الأب أنستاس الكرملي
بطرس جبرائيل يوسف عواد والمعروف بالأب أنستاس الكرملي (22 ربيع الأول 1283هـ=5 أغسطس 1866 - 13 صفر 1366 هـ=7 يناير 1947) رجل دين مسيحي، ولغوي، عراقي لبناني. وضع كتباً مهمة وأبحاثاً جديدة عن اللغة العربية. كان يرى في الخروج على العربية خطئاً لا يمكن قبوله أو التساهل فيه. وساهم في عملية التعريب، وأصدر مجلتين وجريدة.
كان يدعو للتصحيح اللغوي والحفاظ على اللغة العربية. وألف معجماً سماهُ المساعد يقول عن سبب تأليفه: «منذ أخذنا نفهم العربية حق الفهم، وجدنا فيما كنا نطالع فيه من كتب الأقدمين والمولدين والمعاصرين ألفاظا جمة ومناحي متعددة، لا أثر لها في دواوين اللغة... ولهذا رأينا في مصنفات السلف نقصا بينا، فأخذنا منذ ذلك الحين بسد تلك الثغرة...»، وقد ظل هذا الكتاب مخطوطاً سنوات طويلة بعد وفاة مؤلفه، ولم ير النور إلا في سنة 1392 هـ / 1972م حيث صدر المجلد الأول منه.
ولد الأب أنستاس الكرملي في بغداد في (22 من ربيع الأول سنة 1283هـ =5 من آب سنة 1866م) لأب لبناني وأم بغدادية، فأبوه ويدعى جبرائيل يوسف عواد من بحر صاف من قرى لبنان قدم إلى بغداد في نحو سنة (1267هـ =1850م) وأقام بها، وتزوج من فتاة من بغداد تسمى مريم مرغريته، وأنجب منها خمسة بنين وأربع بنات، وكان ابنه بطرس الذي عرف بعد ذلك بأنستاس الكرملي الرابع بين أولاده.
تلقى الكرملي تعليمه الابتدائي في مدرسة الآباء الكرمليين، وبعد أن أتم دراسته بها انتقل إلى مدرسة الاتفاق الكاثوليكي، وتخرج فيها سنة (1300هـ =1882م) وبدأ حياته معلما للعربية في مدرسته الأولى، وكان آنذاك في السادسة عشرة من عمره، وأخذ ينشر وهو في هذا العمر الغض مقالات لغوية في العديد من الصحف المعروفة في ذلك الوقت مثل: الجوائب والبشير والضياء. ولما أكمل العشرين غادر بغداد سنة (1304هـ =1886م) إلى بيروت، وعمل مدرسا بكلية الآباء اليسوعيين، وفي الوقت نفسه أكمل دراسته في تعلم العربية واللاتينية واليونانية، وأتقن الفرنسية، وتوفر على دراسة آدابها.
ولم يكتف الأب أنستاس الكرملي بهذا القدر من الدراسة، حيث سافر إلى بلجيكا سنة (1305هـ =1887م) والتحق بدير شفرمون قرب مدينة لييج، ودخل في سلك الرهبنة، وتسمى باسم أنستاس ماري الكرملي، وهو الاسم الذي لازمه وعرف به بين الناس. ثم دفعته رغبته في التزود من المعرفة إلى السفر إلى مونبلييه بفرنسا سنة (1307هـ =1889م) لدراسة اللاهوت والفلسفة وتفسير الكتاب المقدس والتاريخ الكنسي، وظل هناك حتى رسم قسيسا سنة (1312هـ =1894م) ثم غادر فرنسا إلى أسبانيا، وأقام بها فترة زار معالمها الإسلامية، ثم عاد إلى العراق ليتولى مدرسة الآباء الكرمليين.
ترك الكرملي عدداً هائلا من الكتب لا يزال معظمه مخطوطاً لم ير النور، ومن أهم كتبه المطبوعة: أغلاط اللغويين الأقدمين، ونشر في بغداد سنة 1932م، ونشوء اللغة العربية ونموها واكتهالها، ونشر في القاهرة سنة 1938م، والنقود العربية وعلم النميات، ونشر في القاهرة سنة 1939م، وحقق عددا من الكتب، في مقدمتها: معجم العين للخليل بن أحمد، لكنه لم يكمله بسبب ظروف الحرب العالمية الأولى، ونخب الذخائر في أحوال الجواهر لابن الأكفاني، والإكليل للهمداني. وبالإضافة إلى ذلك خلّف ما يزيد على أكثر من 1300 مقالة تمثل جزءا كبيرا من إنتاجه.
حظي الكرملي بتقدير كثير من الهيئات والمجامع العلمية واللغوية، فانتخب عضواً في مجمع المشرقيات الألماني سنة 1329 هـ / 1911م والمجمع العلمي العربي في دمشق سنة 1339 هـ / 1920م واختير ضمن أول عشرين عالماً ولغوياً من مصر وأوروبا والعالم العربي يدخلون مجمع اللغة العربية بالقاهرة سنة 1351 هـ 1932م.