أطول فترة لكسوف الشمس حصل عام 1955 واستغرق سبعة دقائق وثماني ثوان
رغم ان كسوف الشمس يعتبر ظاهرة علمية فلكية، فان مهتمين عديدين في زوايا العالم الاربع يلاحقونه ويتتبعون اخباره من باب الحشرية ولتسجيل الصور الجميلة لاضافتها الى البومهم الخاص والى هؤلاء وللمهتمين يروي المحرر العلمي لـپ"الوسط" قصة الكسوف التي تعود الى ملايين السنين.
يعيد علماء الطبيعة ظهور الشمس الى خمسة آلاف مليون سنة مضت، ويؤكدون على انها تكونت من غيوم هيدروجينية وهيليومية امتزجت بغبار فضائي ما لبث ان تقلص بفعل الجاذبية، فأدى تقلصه الى تسخين تلك الغيوم، واثارة تفاعلات نووية حوّلت الهيدروجين الى هيليوم، واطلقت اشعاع الشمس الذي نعرفه والذي حرص الانسان منذ القدم على استمراره، وكان وما زال حتى الآن يتأثر بظاهرة اختفائه جزئياً او كلياً بسبب العملية الفلكية المعروفة بالكسوف. ويعتقد العلماء الفلكيون ان الشمس ستستمر بالاشعاع لمدة خمسة آلاف مليون سنة اخرى، قبل ان ينفُد وقود الهيدروجين ويؤدي ذلك الى انطفائها. ولا يعلم الحقيقة الفعلية لبقاء او زوال الكواكب سوى الله سبحانه وتعالى.
ظاهرة الكسوف الشمسي
الكسوف هو انقطاع الضوء او اختفائه من كوكب الشمس لفترة وجيزة، تحدث عند حلول قمر جديد، اي في اليوم التاسع والعشرين ونصف اليوم من دورانه حول الارض، حيث يمر كوكب القمر مباشرة امام كوكب الشمس فيغطي خياله كوكب الارض جزئياً او كلياً لمدة اقصاها سبع دقائق ونصف، ما يؤدي الى انخفاض في حرارة الارض وارتفاع طفيف في نسبة الرطوبة وانخفاض في سرعة الرياح السطحية.
ويكون الكسوف الشمسي كلياً عندما تحتجب اشعة الشمس عن الرؤية تماماً بسبب مرور كوكب القمر بين الارض والشمس، ويتساوى قطره الدائري مع القطر الدائري لكوكب الشمس. ويكون الكسوف الشمسي جزئياً او حلقياً، عندما يكون القمر في أبعد موقع له عن الارض ويكون قطره الدائري اصغر من القطر الدائري للشمس، حيث تظهر حلقة ضوئية متوهجة حوله تعرف بالحلقة النارية.
وتبين الصور المرفقة المنظر الرائع والنادر لمثل هذا الكسوف الشمسي الحلقي، فتظهر الدائرة الضوئية التي تحيط بكوكب القمر والتي يبرز اشعاعها ووهجها الناري نتيجة لقرب كوكب القمر من كوكب الشمس وبُعده عن الكرة الارضية، وتواجده في الوسط تماماً بين الكوكبين، بحيث يظهر وكأنه قرص اسود محاط بخيط اخضر ينبعث منه شرارات ضوئية حمراء اللون. ويتلهف العديد من هواة علم الفلك والفلكيين لرؤية هذه الظاهرة او تصويرها، الا انها على الرغم من روعتها خطرة جداً على سلامة شبكية العين ويكفي نظرة او لمحة سريعة باتجاه الحلقة الضوئية لتدمير شبكية العين وحرقها، لذلك يحظر استخدام المنظار او التليسكوب لمشاهدة هذه الظاهرة ما لم تتم حماية الأعين بعوازل بلاستيكية او زجاجية داكنة اللون قادرة على تصفية الاشعة فوق البنفسجية والاشعة تحت الحمراء التي تسبب الاذى للعين. وتكاد لا تخلو مناسبة لمشاهدة هذه الظاهرة، دون وقوع ضحايا من الهواة الذين يهملون حماية اعينهم.
بعض الحقائق التاريخية
كانت ظاهرة الكسوف الشمسي تثير الهلع والخوف والتشاؤم عند الصينيين القدماء وبعض القبائل الاخرى. وكان الصينيون يعتقدون ان تنيناً جائعاً وغاضباً يحاول ابتلاع الشمس، كلما حصل الكسوف، فيباشرون بقرع الطبول واطلاق الصياح والعويل ليجبروا التنين على اخراج كوكب الشمس من فمه، وبعد انقضاء الفترة التي يستغرقها الكسوف تعود الشمس بطبيعتها للاشراق، فيعتقد هؤلاء ان ضجيجهم نجح في ارغام التنين على اطلاق سراح الشمس واخراجها من فمه. وبالطبع تنجح هذه العملية دائماً لان الكسوف اصلاً لا يستمر طويلاً. ولم يدرك الصينيون ان سبب الكسوف يعود الى دوران الشمس، على رغم انهم كانوا يراقبون وجود البقع الشمسية ويرصدون تحركاتها منذ الفي عام. وفي القرن السابع عشر، تمكن عالم الفلك الايطالي الشهير غاليليو من اكتشاف دوران الشمس بعد دراسة عميقة لتحركات البقع الشمسية.
اما اول ظاهرة للكسوف الشمسي فقد تم تسجيلها في 22 تشرين الاول اكتوبر عام 2136 قبل الميلاد، وشوهدت في الصين. بينما تم تسجيل ثاني كسوف شمسي عام 1375 قبل الميلاد بعد مشاهدته في سورية، وقامت اول محاولة لتصوير الكسوف الكلي للشمس من قبل العالم الفلكي النمساوي مايوتشي في 8 تموز يوليو 1842، وعلى رغم فشله في ذلك، الا انه نجح في تصوير الكسوف الجزئي. وكانت اول صورة ناجحة للكسوف الكلي انجزت من قبل العالم بيركوسكي في 28 تموز يوليو 1851. اما اول محاولة تلفزيونية لتصوير الكسوف الكلي فقامت بها شركة البي. بي. سي. البريطانية في 15 شباط فبراير 1961 وكانت ناجحة جداً وتم نقلها عبر محطات في فرنسا وايطاليا ويوغوسلافيا.
وبالنسبة لعدد الكسوفات الشمسية التي يمكن حدوثها في العام الواحد، فإن اقصى عدد سجل في العام 1953 كان خمسة كسوفات شمسية وخسوفان قمريان. وفي العام 1988 تكرر الكسوف الشمسي اربع مرات والخسوف القمري ثلاث مرات، اما اقل عدد ممكن من انواع الكسوف في السنة الواحدة فهو اثنان كما حصل العام 1984. وكانت اطول فترة يستغرقها الكسوف الشمسي الكلي ظهرت العام 1973 في 30 حزيران يونيو، عندما قام علماء فلكيون برحلة خاصة في طائرة الكونكورد وحلّقوا تحت خيال القمر واستمروا بملازمته اثناء تحركه فتمكنوا من رؤية الكسوف الكلي طوال فترة استغرقت 72 دقيقة. اما اطول فترة للكسوف الحلقي فهي 12 دقيقة و24 ثانية. واطول فترة يستغرقها الكسوف الشمسي الكلي، لمن يشاهده على الارض، لا تتجاوز سبع دقائق ونصف. وحتى الآن لم يلاحظ هذا النوع من الكسوف، ولكن في العام 1955 استمر الكسوف الكلي لمدة سبع دقائق وثماني ثوان فقط فوق الفيليبين. وكانت اقصر مدة للكسوف الكلي حدثت عام 1986 واستمرت لفترة لم تتجاوز عُشر الثانية فوق منطقة محددة في شمال المحيط الاطلسي.
تحديد المكان والزمان
باستطاعة الفلكيين ان يتوقعوا الاوقات والتواريخ والاماكن التي سيحصل فيها الكسوف الشمسي مع تحديد نوعه، بدقة متناهية، من خلال قياسهم لتحركات الارض والقمر بالنسبة للشمس. وفي ما يلي جدولاً يبين هذه التواريخ والاماكن التي يتوقع الفلكيون حدوث الكسوف الشمسي فيها مع تحديد نوعية هذا الكسوف، خلال السنين الثماني المقبلة.
تاريخ الكسوف
30 حزيران يونيو 1992
24 كانون الاول ديسمبر 1992
21 ايار مايو 1993
13 تشرين الثاني نوفمبر 1993
11 ايار مايو 1994
3 تشرين الثاني نوفمبر 1994
29 نيسان ابريل 1995
24 تشرين الاول اكتوبر 1995
17 نيسان ابريل 1996
12 تشرين الاول اكتوبر 1996
9 آذار مارس 1997
2 ايلول سبتمبر 1997
26 شباط فبراير 1998
22 آب اغسطس 1998
16 شباط فبراير 1999
11 آب اغسطس 1999
مكان الكسوف
جنوب الاطلسي
القطب الشمالي
القطب الشمالي
القطب الجنوبي
كندا، اميركا، المكسيك، المحيط الهادئ
بيرو، البرازيل، جنوب الاطلسي، جنوب المحيط الهادئ
ايران، الهند، المحيط الهادئ
القطب الجنوبي
القطب الشمالي
منغوليا، سيبريا، القطب الشمالي
القطب الجنوبي
المحيط الاطلسي، المحيط الهادئ، اميركا الوسطى
المحيط الهندي، المحيط الهادئ
استراليا، المحيط الهادئ، المحيط الهندي
انكلترا، فرنسا، تركيا، الهند، الشرق الاوسط، المحيط الاطلسي
نوع الكسوف
كلي
جزئي
جزئي
جزئي
حلقي
كلي
حلقي
كلي
جزئي
جزئي
كلي
جزئي
كلي
حلقي
حلقي
كلي
وفي نهاية القرن العشرين يكون العدد الاجمالي للكسوف الشمسي خلال هذا القرن 228 والخسوف القمري 147.
الحياة