برغم دوار عشقه ...و انصهاره في بركانها ...و برغم كل ما مثله تجسدها امامه كائنا يدحض فرض ان الملائكة كائنات غير مرئية ...و برغم ان الطاولة التي وصفت لخياله دفء ملامسة كفيها ، لم تبعدهما عنه ...لكنه حرص اﻻ يحلم بملامسة اناملها ...كان يدرك ان لحظة التملك تلك طلقة اولى من مخاض فراق عسير ...لم يكن هو بقدر احتماله...لم يدر لمَ - وهو يقاوم اغواء سعادة احتواء ذلك الكف الحبيب - كان يؤمن ان المقاومة امتلاك ...و ان الاستسلام خسارة محتمة ...
و في امواج افكاره ،غرقت حدقتاه في تأمل اناملها المتململة كطفل يوشك على الاستيقاظ ...كانت تنقر على الطاولة ( المحظوظة ) بصمت رقيق .. لحنا اوشك ان يحزره لوﻻ ان توقفت ..فأفاق ..و تطلع الى عشتاره ...كانت ترنو بعيدا ...كأنما لم يكن هناك من احد يجاورها ...تمثاﻻ من عاج ...يخطف الانفاس ....
لم يكن ليملك جواب السؤال : منذ متى احببتها ...لكنه يملك جواب سؤال اخر: ...هل تحس بك ؟...ولم تعد اجابته مهمة منذ ادرك ان تلك الـ(ﻻ )...، ببساطة لم تكن لتغير من محنته شيئا ..او تمد اليه طوق نجاة .
كان رفاقه يسخرون من حبه امرأة يراها كل يوم وﻻ يعرف اسمها ...و كان هو يسخر منهم ...(من قال ان للملائكة اسماء !!) .....
و حين نهضت كما تنهض لتغادر المقهى كل يوم ...تاركة فنجان قهوتها ...تذكارا وحيدا ...يلمسه ...يحتضن صحنه الصغير و ملعقته ...حرص على اختطافه من طاولتها القريبة قبل ان يفوز النادل به ..كانت مغامرة الاختطاف الصغيرة تلك ..تمنح فؤاده كل يوم ...ارتجاف فارس حضي بأميرته وانطلق ...........اي نشوة !!!!
لم يكن يحب ان ينظر اليها تغادر ...كان يقول ان الطيور تأوي الى اعشاشها قبل المغيب كي ﻻ تبكي انغمار الشمس في الافق ...لذا حرص على الانشغال بمغامرة الاختطاف ....ليحمي فؤاده من انكسار افولها ..
ما لم يكن يدركه ...ان امرأة تجلس في مكانها كل يوم ...و تشرب ذات القهوة ..و تتركها ....لعاشق يجهل اسمها ....هي امرأة قيد الانتظار .