بغداد: حمزة مصطفى «الشرق الأوسط» - قطع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الشك باليقين عندما أعلن نيته وبشكل صريح الترشح لولاية ثالثة رئيسا للوزراء وسط معارضة قوية من خصمه داخل التحالف الوطني التيار الصدري والقائمة العراقية خارج هذا التحالف.
وقال المالكي في تصريحات متلفزة مساء أول من أمس إنه «إذا أراد الشعب وحققنا الكتلة النيابية الأكبر كدولة قانون داخل التحالف الوطني فسوف أرشح نفسي لولاية ثالثة». وبينما أيد المالكي حصول تغيير في المناصب السيادية العليا (رئاسة الجمهورية والوزراء والبرلمان) في حال حصلت تحالفات بين الكتل السياسية عابرة للعرقية والطائفية فإنه اعتبر أن «منصب رئيس الوزراء في حال لم تحصل تلك المتغيرات سيبقى محسوما للمكون الشيعي».

وتأتي تصريحات المالكي بشأن ترشحه لولاية ثالثة بعد نحو أقل من شهر على قرار المحكمة الاتحادية العليا بشأن عدم قبول الطعن المقدم من كتل سياسية بشأن تحديد ولاية الرئاسات الثلاث، وذلك لحاجة ذلك إلى تعديل في الدستور العراقي. لكن التيار الصدري الذي يتزعمه مقتدى الصدر لا يزال يرفض بشدة استمرار المالكي في منصبه، وذلك من أجل قطع الطريق أمام بروز ديكتاتورية جديدة في البلاد.

ويرى مراقبون سياسيون في العاصمة العراقية أن إعلان المالكي نيته الترشح لولاية ثالثة بشكل لا لبس فيه لأول مرة سوف يشعل فتيل المعركة الانتخابية مبكرا، لا سيما بعد إلزام البرلمان العراقي مفوضية الانتخابات بإجراء الانتخابات في موعدها المقرر في الثلاثين من أبريل (نيسان) المقبل القادم دون تأجيل، وذلك على إثر الخلافات الحادة بشأن قانون الانتخابات.

وعلى صعيد الاتهامات الموجهة إليه من خصومه السياسيين بشأن طلبه الدعم من الولايات المتحدة الأميركية لولاية ثالثة خلال زيارته المقبلة إلى واشنطن نهاية الشهر الحالي، قال المالكي إنه «لم ولن» يطلب من الأميركيين أو أية دولة أخرى أن تدعمه لولاية رئاسية ثالثة. وأضاف المالكي: «خلال زيارتي المرتقبة للولايات المتحدة الأميركية سأناقش تقوية وتمتين العلاقات بين البلدين»، مبينا أن «قوة العراق تعتمد على تقوية علاقاته مع أميركا وبقية دول العالم، وهذه هي رسالتنا التي سميناها سياسة الأبواب المفتوحة».

وبشأن موضوع التسليح مع الولايات المتحدة، قال المالكي إن «التسليح الأميركي للعراق بطيء سواء كان في تجهيز طائرات (إف 16) أو حتى في الأسلحة البسيطة»، عازيا ذلك إلى أن «الشيء المنظور في القضية هو أن آلية الاتفاقات التسليحية عند الجانب الأميركي تخضع لبيروقراطية مكثفة حيث تعتمد على موافقة الكونغرس ووزارة الخارجية، فإذا كان الكونغرس منقسما فإن ذلك ينعكس على اتفاقاتهم التسليحية». ورجح المالكي أن «تكون هناك حسابات أخرى عند الجانب الأميركي لا نعرفها نحن، حيث قد تدخل في عملية تسليح العراق حسابات سياسية متعلقة بالمنطقة»، مشيرا إلى أن «هنالك جوانب غير منظورة في قضية التسليح، منها أن بعض الشركاء السياسيين دائما يتحدثون مع الأميركان بضرورة عدم التسليح»، في إشارة ضمنية إلى القيادات الكردية. ومن جانبه أكد عضو البرلمان العراقي عن ائتلاف دولة القانون إحسان العوادي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «رئيس الوزراء سواء كان المالكي أو غيره هو مرشح الكتلة البرلمانية الأكبر سواء تشكلت قبل الانتخابات أو بعدها، وبما أن الكتلة الأكبر تكاد تكون محسومة للشيعة بأن رئيس الوزراء منها»، مضيفا أنه «من داخل هذه الكتلة التي هي الآن التحالف الوطني لا بد أن يأتي رئيس الوزراء من الكتلة الأكبر داخل هذه الكتلة، سواء كانت دولة القانون أو التيار الصدري أو المجلس الأعلى الإسلامي». وأكد العوادي أنه «حتى في ظل هذا الجو فإن رئيس الوزراء المرشح يحتاج إلى توافق سياسي حتى يكون مقبولا من كل الأطراف كما يفترض أن يكون مقبولا من الأطراف الإقليمية، لأنه سيكون في تماس مع دول المنطقة مثل إيران وتركيا والسعودية، فضلا عن الولايات المتحدة الأميركية».

وبشأن الربط بين زيارة المالكي المقبلة للولايات المتحدة الأميركية وبين الولاية الثالثة قال العوادي: «لا يوجد أي ربط بهذا الاتجاه على الإطلاق، ولكن هناك ملفات هامة تتصدر زيارة المالكي، أبرزها ثلاثة ملفات هي القضية السورية، خصوصا بعد التغيير في الموقف الأميركي من الدعوة إلى الحسم العسكري إلى البحث عن حلول سياسية والتقارب الأميركي - الإيراني، وعلاقة ذلك بالعراق وملف التسليح»، مؤكدا أن «العراق لم يتسلم من الولايات المتحدة الأميركية طلقة تسليح واحدة ما عدا دبابات إبرامز، وبالتالي فإن هذا الموضوع سيكون حاضرا بقوة في مباحثات المالكي مع الإدارة الأميركية».