اجرى موقع سويندون تاون ادفايزر, احد اهم صحف مدينة سويندون و قطاع ويلشاير الانكليزي, لقاء موسع مع النجم العراقي ياسر قاسم حول قصة حياته منذ ولادته في بغداد الى يومنا هذا مع ناديه الحالي. اللقاء المترجم بالكامل من هنا
كيف اصبح ابن بائع السيارات الى محبوب الكونتري كرواند (ملعب النادي)
من اللعب بالمرمى في مباراة بها 25 لاعب بالفريق على تبليط شوارع بغداد الى ماسك لزمام الامور ضد ملايين تشيلسي. مسار ياسر قاسم اخذ يتجه الى ان يكون البطل الجديد لسويندون تاون.في الواقع, فان مسيرته فريدة. القليل جدا من المحترفين بالكرة الانجليزية لديهم قصة فريدة كقصة ياسر قاسم. انها حكاية ابن بائع قطع غيار السيارات المستعملة الذي تحول الى قدوة لالاف الجماهير الكروية في ويلشاير. حينما جلس الموقع مع قاسم في الكونتري كراوند, كان الارتكاز مزاجه مرح كالعادة. صاحب ال22 عام تعلم الكرة بطريقة صعبة, فمن فتى يركل الكرة مع الاطفال في شوارع بغداد الى محترف في صفوف توتنهام, و بعدها معانات مع برايتون الى الوصول الى مرحلة التفكير في ترك اللعبة, و الكثير من الاحداث الاخرى منعته من الاستمتاع بالرياضة في كل مباراة يلعبها اسبوعياً. من خلال لحيته الظاهرة, يتذكر قاسم ذكرياته الاولى في العراق, المدمر من الحروب. الطفل ياسر ولد في العاشر من الشهر الخامس عام 1991, قبل اكثر بقليل من شهرين على انتهاء حرب الخليج. عاش مع والده صفاء, و والدته سمية, مع اخويه في احد شقق العاصمة العراقية. بالرغم من اصوات ضربات قوات التحالف الجوية, و النظام الدكتاتوري السائد انذاك في البلاد, الا ان قاسم يتذكر طفولته باعتزاز. "الحياة كانت جيدة, اتكلم بانصاف", قاله مع دموع ملحوظة من عينه. "حينما تكون طفل, لا تعي تماماً ماذا يجري حولك, حتى حينما كانت هناك مشاكل. فكان الطقس دائما جيد, و كنا دائما نلعب بالشارع الى ساعات متاخرة من الليل.. كطفل لا عليك اي مسؤوليات فكنت دائم اللعب و اذهب الى المدرسة و ارجع للمنطقة يوميا, كانت اوقات ممتعة جدا بالعراق". حينما كبر قاسم, وجد نفسه بكرة القدم كثيراً. ليس على ملاعب العشب الخصراء و التمارين المنظمة, كما بقية زملائه بالفريق, و انما بين صراخ الاطفال. و من الغريب جدا انه لم تبدا قصته مع الكرة في الحديقة مثلا, و انما بين عصي اثنان و الوقوف كحارس. "كان لدينا حوالي 50 الى 60 لاعب يركلون الكرة على الازفلت حافين القدمين. كنت غالبا ما اقف بالمرمى و لكن بدأت العب بالملعب و بدات استمتع اكثر" "كانت فوضى شديدة و لم تكن سهلة لانه لم يكن هناك عمر محدد, فترى صاحب ال15 عاما يلعب ضد صاحب السبع اعوام. و لكن بهاية اليوم, كنا جميعا نصاب و نرجع الى المنازل مع الدماء تسيل من اقدامنا. انا كنت دائما وسخ و انزف. و قدمي كانت دائم النزيف بسبب التبليط الحار" "بعد مدة, بدات امي تتعود على الوضع. و اصبحت تغضب ايضا, و لكن ليس كثيرا"
قاسم في احد المرات مع الفريق العراقيمع معاناة مادية, صفاء قاسم قرر المغادرة مع العائلة خارج العراق. قرار لم يكن سهل. "كان الديون تتراكم, فباع كل شيء و سددها, و قرر مغادرة العراق, بمبلغ 700 دولار فقط". - ياسر نقلا عن ابيه." و كانت تقول له امي كيف تريد ان تغادر ب700 دولار و نحن 5 افراد؟ و لكنها كانت تحظر الاغراض و الحقائب بنفس الوقت" " اعتقد انه رشى احد الحرس على الحدود, لانه لم يكن السماح بالسفر, و دخلنا الاردن. بقينا بالاردن لمدة سنة و قدمنا على اللجوء الى بريطانيا, و تمت الموافقة عليه" وصل قاسم الى انكلترا بعد شهرين من كاس العالم 1998. البطولكان ة التي فتحت اعين ياسر, حيث شاهدها بشغف كبير بعمان. العائلة سكنت بمنزل سغير غرب لندن, و التحق قاسم بفريق المنطقة الصغير في مركز ويستوي الرياضي. و الصدفة كانت انه كان بنفس التشكيلة التي لعب فيها ويس فودريكينهام (حارس مرمى فريق سويندون الحالي). "ويس كان بنفس الفريق الذي العب به, و كانت هذه اول ترجبة لي بثقافة النادية" و اضاف "كنا نتدرب يومين بالاسبوع بعد المدرسة.. ناتي, و ندفع 2 باون, نتدرب و نستمتع بالكرة". موهبة قاسم لوحظت بسرعة من قبل مدربه, بيري ليتج, و الذي اخذه الى اكاديمية فريق فولهام. و كانت هذه اول تجربة بالرفض لصاحب الخمسة عشر عاماً. فولهام رفضوا الابقاء عليه. "بقيت هناك قليلاً, و بعدها استقطبني اكاديمية توتنهام.. و بعدها سمعت من مدربي ان اكاديمية فولهام تشعر بالندم الان" - قال ياسر. فولهام لم يكن اول فريق يدع موهبه ياسر تذهب. فالمراهق اختير مع مجموعه الموهوبين في تشكيلة الاكاديمية و كان الى جانبه العديد من اللاعبين مثل داني روز (مدافع توتنهام و المنتخب الانكليزي), جون بوستك, دين باريت, اندروس تاونسيد و ستيفين كاولر.
قاسم حينما كان في توتنهامكان الموقف باتجاه الرياضة قد اختلف كثيرا عن ما كان عليه بالعراق"كطفل, انت تلعب فقط لتستمع و لا تهتم لراي الاخرين" قال قاسم. " و لكن حينما تكبر, بدا بالتفكير بالاخرين, و لكنني كنت دائما احاول الاستمتاع في بداية مشواري مع توتنهام". "بدات الاحظ و استوعب الناس و طرف التفكير حينما كنت اتدرج بالفرق خصوصا بفرق تحت 11 و 12 و 13 عام, فكنت الاحظ الفروق الكبير بالثقافات و طرق تفكير الناس" "اعتقد انها كانت صعبة بعض الشيء لانه في وطني كانت بيننا صداقة اكثر, فكان الجميع مثل الاخوة. اما هنا, تراهم مرتين بالاسبوع بالتمرين, نتدرب و نلعب مباراة. و كان هناك الاهالي يتابعون دائما, و الغيرة بين الجميع, و لكن مع ذلك كنت دائما احاول الاستمتاع" قاسم امضى ثلاث سنوات مع فرق الشباب بتوتنهام (و حقق لقب الدوري الانكليزي الممتاز للشباب), و بعدها رفض عرض الفريق الاحترافي بالدوري الممتاز. "تركت الفريق. عرضوا علي عرض احترافي مع الفريق بالدوري و لكنني غادرت". يشرح قاسم: "فبدات منحتي تنفذ, و بدات افكر بالمستقبل, فرات كل اللاعبين الشباب الاخرين قبلي بسنة او سنتين تم التعاقد معهم و لم يحصلوا على اي فرصة, ركود و جمود بلا اي تقدم" "لم يكن احد يهتم له كثيرا لان توتنهام هو نادي كبير, و كانوا دائما يريدون النتائج بغض النظر عن الاشياء الاخرى. فقررت ان اذهب الى مكان استطيع ان العب فيه و اثبات نفسي بدلا من ان اكون رقماً اخر" حسب مدون نادي توتنهام كريس ميلير, فان احد اهم الاسباب التي جعلت ياسر يغادر هو ممانعة النادي اشراكة في المباريات الكبيرة.ميلير, و الذي يعتبر الموسوعة الاكبر لفريق توتنهام (www.windycoys.com) , قال للموقع ان انتقال النجوم مثل بوستوك من كريستال بالاس, عرقل مسيرة قاسم بالنادي. و اضاف: " حتى في فريق الشباب كانت الفرصة تعطى اكثر لاصحاب التعاقدات الكبيرة, حتى يبرزون اكثر بالمباريات الكبيرة, فكنت اشعر انه كانت حتى ضغوطات من اجل اعطاء هؤلاء اللاعبين الفرصة الاكثر لكي يبرزوا.. و لكن بنفس الوقت كنت اشعر بان الفريق كانت متزناً اكثر حينما كان يشترك ياسر""و حينما غادر, كانت هناك احاديث على انه والده كان لديه يد بالموضوع, فقد رفض كيف كانت تسير الامور, و كلنا نعلم ان ياسر هو شخص متعلق بعائلته". و غادر بعدها ياسر تلقاءياً في قرار لم يتردد فيه. غادر الى مستقبل مجهول. قاسم: "اتخذت القرار في ذلك الوقت و كنت مستمعا به, و لكن حينما انظر اليه الان اعتقد انه كان قراراً صعبا جداً, و لكن مرة اخرى الذي مررت به كان شيءا فريداً, و لكنه غيرني .. غيرني بطريقة ايجابية" ..
قاسم طمح ببداية جديدة مع برايتون
تم استقطابه من قبل برايتون, بعد مشاكل مادية حول التعويض و امور اخرى. و لكن الفضل يعود لرئيس برايتون و الذي تدخل بفضل علاقاته مع توتنهام و حل الموضوع. و لكن بهاية الامر, لعب ياسر مرتين فقط مع الفريق الاول بالنادي. "كان دائما هناك شيء ناقص في برايتون و لم اعرفه, ربما طريقة اللعبة, و ربما كثرة اللاعبين و منافسة النادي على الصعود للدوري الممتاز, و لكنني بالنهاية لم استطع ان اعرف ما هو" فبعد مشوار غير جيد بملعب برايتون, اعاره الفريق لفرق بالدرجيات الدنيا.
الانتقال لليوتون و ماكسفيلد لم تنجح
لوك ويليامز, مساعد مدرب سويندون الحالي, عمل مع الارتكاز العراقي في برايتون, و يعتبره كصديق. في الفترة الحرجة لياسر, يتذكر ويليامز كيف مرة ياسر بمرحلة التفكير في حياته بدون الكرة. "كان يفكر بشكل جدي بعمل شيء اخر لان الفرصة لم تكن تاتيه.. كنت اعلم انه ليس من النوع الذي يستسلم بسهولة و لكن كنت اعلم جيدا ان فكرة ترك الكرة كانت في باله" .. "اعتقد ان انكلترا لديها عدد قليل من هذا النوع من اللاعبين, لانه يحول السيطرة على المباراة لفريقه و التقدم ضد الخصم. في انكلترا, لا نلعب هذا كثيرا, نحاول اللعب بدون الكرة كثيرا و اللعب السريع مع استغلال اخطاء الخصون, بينما ياسر لم يتاقلم كثيرا مع هذه البيئه". قاسم تمسك بالفرصة. في الثالث و العشرين من الشهر الرابع للتدرب و لعب ودية مع سويندون تاون ضد فريق بريستول. و بعد تفاصيل اخرى, لعب قاسم ودية اخرى, و اختير ليسافر مع الفريق لمعسكر بالبرتغال, و برز كثيرا في حينها في ودية امام فريق توتنهام انتهت بالتعادل 3-3, من ما جعل ادارة النادي التعاقد معه رسميا. قاسم: "حينما تنظر الى تاريخ اللاعب او تفكريه يجب عليك ان تعرف اكثر.. حينما تنظر الى الورق تفكر بانه ذهب هنا و هناك من غير ان تعرف التفاصيل الاخرى, و لكن حنما تعرف اللاعب جيدا و تنظر اليه تعرف ما هو هذا اللاعب و كم يريد ان يبرز و ينجح". وليامز خصوصا كان سعيد جدا بما ظهر عليه ياسر مع التاون. "ان تستغل الفرصة بهذا الشكل الكبير, و اعتقد كان حلم له و لي العلم سويا.. كنت اتكلم معه احيانا, و كان يتصل بي اكثر من مرة لاخذ النصائح"..قاسم اصبح في مقدمة الاحاديث في ويلتشاير, و خصوصا بعد ما رفضت ادارة سويندون عرض ناي كوين بارك رينجرز بقيمة 250 الف باوند. بالاضافة الى انه قامت جماهير النادي بطباعة تي شريت باسم ياسر مكتوب عليه عبارة مديح له.
انتقال قاسم لسويندون جعل منه بطل قاسم لم يعلم بموضوع انتاج التيشيرتات الخاصة به حتى اخبرته الصحيفة بذلك. حيث ضحك و كان خجول بالموضوع. هذا الاسبوع, وقع العراقي عقد جديد يمتد لثلاث سنوات مع فريق سويندون بالدوري الدرجة الاولى الانجليزي (اي درجة الثانية بالعربي)بالنهاية يتحدث المدرب حول الموضوع يقول كيف ان اللاعبين, خصوصا الصغار, حينما يحصلون على الفرصة المناسبة يستطيعون عمل الكثير. و ان ياسر حاليا يستطيع اللعب تقريبا باي مكان يريده لان طموحه كبير, و نحن سنحاول تطوريه باكبر فرصة ممكنة.