اللهم صل على محمد وآل محمد
اشكر جميع اخوتي الذين شاركو بالقراءه والتشجيع
فلنواصل معكم هذه السلاسل لعلنا نتعظ ونرى شيء بسيط من هذا العالم الغريب كيف يكون وكيف نحن فيه
البرزخ مرحلة انتظار
وبعد هذا الايضاح من قبل الكهل ازداد الغموض لدى سيد صادق وكان يستمع لكلامه بكل حواسه. وفجأه لفت انتباهه صراخ مؤلم. ولما نظر نحو أصحاب الصوت رآى مشاهدهم السيئه, قاطع الكهل وقال مرة ثانية بكلمات منقطعة: لم تقل حتى الآن هل أن تلك الهياكل المتغيرة, بشر؟ هل .... هل أنهم كانوا بشراً ذات يوم ومسخوا وأصبحوا في هذا الحال نتيجة الذنوب والتمرد على أوامر الله؟
فقال الكهل: أجل أن كل اولئك كانوا بشرا. كلهم كانو بشرا ذات يوم مثلك ومثل جميع الأحياء من بني آدم. وهم يمرون في مرحلة برزخهم بعد الموت والانتقال من عالم الاحياء. ان عالم البرزخ عالم الانتظار. وجميع الاموات ينتظرون صدور أمر الله ويظهر موت وحياة أخرى ينفخ صور اسرافيل ويحين يوم القيامة ويحضر جميع الاموات إلى المحشر لمحاسبتهم على أعمالهم بصورة دقيقة ونهائية. ولم يتضح حتى الآن ما هو المصير النهائي لهؤلاء الأموات. ولا يعلم شخص متى تنتهي مرحلة البرزخ ومتى تقام محكمة البث في ملف أعال الخلائق ( القيامة الكبرى).
وبعد ان سمع السيد هذه الايضاحات لم يستوعب مفهوم مرحلة البرزخ وكيف تمتد مرحلة البرزخ بمقدار بداية حتى نهاية الدنيا, وبناء على هذا سأل الكهل: لا يعلم أب شخص منذ بداية خلق الأنسان حتى الأن كم هو عمر الدنيا وكل هؤلاء الناس جاؤا وبقوا مدة الدنيا وذهبوا. ولم يبق من أكثرهم (لعله) أي أثر وتدل الكشفيات التي عثر عليهم على ان الخلائق كثيرة عاشت في الدنيا خلال ملايين السنين. حقاً كم مليون سنة تمتد مرحلة برزخ الذين جاؤا وذهبوا والذين من غير الواضح متى يأتون ويموتون؟ يبدو غير مقبولة بالنسبة لذهن الأنسان. كيف يمكن..
فأجاب الكهل من دون تأخر: ان فهم هذه المسألة غير ممكن بالنسبة لك حيث تمر في نشأة أخرى وتقيس الزمان بلحظات تلك النشأة. ان الله تعالى بين لبعض الأفراد في الدنيا مرحلة البرزخ باشكال مختلفة. وقصة موت عزير, الذي اماته الله مائة عام ثم أحياه وظن انه نام يوميا واحدا أو أقل من ذلك الزمان وقصة حياة أصحاب الكهف الذين ناموا نومة برزخية أكثر من ثلاثمائة سنة وبعد أن استيقضوا تصوروا انهم في الغار يوماً واحدا أو أقل, كل هذه تؤيد هذه المسألة.
واضرب لك مثالاً: ان الإنسان الحي, يكون في حركة باستمرار في حالة اليقضة ولا يمكنه على حالة واحدة دائماً, ولكنه حين ينام لساعات في حالة سكون. ويرغب الإنسان أحياناً بسبب عمل ينوي القيام به ينام ساعة واحدة, بيد انه حينما ينام قد يستغرق نوم هذا عدة ساعات من دون أن يعلم. تصور ان هناك شخصيين احدهما مرتاح البال وليست لديه مشكلة, هذا الشخص حين يذهب إلى النوم, ينام بسهولة, ويظل في حالة نوم جيدة حتى نهاية ليلة طويلة, وأما بالنسبة للشخص الآخر الذي يعاني من مشكلة أو قلق شديد, فإنه يعيش في حالة توتر واضطرب, وحينما يذهب إلى فراش النوم لا يستطيع أن ينام جيداً وقد يظل ساعات وأحياناً حتى الفجر في حالة نوم منقطع. ومن البديهي ان مدة زمن نوم الشخصين ليست واحدة بالنسبة لهما, بسبب ان أحدهما في حالة توتر نفسي والآخر في حالة هدوء طبيعي.
وزمان مرحلة البرزخ ليس متساويا بالنسبة لكل الأموات, فالذين يقضون مرحلة عذاب روحي وتعذيب برزخي نتيجة شدة التعلق بالدنيا وسوء أعمالهم, يكون الزمان بالنسبة لهم طويلا, والين كان تعلقم بالدنيا وسؤء أعمالهم, مسبقا بالرحلة إلى الدار الآخرة, تكون فترة انتظارهم في البرزخ في أدنى حد, حوالي ثلاثة أيام على أساس المستندات الموجودة لأولياء الله الموجودين في وادي السلام وبسبب السكون الذي يتمعون به. ثم خلق الله الأشياء في الكون على هيئة مترابطة يسودها قانون الأسباب والعلل, وجعلها في خدمة بعضها الأخر من خلال التأثير المتبادل ولا يعلم بالتأثيرات غير المشهودة للظواهر غير ذات واجب الوجود. وعلى هذا الأساس (لعل) ملف الأموات السالفين مرتبط بملف آخر شخص يموت في آخر لحظه أثناء صور اسرافيل, على أساس رابطة العلل والاسباب وتأثير تاثر الظواهر في بعضها الآخر ويؤثر في ثوابها وعقابها.
وبعبارة أخرى, فإن الله الرحيم جعل كل هذه التجهيزات والعلائم الساطعة المختلفة من الشمس إلى القمر والكواكب من أجل تنظيم حياته ليلا ونهارا, اضافة الانسانية حتى مرحلة الكمال وخلق كل هذه الأسباب والعلل السماوية والأرضية, البرية والبحرية وسيلة للحصول على الرزق وأرضية لنيل سهل لغرض الطعام واللباس وموجبة لراحتهه ورفاهة. والخلاصة وضع كل الطبيعة تحت تصرفه مجانا كي يستفيد منها بالمقداراللازم, فلا يسرف ولا يبذر في الاستفادة منها ولا يتجاوز أبدا حدوده حتى بلوغ الهدف الأساسي من الحياة, ولا يظلم نفسه والآخرين ويحترم حدود الله والناس. والله يعلم ماذا يحدث في ساحة سباق الاختبار ومن سيفوز في نهاية الحياة وينال الجائزة الالهية (الكمال).
ان جعل جميع الأشياء في الكون خدمة الإنسان مجانا لا يعني ان كل شخص له الحق في أن يستفيد منها بأي شكل يريد, ولا يعرف تكليفه. ان يغفل ولا يتهاون في وظيفته. ان السحاب والرياح والضباب والشمس والفلك تعمل كي يستفيد الإنسان منها ولا يغفل ولا يتهاون في وظيفته. وبعملية حساب بسيطه فإن جميع الناس من امرأة ورجل, شيخ وشاب, جيل قديم وجديد, منذ البداية حتى اليوم, مختلف الشعوب, مختلف الاعراق, كلها مدانة للكون وصاحبه ومخلوقاته وكلها لها حق في الكون بنسبة حاجاتها. فإذا لم يلتفت الإنسان إلى هذا الحساب البسيط للأسباب والعلل ولم يعرف الفباء الحياة, وتجاوز حدوده ذرة يكون مدانا للجميع. بلى للجميع, وإذا لم يدفع غرامة في تلك الدنيا فيجب أن يحاسب حسابا دقيقاً في مكان. أين ذلك المكان ومتى يحين ذلك الزمان؟
ويستفيد كل الناس في جميع الاجيال وفي جميع العصور, من الماء والتراب والهواء والمصادر والمعادن والخلاصة كل ما وضع تحت تصرف الإنسان مجانا وفي السماء والأرض, بمقدار حب الزيادة أو الحرمان وعلى أساس الاقتصاد أو الاسراف, الاحسان أو الاساءة, اتقان العمل أو الاهمال في العمل, انصاف أو التجاوز, وقد سلكوا الطريق الصحيح على أنفسهم وعوائلهم أو في ما يتعلق بجيرانهم وأبناء عصرهم وحتى في ما يتعلق بجيلهم أو جميع الاجيال, ويجب أن ينتظروا أنهم سوف يحاسبون يوماً, حسابا دقيقاً وهذا وعد الله للانسان. يجب أن ينتظر الجميع, سواء الذين جاؤا وذهبوا أو الاحياء أو وعد الله للانسان. يجب أن ينتظر الجميع, سواء الذين جاؤا وذهبوا الاحياء أو الذين يأتون في ما بعد, وتلتقي الأجيال والعصور في يوم القيامة.
فقال السيد بشعور خاص: لقد فهمت قليلاً, استمر في الكلام وأضاف الكهل: أدل, أن إيمان الناس, هلاك الناس في النزاعات والحروب, الخطوة الاولى في العمران والخراب, وأعمال الخير, تأسيس أساس الظلم والجور, تأسيس المنظمات الخيرية, تأسيس عصابات المخدرات وكل حادثه خير وشر فردية واجتماعية وغيرها وكل واحدة منها تقع في الدنيا في فترة زمنية خاصة حتى الاجيال اللاحقة, تؤثر في مصير الأجيال القادمة بمقدار سعة أعمال الخير والشر وأهميته. وبناءً على هذا يجب البت في هذه كلها يوماً وعطاء جزائها وثوابها لمن قام بها, وكما ان حضور الشهود والمتهمين في المحاكم الزامي من أجل الدفاع واصدار الحكم النهائي, كذلك تحضر جميع الخلائق في المحكمة النهائية (القيامة) وتتم الحجة على أساس أعمال الناس ويتضح التكليف النهائي لهم من أجل استيفاء الحقوق المصادرة للمحرومين واعطاء أجر الناصحين.
والناس الذين عاشو في هذا العالم الترابي المحدود, مدة مقررة, رحلو إلى مكان آخر بأمر الله كي يفسح المجال لحياة الأخرين ويعيشون في ذلك المكان ( البرزخ) بسكون أو اضطراب بما يناسب أعمالهم السيئة والحسنة, وينتظرون التحاق سائر أعضاء قافلة البشر بهم بوصفهم لاحقين ويصدر حكم نهائي بشأن كل واحد. وبناء على هذا يبدأ البرزخ من حين انفصال الروح عن الجسم المادي وعلى اساس نوع الاعمال التي قام بها كل شخص في الدنيا حتى يوم القيامة يذوق طعمها المر أو الحلو ويمر بهذه المرحله بالاكراه.

الا هنا نقف اخوتي لتابع بعد ذلك تجسم الاعمال ومراحل آخر وفصول اخرى من حياة البرزخ
تحياتي