السلطة التنفيذية هي الجهة الوحيدة التي يحق لها تقديم مشروعات القوانين

حيث ان الدستور تبنى مبدأ الفصل بين السلطات وقد خص السلطة التنفيذية لتقديم مشروعات القوانين وليس لمجلس النواب الا تقديم مقترحات القوانين الى السلطة التنفيذية وان تقديم مشروعات القوانين من جهة غير السلطة التنفيذية يعد مخالفة دستورية . رقم القرار – 43/اتحادية/2010 تاريخ القرار- 12/7/2010 المدعي / رئيس مجلس الوزراء / اضافة لوظيفته – وكيلاه الدكتور عباس الساعدي رئيس الدائرة القانونية في الامانة العامة لمجلس الوزراء والمستشار علاء سليم العامري المدعى عليهما / 1- رئيس مجلس النواب / اضافة لوظيفته 2- رئيس وأعضاء مجلس الرئاسة / اضافة لوظائفهم الشخص الثالث / وزير البلديات والاشغال العامة / اضافة لوظيفته – وكيلته الموظفة الحقوقية نوال عبد اللطيف . الادعاء ادعى وكيل المدعي أمام المحكمة الاتحادية العليا في الدعوى المرقمة 43/اتحادية /2010 بان المدعى عليه الاول رئيس مجلس النواب اضافة لوظيفته شرع قانون فك ارتباط دوائر وزارة البلديات والاشغال العامة رقم (20) لسنة 2010 المنشور في جريدة الوقائع العراقية بعددها (4148) في 15/3/2010 ولما كان ذلك القانون مخالفا للقواعد والاحكام الدستورية واستنادا لاحكام المادة (92/اولا وثالثا) من الدستور واحكام المادة (5) من النظام الداخلي للمحكمة الاتحادية العليا فانه يطعن بعدم دستورية القانون المذكور طالبا من المحكمة الحكم بعدم دستوريته والحكم بالزام المدعى عليه باصدار تشريع بإلغاء القانون المشار اليه للأسباب الاتية :- - ان الدستور العراقي اقر نظاما دستوريا برلمانيا قائما على مبدأ توزيع السلطات واحترام كل مؤسسة دستورية سلطات المؤسسات الاخرى ، وقد حدد الدستور على سبيل الحصر صلاحيات مجلس النواب في المادة (61) منه ، وفي مجال التشريعات اناط الدستور بالمجلس المذكور صلاحية تشريع القوانين الاتحادية استنادا الى مشروعات القوانين التي يقدمها مجلس الوزراء بموجب المادة (80) من الدستور ، وهذه الصلاحية من الصلاحيات الحصرية التي اناطها الدستور بالسلطة التنفيذية حصرا ، حينما خول رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء صلاحية تقديم مشروعات القوانين استنادا لاحكام المادة (60/اولا) منه. - فرق الدستور بين (مشروع ) القانون الذي خول مجلس الوزراء ورئيس الجمهورية صلاحية اقتراح الاول على مجلس النواب وفق ما ورد في اعلاه وبين (مقترح) القانون الذي خول عشرة من اعضاء مجلس النواب او احدى لجانه المختصة صلاحية تقديمه وفقا للمادة (60/ثانيا) من الدستور. والمقترح هو غير المشروع ، اذ ينبغي ان يقدم المقترح الى الجهة التي تملك صلاحية صياغته في مشروع قانون (مجلس الوزراء ) بعد مروره بسلسلة من الاجراءات الادارية والتشريعية في وزارات ومؤسسات حكومية قبل ان يناقشه مجلس الوزراء ويقترح على مجلس النواب تشريعه . في حين ان القانون موضوع هذه الدعوى قد سبق ان اقترحه مجلس النواب وقدمه الى مجلس الوزراء وقد قدم هذا المقترح في وقت سابق الى مجلس الوزراء وقرر المجلس رفضه بموجب قراره المرقم (344) لسنة 2009 المتخذ في جلسته المنعقدة في 6/10/2009 وبعدد(37) . - ان وزارة البلديات والاشغال العامة تقوم حاليا بجزء كبير من مهامها ، خصوصا فيما يتعلق بعدالة توزيع المنح والمساعدات والقروض الدولية ، والتي اغلبها يختص بمشاريع الماء والمجاري بين محافظات العراق كافة واقليم كوردستان ، هذا بالاضافة الى العدالة في تخصيص الاموال الاتحادية الاستثمارية لقطاع الماء والمجاري والخدمات البلدية بين المحافظات وفقا للنسب المقررة ، وان البنك الدولي اعرب عن قلقه من تبعات نفاذ قانون فك ارتباط دوائر وزارة البلديات والاشغال العامة لأنه سيؤدي الى الغاء مشروعي البنك مع هذه الوزارة وهي المنحة البالغ(110,000,000)مئة وعشرة ملايين دولار ومشروع القرض الميسر البالغ (106,000,000) مئة وستة ملايين دولار امريكي كما مبين في الكتاب المرفق . - ان القانون اعلاه في المادة (6) رتب التزاما على مجلس النواب القادم عندما الغى وزارة البلديات والاشغال العامة عند تشكيل الحكومة الجديدة وهذا مخالف للدستور لان مجلس النواب لاتقيده الا القواعد الدستورية ولا يجوز دستوريا للمجلس الحالي ان يلزم ويرتب التزاما على المجلس القادم باتخاذ اجراء معين . -ان القانون المذكور ينطوي على عيب تشريعي من حيث ما نصت عليه المادة (1/اولا)من ان المديرية العامة للشوؤن البلدية ترتبط (بالمحافظة) في حين ان مصطلح المحافظة هو وحدة ادارية جغرافية وليس جهة رسمية حتى ترتبط بها الدائرة المستحدثة . - بالنسبة الى الاختصاصات المشتركة بين السلطات الاتحادية وسلطات الاقاليم المنصوص عليها في المادة (114) من الدستور فان من صلب مهام واختصاصات وزارة البلديات والاشغال العامة هو مضمون الفقرات ثالثا ورابعا وحتى خامسا من المادة المذكورة وهي اختصاصات اتحادية وان الغاء الوزارة يترتب عليه تعدي سلطات الاقاليم والمحافظات غير المنتظمة باقليم على الاختصاصات الاتحادية للسلطة التنفيذية وفي هذا مخالفة واضحة للدستور . - ان من اهم الصلاحيات المخولة لمجلس الوزراء بموجب الدستور تخطيط وتنفيذ السياسة العامة للدولة وفقا لما نصت عليه المادة (80/اولا) من الدستور وبالتالي فان الغاء او تفكيك تشكيلاتها يعد تجاوزا على الدور التنفيذي الاتحادي للحكومة وتجريدا من وسائلها في النهوض بمهامها التنفيذية المتمثلة بالوزارات . - ان موكله يحتفظ بتقديم دفوع اخرى بلوائح لاحقة وللاسباب المتقدمة طلب الحكم بعدم دستورية القانون المذكور انفا والزام المدعى عليهما باصدار تشريع بالغائه استنادا لاحكام المادة (92/اولا وثالثا ) من الدستور كما طلب كاجراء احتياطي اصدار القرار بايقاف اجراءات تنفيذ القانون المذكور لحين صدور حكم قضائي بات في الموضوع للاضرار الجسيمة التي تترتب على تنفيذه . وبعد تسجيل الدعوى لدى هذه المحكمة وفقا للفقرة (ثالثا) من المادة (1) من النظام الداخلي للمحكمة الاتحادية العليا واستكمال الاجراءات المطلوبة على وفق الفقرة (ثانيا) من المادة (2) من النظام المذكور تم تعيين موعد للمرافعة وبتاريخ 14/6/2010 قررت المحكمة وباتفاق الاراء ايقاف تنفيذ القانون رقم (20) لسنة 2010 الى نتيجة الحكم الذي سيصدر في الدعوى لأسباب تتعلق بالمصلحة العامة وحمايتها واستنادا للمادة (151) من قانون المرافعات المدنية رقم (83) لسنة 1969 المعدل . وطلب وزير البلديات والاشغال العامة اضافة لوظيفته بواسطة وكيلته العامة ( المستشار القانوني المساعد نوال عبد اللطيف عبود ) بموجب لائحتها المؤرخة في 5/5/2010 الدخول في الدعوى الى جانب المدعي شخصا ثالثا للاسباب التي اوردتها في اللائحة . وفي اليوم المعين للمرافعة حضر عن المدعي وكيله المستشار في مجلس الوزراء السيد علاء سليم العامري وحضر ... وكيلا عن المدعى عليه رئيس مجلس النواب اضافة لوظيفته وحضر .... وكيلا عن المدعى عليهم رئيس واعضاء مجلس الرئاسة وحضرت الموظفة الحقوقية نوال عبد الطيف عبود وكيلة عن طالب الدخول شخصا ثالثا في الدعوى وزير البلديات والاشغال العامة وبوشر بالمرافعة الحضورية العلنية . كرر وكيل المدعي ماجاء في عريضة الدعوى وطلب الحكم بموجبها وكررت وكيلة طالب الدخول شخصا ثالثا في الدعوى طلبها وبناءا عليه واستنادا الى احكام الفقرة (1) من المادة (69) من قانون المرافعات المدنية رقم (83) لسنة 1969 قرر قبول طلب وزير البلديات والاشغال العامة الدخول شخصا ثالثا كما تقرر وقف تنفيذ القانون المطعون بعدم دستوريته لنتيجة الحكم الذي سيصدر في الدعوى المنظورة . كرر وكيل المدعى عليه الاول ما ورد في لائحته الجوابية المقدمة الى المحكمة كما كرر وكيل المدعى عليه الثاني ما جاء في لائحته الجوابية المقدمة الى المحكمة وطلبا الحكم بموجبها برد الدعوى مع تحميل المدعي المصاريف وقد استفسرت المحكمة من وكيل المدعى عليه الاول عن كيفية تشريع القانون فانه قدم لائحة تحريرية مؤرخة في 29/6/2010اوضح فيها عن كيفية تشريع القانون حيث اعلمته الدائرة البرلمانية – قسم المتابعة التشريعية - بكتابها المرقم (60) في (22/6/2010) بان قانون ( فك ارتباط دوائر الشؤون الاجتماعية في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية ) وقانون ( فك ارتباط دوائر وزارة البلديات والاشغال العامة ) هما مقترحات قوانين قدمت الى هيئة رئاسة مجلس النواب من لجنة العمل والخدمات في المجلس وليست مشاريع قوانين واردة من الحكومة وتم اقرارها من مجلس النواب والمصادقة عليها من مجلس الرئاسة ونشرت في الجريدة الرسمية . واجاب وكيل المدعي ان المخالفة قد تجسدت في الجواب الوارد في لائحة وكيل المدعى عليه الاول وقدم وكيل المدعى عليهم رئيس واعضاء مجلس الرئاسة لائحة تحريرية جوابية وطلب رد الدعوى مبينا بانه ليس هناك فرق بين مقترح قانون ومشروع القانون ومقترح مشروعات القوانين لان مآل الاثنين هو مجلس النواب لغرض تشريع القوانين وانها مسألة لغوية اكثر مما هي قانونية واجاب وكيل المدعي بان هناك فارق بين المفهومين من الناحية اللغوية ومن ناحية الاجراءات حيث ان المشروع يتضمن جسما للقانون باحكامه في حين ان المقترح هي فكرة تراود عدد من اعضاء مجلس النواب ومن ثم تأخذهذه الفكرة طريق التشريع من خلال اعداد مشروع للقانون فان الدستور حصر هذه الجهة بمجلس الوزراء وفي مجلس الرئاسة وكرروكيل المدعى عليه الثاني ما ورد في لائحته الجوابية واجاب وكيل المدعى عليه الاول ان الحكومة قد اشعرت بمقترح القانون وطلبت الاستماع الى اراء المعنيين وان الدستور قد حدد الاختصاصات الحصرية للحكومة المركزية وترك ما عداها الى حكومات الاقاليم والمحافظات وكرر كل اقواله وطلباته السابقة وعليه وحيث ان المحكمة قد دققت كافة اللوائح المقدمة واقوال وكلاء اطراف الدعوى لذا وحيث لم يبق ما يقال افهم ختام المرافعة وافهم القرار علناً . القرار لدى التدقيق والمداولة من المحكمة الاتحادية العليا وجد ان المدعي رئيس مجلس الوزراء /اضافة لوظيفته طعن بعدم دستورية قانون فك ارتباط دوائر وزارة البلديات والاشغال العامة المرقم (20) لسنة 2010 لمخالفته لاحكام الدستور . ووجدت المحكمة من استقراء نصوص الدستور انه قد تبنى مبدأ الفصل بين السلطات وذلك في المادة (47) منه . وان مشروعات القوانين خص بتقديمها السلطة التنفيذية ويلزم ان تقدم من جهات ذات اختصاص من السلطة التنفيذية لتعلقها بالتزامات مالية وسياسية ودولية واجتماعية وان الذي يقوم بايفاء هذه الالتزامات هي السلطة التنفيذية وذلك حسبما نص الدستور عليه في المادة (80) منه وليست السلطة التشريعية وحيث ان دستور جمهورية العراق رسم في المادة (60) منه منفذين تقدم من خلالها مشروعات القوانين ، وهذان المنفذان يعودان حصرا الى السلطة التنفيذية وهما رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء واذا ما قدمت من غيرهما فان ذلك يعد مخالفة دستورية لنص المادة (60/اولا) من الدستور . وان الفقرة (ثانيا) من المادة (60) من الدستور اجازت لمجلس النواب تقديم مقترحات القوانين عن طريق عشرة من اعضاء مجلس النواب او من احدى لجانه المختصة ومقترح القانون لايعني مشروع القانون لان المقترح هو فكرة والفكرة لاتكون مشروعا ويلزم ان يأخذ المقترح طريقه الى احد المنفذين المشار اليهما لاعداد مشروع قانون وفق ما رسمته القوانين والتشريعات النافذةاذا ما وافق ذلك سياسة السلطة التنفيذية التي اقرها مجلس النواب . ومن متابعة القانون موضوع هذه الدعوى المشار اليه اعلاه وجد انه كان مقترحا تقدمت به لجنة العمل والخدمات في مجلس النواب الى هيئة رئاسة مجلس النواب ولم يكن مشروع قانون تقدمت به السلطة التنفيذية واستنفذ مراحله قبل تقديمه وحيث ان اقرارهذا القانون من مجلس النواب ومجلس الرئاسة ونشره في الجريدة الرسمية دون ان تبدي السلطة التنفيذية الراي فيه ضمن التزاماتها السياسية الداخلية منها والدولية وهذا مخالف للطريق المرسوم لاصدار القوانين من الناحية الدستورية حيث ان رئيس مجلس الوزراء هو المسؤول التنفيذي المباشر عن السياسة العامة للدولة وذلك وفقا لنص المادة (78) من الدستور ويمارس صلاحيته الدستورية في تخطيط وتنفيذ هذه السياسة والخطط العامة والاشراف على عمل الوزارات والجهات غير المرتبطة بوزارة وفقا للمادة (80/اولا) من الدستور لذا فان من حقه اضافة لوظيفته الطعن بعدم دستورية القانون موضوع الدعوى لعدم اتباع الشكلية التي رسمها الدستور ولمخالفة القانون رقم (20) لسنة 2010 للمادة (60/اولا) من الدستور قررت المحكمة الاتحادية العليا الحكم بالغائه والغاء الاثار المترتبة عليه وتحميل المدعى عليهما رئيس مجلس النواب اضافة لوظيفته ورئيس مجلس الرئاسة اضافة لوظيفته مصاريف الدعوى واتعاب المحاماة لوكيلي المدعي والشخص الثالث مبلغا مقداره عشرة الاف دينار مناصفة بينهما وصدر الحكم حضوريا باتا وبالاتفاق استنادا لاحكام المادة (94) من الدستور وافهم علنا في