ولو أنّ هذه المرأة مما تنبت الأرض و تسقي السماء لكانت تصلح مع كل رجل كما تصلح لكل رجل؛ و لكنّ لها قلباً و حساً مع هذا القلب و نفساً مع هذا الحسّ و رقّة مع هذه النفس؛ فهي إنّ لم تحبّ الرجل من هذه الجهات الأربع لا تكون قدّ أحبّته ذلك الحبّ العجيب اللذي يوصف بأنه حبّ المرأة !..
الحُب متى كان إنسانيًا جاريًا على قواعد الإنسانيَّة العامة، مُتسعا لها غير محصور في الخصوص منها، كان بذلك علاجًا من أمراض الخيال في النفس، واستطاع الإنسان أن يجعل حُبه يتناول الأشياء المُختلفة، ويَردُ على نفسه لذَّاتِها، فإن لم يُسعده شيء بخصوصه، وجد أشياء كثيرة تُسعده بين السماء والأرض، وإن وقع في صورة امرأته ما لا يُعد جمالًا، رأى الجمال في أشياء منها غير الصورة، وتعرَّف إلى ما لا يخفى فظهر له ما يخفى..
وليست العين وحدها هي التي تأمَر في أي الشيئين أجمل، بل هناك العقل والقلب، فجواب العين وحدها إنما هو ثُلث الحق، ومتى قيل: “ ثُلث الحق ” فضياع الثُلثين يجعله في الأقل حقًا غير كامل. فما نكرهه من وجهٍ، قد يكون هو الذي نحبه من وجهٍ آخر، إذا نحن تركنا الإرادة السليمة تعمل عملها الإنساني بالعقل والقلب، وبأوسع النظرين دون أضيقهما..