ليس بالغريب ان تتأثر الحياة الاسرية بالتقدم التكنولوجي على مدى مراحله منذ استخدام الكهرباء وما تلاها
للوصل الى ثورة الاتصالات والانترنت، لكن الشيء الغريب والمثير للجدل هو
اوجه استغلال تلك التكنولوجيا وكيفية تأثيرها، الذي من المفترض ان يكون
لمصلحة المجتمع ورفع المعاناة عن البشر وليس لتعاستهم.
اجتهد العديد من المحللين والمختصين في علم النفس والاجتماع لمعرفة مدى
تاثير تكنولوجيا الاتصالات والانترنت على الحياة الاسرية، وتوصلوا بابحاثهم
الى حقيقة لا يستطيع احد تجاهلها وهي التأثير السلبي الذي احدثته تلك
التكنولوجيا على الحياة الاسرية.
فكما ساعد الانترنت اليوم على الاتصال بالعالم الخارجي قد ساعد ايضا على
الانفصال الداخلي بين الازواج وافراد الاسرة الواحدة، وغزا الانترنت بيوتنا
في زمن يكاد ينعدم فيه الحوار بين افراد الاسرة ليجد في ذلك تربته الخصبة
التي مهدتها له من قبل الفضائيات، وعندما دخل الانترنت من الباب هرب
استقرار الاسرة وارتباطها من الشباك، واختلفت اوجه استخدامات الشبكة
العنكبوتية باختلاف السلوكيات، كل حسب اتجاهه وميوله، فاتخذها بعض الازواج
طريقة لكسر رتابة الحياة الزوجية ومللها، واقعين بانفسهم في مغامرات قد لا
تحمد عقباها واكد ذلك العديد من الدراسات التي افادت بان اعدادا متزايدة
من المتزوجين يدخلون الى غرف الدردشة على شبكة الانترنت من اجل الاثارة
الجنسية.
ومنهم من ذهب الى توقع ان شبكة الانترنت ستصبح قريبا اكثر الطرق شيوعا للخيانة.
وحسبما تقول مراكز الاستشارات في الولايات المتحدة ان غرف الدردشة هي اكثر
الاسباب وراء انهيار العلاقات الزوجية. وان المشكلة ستزداد سوءا مع ازدياد
اعداد الاشخاص الذين يتصلون بالشبكة، وان الامور لم تكن متاحة ومتيسرة
للمتزوجين الذين يبحثون عن علاقات سريعة مثلما هو الامر عليه مع الانترنت.
وكانت باحثة قد اجرت لقاءات مع رجال وسيدات يستخدمون غرف الدردشة المخصصة للازواج.
واكتشفت ان اغلب من التقت بهم قالوا انهم يحبون زوجاتهم. غير ان السرية
التي توفرها الانترنت تتيح مجالا لهؤلاء الذين يسعون الى علاقة مثيرة، وقال
احد المشاركين في الدراسة: «كل ما علي القيام به هو تشغيل جهاز الكمبيوتر
وسيكون امامي آلاف السيدات للاختيار من بينهن. لن يكون الامر اسهل من
ذلك».
ويدخل اغلب الاشخاص الى غرف الدردشة بسبب الاحساس بالملل او نقص الرغبة
الجنسية للطرف الآخر او الرغبة في التنويع والاستمتاع. وقالت الباحثة ان
السبب الاول كان قلة العلاقات الجنسية مع زوجاتهم. واوضحت: «قال اغلبهم ان
زوجاتهم كن مشغولات للغاية في رعاية الاطفال وقلت رغباتهن في الجنس». كما
كشفت الدراسة عن ان اغلب العلاقات بدأت بشكل ودي ثم تحولت الى شيء آخر
اكثر جدية.
واضافت ان ثلث الاشخاص الذين اشتركوا في الدراسة التقوا بعد ذلك بمن اتصلوا بهم.
وانتهت كل الحالات ما عدا حالتين بعلاقة حقيقية، وفي احدى الحالات اقام رجل علاقة مع 13 سيدة التقى بهن على شبكة الانترنت.
يقول آل كوبر، مؤلف كتاب 'الجنس والانترنت': اننا نسمع من المعالجين في
جميع انحاء البلاد ان الانشطة الجنسية على شبكة الانترنت هي السبب الرئيسي
في المشاكل الزوجية.
واضاف: «نحتاج ان نتفهم بشكل افضل العوامل المساعدة اذا كنا نرغب في تحذير
الناس من ان الانزلاق وراء المغازلات على الانترنت ينتهي عادة بالطلاق».
طلاق من نوع جديد
بسبب كل هذه التأثيرات الضارة التي احدثها الانترنت على النفس البشرية وما
سببه من حالة من الانفلات والتحرر غير المسبوق من الكبت والقيود التي
تفرضها الانظمة الاجتماعية على الناس في معظم المجتمعات، حذر الباحثون
والخبراء من ان الانترنت ربما يمثل خطورة بالغة على الازواج والزوجات، لانه
يسبب ايضا حدوث طلاق من نوع جديد يعرف باسم 'الطلاق العاطفي'. واوضح
الخبراء ان هذا النوع من الطلاق يحدث عندما يجلس الرجال على شبكة الانترنت
للبحث ومشاهدة مواقعها الكثيرة لساعات طويلة تحرمهم من الاجتماع بزوجاتهم،
وفتح حديث وحوار بين بعضهم، الامر الذي يؤدي في النهاية الى انفصال
عاطفي، مشيرين الى ان جلوس الزوج طوال اليوم امام الجهاز ليلاحق المواقع
وغرف الدردشة ويرد على الرسائل الالكترونية، يؤدي الى ادمانه وعدم رغبته
في التحدث مع زوجته، وقد يصل به الامر الى السفر الى الفتيات اللاتي يتحدث
معهن عبر الانترنت لرؤيتهن على الطبيعة مما يؤدي الى تذبذب العلافة بين
الزوجين ويرى الدكتور «روبرت هايمر» اختصاصي الطب النفسي ومدير العيادات
النفسية المتخصصة في لندن ان السبب في بروز هذه الظاهرة يعود الى عوامل
اجتماعية واخرى تربوية ونفسية، مؤكدا ان قضاء الزوج ساعات طويلة امام
الانترنت قد يكون السبب في الانفصال، وقد يرتبط بقصة حب مع احدى الفتيات
عبر المراسلات الالكترونية.
تكنولوجيا اجتماعية سلبية
تؤكد دراسة اخرى ان الانترنت، كتكنولوجيا مؤثرة على الاسرة ، تقل من
المشاركة الاجتماعية والراحة النفسية، وتساعد على التباعد بين الناس بعضهم
بعضا، لانه كلما امضى الناس ساعات اكثر على الانترنت، قل تواصلهم مع
عائلاتهم وتقلصت دائرة معارفهم. كما ان الاستخدام المتزايد لتلك التقنية قد
يثير الاحساس بالاحباط النفسي وبالوحدة مع مرور الوقت ويفترض باحثو هذه
الدراسة ان البعض يحاول، من خلال نمط علاقات الانترنت ذات النوعية الفقيرة،
البحث عن علاقات اقوى سبق ان اختبرها، والعمل على خلق بدائل، منها ادراك
اثر الانترنت وما تخلفه من وحشة نفسية لدى زوارها.
مما قرأت منقووول