النتائج 1 إلى 2 من 2
الموضوع:

طبيعة سلطات مجلس الأمن طبقاً للفصل السابع من الميثاق ومدى تطبيقها على حالة العــراق

الزوار من محركات البحث: 188 المشاهدات : 1353 الردود: 1
جميع روابطنا، مشاركاتنا، صورنا متاحة للزوار دون الحاجة إلى التسجيل ، الابلاغ عن انتهاك - Report a violation
  1. #1
    من أهل الدار
    الصبر كميل يا زكية
    تاريخ التسجيل: August-2012
    الدولة: مُرني
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 14,201 المواضيع: 2,060
    صوتيات: 2 سوالف عراقية: 0
    التقييم: 6137
    مزاجي: كده..اهو ^_^
    آخر نشاط: 16/July/2024

    طبيعة سلطات مجلس الأمن طبقاً للفصل السابع من الميثاق ومدى تطبيقها على حالة العــراق

    طبيعة سلطات مجلس الأمن طبقاً للفصل السابع من الميثاق ومدى تطبيقها على حالة العــراق

    د. جعفر خزعـل جاسم المؤمن تمهيـــد : ادى فشل منظمة عصبة الامم في معالجة المنازعات والمشاكل الدولية الى المطالبة الدولية بإنهائها وانشاء تنظيم دولي جديد قادر على استيعاب المرحلة التي اعقبت الحرب العالمية الثانية . وقد توجت الجهود المبذولة بالفعل بالتوقيع عام 1945 في مدينة سان فرانسيسكو الامريكية على ميثاق الامم المتحدة من قبل ممثلي خمسين دولة ( انذاك)، تضمن جملة مبادئ اساسية وجوهرية في العلاقات الدولية ، لعل من ابرزها تحريم استخدام القوة او التهديد بإستخدامها في العلاقات الدولية ، والمساواة في السيادة بين جميع الدول صغيرها وكبيرها وغنيها وفقيرها ، واحترام سيادة كل دولة واستقلالها السياسي وسلامة اراضيها ، واللجوء الى الحلول السلمية في حل المنازعات الدولية ، وارساء وتدعيم فكرة التعاون الدولي، وانماء العلاقات الودية في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها من المجالات بين الامم والشعوب ، فضلاً عن تكريس وتنظيم فكرة الامن الجماعي فيما بينها على صعيد حفظ السلم والامن الدوليين (1) . وقد تكونت منظمة الامم المتحدة التي انشأها هذا الميثاق من عدد من الاجهزة والهيئات الرئيسة(2)، لعل من ابرزها واهمها جميعاً مجلس الامن الذي عهد اليه مهمة الاضطلاع بأعباء حفظ السلم والامن الدوليين في جميع مايتصل بها من مواضيع ، وهي المهمة الاولى والاساسية التي قامت عليها فكرة انشاء هذه المنظمة(3) . واذا كانت اعمال مجلس الامن قد سارت طيلة الحرب الباردة بين المعسكرين الاشتراكي والرأسمالي على وتيرة واحدة ونمط متوازن الى حد ما في مواجهة المشاكل والمنازعات والازمات الدولية ، فأن هذا المسار قد تغيرعلى نحو خطير بعد انتهاء هذه ا لحرب بإنهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991 وظهور ما يسمى بالنظام الدولي الجديد ، وبروز الولايات المتحدة الامريكية كدولة عظمى وحيدة في العالم ، واستفرادهــــــا والــــدول الدائرة في فلكها من اعضاء مجلس الامن في القرارات المصيرية للعالم الصادرة عن هذا المجلس، بل وازدواجية التعامل في القضايا الدولية المتشابهة بحسب مصالح هذه الدول . وهذا مايبدو واضحا في الطريقة التي يتعامل بها المجلس ( في ظل الهيمنة الامريكية ) مع القرارات المتعلقة بأسرائيل ، اذا ما قارناها مع القضايا التي تخص العراق أو فلسطين أو لبنان أو ايران أو أية دولة اخرى من الدول العربية أوالاسلامية ، سواء في أوقات النزاعات الدولية المسلحة ، أم عند بحث الملفات الخاصة بالاسلحة النووية ، أم عند التصدي لقضايا الارهاب الدولي أو ماتسميه الولايات المتحدة بالدول المارقة أو الخارجة عن القانون أو دول محور الشر أو تصنيفها ضمن قائمتها السوداء ... الخ . كما يبدو جليا أيضا في الاسلوب الذي تعامل به المجلس مع حالة العراق منذ نشوء أزمة الكويت في الثاني من آب عــــــــام 1990 ، والكيفية التي أصدر فيها القرارات العديدة بشأن هذه الحالة ، وطبيعة أحكام هذه القرارات وظروف اصدارها ، بصرف النظر عن مسألة مشروعية أو عدم مشروعية الاعمال التي قام بها النظام السابق داخليا أو دوليا (4) . لقد صدرت هذه القرارات في مجملها ، استنادا الى أحكام الفصل السابع من الميثاق وخلال فترة زمنية قصيرة نسبياً ، ضمن اطار مفهوم واسع وغامض وغير منضبط لمبدأ الحفاظ على السلم والامن الدوليين ، ابتعد كثيرا ً عن الاهداف والمقاصد والمبادئ التي تأسست على مفاهيمها منظمة الامم المتحدة . وقد تضمنت هذه القرارات تدابير واجراءات متعددة ومتداخلة ومعقدة احياناً ، تناولت مسائل شتى ، لم يسبق لمجلس الامن ان تناول بعضها بالشكل والمضمون والكيفية التي صدرت بها أوبموجبها . الامر الذي اثار ويثير جملة من التساؤلات القانونية . منها ما يتعلق بمدى السلطات التقديرية الممنوحة لهذا المجلس طبقاً للفصل السابع ضمن مهمته الرئيسة في حفظ السلم والامن الدوليين ، وما اذا كانت احكام الميثاق تنص على قيود ترد على هذه السلطات أورقابة تحد من اطلاقها . وبغية الاحاطة بجوانب هذا الموضوع ودراسته بشكل قانوني واكاديمي قبل كل شيء ، ارتأينا تقسيم بحثنا على مطالب ثلاثة . يعنى الاول ببيان طبيعة السلطات التقديرية الآنفة الذكر. فيما يتناول الثاني القيود والرقابة التي ترد على هذه السلطات . اما الثالث فقد خصصناه لدراسة حالة العراق في ضوء القرارات التي اعقبت مرحلة التغييرالسياسي فيه عام 2003 ، بالنظر لأهميتها في الوقت الحاضر والمستقبل . المطلب الاول طبيعة سلطات مجلس الامن في ضوء احكام الفصل السابع يمكن القول بأن الاختصاص الاول لمجلس الامن والمهمة الاولى له هي تلك المتعلقة بحفظ السلم والامن الدوليين(5) . واستناداً لذلك ، جرى تحديد سلطات المجلس طبقاً لأحكام ميثاق الامم المتحدة على الوجه الآتي :- اولاً : سلطات المجلس فــي حل المنازعات الدوليــة بشكل سلمي طـبقاً للفصـل السادس . ثانياً : سـلطات المجلس فـــي اتخـاذ الاجراءات الملائمة فــي حالات تـهديد السـلم الدولي والاخلال به او حالة وقوع العدوان طبقاً للفصل السابع . ثالثاً : سلطات مجلس الامن في استخدام التنظيمات الاقليمية لحماية السلم والامن الدوليين طبقاً للفصل الثامن . رابعا : سلطات المجلس في تطبيق نظام الوصاية طبقاً للفصل الثاني عشر . ولا شك ان السلطات الممنوحة لمجلس الامن طبقاً لأحكام الفصل السابع ، تعد من اهم هذه السلطات واخطرها شأناً على الاطلاق . وذلك للأسباب التالية : أ : تتضمن الاجراءات الصادرة وفقا لها عنصر الاجبار او القسر ، بإعتبارها قرارات لجميع الدول ، يعتمدها المجلس في حالات تهديد السلم الدولي او الاخلال به حقيقةً أو وقوع عدوان ، وليست توصيات وقائية اولية غير ملزمة يتخذها المجلس لمنع تفاقم موقف دولي متأزم او احتكاك دولي ، كالتي تتضمنها احكام الفصل السادس . فضلاً عن انها تختلف عن الاجراءات الصادرة بموجب أحكام الفصل الثامن كونها اجراءات تنفيذية ، ونفس الشيء يقال بالنسبة للسلطات الممنوحة للمجلس بموجب احكام الفصل الثاني عشر . ب : يتمتع مجلس الامن طبقاً لأحكام الفصل السابع من الميثاق ، وبموجب ولايتـــــــه العامة على الدول الاعضاء ، بسلطات تقديرية واسعة جداً بل وخطيرة ضمن اطار مهمته الكبرى في حفظ السلم والامن الدوليين . وعلى حد تعبير مقرر اللجنة الثالثة لمؤتمرسان فرانسيسكو الآنف الذكر ( فأن هذه السلطات الواسعة تمثل تطوراً تاريخياً عظيماً ). وتعتبر هذه السلطات اهم ما يميز نظام الامم المتحدة بالمقارنة مع نظام عصبة الامم السابق عليه ، الذي لم يكن يضفي على قرارات مجلس العصبة بهذا الشأن اية صفة الزامية ، وانما كان يعتبرها مجرد توصيات غير ملزمة للدول المعنية ، ان شاءت قبلتها وان شاءت رفضتها (6) . وليس ادل على ذلك من ورود عبارات تضمنتها هذه الاحكام بهذا السياق من قبيل : يقرر مجلس الامن ... ، يتخذ مجلس الامن ... ، لمجلس الامن ... ، له ان يطلب الى الاعضاء ... ، اذا رأى مجلس الامن أو جاز له ... ، يحدد مجلس الامن ... ، للمجلس الحق في ان يتخذ في أي وقت ما يرى .... الــخ . ويمكن تقسيم السلطات التي يتمتع بها المجلس طبقاً لأحكام الفصل السابع على الفروع الآتية : الفرع الاول : سلطة المجلس في تقريرما اذا كان قد وقع يعد تهديداً للسلم الدولي اواخلالاً به ، أوانه من اعمال العدوان ، واتخاذ التوصيات أوالتدابيراللازمة لتفاديه اولمنـــع تفاقمه (7) . الفرع الثاني : سلطة المجلس في اتخاذ الاجراءات الخالية من استخدام القوات المسلحة (8) . الفرع الثالث : سلطة المجلس في اتخاذ الاجراءات المتضمنة استخدام القوات المسلحة لحفظ السلم والامن الدوليين او اعادتهما الى نصابهما أو قمع العدوان (9) . وفيما يأتي بيان موجز عن كل من هذه السلطات الثلاث : الفرع الاول : فبصدد سلطة مجلس الامن في تقرير ما اذا كان قد وقع يعد تهديداً للسلم اواخلالاً به او انه من اعمال العدوان . نجد ان نص المادة 39 من الميثاق وهي المدخل الى مواد الفصل السابع ، يفيد بأن سلطات المجلس بشأن حماية السلم والامن الدوليين او اعادتهما الى نصابهما ، يعد من اهم واخطر السلطات او الاختصاصات التي يتمتع بها لتحقيق هذه الغاية ، بالنظر الى سعة السلطات التقديرية هذه ، وطبيعة الاجراءات المنبثقة عنها . فالمجلس هو الذي يقرر ان نزاعاً او عملاً دولياً ما يعد تهديداً للسلام العالمي او انتهاكاً له بالفعل ، او انه يعد من قبيل الاعمال العدوانية المحرمة في القانون الدولي حتى في ظل تعريف العدوان الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1974 (10) . هذا بالطبع اذا ما فشلت الاجراءات الصادرة عن المجلس طبقاً للفصل السادس في انهاء وحسم مثل هذه المنازعات او المواقف الدولية المتأزمة التي يهدد استمرارها السلم والامن الدوليين (11) . فعموم نص م 39 وخلـــوه من أي تقييد او رقابة ، اعطى للمجلس سلطات واسعة في تقرير وتقدير هذه المسائل . فاليه يرجع القول الفصل بوجود او عدم وجود تهديد للسلم العالمي او اخلالاً به او وقوع عمل عدواني . واذا قرر المجلس تكييف النزاع او الموقف على هذا النحو ، فله ان يقدم توصياته او يقرر ما يجب اتخاذه من التدابير طبقاً لأحكام المادتين 40 و41 من الميثاق لحفظ السلم والامن الدوليين او اعادتهما الى نصابهما . وله قبل هذا وذاك ، ان يدعو الاطراف المتنازعة الى الاخذ بما يراه ضرورياً او مستحسناً من تدابير مؤقتة لا تخل بحقوقهم ومطالبهم او بمراكزهم. وعليه ان يضع في حسابه امتناعه عن الاخذ بهذه التدابير (12) . ونظراً الى تعدد هذه التدابير واتساع انواعها ، فأن مجلس الامن يملك سلطة تقديرية واسعة في تقدير وتحديد طبيعتها ، ومدى ملائمتها للنزاع المعروض امامه بالشكل الذي لايؤدي الى تدهور الموقف بين اطرافه . وتجدر الاشارة الى ان هذه التدابير المؤقتة ، هي تدابير تحفظية تهدف الى منع تفاقم الخلاف او النزاع بين الاطراف المعنية واتساع دائرته . ولذلك ، فأن اتخاذها من قبل المجلس او الدعوة للأخذ بها ، لا يعدو ان يكون شكلاً من اشكال التوصيات غير الملزمة التي ليس لها سوى القيمة السياسية او المعنوية او الادبية بين الاطراف . الفرع الثاني: وفيما يتعلق بسلطة المجلس في اتخاذ الاجراءات الخالية من استخدام القوات المسلحة ، فأنه اذا ما قرر مجلس الامن طبقاً للمادة 39 من الميثاق ، بأن ما وقع يعتبر تهديداً للسلم الدولي او اخلالاً به او انه من اعمال العدوان ، قامت سلطاتـــــــه وتحركت مسؤوليته في اتخاذ الاجراءات التي تتطلبها مهمة الحفاظ على السلم والامن الدوليين او اعادتهما الــــــى نصابهما ومنع العدوان . ويملك المجلس سلطات تقديريــــة واسعة بهذا المجال بحسب احكام الفصل السابع . فله ان يوصي بالتدابير المؤقتة التي ذكرناها آنفاً طبقاً للمادتين 39 و 40 من الميثاق، او انه يتجاوز جميع هذه الاجراءات ويلجأ الى تقرير الاجراءات التي لا تتطلب استخدام القوات المسلحة لحمل الاطراف المعنية على تنفيذ قراراته وفقاً للمادة 41 من الميثاق التي نصت على ان ( لمجلس الامن ان يقرر ما يجب اتخاذه من التدابير التي لا تتطلب استخدام القوات المسلحة لتنفيذ قراراته ، وله ان يطلب الى اعضاء الامم المتحدة تطبيق هذه التدابير ، ويجوز ان يكون من بينها وقف الصلات الاقتصادية والمواصلات الحديدية والبحرية والجوية والبريدية والبرقية واللاسلكية وغيرها من وسائل المواصلات ، وقفاً جزئياً او كلياً وقطع العلاقات الدبلوماسية ) . ويبدو ان تعداد هذه الاجراءات قد جاء على سبيل المثال لا الحصر ، بدليل ورود عبارة ( ... ويجوز ان يكون من بينها .... ) في هذا النص . وهذا بالطبع يعطي قوة اضافية الى سلطات المجلس الواسعة ، تتمثل بحرية اختياره لنوع التدبير( الاجراء ) الذي يراه مناسباً للحالة المعنية دون ان يلتزم بالتدرج او الترتيب الوارد في نص المادة . وفضلاً عن ذلك ، فأن له ان يختار او يقرر تدابير اكثر صرامة لحمل الاطراف المتنازعة على تنفيذ قراراته ، كوقف الصلات التجارية والعلاقات الثقافية والاجتماعية .. الخ . كما له أن يقرر أكثر من تدبير واحد في نفس الوقت ، كقطع العلاقات الاقتصادية ووسائل المواصلات الدبلوماسية مجتمعة . هذا من جهة ، ومن جهة اخرى فأن النص المتقدم للمادة 41 لا يفيد بالزام الدول الاعضاء على الامتثال لقرارات المجلس هذه ما لم يطلب منها صراحة في نص القرار . بدليل ان النص قد فصل بين مسألة اتخاذ القرار بالتدابير ، ومسألة مطالبة الدول الاعضاء بتنفيذه بقوله ( لمجلس الامن ان يقرر ..... وله ان يطلب ... ) ، وفي الحالة الاخيرة يكون لزاماً على الدول الاعضاء تنفيذ مثل هذا القرار طبقاً للمادة 25 من الميثاق التي تقضي بأن(يتعهد اعضاء الامم المتحدة بقبول قرارات مجلس الامن وتنفيذها وفق هذا الميثاق) (13) . الفرع الثالث : اما بشأن سلطة المجلس في اتخاذ الاجراءات التي تتطلب استخدام القوات المسلحة ، فان استخدام القوات العسكرية وشن الحروب في فض المنازعات الدولية هو امر محظور في ميثاق الامم المتحدة (14) ، ما لم يكن دفاعاً عن النفس وضمـن شروط خاصة (15) ، او طبقاً لإجراءات الامن الجماعي التي نصت عليها مواد الفصل السابع من هذا الميثاق ، وفي مقدمتها المادة 42 التي اجازت لمجلس الامن اتخاذ اجراءات قسرية عن طريق استخدام القوات المسلحة الجوية والبحرية والبرية في عمليات حربية كافية لحفظ السلم والامن الدوليين او لاعادتهما الى نصابهما ، فيما اذا رأت بأن التدابير المنصوص عليها في المادة 41 لا تفي بهذا الغرض او ثبت انها كذلك (16) . ويتضح من خلال نص هذه المادة ، بأنها قد اعطت وخولت المجلس سلطات تقديرية واسعة في هذا المجال . منها انه يستطيع تجاوز التدابير التي نصت عليها المادة 41 الآنفة الذكر ، سواء قرر بالفعل اتخاذ مثل هذه التدابير وثبت فشلها وعدم جدواها على ارض الواقع ، ام انه قدر ابتداءا ذلك وقرر الانتقال مباشرة الى تطبيق احكام المادة 42 القسرية ، كما لو كان التهديد او الاخلال بالسلم الدولي او وقوع العمل العدواني حالاًّ ومباشراً بشكل فعلي . علماً ان التدخل العسكري هذا للمجلس لايتوقف على طلب او موافقة الدولة المعتدى عليها ، وانما يستند الى ما عهد اليه من تبعات رئيسة في مسألة حفظ السلم والامن الدوليين طبقاً للمادة 24 من الميثاق (17) . ولمجلس الامن بناءً على ذلك وطبقاً للمادة 42 هذه ، سلطات كبيرة في تحديد طبيعة الاعمال او العمليات العسكرية اللازمة لحماية السلم والامن الدوليين او اعادتهما الى نصابها. كأن يلجأ الى القيام بالمظاهرات العسكرية او عمليات الحصار العسكري ، او ان يتجاوز ذلك الى شن العمليات الحربية المباشرة ضد الدولة او الدول التي اخلت بالسلم او الامن الدوليين ، وبالشكل الذي يكفي لحفظهما او اعادتهما الى نصابهما . ومن جهة اخرى ، فأن لمجلس الامن السلطة الكاملة في اختيار عدد ونوع القوات المسلحة المستخدمة في تحقيق هذه الاغراض ، وفي تحديد قابليتها واستعدادها ، واماكن تواجدها ، ونوع التسهيلات المقدمة اليها ، طبقاً لإتفاقات خاصة تعقد مع الدول الاعضاء (18) . كما ان له ان يضع الخطط الحربية اللازمة لإستخدام هذه القوات بمساعدة لجنة اركان حرب استشارية مشكلة من قبل الدول الاعضاء لهذا الغرض ، تســــــــــدي للمجلس النصائح والارشادات والمشورات العسكرية في كل ما يتعلق بسير هذه العمليات ابتداءا وانتهاءا (19) . ويقرر المجلس فيما اذا كان تنفيذ قراراته المتعلقة بحفظ السلم والامن الدوليين يصار من قبل جميع أعضاء الامم المتحدة أو بعضهم (20) . ومن نافلة القول ، ان المجلس بما يتمتع به من سلطات تقديرية ، يقرر فيما اذا كانت اجراءاته هذه كافية ، أو انه يتخذ اجراءات اخرى . كما انه يقرر أيضا عودة السلم والامن الدوليين الى نصابهما وانتهاء العدوان . ويقوم الامين العام ـــ بموافقة المجلس ـــ بتبليغ الجمعية العامة بذلك (21) . وللمجلس أن يبقي موضوع النزاع في جميع الاحوال محل نظره . وفي هذه الحالة تمتنع الجمعية العامة عن اصدار أية توصية بشأنه مالم يطلب المجلس منها ذلك (22) . واذا كان لمجلس الامن الحق في أن يتخذ في أي وقت يشاء مايراه من الاعمال الضرورية لحفظ السلم والامن الدوليين أو اعادتهما الى نصابهما ، فأن ذلك وطبقا للميثاق نفسه لايضعف أو ينتقص من الحق الطبيعي للدول فرادى أو جماعات في الدفاع عن نفسها ، اذا ما أعتدت قوة مسلحة على أحد أعضاء الامم المتحدة ، وذلك الى حين أن يتخذ المجلس التدابير اللازمة لصد أو ايقاف هذا الاعتداء ، وشريطة أن تبلغ هذه الدول مجلس الامن فورا بالتدابير الدفاعية التي أتخذتها بهذا الصدد (23) . المطلب الثاني القيود الواردة على سلطات مجلس الامن في الفصل السابع والرقابة عليهـا تبين لنا مما تقدم ، بأن احكام الفصل السابع من الميثاق قد منحت مجلس الامن سلطات تقديرية واسعة جداً في سياق مهمته الاولى المتعلقة بحفظ السلم والامن الدوليين او اعادتهما الى نصابهما ثانية ، سواء في التكييف القانوني للموقف او النزاع الدولي ( فحصه وتدقيقه ) ، ام في نوع وطبيعة وحجم الاجراءات المتخذة ازاءه . ويحق لنا هنا ان نتساءل مع عظم وخطر اتساع هذه السلطات وقصرها بيد خمس دول في الوقت الراهن ـــ بل وبشكل كبير في يد دولة واحدة عظمى ـــ عن حقيقة وجود قيود قانونية ورقابة تحد من هذا الاتساع . وبتساؤل اكثر وضوحاً ، هل ان سلطات المجلس هذه مقيدة ام مطلقة ؟ واذا كانت مقيدة ماهي هذه القيود ؟ ومن يتولى الرقابة عليها ؟ و للإجابة على هذه التساؤلات ، ارتأينا ان نقسم هذا المطلب على الوجه الآتي : الفرع الاول القيود الواردة على سلطات مجلس الامن في الفصل السابع على الرغم من ان مواد الفصل السابع قد خلت من وجود اية نصوص تقيد من سلطات مجلس الامن الممنوحة بموجبه بل واية رقابة من نوع ما ، إلا ان الواقع يشير الى ان هذه القيود موجودة فعلاً ، سواء بشكل صريح في نصوص الميثاق الاخرى ، ام تستشف ضمنا من احكام الميثاق او من ذات الاجراءات المتخذة نفسها او طبيعتهــــا . فقد كرست المادة 24/1 فكرة النيابة القانونية للمجلس على اساس انه يعمل كنائــــب عن جميع الدول الاعضاء بالقول (....ويوافقون على ان هذا المجلس يعمل نائباً عنهم في قيامه بواجباته التي تفرضها عليه هذه التبعات ) . ولا شك ان النص هنا قد قيد سلطات المجلس بفكرة الرقابة هذه . اما الفقرة الثانية من نفس المادة فقد نصت على ان ( يعمل مجلس الامن ، في اداء هذه الواجبات وفقاً لمقاصد الامم المتحدة ومبادئها ....) . فيستفاد منها بأنها قد اوردت قيدين على اعمال المجلس بوجه عام هما مقاصد الامم المتحدة كما نص عليها الميثاق من جهة ، والمبادئ التي قامت على اساسها هذه المنظمة من جهة ثانية (24) . ومن جانب آخــر ، فان القيود الواردة هنا قــد تستفاد ضمنا مــن طبيعة الاجراءات والتدابير المتخذة طبقاً للفصل السابع نفسه . اولاً : فكرة النيابة كقيد على سلطات مجلس الامن : تعرّف فكرة النيابة على اساس انها ( حلول ارادة شخص محل ارادة شخص آخر في التعبير عن الارادة ) (25) . اي حلول ارادة النائب محل ارادة الاصيل في ابرام تصرف قانوني مع اضافة ما يترتب على هذا العمل من اثار الى ذمة الاصيل لا الى ذمة النائب الذي حل محله في هذا التصرف (26) .ولا شك ان النص في المادة 24/1 على جعل نيابة المجلس في مسألة الحفاظ على السلم والامن الدوليين عن الدول الاعضاء لا عن المنظمة نفسها ، يعد عيباً كبيراً واضحاً ، لأن المجلس هو جهاز من اجهزة هذه المنظمة ينوب عنها في اعمال محددة انابة الجزء عن الكل . ومع ذلك ، فان صياغة النص على هذا النحو ، ليست خاطئة بقدر ماهي صياغة متعمدة ومقصودة من قبل الدول الكبرى التي وضعت الميثاق في سان فرانسيسكو عام 1945 ، بغية تأكيد شخصيتها وابراز دورها في تحديد مصير هذه الامور الخطيرة والمهمة على مستوى العالم بأسره (27) . ومع ذلك ، فان تقدير الحكم على ظاهر النص المتقدم يلزم المجلس بصفته نائباً عن الدول الاعضاء بأن تكون ارادته ضمن حدود النيابة التي نظمها الاتفاق بينهمـــــــا ( الميثاق) . فإذا ما تجاوز هذه الحدود زالت عنه صفة النيابة هذه ، ولا يكون للتصرف او العمل القانوني الذي قام به اية آثار قانونية بالنسبة للأصيل . وبعبارة اخرى ، ان النائب (مجلس الامن ) لايستطيع الزام الاصيل ( الدول الاعضاء ) بأية اعمال او تصرفات إلا بإرادته او رضاه . فالاصيل هو الذي يحدد ابتداءا صلاحيات من ينوب عنه قانوناً وليس العكس . هذا من جهة ، ومن جهة اخرى ، فان النيابة هنا ليست مطلقة وانما مقيدة بحدود المهمة المكلف بها مجلس الامن وهي الحفاظ على السلم والامن الدوليين او اعادتهما الى نصابهما . وعلى ذلك ، فان اي خروج للمجلس على هذا الهدف من خلال القرارات التي يصدرها ، بعد بالتالي تجاوزاً له عن حدود الاختصاصات التي رسمتها فكرة النيابة ضمن هذا الاطار . ثانياً : اهداف الامم المتحدة كقيد على سلطات مجلس الامن : نصت على هذا القيد المادة الثانية من المادة 24 بقولها : ( يعمل مجلس الامن في اداء هذه الواجبات وفقاً لمقاصد الامم المتحدة ... ) . وعلى ذلك ، فان على المجلس التقيد بهذه الاهداف عند ممارسته سلطاته ، لاسيما فـــــي مسألة اصدار القرارات المتعلقة بحفظ السلم والامن الدوليين . وهذه الاهداف قد تضمنتها ديباجة ميثاق الامم المتحدة بتعابير مختلفة ، كما نصت عليها صراحة المادة الاولى من الميثاق (28) . اما الديباجة فقد نصت على فقرات مطولة وتعابير مختلفة من قبيل : ان شعوب الامم المتحدة قد آلت على انفسها نبذ الحروب انقاذاً للأجيال المقبلة ، وانها تؤيد ايمانها بالحقوق الاساسية للأنسان ، وبكرامة الفرد وقدره ، وبما للرجال والنســــــــاء والامم كبيرها وصغيرها من حقوق متساوية ، وانها عازمة على تحقيق العدالــــــــة ، واحترام الالتزامــات الدولية كالمعاهدات وغيرها ، ودفع الرقي الاجتماعي قدماً ، ورفع مستوى العيش الكريم . وبعد هذا اشارت الديباجة الى ان شعوب الامم المتحدة وفي سبيل تحقيق هذه الغايات، قد عزمت على ان تعيش مع بعضها البعض بسلام وحسن جوار وفي جو من التسامح ، وفي ان توحد قواها للحفاظ على السلم والامن الدوليين ، وان تسعى عملياً الى تحريم استخدام القوة المسلحة في غير المصلحة المشتركة ، وان تجعل من الامم المتحدة أداة لترقية الشؤون الاقتصادية والاجتماعية للشعوب جميعاً . اما بالنسبة الى المادة الاولى من الميثاق ، فقد لخصت الاهداف السابقة بتعابير والفاظ اخرى (29) . اذ نصت الفقرة الاولى على ان مقاصد الامم المتحدة هي حفظ السلم والامن الدوليين ، وهي من اجل هذا تعمل على اتخاذ التدابير المشتركة الفعالة ، وتتذرع بالوسائل السلمية وفقاً لمبادئ العدل والقانون الدولي لحل المنازعات الدولية التي قد تؤدي الى الاخلال بالسلم الدولي . اما الفقرة الثانية ، فقد اشارت الى هدف آخر هو تنمية العلاقات الودية بين الامم على اساس الاحترام المتبادل والمساواة بين الشعوب ، وتعزيز السلام بينها ، وان يكون لكل منها حق تقرير المصير . ونصت الفقرة الثالثة على ان من أهداف المنظمة الاخرى هو تحقيق التعاون الدولي في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والانسانية ، و تعزيز احترام حقوق الانسان والحريات الاساسية للناس جميعاً وتشجيعها ، بعيداً عن التمييز القائم على الجنس او اللغة او الدين ،او التمييز بين الرجال والنساء . اما الفقرة الرابعة والاخيرة ، فقد نصت على السعي الى جعل منظمة الامم المتحدة مرجعاً لتنسيق اعمال الامم وتوجيهها نحو تحقيق هذه الاهداف . هذه هي الاهداف التي ا نشئت المنظمة العالمية من أجل تحقيقها ، والتي تحدد مسار مختلف الاعمال والنشاطات الصادرة عن اجهزتها ووكالاتها وفروعها ، لاسيما مجلس الامن . فعلى الاخير وهو يضطلع بمهمته الاساسية في حفظ السلم والامن الدوليين – وهو هدف جوهري للمنظمة – ان يتقيد بحدود تحقيق هذا الهدف من جهة ، وان يراعي في الوقت نفسه اهمية تحقيق الاهداف الاخرى للمنظمة من جهة ثانية ، بأن يختار او يتخذ من الاجراءات والتدابير ما يتلائم ويتسق مع هذه الاهداف ويحققها (30) . ثالثاً : مبادئ الامم المتحدة كقيد على سلطات مجلس الامن : وهي المبادئ او الاسس التي نص عليها عليها ميثاق الامم المحدة – لاسيما تلك المبادئ الواردة في المادة الثانية منه – واوجب احترامها والتقيد بها على جميع اجهزة المنظمة في ممارساتها واعمالها المختلفة ، وفي مقدمتها بالطبع مجلس الامن . اذ نصت الفقرة الثانية من المادة 24 على ان ( يعمل مجلس الامن في اداء هذه الواجبات وفقاً لمقاصد الامم المتحدة ومبادئها ... ) . وبذلك تكون هذه المبادئ قيداً مهماً على سلطات واعمال المجلس . اذ ينبغي عليه وهو يمارس تلك السلطات ، ان تكون تلك الممارسة متلائمة ومتوافقة بل ومستندة الى مفاهيــــــم هذه المبادئ . وعليه ان يبدي الا حترام اللازم لها ، بإعتبارها الحد الموضوعي لصحة ومشروعية تلك الممارسة او الاعمال . ( فاذا لم يتسق استعمال هذه السلطة وما صدر عنها من قرارات مع مقاصد الامم المتحدة ومبادئها ، فان هذا الاستعمال يكون بهذه الصفة غير مشروعا او تعسفا لأنـه قد جـانب الغرض الذي وضعه الميثاق لهذه السلطات ، وبالتالي تكون هذه القرارات معيبة في ذاتها ولا يمكن الاعتراف لها بقوة الالزام والنفاذ وان استوفت الشروط الشكلية لإصدارها ) (31) . ويراد بالمبادئ في هذا السياق ، مجموعة القيود وقواعد السلوك التي يتعين على المنظمة والدول الاعضاء فيها ــ وحتى غير الاعضاء ــ احترامها والتقيد بها (32) . ومن اهم المبادئ التي ذكرتها المادة الثانية من الميثاق هي (33) : مبدأ المساواة في السيادة (ف 1) : اي المساواة في السيادة بين جميع الدول الاعضاء في الامم المتحدة ، الصغيرة والكبيرة ، الغنية والفقيرة ، المتقدمة والنامية ... الخ . مبدأ حسن النية (ف 2) : أي تنفيذ الدول الاعضاء لالتزاماتها الناشئة بموجب الميثاق تنفيذاً سليماً قائماً على حسن النوايا و صدقها . مبدأ حل المنازعات الدولية بالطرق السلمية (ف 3) : اي حل جميع المنازعات الدولية التي تحدث بين الدول الاعضاء عن طريق الوسائل السلمية . مبدأ الامتناع عن التهديد بإستخدام القوة او استخدامها ضد سلامة الدول (ف4) : اي الامتناع عن التهديد باستعمال القوة او استخدامها ضد سلامة الاراضي او الاستقلال السياسي لأية دولة ، وعلى اي وجه آخر لايتفق مع اهداف ومقاصد الامم المتحدة . مبدأ عدم التدخل بالشؤون الداخلية للدول (ف7) : اي امتناع المنظمة عن التدخل بالشؤون الداخلية للدول الاعضاء فيها . مما تقدم ، تبين لنا بأن مجلس الامن ملزم بحكم المادة 24 من الميثاق ، بإحترام ومراعاة الاهداف والمبادئ السابقة عند ممارسته لسلطاته الواسعة لاسيما المنصوص عليها في احكام الفصل السابع ، بل والتقيد بها عند اصداره للقرارات الملزمة المتعلقة بحفظ السلم والامن الدوليين او ارجاعهما الى نصابهما (34) . وعلاوة على ذلك ، فأنه من غير الصحيح القول ، بأن الاهداف والمبادئ التي تقوم على اساسها منظمة الامم المتحدة ، وتمارس انشطتها واعمالها في اطارها ، تنحصر في فقرات المادتين الاولى والثانية من الميثاق ، وانما الصحيح انها جاءت في العديـــد من نصوص الميثاق الاخرى . بل واكثر من ذلك ، هناك من يرى بأن المبادئ والاهداف التي يلزم العمل بها من جانب اعضاء الامم المتحدة واجهزتها لا تقتصر على النصوص التي تضمنها ميثاق الامم المتحدة ( بل تتجاوز ذلك الى ما هو ابعد مدى واعمق اثـــــــراً .......لأن الاقتصار على النصوص المذكورة يخضع المبادئ اللازمة لصيانة السلم والامن الدوليين الى تقييد وتحديد جامدين ، في حين ان تحقيق هذا الهدف والعمل في سبيله يقتضي من المبادئ والتدابير ما لايدخل تحت هذا التحديد ) (35) . رابعاً : طبيعة اجراءات الفصل السابع كقيد على سلطات مجلس الامن : فضلاً عما تضمنته الفقرتان الاولى والثانية من م 24 من الميثاق بشأن تحديد وتقييد سلطات المجلس بفكرة الانابة وبأهداف ومبادئ الامم المتحدة ، فأن هناك قيداً آخر على هذه السلطات يمكن ان يستشف من طبيعة الاجراءات التي تضمنها الفصل السابع . اذ تدرج الميثاق في هذا المجال بين التوصية، والتدابير المؤقتة ، والتدابير الخالية من استخدام القوات المسلحة ، والتدابير المتضمنة استخدام هذه القوات (36) . وبصرف النظر عن الجدل الدائر بين الفقهاء حول اعتبار هذه الاجراءات ذات طابــــــع اجرائي مجرد ام ذات طابع عقابي ، فانها بلا شك وسائل متدرجة يتوسل بها المجلس لتحقيق هدف محدد هو الحفاظ على السلم والامن الدوليين او اعادتهما الى نصابهما . وبذلك فهي ليست غاية بحد ذاتها ، ولا يشترط استنفاذها جميعاً ، وانما يكفي منها ما يحقق هذا الهدف دون ان يتعداه الى اهداف اخرى خارج هذا الاطار قد يحوّل هذه الاجراءات الى ما يشبه العقوبات الجزائية على الدولة او الدول المعنية . واستناداً الى هذا التحليل ، فان الاجراءات التي يتخذها مجلس الامن وفق السلطات الممنوحة له في الفصل السابع ، هي في مضمونها هذا ، قيد آخر يرد على هذه السلطات . فعلى المجلس عند ممارسته لهذه السلطات ، ان يتقيد اولاً واخيراً بالهدف الذي من اجله خوّل بهذه السلطات ، وهو الحفاظ على السلم والامن الدوليين او اعادتهما الى نصابهما او قمع العدوان (37) . وبالتالي لايجوز ان يتخذ من هذه الاجراءات وسيلة للوصول الى اهداف اخرى ، حتى وان أقرها الميثاق نفسه او عالجها في فصول اخرى منه غير الفصل السابع . هذا من جهة ، ومن جهة اخرى على المجلس ان يختار من بين الاجراءات التي يزمع اتخاذها ، الاجراء المعقول والمناسب لجسامة الانتهاك او التهديد . فالاجراء يجب ان يتناسب مع الضرورة ، والضرورة تقدر بقدرها . ولذلك ، فان اي تجاوز للمجلس لهذه الاعتبارات يجعله متعسفاً في استخدام سلطاته ، او على اقل تقدير ذو نية سيئة . الامر الذي يعد عيباً واضحاً في اجراءاته هذه ، وبالتالي يكون قد خالف اهداف ومبادئ الامم المتحدة . وفي هذا السياق ايضاً ، على المجلس ان يتدرج في استخدام هذه الاجراءات . فاذا ما ادت التدابير المتخذة وفقاً للمادة 40 الهدف ، فعليه ان يكتفي بها . وكذا الحال اذا ما ادت الاجراءات الخالية من استخدام القوات المسلحة الغرض وفقاً للمادة 41 ، فعليـــه ان يكتفي بها ولا يذهب الى اتخاذ الاجراءات المتضمنة استخدام القوات المسلحة وفقاً للمادة 42 . واكثر من ذلك ، على المجلس وهو يستخدم سلطاته وفق المادة42 هذه ، ان يتدرج ايضاً في استخدام هذه القوات من حيث الحجم والكم والنوع وبما يتلائم مـــــــع الخرق الدولي الحاصل او التهديد . فاذا ما حقق الحصار او المظاهرات الغرض مثلاً ، فليس له ان يستخـــدم القوات المسلحة ، واذا ما استخدم القوة الجوية وحققت الهدف ، فليس له ان يستخدم القوة الصاروخية المدمرة ... وهكذا في بقية الاسلحة الاخرى وفقاً لقوة كل منها ، وقدرتها على تحقيق الهدف (38) . وطالما ان هذه الاجراءات هي وسائل وجدت لتحقيق غاية محددة ( حفظ السلم والامن الدوليين ) ، لذلك ينبغي ان تكون مؤقتة تنتهي بتحقيق هذا الهدف . اما اذا استمر المجلس في تنفيذها بعد هذا الوقت دون مسوغ قانوني او تبرير منطقي ، فانه بلا شك سيكون متعسفاً في ممارسة سلطاته هذه او سيء النية في اتخاذ القرارات المنبثقة عنها . الفرع الثاني الرقابة الواردة على سلطات مجلس الامن في الفصل السابع اذا كان مجلس الامن ــ وفقاً لما سبق الكلام عنه في هذه الدراسة ــ يتمتع بسلطات تقديرية واسعة بحسب احكام الفصل السابع ، سواء في تكييف الوقائع او الاحداث ام في اتخاذ الاجراءات واختيار الوسائل ، فان السؤال الذي يتبادر الى الذهن هنا ، هو هل أن هناك رقابة ما ترد على هذه السلطات ؟ واذا كان هناك رقابة فعلاً ، فمن هي الجهة التي تمارسها ؟ وما هي القيمة القانونية الفعلية لها ؟ والحقيقة ان اهمية هذه التساؤلات تكمن في ان وجود قيود قانونية على سلطات واعمال مجلس الامن ــ كما سبق ان بينا عند الكلام عن الاهداف والمبادئ ــ لايمكن ان يكون لها فائدة حقيقية مالم تكتمل بوجود رقابة فعالة تحرص على التزام المجلس بهذه القيود عند ممارسته لسلطاته تلك . وهذا هو عين المنطق القانوني السليم . فالقانون عندما يقضي بمنح سلطة ما ، يخضع الجهة التي منحها تلك السلطة الى نوع من الرقابة ، اياً كان نوعها ومـداها والجهة التي تمارسها . واذا كـان هذا الحال بالنسبة الى السلطات الاعتيادية ، فكيف هو الحال عندما تتعلق السلطات بهدف كبير و خطير من قبيل الحفاظ على السلم والامن الدوليين ؟ بادئ ذي بدء نقول ــ وطبقا لطبيعة تشكيل الفروع اوالاجهزة الداخلة في تكوين منظمة الامم المتحدة ووظائفها ــ ان الجهة الرئيسة المعول عليها في هذه الرقابــة ، هي الجمعية العامة التي تضم جميع الدول الاعضاء (39) ، بالنظر لما تتمتع من ولاية عامة على كافة اعمال وانشطة هذه المنظمة ، وبما تملكه من سلطات واختصاصات واسعة في شتى المجالات التي تهم المنظمة . وهذا ما يستفاد ضمناً من نصوص العديد من مواد الميثاق (40) . فقد اشارت المادة 10 من الميثاق ، الى ان بامكان الجمعية العامة ان تناقش اية مسألة داخلة في نطاق هذا الميثاق ، او لها صلة بسلطة او وظيفة احد فروع المنظمة . ولهــــا ان توصي الدول الاعضاء او مجلس الامن او كليهما بما تراه مناسباً في تلك المسائل والامور ، ما لم تكن الاخيرة قيد نظر المجلس . وفي هذه الحالة لا يحق للجمعية اصدار مثل هذه التوصيات ما لم يطلب المجلس منها ذلك (41) . وطبقاً لنص المادة العاشرة هذا ، نستطيع القول بان للجمعية العامة دوراً رقابياً ليس على اعمال وسلطات مجلس الامن فحسب ، وانما على جميع اعمال واختصاصات الفروع الاخرى . فلها ان تناقش او تنظر اية مسائل داخلة في نطاق الميثاق ، سواء كانت ذات طابـــــــع سياسي ام انساني ام اقتصادي ام اجتماعي ام ثقافي ام اداري ام مالي .... الخ . ولها فوق ذلك ، ان تصدر التوصيات بالشكل الذي بيناه آنفاً . وقد اكدت على مفهوم المادة العاشرة هذا ، محكمة العدل الدولية في رأيها الاستشاري الصادر عام 1959 (42) . والى جانب نص المادة هذه ، هناك نص المادة 15 الذي بيّن بان الجمعية العامة تتلقى تقارير سنوية واخرى خاصة من مجلس الامن ــ ومن الفروع الاخرى للامم المتحدة ــ فيما يتخذه من تدابير او اجراءات لحفظ السلم والامن الدوليين . أي في نطاق السلطات الممنوحة له طبقاً للفصل السابع . ثم تنظر الجمعية بعد ذلك بهذه التقارير وتصدر التوصيات المناسبة لها . وكما ذكرنا ، فان الجمعية تمتنع عن اصدار مثل هذه التوصيات اذا كانت المسألة المعنية محل نظر المجلس . فاذا ماباشر الاخير سلطاته بشان نزاع اوموقف دولي يخرق او يهدد بخرق السلم او الامن الدوليين ، امتنعت الجمعية العامة عن اصدار اية توصية بشأنه ، إلا اذا اذن المجلس لها ذلك (43) . ويستمر هذا المنع حتى ينتهي المجلس من حالة النظر هذه ، سواء بمعالجته والفراغ منه ، ام في حالة رفض النظر فيه . علماً ان المجلس هنا هو الذي يقرر ـــ بما يملكه من سلطات تقديرية واسعة ـــ فيما اذا كان قد فرغ من الموضوع ام لا . ولذلك ، فان وجود مثل هذا التقييد على سلطة الجمعية العامة في مناقشة القضايا المختلفة الداخلة في ميثاق الامم المتحدة ، يعد اضعافاً للدور الرقابي الذي نتحدث عنه . اذ يستطيع المجلس في أي وقت يشاء ، ابعاد الجمعية العامة عن ممارسة هذا الدور ، بمجرد تذييل قراراته او تضمينها بأن المسألة الفلانية لاتزال قيد نظره ، دون أن يكون هناك في الواقع أي تقييد يرد على سلطة المجلس هذه (44). لذلك ، فأن الجمعية العامة تجد نفسها عاجزة امام مثل هذا الموقف ، في الوقت الذي قد يستمر فيه المجلس بممارسة سلطاته طبقاً للفصل السابع ، كأن يستمر مثلاً في ابقاء الحصار الاقتصادي على دولة ما ، او في استخدام القوات المسلحة ضدها (45) . مما تقدم ، يتبين لنا بان الرقابة التي تمارسها الجمعية العامة على مجلس الامن ضمن النصوص التي ذكرناها ، هي رقابة نظرية اكثر من كونها عملية ، كما انهــــــــا ضعيفة جداً في تأثيرها على سلطات المجلس ان لم تكن معدومة بالمرة . فهي اولاً رقابة مستفادة ضمناً من النصوص المتقدمة وليست قاطعة او مقررة بشكل صريح . ثم ان الصلاحية التي منحتها المادة العاشرة للجمعية في مناقشة مختلف المسائل الداخلة ضمن الميثاق ، قد قيدت بنص المادة 12/1 الذي يمنع الجمعية من مناقشة مسالة ما اذا كانت قيد نظر المجلس . كما ان ضعف تأثير الرقابة يبدو واضحاً ايضاً من خلال التعابير التي تضمنتها النصوص الاخرى التي ذكرناها . فالمادة 15 نصت على تعبير ( تتلقى الجمعية العامة تقارير سنوية .. ) ، فهـل يعني هذا بالمقابل التزام المجلس على رفع هذه التقارير ؟. ثم ان عبارة ( ... وتنظر فيها . ) التي جاءت بها المادة 24 ، قد تفيد بان المراد هو فقط اطلاع الجمعية او اعلامها بالتدابيــــر او الاجراءات التي يتخذها مجلس الامن باعتبارها صاحبة الولاية العامة على جميع اعمال المنظمة . هذا من جهة ، ومن جهة اخرى ، فاننا لوافترضنا وجود هذه الرقابة ، فانها وبحسب المنطوق الظاهر للنصوص المتقدمة لاسيما القيد الوارد في المادة 12/1 السابق الذكر ، تعد رقابة لاحقة على سلطات المجلس واجراءاته . وهي بلا شك تكون عديمة الفائـــــــــدة أوغير ذات جدوى ، لانها تاتي بعد الفراغ من هذه التدابير والاجراءات او الانتهاء منها . كما لو حسم المجلس نزاعاً دولياً ما عن طريق استخدامه للقوات المسلحة ضد دولة طرفاً فيه بشكل غير اعتيادي او غير منسجم مع اهداف او مبادئ الامم المتحدة او غير محايد . فما قيمة الرقابة هنا وما هي فائدتها ؟ لاسيما اذا تذكرنا بأن اقصى ما تستطيع الجمعية فعله ، هو اصدار توصيات ( هي عبارة عن نصائح او ارشادات او توجيهات ليس إلا ) ليس لها ما لقرارات المجلس من قوة قانونية ملزمة . وهكذا يبقى مجلس الامن ـــ في ظل هذه الرقابة الضعيفة او المعدومة ـــ متمتعاً بسلطات واسعة بل ومطلقة ، ليس عليها رقابة فعلية ، اللهم إلا رقابته الذاتية التي يمارسها بنفسه ضمنياً (46) . ولذلك فقد وجهت نداءات كثيرة ــ من فقهاء وكتاب ومندوبي دول في الامم المتحدة وغيرها ـــ تدعو جميعهاً الى وجوب اعطاء دور بارز وواضح للجمعية العامة في مراقبة سير اعمال مجلس الامن ، لاسيما عند ممارسته لسلطاته في حفظ السلم والامن الدوليين ، بغية تحقيق التوازن الحقيقي في المهام والواجبات والاختصاصات بيــن الاثنين ، وبــشكل يمنــع التداخل أوالغمــوض احياناً في طبيعة مهام وواجبات كل منهما . فالمفروض ان تكون سلطات المجلس ـــ بحسب التحليل القانوني للامورـــ مستمدة من الجهة التي خولته او منحته هذه السلطات . أي من الجمعية العامة التي تضم جميع الدول الاعضاء في منظمة الامم المتحدة ، والتي وافقت على ان يعمل نائباً عنها في الاضطلاع بالمهام الرئيسة المتعلقة بحفظ السلم والامن الدوليين بحسب المادة 24 من الميثاق . وعليه لايمكن ان يعقل ان من يمنح السلطة اصلاً او اولاً يستمد سلطاته من الشخص الممنوح . او ان الاصيل يستمد سلطاته من النائب. وعلى ذلك ، فان مركز المانح هنا او الاصيل ، يعد اعلى في العلاقة القانونية من مركز الممنوح او النائب . وله بناءاً على ذلك ان يسحب الصلاحيات التي خولها او قبلها له ، فيما اذا تجاوز حدود هذه النيابة . المطلب الثالث مدى التزام مجلس الامن في تطبيـق احكام الفصل السابع على حالة العراق اذا كان واضعوا ميثاق الامم المتحدة قد استهدفوا من خلال وضع نظام خاص لمجلس الامن ــ من حيث التشكيل والاختصاص والسلطات وحجم الدور الذي يلعبه في مجال حفظ السلم والامن الدوليين ــ ايجاد جهاز تنفيذي محدود العضوية ، قادراً على التفاعل مع الاوضاع المتعلقة بهذا المجال ، وبالشكل الذي يجعل ( العمل الذي تقوم بــه الامم المتحدة سريعاً وفعالاً ) على حد تعبير المادة 24/ 1 من الميثاق ، الا اننا نرى ان هذا النظام ، قد اثر تأثيراً سلبياً على عمل المجلس في هذا المجال (47) ، وادى احياناً الى فشله عملياً في الاضطلاع بهذه المسؤلية الكبرى، أو عرقلة أعماله المتعلقة بهذا الشأن على أقل تقدير (48) . فلقد كان واضعوا الميثاق يستهدفون من خلال الاعتراف للدول الخمس الكبرى المنتصرة في الحرب العالمية الثانية بحق التمثيل الدائم في عضوية المجلس فضلاً عن بعض الامتيازات الاخرى المتعلقة بوجه خاص بحق النقض ، الى اقامة او خلق نوع من التوازن بين هذه القوى داخل المجلس ، بحيث لاتهيمن او تسيطر احداها على الاخرى بشكل يضر بنظام الامن الجماعي . غيرانه بعد انتهاء الحرب الباردة بين المحورين الشرقي والغربي عامي 1990 و 1991 وظهور مايسمى بالنظام الدولي الجديد بزعامة الولايات المتحدة ، لم يعد هذا التوازن مرتكزا أساسيا في عمل المنظمة . اذ فرضت الولايات المتحدة سيطرتها شبه الكاملة على أعمال مجلس الامن وسلطاته ، وبدأ المجلس يتدخل وفق هذا المنحى الجديد لمساره وعبر استخدام غير محدود وتعسفي للسلطات الواسعة التي يتمتع بها في الفصل السابع ، في منازعات وصراعات وقضايا شتى في العالم ، وفي مسائل لاتدخل أصلا ضمن اختصاصاته . وأصبحت الولايات المتحدة ـــ عبر نظامها الدولي الجديد ،وبالتنسيق مع الدول الحليفة لها داخل المجلس ، وانسجاما مع مصالحها وسياساتها المعلنة وغير المعلنة ـــ تتفرد في تحديد نوع الاخطار التي تواجه السلم والامن الدوليين ، وفي تحديد طبيعة الاجراءات العلاجية (وحتى الوقائية) الواجب اتخاذها في اروقة المجلس .
    وبغية الاحاطة بطبيعة ممارسة مجلس الامن ـــ في ظل هذا الوضع العالمي الجديد ـــ لسلطاته المنصوص عليها في الفصل السابع في حالة العراق ، ومدى تقيده بروح الميثاق والاهداف والمبادىء التي قامت عليها منظمة الامم المتحدة ، ارتأينا تقسيــــــم دراسة هذا المطلب على فرعين متتابعين . يعنى الاول ببيان طبيعة القرارات التي اتخذها المجلس وفقا لهذه السلطات بشأن العراق ، مركزين في ذلك على القرارات التي اتخذها بعد اسقاط النظام السياسي فيه عام 2003 . في حين أفردنا الثاني للكلام عن قراءتنا القانونية لهذه القرارات ، وكيفية التعامل مع آثارها وتداعياتها . الفرع الاول

  2. #2
    من المشرفين القدامى
    تاريخ التسجيل: February-2013
    الدولة: بغداد
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 75,466 المواضيع: 12,588
    صوتيات: 5 سوالف عراقية: 2
    التقييم: 16970
    مزاجي: حسب الظروف
    المهنة: ضابط في الجيش
    أكلتي المفضلة: الدولمه
    موبايلي: Note 4
    آخر نشاط: 5/March/2016
    الاتصال: إرسال رسالة عبر Yahoo إلى النقيب
    مقالات المدونة: 366
    عاشت ايدك ورد

تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال