بسم الله الرحمن الرحيم
المشتبه هو الذي يشتبه على الإنسان فلا يعلم معناه إلاّ بعد شرحه وتوضيحه نحو قوله تعالى في سورة الأنبياء {يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاء كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ} ، فهذه الآية لا يعلم الإنسان المقصود منها إلاّ بعد شرحها بالتفسير ، وقد أوضحت تفسيرها في كتابي الكون والقرآن .
أمّا المتشابه فهو الذي يشبه بعضه بعضاً في المعنى ويختلف في الألفاظ نحو قوله تعالى في سورة الحاقة {وَانشَقَّتِ السَّمَاء فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ} ، وقوله في سورة الإنشقاق {إِذَا السَّمَاء انشَقَّتْ} ، وقوله في سورة الإنفطار {إِذَا السَّمَاء انفَطَرَتْ} ، وقوله في سورة النبأ {وَفُتِحَتِ السَّمَاء فَكَانَتْ أَبْوَابًا} . فهذه الآيات يشبه بعضها بعضاً في المعنى وتختلف الألفاظ ، وجميعها تدلّ على أنّ السماوات الغازيّة تتشقّق يوم القيامة ويختلط بعضها بالبعض فتكون كالدخان .
فالمشتبه غير المتشابه والاثنان لا يعلم الانسان المقصود منها إلاّ بعد الشرح والتفسير . فقد قال الله تعالى في سورة الأنعام {وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ .} ، والمعنى أنّ الذي يرى شجرة الزيتون من بعيد يشتبه عليه أمرها فلا يعلم هل هي شجرة رمّان أم شجرة زيتون وذلك لأنّ أوراقها وأغصانها تشبه أغصان الرمّان ولكن إذا دنا منها رآها لا تشبه شجرة الرمّان .
وكانت الألغاز مستعملة عند العرب وخاصّة في أشعارهم فأنزل الله القرآن على ما جرت به عاداتهم وقال : فأتوا بسورة من مثله فصاحة أو حلّوا لغزاً من ألغازه إن كنتم في شكٍّ منه . فعجزوا عن هذا وذاك فلم يأتوا بسورة مثله فصاحة ولم يحلّوا لغزاً من ألغازه .
ومن ألغاز العرب وصيّة مهلهل لَمّا أراد العبدان قتله فقال :
مَنْ مخبر الأقوام أنّ مهلهلاً......................للهِ درّكما ودرّ أبيكما
فلمّا سمعت اليمامة بنت أخيه وصيّته حلّت شعره وقالت :
مَنْ مخبر الأقوام أنّ مهلهلاً ............ أضحى قتيلاً في الفلاةِ مُجندلا
للهِ درّكما ودرّ أبيكما ............... لا يبرح العبدان حتّى يُقتلا
فقبضوا على العبدين وقتلوهما .
من كتاب المتشابه من القرآن هنا