للأطباء اليهود العراقيين دورا كبيرا ومشرفا ومتميزا في العراق، ويفتخر تاريخ الطب في العراق بأسماء لمعت وبرزت في العراق، فهل ينسى العراقيين كرجي عزرا ربيع وداود كباية وجاكي عبود والمئات غيرهم.. واكثر مراجعيهم ومرضاهم كانوا من المسلمين واغلب المسلمين يتذكرونهم الى هذه اللحظة.
في هذه الايام تمر ذكرى وفاة اشهر طبيب عراقي في المجال الامراض العصبية والعقلية، انه الدكتور جاك عبودي شابي(1908-1981) المولود في مدينة البصرة، البغداديون يطلقون عليه جاكي عبود، انتقلت عائلته الى بغداد وانهى دراسته الثانوية فيها، وعندما افتتحت الكلية الطبية العراقية اول مرة عام 1927 كان د. جاك من ضمن طلبتها ويدخل في الكلية الطبية في دورتها الاولى عام 1932 وكان دائما من المتفوقين، سنوات دراسته ويرسل الى لندن على نفقة الحكومة العراقية لدراسة الطب النفسي ، ويعود الى بغداد عام 1933 ويتم تعيينه في المستشفى الملكي، ثم استاذا مساعدا في الكلية الطبية،
عمل مع الطبيب الالماني د. هانز هوف احد تلاميذ سيجموند فرويد، والمتخصص في الامراض العقلية والعصبية، وتعلم منه الكثير، تميز د. جاكي بعلميته واكتشافه طريق واساليب جديدة للعلاج،ادخل العلاج بالصدمات الكهربائية ويعد من اوائل الاطباء في العراق ممن افتتحو مستشفيات خاصة بهم، حيث اسس مستشفى( مستشفى الدكتور جاك عبودي للأمراض العقلية والعصبية) ومقرها على الطريق المؤدي الى معسكر الرشيد.
انتشرت في وقتها طرفة لكل من يتشاجر مع الاخر او يكون عصبيا حيث يقال له(انته مخبل وينرادلك تروح للدكتور جاكي عبود)
يذكر د. سلمان درويش في كتابه( كل شىء هادي في العيادة) ان جميع الاطباء اليهود العراقيين تركوا العراق بشتى الطرق، منهم بجواز سفر، ومنهم باسقاط الجنسية عنهم، ومنهم بطريق الهرب تخلصاً من الاضطهاد والملاحقة والضغط على الحريات.ز ودته الحكومة العراقية بجواز سفردبلوماسي تقديرا لمكانته العلمية وغادر القطر نهائيا عام 1980 بموافقة رسمية الى لندن حيث عمل طبيبا في مستشفى سجن (بركستون)حتى وفاته عام 1981.
ويذكر انه في عام 1979 اوقفه بعض رجال الشرطة عند انتهاء عمله في عيادته الخاصة ظهراً وذلك مقابل البنك المركزي في شارع الرشيد وسلبوّه سيارته وتركوه واقفا تحت اشعة الشمس الحارقة انتقاما منه لانه يهودي، وحين توقف احد الاطباء من تلامذته لغرض ايصاله بعد ان رأه واقفاً في عرض الشارع.. رفض الدكتور (جاك) ذلك لكي لا يتعرض زميله الى مشكلة ما, واصر على الذهاب بسيارة اجرة واعتكف في بيته لاشهر واعيدت بعدها سيارته اليه بعد ان وصلت المسألة الى جهات عليا واضطر الى ترك البلد الى بريطانيا قائلا انني (عراقي).. ولن اهاجر الى اسرائيل!..
غادر العراق متوجها الى لندن وعمل هناك طبيبا في مصلحة السجون، توفيها في 18 تموز عام 1981 .