائل قبل أن يحاول امتلاك الروح التي تستخدمها يكون كمن يضع العربة أمام الحصان..
من هنا نجد أن كثيرين ممن لم يكونوا يمتلكون جسما سليما قد أحرزوا النجاح، لأنهم امتلكوا سليمة بالنفس، بينما الذين يمتلكون أجساما سليمة ولكنهم لا يمتلكون
بالنفس
يفشلون وهم عشرات الألوف.
وكما في عالم السياسة كذلك في عالم الثقافة، والأدب، والبحث العلمي، فكم من رجال لم يكونوا يملكون الجسم السليم، ولكنهم امتلكوا الإرادة السليمة فحققوا من النجاح ما عجز عنه أصحاب الجسم السليم من معاصريهم؟
وكم من مرضى، انتصر إيمانهم على أمرضهم؟
وكم من عميان كان إرادتهم، عيونهم في الحياة؟
وكم من مقعدين كانت شجاعتهم الأدبية، كسيقان يمشون بها في المجتمع؟
وكم من معدمين، أغنتهم ثقتهم بالنجاح؟
إنها الثقة بالنفس، والإيمان بالهدف، والإرادة القوية، وهي روح النجاح.. لأنها روح الحياة...

رابعا: استنجد بشجاعتك.
إن كثيرا من الناس يقعون ضحية التردد. فهم عندما يواجهون خيارا صعبا يحتاج إلى تفجير طاقاتهم فإنهم يواجهون بعض الأخطار، فيؤثرون السلامة على اقتحام المجهول، فالمطلوب في مثل هذه الحال أن يستنجد المرء بالشجاعة.
ترى ما الذي يفعله الأشخاص الناجحون في الحياة؟
وأولئك الذين يتخذون قرارات محفوفة بالأخطار ويتمسكون بها؟
إنهم يسألون أنفسهم: ما هو أسوأ ما يمكن أن يحدث؟
من المثير أن تمتلك حياتك وإرادتك وأن تجد لديك إرادة خاصة بك، وتدرك أنك لست تحت رحمة الحظ العاثر أو الأشخاص الآخرين أو الواقع. لا تدع الواقع المعاكس يقف عثرة في سبيل اتخاذ قرار ملائم.

خامسا: اعمل بالحكمة التي أنجحت الآخرين: إن لم تفعل هذا فماذا تفعل بدلا عنه؟
يقول أحد الناجحين في الحياة: عندما أخبرت أستاذي في الرسم أني قد ألتحق بمعهد الفنون في الشتاء اكتفى بالتعليق: "إن السنوات الخمس المقبلة ستمضي في أي حال".
وأخذت أفكر قلقا: ما معنى ذلك؟
وشعرت أني لم ألق التشجيع الذي انتظرت. تلك الليلة أجلت النظر في عبارة الأستاذ وفجأة أدركت مغزاها. سوف تمضي السنوات الخمس المقبلة في أي حال. سواء أقمت بعمل أم لم أعمل. وفي نهايتها سأنظر إلى الماضي وأقول: "حسنا، لقد ذهبت إلى معهد الفنون وأن اليوم متقدم خمس سنوات عما كنت حينذاك". إذا كنت فعلت وإلا فإني سأقول: "بما أني لم ألتحق بالمعهد فأنا، كرسامن لست أفضل مما كنت. فماذا فعلت بتلك السنوات؟".
ويضيف الرجل: "الآن، حينما أواجه باختيار بين فعل شيء أو عدم فعله، أحدث نفسي قائلا: "ستمضي السنوات الخمس الآتية في كل حال". وهذا يجلو لي الخيارات".
"لكن ماذا لو أن الخيار ليس بين أمر وعدمه، بل بين أمر وآخر؟ هذا ما واجهته حين أدركت أن علي دفع المال الذي ادخرته لشراء أريكة جديدة لكي أسدد القسط الدراسي في معهد الفنون. غير أني وجدت حلا، فعقدت اتفاقا مع أحد الحرفيين المحليين أن يقوم يتنجيد أريكتي القديمة في مقابل أن أرسم له رسما".
"وقد زودني أحد معارفي بتعبير مناسب لحالة كهذه: عندما تكون في حيرة، افعل الأمرين معا.
وسرعان ما وجدتني أستعمل التعبير في ظروف وأحوال شتى. اأذهب إلى الريف في العطلة أم أقبل دعوة إلى الغداء في المدينة؟ إذا كنت في حيرة من أمرك فافعل الاثنين معا، اذهب إلى الريف وعد باكرا.
هل أتم دراستي أم أبحث عن عمل؟ إبق في مدرستك إنجاز الخيارين بدلا من انتقاء واحد وخسارة الآخر".
إن الإنسان يمتلك الكثير من الطاقات لكي يقوم بأكثر من عمل وينجح في أكثر من مجال، غير أن طاقاته تذهب سدى إذا فقد الثقة بنفسه، أو تتحول إلى حقائق إذا امتلكها.




سادسا: ازرع في الأرض العذراء..
أحيانا يشعر المرء أن لا خيارت لديه.. لأنه لا يملك تلك الوسيلة الضرورية. فكيف يمشي إذا كان كسيحا؟
وكيف يستطيع أن يصبح كاتبا إذا كانت كلتا يديه مشلولتين؟
إنك قد تشعر أن لا خيارات لديك. ولكن هذا هراء، فدائما هنالك خيارات عديدة أمام كل حي..
ولو أنك شعرت أنك في مأزق حقيقي، فابحث عن أرض عذراء لتزرع فيها. حاول أن تفعل أمرا ليس في الحسبان.
ترى هل أنت أقل قدرة وكفاءة من ذلك الشاب الذي حكموا عليه في البداية، بأنه مصاب بتخلف عقلي وأن على والديه أن يرسلاه إلى مؤسسة للمعاقين ليقضي حياته هناك حتى يوافيه الأجل.
ولكنه حقق الكثير في الحياة، وأصبح مضرب المثل للنجاح في الحياة، لأنه زرع في أرض بكر، واهتم بأعضائه التي لم تصب، وألف كتبا ورسم