اللهم صل على محمد وآل محمد

لنستكمل القصة التي باتت تترجم لنا هذه الحياة الغريبه في عالم آخر عالم البرزخ
عقوبة الرشوة
1- طرح الهموم على الزوجة

وبعد هذا الحوار, أدرك السيد تقريباً سراً عظيماً وندم كثيراً على ماضيه ومشى ونحو أشخاص كانوا قريبين منه وقال لأحدهم- وكان معلق من شفته ويداه ترتعشان-: ماذا جرى لك؟ لماذا تصرخ غلى هذا الحد؟ وكان الرجل الذي لم يكن يسمع صوت السيد من شدة الأنبين والصراخ, يقول مع نفسه:
زوجتي, لستِ هنا كي تشاهدين حالي المؤلم. لم أعلم القدرة في الدنيا وكنت أصي بوجهك غالباً وأضربك أحياناً نتيجة ذرائع واهية, واليوم أعف عني, وأطلبي من الله أن يعفو عن تقصيراتي. هل تذكرين أنه كان بيني وبينك مشاجرة حول كيفية الحياة وكنتِ غير مستعدة للأكل من المال الحرام؟ لا أنسى ابداً.
وفي هذه الأثناء انقطعت سلسلة أفكار السيد بعد أن سمع صوتا حاداً وكريها. حدق النظر إلى الفضاء لمعرفة اتجاه الصوت وتعجب حين رآى شكلا مرعبا كان طوله يبلغ حوالي مترين يضرب رأس ووجه الرجل المعذب بأشعة حمراء على شكل مورب وكان يؤذيه بشدة بكل كلمة يقولها ويرن صداها في الفضاء مع فتح وغلق عينيه.
وسمع السيد ذلك الشخص وهو يتحدث بلسان زوجته: (( أحمد. ألم أقل لك انني أحضر في جلسات درس العقائد. أن الارتشاء حرام ومن الذنوب الكبيرة مهما كان أسمه-لا تدع حياتنا تدار بمال حرام. وإذا تمت تغذية أطفالنا من الحرام فإن ذلك يؤثر في كيفية نمو شخصيتهم وتبلورها والخلاصة يؤثر في هويتهم الفردية وبنائهم الاجتماعي. لماذا يصبحون ضحية بسبب أخطائنا وتهاوننا؟ أن الله يعاقب في القيامة دافع الرشوة والمرتشي (كلاهما) عقوبة شديدة)).
وبعد انتهاء نقل القول هذا, هدأ الجو وأضاف الشخص المجهول: كم كنت لجوجا وكنت أقول دائماً: لا بأس في ذلك. إذا كان شخص مستعد أن يعطيني مقداراً ن المال أزاء أنجاز عمله أو يدفع أجرة من أجل الأسراع بانجاز عمله فما هي الحرمة في هذا العمل؟ وكنت تقولين...
وتكررت الحالة السابقة مرة أخرى ولم تكن الروح البرزخية في أمان من هجوم الأشعة المجهولة وبعد تحمل كل ذلك العذاب واصل التحدث بلسان زوجته: (( ان الناس يعملون ان ملفاتهم لا تأخذ طريقها إذا لم يدفعوا رشوة لك ولبعض الموظفين من أكثالك في الدوائر. وفي أثناء عملك تؤجل انجاز معاملات المراجعين حتى يضطر الناس حل مشاكلهم بالوساطة او بدفع الرشوة)). وبعد صمت قليل, ضرب الرجل المجهول رأسه بيديه وقال: يا ويلتي, كم من المشاكل اثرتها للناس!
وحين وصل في كلامه إلى هنا وكان سيد صادق يسمع كل كلامه وعيناه تحدقان, نهض من مكانه دفعة واحدة وصاح بلا إرادة: إيها الرجل المسكين, هل حقا ان زوجتك كانت مؤمنة بالله إلى هذه الدرجة وكانت تنهاك عن عملك القبيح؟!
فتاوه وقال: بلى ان أكثر المي هنا. كانت تلك المرأه المضحية تنصحني دائما وتذكرني بالنتيجة السلبية لأكل الحرام وعقوبة ذلك بعد الموت, ولكني كنت ارفض ذلك الكلام. ولم تكتف زوجتي بتحذيري من هذا البلاء الاجتماعي, بل كانت قانعة غير مسرفة كي لا أنجز إلى الارتشاء بسبب صعوبة العيش ومشكلة توفير نفقات إضافية.
2- كنت موظفا حكومياً
فقال سيد صادق: هل انتبهت الآن إلى ان هذا العذاب الذي تعاني منه هو نتيجة تلك الأموال التي تقول انك أخذتها من الناس رشوة؟
فقال الرجل المجهول: كيف لا اصدق بينما تدرك جميع ذرات كياني الصورة الحقيقة للعذاب. اني أرى الان باب جهنم مفتوحا أمامي وكل كياني يلتهب من حرارة نارها. ياويلتي, ماذا سيجري علي في يوم القيامة وماذا سيكون مصيري!
ومن أجل أكمال معلوماته قال سيد صادق متردداً: لا استطيع الان أن أصدق. كيف يمكن أعتبار المال الذي كان يعطيه الناس برغبتهم لغرض تمشية معاملاتهم رشوة يترتب عليها كل هذا العذاب؟
فهز الرجل المجهول رأسه علامة على استفهام انكاري وقال: قلت رغبة؟ أية رغبة؟ أين؟ لي غرض؟ اني لم أقل هذا. هذا قول الله ورسوله ان طريقة عملي وعمل أمثالي في بعض الموارد, أدت إلى اضطرار الناس غلى استخدام اسلوب الوساطة أو دفع الرشوة كي ياخذوا حقهم. وفي الحقيقة كنت وامثالي مقصرين حيث ارتكبوا هذا الذنب ولما آخذ راتباً شهرياً من الحكومة ازاء العمل الذي كنت أقوم به, فلا يحق لي بأي ذريعة أن آخذ مالاً من عباد الله فسأل صادق بتعجب: كنت موظفاً حكومياً؟
فقال متأسفاً: نعم, كنت خبيراً في شئون .. في دائرة... وكانت اجازات الكسب تصدر على ضوء رأي وتقييم أمثالي. كنت متشدداً في عملي, لا من أجل تنفيذ القانون بصورة صحيحة, بل كان غرضى من التحدث كثيرا عن القانون ان يعلم الناس أن مشاكلهم لا تح حتى يفرغوا الصرة-مثلاً- وطبعا كان في تلك الدائرة خبراء مؤمنين يؤدون وظائفهم ولم يكونوا على استعداد لخذ دينار من الناس. كانت بيني وبينهم مشاجرة دائماً حول هذه الاتاوة والارتشاء وكان وضع الناس سيئاً بسبب أعمالي المذمومة هذه. وحذروني مراراً من هذا السلوك غير الشرعي, ولكني كنت أنتقد اولئك الناس المخلصين من خلال تبرير وتاويل خاص وكنت اهددهم وادعوهم إلى عدم التدخل في تشخيصي وتقييمي.
فسأل السيد بقلق: لماذا لم تلتفت في ذلك الوقت حيث كان الجميع يحذرك من سوء عملك, اي انك لم تكن تفهم ماذا يقولون؟ فقال الرجل المجهول: كنت أفهم, ولكن سوء وحسن أعمال كل شخص بمستوى الإيمان الذي ينبع من قلبه, في حين ان كل شخص يجب أن يفكر بالحل (التوبة والجبران) فوراً بعد كل غفلة وارتكاب ذنب. وإذا لم يغلق الطريق على النفس الامارة بعد اول معصية وأصبح تكرارها عادياً يصبح قلب العاصي مظلماً ويقوم بتغطية على قبحة لنفسة وللأخرين بالتبرير والتأويل! وبناء على هذا, أفهم الآن جيداً, ماذا كان يقول اولئك المؤمنين ولماذا يصرون على تحذيري من ارتكاب الارتشاء وهو عمل مذموم ومخالف للشرع.

الى هنا نستوقف معكم القصه ونكمل بعد طلتكم علينا لنرى ماذا بعد ذلك وما حصل لهذا المجهول وما هي مسيرة حياته بالبرزخ؟؟
ربنا يبعدنا وياكم عن هذه الافة ويجعلنا ن توابين والمؤمنين

تحياتي