إنّ للاستغفار آثارٌ عظيمة على الانسان تؤثر عليه من خلال مجريات حياته وقد يلمس بعضها من خلال هذه العبادة حين الاتصال بالله وهذا ما يسمى بالغذاء الروحي وهو أهم للنفس من الغذاء المادي للجسد وهذا ما أوضحته السنّة الشريفة وأكدت عليه وهو أن للاستغفار آثارٌ عديدة، منها:
أولاً ـ يزيد في الرزق: قال أمير المؤمنين (ع): أكثروا الاستغفار يجلب الرزق.
فإن الذنوب من المعاصي والمعاصي تبعد الانسان عن الرزاق العليم وتحجب الرزق فالاستغفار يمحو الذنوب ويطهر النفس ويدر الرزق وعند ذلك تنفتح البركة ويرى أثرها ولذلك ورد عن الإمام الرضا (ع) قال: قال رسول الله (ص): "مَن استبطأ الرزق فليستغفر الله".
ثانياً ـ إن الاستغفار يبعد الشيطان: عن الصادق (ع) عن آبائه (ع) قال: قال رسول الله (ص) لأصحابه: "ألا أخبركم بشيء إن أنتم فعلتموه تباعد الشيطان عنكم كما تباعد المشرق عن المغرب؟ قالوا: بلى، قال: الصوم يسود وجهه والصدقة تكسر ظهره والحب في الله والمؤازرة على العمل الصالح يقطعان دابره والاستغفار يقطع وتينه".
إن الاستغفار يكون بمثابة السلاح بيد المستغفر ولذلك عندما يستغفر يبتعد عنه الشيطان بل يقطع وتينه.
ثالثاً ـ دواء الذنوب: قال رسول الله (ص): "لكل داء دواء ودواء الذنوب الاستغفار".
وقال رسول الله (ص): "ألا أخبركم بدائكم من دوائكم؟ قلنا: بلى يا رسول الله، قال: دائكم الذنوب ودوائكم الاستغفار".
والذنوب بمثابة المرض وبحاجة إلى العلاج ولا يصلحها إلا الدواء وهو الاستغفار وهو خير علاج ناجع لمرض نفسي خطير.
رابعاً ـ معطر لروائح الذنوب: قال أمير المؤمنين (ع): تعطروا بالاستغفار لا تفضحكم روائح الذنوب.
الذنب كالرائحة الكريهة وبحاجة إلى معطر ولا يزيل هذه الرائحة إلا الاستغفار والالتجاء إلى الله تعالى بالعفو والمغفرة.
خامساً ـ الاستغفار يجلي الهم: قال رسول الله (ص): "إن للذنوب صداء كصداء النحاس فأجلوها بالاستغفار".
ولقد عبّر رسول الله (ص) عن الذنوب بالصدأ ولا يمكن جلاء ذلك إلا بالاستغفار فإنها إذا تركت وتراكمت فلا يجلي ذلك الصدأ إلا الاستغفار.
سادساً ـ المنجاة: فقد ورد عن الإمام موسى بن جعفر (ع) عن آبائه (ع) قال: قال رسول الله (ص): "عليك بالاستغفار فإنه المنجاة".
وبهذا الإسناد قال: قال رسول الله (ص): "مَن كثر همومه فليكثر من الاستغفار".
ومن الآثار التي تنجي الانسان من العذاب والعقاب الذي ينتظره نتيجة اقترافه الذنوب هو الاستغفار فإنه خير وسيلة لنجاة الانسان في الدنيا والآخرة.
سابعاً ـ خير العبادة: قال الإمام الرضا (ع): خير القول لا إله إلا الله وخير العبادة الاستغفار.
ومن الطبيعي إذا استغفر الانسان ربّه قبل استغفاره سيكون عبادة من خير العبادات لأن الانسان لا يتمنى إلا هذه العبادة وهي العفو عن ذنوبه والتجاوز عنه.
ثامناً ـ مكفر للذنب: قال رسول الله (ص): "مَن ظلم أحداً ففاته فليستغفر الله له فإنه كفارة".
ولا شك أن الاستغفار هو كفارة لكل ذنب يصدر من الانسان حتى ولو فاته ظلم ظالم وعليه أن لا يترك الانسان ذنبه من دون أن يكفره بالاستغفار والعودة إلى الله تعالى والندم على ما فعل ويتجنب الإصرار عليه لأن الإصرار ذنب جديد يرتقي إلى الكبائر.
تاسعاً ـ الممحاة: إن الاستغفار بمثابة عملية المسح للذنوب وذلك حينما يلتفت الانسان إلى ذنبه فيستغفر ربه سبحانه وهو غاية اللطف الإلهي على عباده وهو الذي وصف نفسه بالغفور الرحيم.
عاشراً ـ ينفي الفقر: عن الصادق (ع) عن آبائه (ع) قال: قال رسول الله (ص): "مَن ظهرت عليه النعمة فليكثر الحمد لله ومَن كثر همّه فعليه بالاستغفار ومَن ألحّ عليه الفقر فليكثر من قول لا حول ولا قوة إلا بالله ينفي الله عنه الفقر.
إن الرواية الشريفة تتضمن أسباب نفي الفقر وهي الاستغفار وقول لا حول ولا قوة إلا بالله وقول الاستغفار يقابل شكر النعمة فكما إن النعمة تستحق الشكر فكذلك نفي الفقر يحتاج إلى الاستعانة بالله والاستغفار من الذنب.
الحادي عشر ـ خير الدعاء: عن أبي عبدالله الصادق (ع) قال: قال رسول الله (ص): "خير الدعاء الاستغفار".
وبهذا الإسناد قال النبي (ص): "أفضل العلم لا إله إلا الله وأفضل الدعاء الاستغفار".
إن الاشتغال بالاستغفار هو الدعاء بعينه بل أفضل الدعاء والتوجه إلى الله تعالى بغفران الذنوب وتكفير السيئات بل على الانسان إذا أراد أن يتوجه مخلصاً إلى الله سبحانه عليه أن يندم ويستغفر من ذنوبه ثم يناجي ربه بما يريد أي يعمل عملية غسل لذنوبه كي يصبح طاهراً ثم يتوجه بالدعاء والاستغفار عملية اعتراف بالذنب أمام السيد المولى جل شأنه.
الثاني عشر ـ يبدل السيئات: إن الله بالتوبة والاستغفار يبدل ما في صحيفته من السيئات كلها بالحسنات.
وقد قال الله تعالى في كتابه الكريم: (إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين) هود/ 114، وفي نص آخر قال تعالى: (إلا مَن تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات) الفرقان/ 70.
يستفاد من خلال هذه النصوص عظمة الاستغفار وما له من آثار تنفع الانسان في دنياه وآخرته وهذا هو الربح الذي يرتجيه الانسان ويسعى إلى تحقيقه لينال رضا الله في الدارين.
وكل ما ورد من ذكر الاستغفار التوبة يعطينا دليلاًَ واضحاً وبرهاناً قاطعاً على رحمة الله الواسعة وعطاياه الجزيلة لبني البشر عامة وأن لا يقنطوا من رحمته وأن هذا الاستغفار يقطع دابر القنوط واليأس بل يبث في الانسان بذور الأمل والرجاء ليبقى ملتفتاً إلى نفسه حينما يصدر منه الذنب فيبادر إلى الاستغفار والندم عليه لكي تبقى صحيفته متلئلئة ناصعة.
وبالاستغفار يبقى العبد على اتصال دائم بربه ويخشاه في كل عمل يقوم به صغيراً كان أم كبيراً وهذا هو الهدف من طلب المغفرة والاستغفار فإن الله تعالى يريد نجاة عباده وهو ينظر إليهم وهم لا ذنب عليهم خاشعين منيبين إليه يخافون عقابه.