انخفضت نسبة البطالة بشكل بطيء وثابت، وتدّعي حكومة بغداد بان نهجها هو السبب في هذا الانخفاض طالما أنها توفر كل سنة آلافاً من فرص العمل في القطاع العام. مع ذلك فان المواطنين مستمرون في انتقادهم للإحصاءات الرسمية للبطالة. اليوم كشفت دراسة حديثة قامت بها (بوز آند كومباني) بأن سبب انخفاض نسبة البطالة هو ليس توفير فرص عمل جديدة، بل أن أعداداً كبيرة من العراقيين تخلت عن البحث عن عمل. أثر هذا في الأغلب على فئة الشباب التي تعتبر اكبر مجموعة بين السكان واسرعها نمواً، ما قد يسبب مشاكل حادة قادمة، مع عدم استقرار اجتماعي، وتجنيد هؤلاء الشباب في المجاميع المسلحة ما لم تتم إعادة هيكلة الاقتصاد.على مدى السنتين الأخيرتين، كان معدل البطالة مستقراً على حاله لكنه أدنى بكثير مما كان عليه في 2003؛ فبعد سقوط صدام كانت نسبة البطالة عند 25% ثم انخفضت بشكل حاد إلى 17% بحلول عام 2005 لكنها استقرت بعد ذلك ولم تتحسن إلا الى نسبة 15% في 2008.
وفي 2012 قالت وزارة التخطيط ان البطالة انخفضت بنسبة 3% الى 12% وأعلنت في العام اللاحق أنها بلغت 11%. وفي آذار 2012 أعلنت حكومة إقليم كردستان ان نسبة البطالة في الإقليم كانت 14% لكن ليست هناك أرقام يمكن الاعتماد عليها في الشمال.
من جانبه صرح وزير العمل نصار الربيعي للصحافة بانه يسعى الى تخفيض نسبة البطالة الى 7% في السنوات القادمة. وحسب المناطق، فان إقليم كردستان يعتبر أسوأ من بقية أنحاء البلاد. ومن عام 2003 الى 2008 انخفضت أعداد العاطلين من 33% في بغداد الى 12% بالمقارنة مع انخفاضها من 29% الى 17% في الوسط، ومن 24% الى 17% في الجنوب. اما في كردستان فقد ارتفعت البطالة من 8% الى 12%. وكان السبب في هذه الزيادة ان اليد العاملة تنمو اسرع من فرص العمل التي يتم توفيرها.
هذه المشكلة تؤثر على البلاد بأكملها وخاصة بالنسبة للشباب الذين يعانون من اعلى نسبة بطالة. في عام 2008، كان هناك 29.9% من الشباب بأعمار 15 – 24 سنة عاطلين عن العمل، يأتي بعدها 14.5% ممن هم بأعمار 25 – 34 سنة، و7.2% بأعمار 35 – 44 سنة، و5.0% بأعمار 45 – 54 سنة، و5.3% لعمر 65 سنة فما فوق.
قلة الفرص لأولئك الذين دخلوا توا الى سوق العمل تزداد مع نمو عمر السكان. ان متوسط عمر الفرد العراقي هو 20 سنة، وان 64% من السكان يبلغون 24 عاما او اقل، مما قاد الى ان حوالي 250 الف شخص دخلوا سوق العمل في العام الواحد من 2007 الى 2011، ومن المتوقع ان يزداد ذلك الى 290 الف في العام الواحد من 2012 حتى 2016. النتيجة هي ان هناك ما يقرب من 500 الف عاطل من خريجي الجامعات حسب نائب رئيس الوزراء صالح المطلك، و 550 الف شاب عاطل عن العمل في 2013 .
واذا لم يتمكن العراق من إيجاد فرص عمل لشبابه فان ذلك قد يقود الى زيادة عدم الاستقرار. ففي السنوات القليلة الماضية، خرج الناس باحتجاجات الى الشوارع بسبب الفساد ونقص الخدمات وقلة فرص العمل. كما ان بعض الشباب انجروا الى المجاميع المتطرفة بسبب الإحباط والحاجة الى المال. مما يزيد المشكلة سوءاً ، لن تكون هناك الكثير من الإحالات على التقاعد قريباً نظراً للتوزيع العمري في البلاد، ما سيزيد الضغط على الحكومة لتحسين الوضع الاقتصادي وهذا أمر هي غير مؤهلة للقيام به.
وكان رد فعل الحكومة هو الوعود بإيجاد المزيد من فرص العمل في كل عام، والحديث عن تطوير القطاع الخاص إلا ان ذلك لم يحصل . فمثلا، كان من المفترض ان توفر ميزانية عام 2012 (58) الف وظيفة حكومية جديدة، و كانت اللجنة المالية البرلمانية تسعى لإضافة 42 الف وظيفة أخرى. وفي العام التالي كان المفروض شمول 100 الف فرصة عمل أخرى في القطاع العام.
بنفس الشكل، ادعت سلطات كردستان أنها وظفت 25 الفاً في 2011 وسعت الى توظيف 40 ألفاً آخرين في 2012. كذلك كان من المفروض ان يعزز العراق قطاعه الخاص ويجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية إلا انه عجز عن القيام بذلك بسبب بيئة الأعمال الصعبة وبسبب القطاع النفطي الذي يهيمن على الاقتصاد، كما ان اغلب الشركات تعاقدت مع الحكومة التي تعاني من الفساد والتباطؤ في انجاز الأعمال .
المشكلة ، كما اعترف وزير العمل، هي ان هناك مشاكل هيكلية في الاقتصاد العراقي تمنعه من خلق فرص عمل كافية للسكان.
لقد تضاعف عدد الموظفين الحكوميين منذ عام 2003 ، كما انتعش القطاع الخاص مؤخراً إلا ان ذلك لازال غير كاف. في الواقع ان نسبة توفير فرص العمل انخفضت بمعدل الثلثين منذ عام 2005. ومن 2003 – 2005 تم توفير ما معدله 793 الف فرصة عمل جديدة بالمقارنة مع 222 الفاً من 2005 – 2010. هذا هو أدنى من عدد الذين دخلوا سوق العمل حينها. إذن كيف استمرت نسبة البطالة بالانخفاض؟
قامت (بوز آند كومباني) مؤخرا بإجراء دراسة للاقتصاد العراقي، فوجدت ان سبب انخفاض النسبة المئوية للعاطلين هو المزيد من العراقيين تركوا فكرة البحث عن عمل. من 2003 - 2005 انخفضت نسبة البطالة الى الثلث بسبب زيادة فرص العمل بنسبة 33%. في آن واحد، ازدادت نسبة مشاركة اليد العاملة من 43.5% عام 2003 الى 49% في 2005. ومنذ ذلك الوقت انخفضت النسبة الى 47.8% . وفي نفس الوقت، ارتفعت نسبة المبعدين او الموظفين هامشياً من 2% في 2006 الى 33% في 2008.
وكشف مسح أجري عام 2008 ان 24% من المشاركين في المسح اعتقدوا بعدم توفر فرص عمل، و20% كانوا في المدارس وفي التدريب او بقوا في بيوتهم، 15% قد تعبوا من البحث عن عمل، 12% كانوا مرضى او كباراً في السن، وقال 10% انهم لم يعثروا على عمل مناسب، و8% لا يعرفون كيف يبحثون عن عمل، و 6% لم يكونوا مؤهلين او كانوا بانتظار عمل. عندما أضافت بوز العمال المبعدين وجدت ان نسبة البطالة في العراق كانت 50% منذ عام 2008 .
عن: أفكار عن العراق