بسم الله الرحمن الرحيم
لقد جعل الله لكلّ نبيٍّ من أنبيائه معجزة خاصة به دون غيره ، ولا يتمكّن ذلك النبيّ أن يأتي بغيرها من نفسه إن لم يأذن الله له فيها . مثلاً لو أنّ فرعون قال لموسى أنا لا أقبل منك هذه العصا التي تلقيها على الأرض فتكون حية ، ولكن أنا أعطيك عصا من عندي فألقِها على الأرض فلتكن حية ، فإنّ تلك العصا لا تكون حية بيد موسى إلاّ التي أعدّها الله لموسى وأمره أن يذهب بِها إلى فرعون . وهكذا جميع الأنبياء والرسل لا يمكنهم أن يأتوا بمعاجز من تلقاء أنفسهم إلاّ ما أعطى الله كلّ رسول من معجزة خاصّة به دون غيره . فقد قال الله تعالى في سورة الرعد {وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ} ، فكلمة {آيَة} يراد بِها المعجزة ، والمعنى ليس لرسولٍ قدرة أن يأتي بمعجزة من تلقاء نفسه إلاّ المعجزة التي أعطاها الله إيّاها وأذِنَ له في استعمالِها .
فإنّ المشركين من العرب طلبوا من النبيّ معاجز كثيرة فلم يسعِ النبيّ أن يأتيهم بواحدةٍ منها إلاّ القرآن الذي أنزله عليه جبرائيل بأمرٍ من الله عن طريق الوحي . وذلك من قوله تعالى في سورة العنكبوت {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ} ، فقال المشركون : الكتاب وحده لا يكفي دلالة على دعوته ؛ إنّما نريد معجزة مادّية كعصا موسى وناقة صالح ، وذلك قوله تعالى في سورة الأنبياء حاكياً عنهم {فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الأَوَّلُونَ} ، يعني فليأتِنا بمعجزة كما أرسل موسى بالعصا وأرسِل صالح بالناقة ، فردّ الله عليهم بقوله تعالى {مَا آمَنَتْ قَبْلَهُم مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ} ، والمعنى : لم يؤمن فرعون ولا قومه بموسى حيث أعطيناه العصا معجزة له ، وكذلك قوم صالح لم يؤمنوا به حيث أعطيناه معجزة مادّية وهي الناقة ، بل كذبوا بِها فانتقمنا منهم فأهلكناهم ، فكذلك قومك لن يؤمنوا إذا أعطيناك معجزة مادّية ورأوها بأعينهم ، بل يكذّبون ويقولون : هذا سحرٌ مبين ، كما قالت أسلافهم ، ولكنّنا أعطيناك معجزة علمية أحسن من المعجزة المادّية فادعُهم بِها ، وذلك قوله تعالى في سورة النحل {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} .
ومع تصريح هذه الآيات وكثير مثلها في القرآن تصرّح بأنّ الأنبياء والرسل والملائكة لا يمكنهم أن يأتوا بمعجزة من تلقاء أنفسهم إلاّ المعجزة التي يعطيها الله لمن يشاء من أنبيائه ورسله ، نجد أكثر الناس يزعمون أنّ المشايخ والأئمّة لهم القدرة على إتيان المعاجز وقد جاؤوا بمعاجز كثيرة ، ولكن لا يسمّونَها معاجز بل يقولون هي كرامات الأولياء ، فالمعنى واحد ولكنّ الألفاظ مختلفة . أقول إنّ الأنبياء والأولياء لا يرضَون بِهذه الأعمال التي لا يرضاها الله ويبرؤون مِمّن يعملها ومن يشركهم في التعظيم والتقديس مع الله . وكذلك لم أجد رواية موثقة عن أئمة أهل البيت عليهم السلام يقسمون على الله بحقهم عليه بل كانو يتوجهون لله سبحانه وتعالى بالدعاء مباشرة ويحضون الناس على ذلك ولكن من يتقول عليهم انهم طلبو منه ذلك برؤية أو حلم فهذا الكلام غريب فهم في حياتهم عليهم السلام لم يقوموا بمثل هذا العمل فمن أراد ان ينقل عنهم فلينقل عنهم في حياتهم هذا حسب ما افهمه والله اعلم وهدانا الله وأياكم للحق أجمعين