صديق فعال
تاريخ التسجيل: January-2013
الجنس: ذكر
المشاركات: 609 المواضيع: 210
التقييم: 146
آخر نشاط: 22/June/2017
الطريق الوحيد والاستراتيجية الرئيسة في النظام التربوي الديني 9-2
7ـ إن غاية الرغبات العميقة والفطريّة في الإنسان هي طلب الله والشوق إلى لقائه
إن غاية الرغبات العميقة والفطريّة في الإنسان هي طلب الله وعشق التقرب منه والشوق إلى لقائه. إنّ العشق المحوري الكامن في قلب الإنسان هو حب الله ولم يكن الإنسان بطالب شيئا كحب الله، ولكنه حبّ محجوب في القلب وغالبا ما تخفيه الرغبات السطحية وتمنع الإنسان من كشفها ونيلها. إن محور الإيمان ليس «وجود الله» إذ أن الإيمان بوجود الله مقدمة الإيمان، بل محور الإيمان هو «حب لقاء الله».
8ـ «الطريق الوحيد» هو غضّ الطرف عن الرغبات الظاهرية، للوصول إلى الرغبات العميقة
«الطريق الوحيد» للحصول على حياة طيّبة وعبادة جيّدة هو أن نغض الطرف عن رغباتنا الظاهرية وما هي بالفعل لنصل إلى الرغبات العميقة والتي هي بالقوة. لابدّ أن نضحّي برغباتنا السطحيّة وهذه النقطة هي مبدأ انطلاقنا في جهاد النفس. وإن مفعول جميع المفاهيم الدينية كالإيمان والتقوى والقيامة ونار جهنّم والجنّة هي أن تأخذ بأيدينا في هذا الطريق. وكذلك لابدّ أن نفهم أثر أولياء الله وحبهم في هذا الإطار، وبالتأكيد إن دور أبي عبد الله الحسين(ع) في هذا المسار دور خاصّ.
إن حب الحسين(ع) هو النزعة الفطرية والخفية الوحيدة التي يمكن كشفها بسهولة
إن الإمام الحسين(ع) يمثل أروع فرصة للإنسان لكشف فطرته. إن حب الحسين(ع) هو تلك النزعة الفطرية والخفية الوحيدة التي يقدر الإنسان على كشفها في قلبه بسهولة، وحتى بإمكان الناس العاديّين الذين لم يطووا مدارج التقوى أن يجدوا هذا الحب في قلبهم.
من أجل كشف حب الله، لابد أن تستأصل حب الدنيا من قلبك تماما، ولكن لا يشترط ذلك في حبّ الحسين(ع)، إذ يمكن للقلب المحب للدنيا أن يحبّ الحسين(ع) ويذوق حلاوة حبّه بسهولة. فإذا أراد الإنسان أن يعيش تجربة حبّ الله ويعرف جنس هذا الحبّ، بإمكانه أن يعرف ذلك عبر الشعور بلذة حب الحسين(ع).
9ـ من أهم قدرات الإنسان هو قدرته على تحديد الأولويات بين مختلف أمياله، أي «التعقل»
بعد ما عرفنا هذه الحقيقة وعدم إمكان تلبية جميع الرغبات معا، وأن لابدّ من اختيار بعضها دون الأخرى، فلابدّ أن نرى بأيّ وسيلة يجب أن نقوم بهذا الاختيار. من أهمّ قدرات الإنسان هو قدرته على تحديد الأولويّات وهو ما يسمّى بالتعقّل. إذن يمكن أن نقول: أهمّ «رأسمال» الإنسان هو أمياله ونزعاته و أهم «قدرة» في وجود الإنسان هي العقل.
العقل يفتينا بأن العشق الخالد واللذة الباقية أفضل بلا ريب. وهناك حرب قائمة بين العقل وهوى النفس، إذ أن العقل يختار النزعات الأفضل والأعمق والأبقى أما هوى النفس فيميل إلى النزعات الأقل قيمة والأكثر سطحية وظهورا.
وعلى أساس ما روي عن رسول الله(ص)، كلّما يفضّل الإنسان رأي هوى نفسه على عقله، ينقص من إمكانيات عقله شيء لا يرجع أبدا؛ «مَن قارَفَ ذَنباً فارَقَهُ عَقلٌ لا یَرجِعُ إلَیهِ أبداً» [میزان الحکمة/ الحدیث6751].
10ـ إن في الاهتمام بالأميال السطحيّة مشكلتين: 1ـ لن يطمئن قلب الإنسان مهما نال منها 2ـ لن يقدر على نيل جميعها أبدا
إذا تمحّض الإنسان في تلبية نزعاته الغريزيّة والظاهريّة سيواجه مشكلتين: 1ـ لن يطمئن قلب الإنسان مهما نال منها 2ـ لن يقدر على تلبية جميع هذه الأميال السطحية. وبعبارة أخرى سواء ألبّى رغباته أم لم يلبّها فهو يشعر بالخيبة.
11ـ إن تلبية الرغبات العميقة تواجه مشكلتين: 1ـ لا يمكن تجربتها في بادئ الأمر 2ـ لابدّ وفي سبيل نيلها من غض البصر عن اللذات السطحيّة
ماذا يواجه الإنسان في ما إذا عمد إلى تلبية رغباته العميقة؟ إن تلبية الرغبات العميقة أيضا لا تخلو من مشكلتين:
الأولى هي أن لا يمكن تجربتها في بادئ الأمر؛ يعني عادة ما لا يذوق الإنسان طعم نزعاته الفطريّة العميقة في البداية، إلا القليل أو بعض النزعات العميقة الخاصة من قبيل حب الحسين(ع).
المشكلة الثانية التي تواجهنا هي أنّ نيل هذه الرغبات يقتضي غضّ النظر عن بعض اللذائذ والأميال السطحيّة والتضحية بها. ولهذا فأوّل ما يبدأ الإنسان بالعبور عن هذه النزعات السطحيّة يواجه صعوبة، خاصة وأنه لم يذق طعم النزعات العميقة بعد، وقد تخلّى عن أهوائه الغريزيّة. فعليه أن يصبر في هذه المرحلة لينال غايته بالتدريج. ولكن ما يمنع الإنسان من التوفيق هو خوفه من «الحرمان من تلك، والفشل في هذه»، فلابدّ من الغلبة على هذا الخوف الكاذب، فقد بُعِث الأنبياء جميعا ليطمئنونا على أن هناك حقائق وبشارات، فاسعوا لها سعيها.
يتبع إن شاء الله...