بسم الله الرحمن الرحيمجاء في سفر التكوين في الإصحاح الثالث ما يلي : "وكانت الحيّة أحيل من جميع حيوانات البرّيّة الّتي عملها الربّ الإله ، فقالت للمرأة أحقّاً قال الله لا تأكلا من كلّ شجر الجنّة ، فقالت المرأة للحيّة من ثمر الجنّة نأكل وأمّا ثمر الشجرة الّتي في وسط الجنّة فقال الله لا تأكلا منه ولا تَمسّاه لئلاّ تموتا، فقالت الحيّة للمرأة لن تموتا بل الله عالمٌ أنّه يوم تأكلان تنفتح أعينكما وتكونان كالله عارفين الخير والشرّ . فرأت المرأة أنّ الشجرة جيّدةٌ للأكل وأنّها بهجةٌ للعيون وأنّ الشجرة شهيّةٌ للنظر فأخذت من ثمرها وأكلت وأعطت رجُلها أيضاً معها فأكل ، وانفتحت أعينُهما وعلما أنّهما عريانان فخاطا أوراق تينٍ وصنعا لأنفسِهما مآزر .
وسمعا صوت الربّ الإله ماشياً في الجنّة عند هبوب الرّيح فاختبأ آدم وامرأته من وجه الربّ الإله في وسط أشجار الجنّة ، فنادى الإلهُ آدمَ وقال له أين أنتَ ، فقال سمعتُ صوتَكَ في الجنّة فخشيتُ لأنّي عريان فاختبأتُ ، فقال مَن أعلمك أنّك عريان هل أكلت من الشجرة الّتي أوصيتك ألاّ تأكل منْها ، فقال آدم المرأة الّتي جعلتها معي هي أعطتني من الشجرة فأكلتُ ، فقال الربّ للمرأة ما هذا الّذي فعلتِ ،فقالت المرأة الحيّةُ غرّتني فأكلتُ ، فقال الربّ الإلهُ للحيّة لأنّك فعلت هذا ملعونةٌ أنتِ من جميع البَهائم وجميع وحوش البرّيّة ، على بطنك تسعين وتراباً تأكلين كلّ أيّام حياتكِ وأضعُ عداوةً بينكِ وبينَ المرأة وبينَ نسلك ونسلِها ."
.))
أقول هل توجد شجرة إن أكلتَ منْ ثمرها تعرّفك الخير والشرّ ، وهل الحيّة تتكلّم فكلّمت حوّاء وأغوتْها حتّى أكلتْ من ثمرة تلك الشجرة ، ولكنّ الشيطان وسوسَ لعزرا وقال له إذا كتبتَ في توراتك أنّ الشيطان أغوى آدم وحوّاء فأكلا من تلك الشجرة ، فيقولون لك أين الشيطان ولو كان موجوداً فلِمَ لا نراهُ ، فيكذّبونك ولكن الأحسن قل الحيّة أغوتْ حوّاء فأكلت من الشجرة وأعطت آدم فأكل
فكانت غاية الشيطان من ذلك أن يدفع اللعنة عن نفسه ويضعَها على الحيّة لعلمِه بأنّ النّاس أعداء الحيّة ، ثمّ قول عزرا للحيّة "وتراباً تأكلين كلّ أيّام حياتكِ" فإنّ الحيّة لا تأكل التراب بل تأكل الحشرات [وصغار الحيوانات] ، وقوله "على بطنك تسعين" فإنّ الحيّة لم تكن لَها أرجلٌ من قبل فذهبت أرجلُها بل خلقَها الله بلا أرجل من يوم خلقها . وهذا دليل واضح بأنّ عزرا كتبَ هذا وليس من الله .
وإليك ما جاء في القرآن في قصّة آدم وحوّاء وإبليس ، أي الشيطان وذلك في سورة طه قال الله تعالى :
(وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى . فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُولَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى . إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى . وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى . فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَى . فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى . ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى .)
فتأمّل أيّها القارئ في قول الله تعالى إذ قال (فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ) ولم يقلْ الحيّة ، ثمّ بيّن سبحانه أنّهما كانا لابسَينِ ثياباً وليس عاريين ((إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى))ولكن لَمّا أكلا من توت الشجرة بدت لَهما سَوآتهما ؛ لأنّ في تلك الشجرة شوكاً كثيراً مزّق ثيابَهما فبدت لَهما عوراتُهُما . وهي شجرة توت العلّيق ، فحينئذٍ أخذا يرقعان ثيابَهُما بورق التين ، ثمّ بيّن سبحانه بأنّ أوّل مَن أكل منْها هو آدم ثمّ أعطى منها لحوّاء فلمّا ذاقت طعم توتِها أخذتْ تَقطف من توتِها وتأكل ، وذلك قوله تعالى حاكياً عن لسان الشيطان (قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَى .)
تعقيب : فالاعتقاد السائد بأن حواء هي من أغوت آدم بالأكل من الشجرة هو أعتقاد خاطىء
ومثل هذه الأغلاط والخلافات كثيرة في توراة عزرا بن سرايا لا مجال لذكرها هنا إذ أنّنا نتكلّم باختصار .
الأغلاط في توراة عزرا الخطأ الأوّل: [ قصة الملائكة مع إبراهيم ] هنا
من كتاب الخلاف بين التوراة والقرآن لمفسر القرآن محمد علي حسن هنا