فائزة جاسم: مسرح الطفل العراقي معافى على الرغم من عدم وجود الدعم
عبد الجبار العتابي من بغداد: فازت الفنانة العراقية فائزة جاسم بجائزة دولية كأفضل ممثلة مناصفة مع ممثلة فرنسية ضمن فعاليات مهرجان الناظور المسرحي لمسرح الطفل الذي اختتم مؤخرا في المغرب، وهي ما اشارت اليها بالفرح بالنسبة لها وبالعافية وتأكيد الحضور لمسرح الطفل العراقي وعدت الجائزة انجاز يعبرعن تواصل الفنان المسرحي العراقي في امتداده للسابقين من النجوم الذين اعطوا لمسرح الطفل مواهبهم ومهاراتهم، فائزة وفي حوار مع (ثقافات ايلاف) اعبرت عن تنمياتها ان يلتفت من يهمهم امر المسرح الى الواقع ويبذلون جهودا من اجل التطور وخدمة الطفل العراقي الذي هو المستقبل، حيث قالت اولا : كل الهم وكل الوجع الذي يحمله الطفل العراقي وضعناه على اكتافنا وسافرنا من العراق الى كازابلانكا ومن ثم مدينة الناظور في المغرب، وشاركنا بكل وجعنا في المهرجان، اكون متحيزة اذا ما قلت لك ان عملنا كان افضل العروض، هناك عروض جميلة ومواضيع عن البيئة والاوزون والحب ولكن عندما قدمنا نحن هذا العمل قدمناه بشكل مختلف، العمل يحمل اسم (اسمي دجلة) تأليف واخراج مهند مختار وتمثيل فائزة جاسم وبهاء خيون ومهند مختار والاء نجم، حصلنا على ثلاث جوائز، افضل ممثل لمهند مختار وافضل اخراج لمهند ايضا وافضل ممثلة، مناصفة مع ممثلة فرنسية، هذه الجائزة دولية حكامها من اسبانيا وفرنسا والمغرب والمانيا وغانا، والمشاركات من دول اوربية وعربية.
* ما الذي لفت انتباهك في العرض او بعده؟
- عندما غادرت المسرح بعد العرض وجدت ثلاثة من المحكمين ينتظرون اسفل درجات المسرح، كن نساء من فرنسا واسبانيا والمغرب، يقولن نريد ان نرى (الطفلة) العراقية، انها اوجعت ارواحنا، كانوا يعتقدون ان بطلة العمل طفلة فعلا للملابس التي ترتديها والضفائر،لكن الدكتورة نادية، عضوة الوفد العراقي، قالت لهم وهي تقدمني اليهم : هذه المدام هي الطفلة العراقية، فأندهشوا واطلقوا اصوات تنم عن المفاجأة، هل من المعقول ان الطفلة تلك انت؟.
* اية طفلة هذه التي تجسدين شخصيتها؟
- طفلة عمرها سبع سنوات تحمل هواجس وهموم المنطقة التي تعيش فيها حيث العنف والقهر والخوف والالم والارهاب وعدم استقرار، ولدى هذه الطفلة حوار تقول فيه (كان الرصاص يتساقط على منازلنا كأوراق الشجر، فكيف تريدونني لا اخاف، انا طفلة وانتم الكبار نسيتم انني طفلة، نسيتم انك تتحدثون امامي عن اشياء ترعبني ولا اقدر ان اتخيلها)، هذا الحس وهذا الهاجس اشتغلت عليه هذه الطفلة، وانا اشتغلت على عدم الاستقرار في اداء شخصيتها.
* اية صعوبة في هذه الشخصية؟
- هذه الشخصية معقدة وكبيرة وتحمل هموم كهل وهي لا زالت طفلة تحلم بالذهاب الى المدرسة، ظهرت على المسرح طفلة بعمر سبع سنوات عندها ضفيرتان واشرطة وترتدي ملابس مدرسة وتحمل حقيبة مدرسية وتحكي كيف تحلم بالاستقرار والامان وتتخيل ذلك، اسمها (دجلة) اخذناا من نهر دجلة الخالد، من هدوء هذا النهر وهو يمثل الامان والاستقرار والخير، وهنا من تساءل عن معنى الاسم هل مجرد اسم او له علاقة بالنهر فقلت انه له علاقة لان جريان دجلة المتواصل دلالة الخير ومهما كانت الاحزان فالفرح ات ومهما كان اليأس فالامل موجود، وقلنا ان اصباغ الاخرين وضعت على وجه هذه الطفلة الجميلة.
* ما الذي تمثله لك هذه الجائزة؟
- تمثل لي اثباتا وديمومة حياتي وتعني لي الشيء الكثير هذه الجائزة، تعني اني استطعت ان احقق شيئا وان كان بسيطا وامسح ببصمتي المفرحة السواد الموجود على اطفالنا، فعندما نعرض هموم طفل فنحن نضع بصمة عافية، وهذه الجائزة قدمتها هدية لاطفال العراق الشهداء الذين سقطوا في الاعمال الارهابية والذين ماتوا نتيجة عدم توفر العلاج لهم او لان اهاليهم لم يستطيعوا ايصالهم في الظروف الصعبة الى المستشفيات لمعالجتهم.
* هل ثمة تصور لك عن مسرح الطفل في العراق من خلال هذه المشاركة؟
- هذه الجوائز اكدت ان مسرح الطفل العراقي معافى على الرغم من عدم وجود الدعم له ولا مساندة، وكل اعمالنا تنبع من مجهودات شخصية وفردية، وحاولنا ان نجتمع لنكون مجموعة صغيرة ونعمل معا بدون قاعة ولا نقل ولا مصرف ولا تذاكر سفر، حيث اننا ذهبنا من العراق الى سورية بالسيارات، وذهبنا من كازابلانكا الى مدينة الناظور بالسيارات والمسافة 700 كيلو متر تقريبا، وهذا ما اجهدنا واتعبنا، لكننا سعداء بهذه اللبنة الجميلة التي فيها عافية بلدنا لان الطفل هو مستقبلنا،فعندما نخلق طفلا جميلا وجيدا فأننا نخلق مستقبلا جيدا وجميلا، فأين الاهتمام بهذا المستقبل، انا لا يهمني ما تصنع لي او تبني ناطحة سحاب، انا اريد منك ان تزرع لي وردة حتى اراها وابتسم.
* ما الذي يحتاجه مسرح الطفل في العراق؟
- يحتاج دعما ووقفة من قبل كل المؤسسات الثقافية المعنية لان هذا المسرح هو الحياة، لانها ستزرع نبتة جميلة وترعاها، فأن لم ترعاها ولم تعرف مشاكلها وهمومها كيف يمكن ان تنمو وان تزدهر.
* مالذي يشغلك بالك الان؟
- بعد حصولي على الجائزة كان تفكيري ينصب في تساؤل مع نفسي : هل صحيح انا ساعدت ووضعت بصمة او بسمة لحياة طفل؟ هل صحيح انني سأقود مشروعا ثقافيا جميلا ونسير على نهجه؟، جئت وانا محملة بمسؤولية وبدأت اخاف، لان المسؤولية اكبر مني لاسيما انني اعمل بلا دعم وليست لدي مؤسسة تحميني وليس لدي احد يحتضني، هذه كلها تسبب الخوف والرعب، نحن سافرنا بمجهوداتنا الخاصة واشتغلنا بها، طيب.. اما آن الاوان ان تكون هنالك جهة تحتضننا؟ نحن لم نذهب كممثلين عن الفرقة القومية للتمثيل، بل عن محترف بغداد المسرحي الذي هو من منظمات المجتمع المدني، ولكنني جزء من الثقافة والمنجز الثقافي العراقي، انا عندما قدمت العمل هذا لم اشعر انني قدمته للمحترف بل قدمته للعراق ومثلت العراق وتكلمت بأسم العراق.
* أي تأثير للجوائز على المعنيين بشؤون المسرح العراقي او المسؤولين؟
- لم يرسل احد لما حققناه ولم ينتبه احد الينا، وتصور اننا قبل السفر طلبنا قاعة للتمارين في دائرة السينما والمسرح فلم تعط لنا الا مرتين او ثلاث ومن ثم طردونا، وقالوا : ليس لديكم مكان هنا، قلنا نحن نعمل مسرحا، قالوا : انتم فرقة المحترف، قلنا انه جزء من ثقافة العراق، لسنا جهة معادية، كل ما في الامر ان مخرجا شابا هو مهند مختار سلمني نصا وطلب ان اتعاون معه، فأعجبني النص بعد قراءته، واتفقنا واشتغلنا، وللعلم ان التمارين اجريناها في مؤسسة الامل التي صاحبتها الاستاذة هناء ادور التي اعطتنا قاعة وبقينا نحو 25 يوما نزعجهم بتماريننا وصراخنا، وللسيدة هناء يرجع الفضل في احرازنا للجوائز زنقول لها من خلالكم : شكرا لانك وفرت لنا مأوى وضعنا اول لبنة لنا فيه لنبدأ نبني.
المصدر : ايلاف