اللهم صل على محمد وآل محمد
لنستكمل معكم هذا الفصل من حياة البرزخ
8- تجسم الأعمال
وبعد هذا الجواب, حظر على ذهن السيد سؤال آخر فقال: كيف سيجري حساب أعمال الخلائق على كثرتها وكيف محاسبة الإنسان يوماً على جميع أعماله الصغيرة والكبيرة؟!
فتأوه الكهل وقال: ان أي من أعمال الإنسان في الدنيا لا يمحى وتقوم الملائكه بلا توقف ومن دون أن يعلم الإنسان, بتسجيل كافة أعماله حتى نواياه في أيام حياته بصورة حية وناطقة مثل شريط مصور. ومعنى ميدان الحياة المادية هو أن كل شيء في الكون في حالة تغيير مستمر في السير الكمي والنوعي نحو الكمال, فأما أن يتأثر بسائر الأشياء التي حوله أو يأثر فيها. وتقوم جميع الأشياء في الحقيقة في كل لحظه من خلال الفعل والانفعالات باظهار وقائع وتغييرات وجودها المختلفة وهذه التغييرات المترابطة لا يمكن مشاهدتها وادراكها بالعين العاديه والمادية.
وبعبارة اخرى, فإن كل شيء بمثابة جهاز تصوير اتوماتيكي لوجوده وكل تغيير كمي ونوعي في وجوده, صورة لوجوده ومظهر لتسبيحه وتقديسه لخالقه. وجميع هذه الصور النختلفة تبين في البداية تغييراته الكمية والنوعية بصورة حال (فعلية) من جهة, وتحافظ على تسجيل جميع وقائع حياته الماضية في مكان لا يرى أو سينما وجوده من جهة اخرى حتى يحين موعد ظهور وتجلي مرحلته اللاحثه في وقتها وتعرض بأمر الله.
ان الصور المختلفة, حرارة الجو وبرودته, نمو الورود والنباتات, نمو الكائنات, الولادة والموت في الطبيعة, والخلاصة من أعجب التغيرات الكبيرة في المنظومة الشمسية ومرور السنين والشهور والأسابيع والأيام وتعاقب الليل والنهار والفصول حتى أبسط مظهر تغيير كل كائن في الكون مثل زهرة التفاح الصغيرة وتغييرها بالتدريج إلى لون أصفر وأحمر في المرحلة النهائية كلها تعني صور التغيرات المختلفة للكائنات ومثال حي وواضح في ما يتعلق بهذه القضية.
وينبغي القول بهذا التعبير: ان عالم المادة كله صورة. صورة للتغييرات والحوادث والقبح والجمال والأعمال السيئة والأعمال الحسنه وغيرها. وبما أن جميع الأشياء في الكون خلقت بارادة الله ومشيته وكلها خاضعة لقدرته وعلمه وارادته وتسخيره وكل العالم محضر الله, فإنه ما تسقط من ورقة من شجرة, الا وضورتها محفوظة في الوجود عند الله والله يعلم بها.
وبما أن الأنسان مكلف ومسؤول وتقوم قواه افدراكية أو قواه العقلية إضافة غلى الغريزة بأعماله وأفعاله, فإن تصوير اعمال وأفعال وجوده يصبح أكثر حساسة, وكمل عمل خير أو شر يقوم به الأنسان, يحفظ بصورة غير مرئية في أرشيف وجوده حتى انتهاء عمره وغلق ملف أعماله في الدنيا, وحين يقع هذا الحادث الحتمي وينتهي عمل العين المادية للأنسان. يبدأ عمل عينيه البرزخية ومنذ هذا الوقت يرى الانسان أعماله المحفوظة.
وفي الحقيقة نزول ستارة جهل الانسان بعد موته ويشاهد ويدرك في صورة عامة كل ما قام به حياته المادية سواء كانت سرية او معبراً عن أعمال الشر التي قام بها في حياته سواء كانت سريه أو علينة, وبنء على هذا فهذا المكان عالم البرزخ, الذي يعني عالم الكشف والشهود.
وتظهر صور أعمال الإنسان الدنيوية في هذا العالم بصورة مجسمة ومشهودة وتضاف إلى حسابه باستمرار ما تبقى من أعمال بعد حياته, مثل الصدقة الجارية, البدعة وكل سيئة وحسنة اسسها وتدخل في ملفه حتى يحين يوم تبلى السرائر (يوم القيامة) وتطبع وتظهر جميع أعماله على شكل أجزاء صغيرة وكبيرة بصورة اتوماتيكية على شكل انعكاس مجسم ويعرض قبح وحسن أعمال كل شخص في صورة ناطقة في يوم القيامة أمامه وأمام جميع الخلائق.
وتحرك سيد صادق قليلا وقال: لقد فهمت الآن ماذا يجري هنا. بلى, صحيح, ان عالم البرزخ يعني مرحلة انتظار أو بتعبير آخر أعتقال مؤقت حتى يوم القيامة, لغرض انعكاس أعمال الدنيا بصورة عينية وعرضها بشكل ملموس. والمكان البرزخي بمثابة معتقل أو مكان اقامة مؤقتة, لغرض تشكيل وتنظيم الملف والمحافظة عليه من أجلب الأستفادة في محكمة القيامة حيث يتم ترتيب مستنات ووثائق كل شخص وتهيأ لغرض الطرح في الجلسة النهائية للمحكمة, ولهذا إذا ترك شخص صدقة جارية أو قام الأحياء, سواء من أقربائه أو من غير أقربائه بأعمال خير ثوابا له او استغفروا له, أو بالعكس إذ ا باشر بفعل شر أو تم بقصد سوء وخطة من قبله وكانت له نتيجة لاحقة فانها تسجل باسمه بعد الموت حتى آخر ورقة مستند حسنة أم سيئة وتدخل في ملف عمله. وبناء على هذا لا يمكن لإي شخص أن ينكر عمله في البرزخ, لأنه يشاهد بنفسه في هذه المرحلة خير وشركيانه بصورة وثائقية, كي يتعرض في يوم القيامة إلى المحاشبة والمؤاخذة النهائية على أساس ذلك المستند الناطق, أليس كذلك؟
أدرك الكهل أنه أدى مسؤوليته وعمل بتعهده وفهم أن سيد صادق أدرك إلى حد ما موضوع تجسم الأعكال, فشعر بقيل من السكون قال: أجل.
ولغرض التأكد قال سيد صادق مرة أخرى: عجيب, أنت إذن مت أيضاً!
بلى, قلت سابقاً إنني وجميع هذه الأرواح قد متنا.
إذن نتيجة أعالك أدت بك إلى تصبح بهذا الشكل, أليس كذلك؟
بلى, لقد فهمت بصورة صحيحة. لم أكن بهذه الهيأة القبيحة حينما كانت حيا.
ويمكنك بعد العودة أن ترى صوتي الدنيوية الموجودة في منزلنا وتخمن ماذا جرى علي حتى الآن.
وسأل سيد صادق مرة ثانية عن مصير ذوي الأعمال السيئة وقال: هل من الممكن أن يتخلص هؤلاء يوماً من هذا الهول والخوف؟ بلى, من الممكن, أن يتخلص هؤلاء الذين تراهم, يرجون لطف الله وفضله حتى يوم القيامة حيث تتم المحاسبة على الاعمال وبعض ذوي الاعمال السيئة هؤلاء لا ينجون أبدا من هذه المهلكة حتى ذلك اليوم.
وتذكر سيد صادق ان الكهل قال بأنه لا يزال حيا, وبغية أن يرتاح باله, كرر هذا السؤال مرة أخرى وقال: هل انني حي حقا؟
- اطمئن أنت حي, لأن الإنسان الحي تلتقي أثناء النوم وهي محلقة بسائر الأرواح الحية والميته في فضاء المجردات خلال ظروف, وهذه المرة حيث وقعت حادثة بالتأكيد, أوصتك روحك المضظربه إلى هذه المرحلة وإلى هذه الديار، ديار ذوي الأعمال السيئة, برزخ أهل المعاصي وقاطع سيد صادق الكهل وسأل بشك مقرون بقلق: قلت, برزخ أهل المعاصي؟!
فأجاب: بلى, قلت سابقا برزخ أها المعاصي. وكل ما قلته لك حتى الآن ونحن لا نعرف عن المكان شيئا بسبب الحرمان والمحدودية, وندرك أحيانا من خلال تجوالهم غير المحدود ماذا يجري عليهم هناك وماذا نعاني نحن هنا. بلى ان مكانه ظاهر. واسم ذلك المكان وادي السلام, مكان للناس المتقين. ويسمى ذلك المكان وادي أيمن أيضا والشهداء وذلك المكان ولهم مكانة خاصة وهم في حالة سرور وبهجة دائما بسبب الحرية والسفر في مختلف عوالم البرزخ والتمتع بنعم الله الخاصة. ويعة سور اولئك الكرام المحسنين وفضائهم الروحي في البرزخ ليست لها نهاية. ونتيجة خضوع العباد المخلصين لله, وتضحية الشهداء بأنفسهم في سبيل الله أخدذوا مأوى اليوم في جنة الله البرزخية الخاصة وهم ضيوف يحبهم الله دائما يلتذون من نتيجة أعمالهم الحسنة في الدنيا.
إذن ما قلته لد حتى الآن وقد رأيت قسما منه واكتشغته, يتعلق ببرزخ أهل المعاصي والتقت روحك هذه الليلة بأرواح هذه الليلة بأرواح هذه الفئة من الأموات فقط. ولا تتنسى انني قلت بدنك في ذلك العالم حي وستعود إلى المكان مرة ثانية بسبب الارتباط به.
فقال سي\ صادق: هل يمكنني ان اتكلم مع هؤلاء الذين يضجون ويئنون – مثلك -؟ فقال الكهل: حسب الظروف. قد لا يمكنك مع بعضهم, ولكن يمكنك أدراك ما يجري عليهم من خلال مشاهدة حالهم المؤلم.
وبهذا ننتهي من الفصل الثاني اتمنى ان تنال اعجابكم وان تنالو العبره منها ونبتدي باذن الله مع الفصل الثالث وعقوبة الرشوه