صفحة 7 من 14 الأولىالأولى ... 56 789 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 61 إلى 70 من 133
الموضوع:

الطريق الوحيد والاستراتيجية الرئيسة في النظام التربوي الديني، للأستاذ بناهيان - الصفحة 7

الزوار من محركات البحث: 109 المشاهدات : 6212 الردود: 132
جميع روابطنا، مشاركاتنا، صورنا متاحة للزوار دون الحاجة إلى التسجيل ، الابلاغ عن انتهاك - Report a violation
  1. #61
    صديق فعال
    تاريخ التسجيل: January-2013
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 609 المواضيع: 210
    التقييم: 146
    آخر نشاط: 22/June/2017

    الطريق الوحيد والاستراتيجية الرئيسة في النظام التربوي الديني 9-2

    7ـ إن غاية الرغبات العميقة والفطريّة في الإنسان هي طلب الله والشوق إلى لقائه

    إن غاية الرغبات العميقة والفطريّة في الإنسان هي طلب الله وعشق التقرب منه والشوق إلى لقائه. إنّ العشق المحوري الكامن في قلب الإنسان هو حب الله ولم يكن الإنسان بطالب شيئا كحب الله، ولكنه حبّ محجوب في القلب وغالبا ما تخفيه الرغبات السطحية وتمنع الإنسان من كشفها ونيلها. إن محور الإيمان ليس «وجود الله» إذ أن الإيمان بوجود الله مقدمة الإيمان، بل محور الإيمان هو «حب لقاء الله».

    8ـ «الطريق الوحيد» هو غضّ الطرف عن الرغبات الظاهرية، للوصول إلى الرغبات العميقة

    «الطريق الوحيد» للحصول على حياة طيّبة وعبادة جيّدة هو أن نغض الطرف عن رغباتنا الظاهرية وما هي بالفعل لنصل إلى الرغبات العميقة والتي هي بالقوة. لابدّ أن نضحّي برغباتنا السطحيّة وهذه النقطة هي مبدأ انطلاقنا في جهاد النفس. وإن مفعول جميع المفاهيم الدينية كالإيمان والتقوى والقيامة ونار جهنّم والجنّة هي أن تأخذ بأيدينا في هذا الطريق. وكذلك لابدّ أن نفهم أثر أولياء الله وحبهم في هذا الإطار، وبالتأكيد إن دور أبي عبد الله الحسين(ع) في هذا المسار دور خاصّ.

    إن حب الحسين(ع) هو النزعة الفطرية والخفية الوحيدة التي يمكن كشفها بسهولة

    إن الإمام الحسين(ع) يمثل أروع فرصة للإنسان لكشف فطرته. إن حب الحسين(ع) هو تلك النزعة الفطرية والخفية الوحيدة التي يقدر الإنسان على كشفها في قلبه بسهولة، وحتى بإمكان الناس العاديّين الذين لم يطووا مدارج التقوى أن يجدوا هذا الحب في قلبهم.
    من أجل كشف حب الله، لابد أن تستأصل حب الدنيا من قلبك تماما، ولكن لا يشترط ذلك في حبّ الحسين(ع)، إذ يمكن للقلب المحب للدنيا أن يحبّ الحسين(ع) ويذوق حلاوة حبّه بسهولة. فإذا أراد الإنسان أن يعيش تجربة حبّ الله ويعرف جنس هذا الحبّ، بإمكانه أن يعرف ذلك عبر الشعور بلذة حب الحسين(ع).

    9ـ من أهم قدرات الإنسان هو قدرته على تحديد الأولويات بين مختلف أمياله، أي «التعقل»

    بعد ما عرفنا هذه الحقيقة وعدم إمكان تلبية جميع الرغبات معا، وأن لابدّ من اختيار بعضها دون الأخرى، فلابدّ أن نرى بأيّ وسيلة يجب أن نقوم بهذا الاختيار. من أهمّ قدرات الإنسان هو قدرته على تحديد الأولويّات وهو ما يسمّى بالتعقّل. إذن يمكن أن نقول: أهمّ «رأسمال» الإنسان هو أمياله ونزعاته و أهم «قدرة» في وجود الإنسان هي العقل.
    العقل يفتينا بأن العشق الخالد واللذة الباقية أفضل بلا ريب. وهناك حرب قائمة بين العقل وهوى النفس، إذ أن العقل يختار النزعات الأفضل والأعمق والأبقى أما هوى النفس فيميل إلى النزعات الأقل قيمة والأكثر سطحية وظهورا.
    وعلى أساس ما روي عن رسول الله(ص)، كلّما يفضّل الإنسان رأي هوى نفسه على عقله، ينقص من إمكانيات عقله شيء لا يرجع أبدا؛ «مَن قارَفَ ذَنباً فارَقَهُ عَقلٌ لا یَرجِعُ إلَیهِ أبداً» [میزان الحکمة/ الحدیث6751].

    10ـ إن في الاهتمام بالأميال السطحيّة مشكلتين: 1ـ لن يطمئن قلب الإنسان مهما نال منها 2ـ لن يقدر على نيل جميعها أبدا

    إذا تمحّض الإنسان في تلبية نزعاته الغريزيّة والظاهريّة سيواجه مشكلتين: 1ـ لن يطمئن قلب الإنسان مهما نال منها 2ـ لن يقدر على تلبية جميع هذه الأميال السطحية. وبعبارة أخرى سواء ألبّى رغباته أم لم يلبّها فهو يشعر بالخيبة.

    11ـ إن تلبية الرغبات العميقة تواجه مشكلتين: 1ـ لا يمكن تجربتها في بادئ الأمر 2ـ لابدّ وفي سبيل نيلها من غض البصر عن اللذات السطحيّة

    ماذا يواجه الإنسان في ما إذا عمد إلى تلبية رغباته العميقة؟ إن تلبية الرغبات العميقة أيضا لا تخلو من مشكلتين:
    الأولى هي أن لا يمكن تجربتها في بادئ الأمر؛ يعني عادة ما لا يذوق الإنسان طعم نزعاته الفطريّة العميقة في البداية، إلا القليل أو بعض النزعات العميقة الخاصة من قبيل حب الحسين(ع).
    المشكلة الثانية التي تواجهنا هي أنّ نيل هذه الرغبات يقتضي غضّ النظر عن بعض اللذائذ والأميال السطحيّة والتضحية بها. ولهذا فأوّل ما يبدأ الإنسان بالعبور عن هذه النزعات السطحيّة يواجه صعوبة، خاصة وأنه لم يذق طعم النزعات العميقة بعد، وقد تخلّى عن أهوائه الغريزيّة. فعليه أن يصبر في هذه المرحلة لينال غايته بالتدريج. ولكن ما يمنع الإنسان من التوفيق هو خوفه من «الحرمان من تلك، والفشل في هذه»، فلابدّ من الغلبة على هذا الخوف الكاذب، فقد بُعِث الأنبياء جميعا ليطمئنونا على أن هناك حقائق وبشارات، فاسعوا لها سعيها.

    يتبع إن شاء الله...


  2. #62
    صديق فعال

    الطريق الوحيد والاستراتيجية الرئيسة في النظام التربوي الديني 9-3

    12ـ إن مخالفة الأميال السطحية بحاجة إلى «برنامج» والدين هو المرجع لإعطاء البرنامج/ لماذا لا يمكن جهاد النفس بلا برنامج؟

    إن مخالفة الأميال السطحيّة بحاجة إلى برنامج والدين يمنح الإنسان هذا البرنامج الجهادي. إن مجمل البرنامج الديني بشكل عام وفلسفة جميع الأحكام الدينية وحتى العبادات هو جهاد النفس.
    لماذا لا يمكن جهاد النفس بلا برنامج؟ إذ أن جهاد النفس ومخالفة الأهواء لا يعني رمي جميع النزعات الظاهرية والقضاء عليها! بل لا ينبغي ذبح هذه النزعات واستئصالها كما يجب تلبية بعضها أحيانا. فعلى سبيل المثال إن جعنا يجب أن نأكل، وإن بلغنا ورغبنا في الزواج علينا أن نتزوّج.
    فلو كان القرار أن نقضي على نزعاتنا السطحيّة والظاهرية جملة واحدة وأن نضحّي بجميع احتياجاتنا الابتدائية كالمرتاضين، لما كنا بحاجة إلى برنامج. وأساسا من صعوبات هذا البرنامج وتعقيداته هو أن لابدّ من تلبية بعض هذه الرغبات السطحيّة.

    13ـ من أهم خصائص حياة الإنسان هو العناء لا اللذة

    إن من أهمّ خصائص حياة الإنسان هو العناء لا اللذّة. يعني أن الأصل والأساس في حياتنا هو العسر والعناء؛ (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فی‏ کَبَد)[البلد/4] وبالتأكيد إن هذا العناء لا يخلو من راحة ويسر؛ (إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ یُسْرا)[الإنشراح/6] ولكن الأساس هو العسر. لم تكن الدنيا مهيأة لتجربة حياة ملؤها اللذة والهناء والراحة وأن لا مشكلة في هذا البين إلا أن نمرّ من احتياجاتنا السطحيّة مرور الكرام وثم نحصل على حياة ممتعة في هذه الدنيا، كلا! إذ قد عجنت ذات حياة الدنيا بالعسر والحرمان.
    يمكن تقسيم آلام الدنيا إلى قسمين؛ ثابتة ومتغيّرة. إن بعض الآلام ثابتة للجميع ولا مناص منها تقريبا. فعلى سبيل المثال قد فرضت طبيعة هذا العالم ألم المخاض على جميع النساء وهذا واقع لا مفرّ منه.

    يحاول الكثير من الناس أن يفرّوا بأوهامهم عن هذا الواقع وهو «أننا مضطرون إلى تحمل العسر والعناء»

    مع الأسف إن كثيرا من الناس غير مستعدين لاستماع وقبول حقيقة أن حياة الإنسان لا تخلو من العسر والعناء، كما لم يقتنع الكثير من الناس بحقيقة «أننا مضطرون إلى تحمل العسر والعناء». بما أننا لا نرغب في تحمل العسر والعناء، نؤمّل أنفسنا أن لا عسر إن شاء الله في حياتنا، في حين أنّ هذا الأمل وهمٌ محض. وقد بلغ امتداد هذه الأوهام إلى حدّ أننا أصبحنا لا نجرأ على ذكر قائمة الآلام والمحن الثابتة والمتغيرة في هذه الدنيا خوفا من طلّاب الراحة والدعة.
    إذن أصبح تعريف حياة الإنسان هو «العسر والجهاد» إذ قد انطوت ذات حياة الدنيا على العسر ولابدّ في هذا الخضمّ من مخالفة أهواء النفس وأميالها، فهذان عنصران متلازمان في تعريف الحياة.

    إن الآمال والأمانيّ النفسيّة تعمي الإنسان عن مشاهدة عسر الحياة ومشاهدة «الموت»

    يخدع كثير من الناس أنفسهم ويكذبون على أنفسهم ولا يريدون أن يشاهدوا حقائق الحياة. وكما قال أمير المؤمنين(ع): « الْأَمَانِيّ‏ تُعْمِي‏ عُیُونَ‏ الْبَصَائِرِ»[غررالحکم/الحديث1417].
    أحد أهم محاور مرارة الدنيا هو الموت. إن الالتفات إلى قضية الموت تفهّم الإنسان أن الحياة مرّة واقعا ولا تسمح لحلاوة الدنيا أن تأخذ مأخذها من قلب الإنسان. ولكن الأميال النفسانية والآمال الطويلة تعمي الإنسان عن مشاهدة عسر الحياة ومشاهدة الموت. لقد قال أمير المؤمنين(ع): «الْأَمَلُ‏ حِجَابُ‏ الْأَجَل»[عیون الحکم/ص43] وكذلك قال(ع): «الْأَمَلُ‏ سُلْطَانُ‏ الشَّیَاطِینِ عَلَى قُلُوبِ الْغَافِلِین»‏ّ[غررالحکم/الحديث1853]
    وقد قال رسول الله(ص): «إنّ آدمَ قَبْلَ أن یُصیبَ الذَّنْبَ کانَ أجلُهُ بینَ عَیْنَیْهِ و أملُهُ خَلْفَهُ، فلمّا أصابَ الذَّنْبَ جَعَلَ الله ُ أملَهُ بینَ عَیْنَیْهِ وأجلَهُ خَلْفَهُ، فلا یَزالُ یُؤَمِّلُ حتّی یَمُوتَ»[میزان الحکمة/الحديث756]

    14ـ مجمل حياة الإنسان عبارة عن: عسر + جهاد/ فلابد أن: 1ـ نعترف بمرارة الدنيا 2ـ نضيف إلى مرارتها مرارة جهاد النفس

    إن الأجل يمثل أحد أهم عناصر مرارة الدنيا، وهو ينغّص كل حلاوة الدنيا ولذائذها، فسلّم لهذه الحقيقة ولا تحاول مصارعتها. هذه هي حقيقة الدنيا فلا تخدع نفسك. ليس بإمكانك أن تخدع الدنيا فاعبر منها فإنك إن خضت في الدنيا وآمالها، تصطدم بأشواكها وسوف لا تجني منها إلا الخيبة والحسرة. فالحل هو أن تعبر من الدنيا فهيا تمتّع بهذا الطريق.
    الخطوة الأولى للالتذاذ والتمتع في الحياة الدنيا هو أن تعترف بأن الدنيا مرّة. بعد ذلك وبعد الاعتراف بمعاناة الحياة، لابدّ أن تخوض في معمعة أخرى وتوطن نفسك على مرارتها وهي ساحة جهاد النفس، فإن فعلت ذلك سوف تذوق حلاوة الحياة في هذه الدنيا قبل الآخرة. بهذا الأسلوب سوف تأتي الدنيا في قبضتك ويتسنّى لك أن تركب جَمَلها وتمسك بزمامها، لا أن تستحوذ عليك آمال الدنيا وأمانيها.
    إن تركنا الدنيا وأسقطناها من عيننا لما فيها من مرارات ومعاناة وجاهدنا أنفسنا، سوف يصل بنا الأمر إلى أن تأتينا الدنيا بنفسها وتعطينا زمام أمرها.
    فحصيلة الكلام هو هذا التعريف الموجز للحياة الدنيا، فهي عبارة عن: عسر وجهاد؛ العسر الذي تفرضه علينا الدنيا والجهاد الذي لابدّ لكل امرئ أن يمارسه مع أهوائه ونزعاته السطحيّة.

    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته


  3. #63
    صديق نشيط
    تاريخ التسجيل: June-2014
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 219 المواضيع: 2
    التقييم: 17
    المهنة: قارئ
    أكلتي المفضلة: حاليا : شوربة تسوة المحافظ
    موبايلي: S3
    آخر نشاط: 10/April/2015
    سلمت يداك اختي العزيزة ...
    موضوع في غاية لاهمية
    اخر مواضيعيكل يوم سؤالمرحبا ...

  4. #64
    من أهل الدار
    وزير الشغب
    تاريخ التسجيل: June-2014
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 1,663 المواضيع: 185
    صوتيات: 24 سوالف عراقية: 0
    التقييم: 459
    مزاجي: مو طبيعي
    أكلتي المفضلة: زنود الست
    موبايلي: كلاكسي3 و ايفون 5s
    آخر نشاط: 19/March/2016
    بارك الله فيك

  5. #65
    صديق فعال
    أشكركم إخوتي الأعزاء على مروركم وتقديركم لهذا الموضوع

  6. #66
    صديق فعال

    الطريق الوحيد والاستراتيجية الرئيسة في النظام التربوي الديني 10-1

    إليك ملخص الجلسة العاشرة من سلسلة محاضرات سماحة الشيخ بناهيان في موضوع «الطريق الوحيد والاستراتيجية الرئيسة في النظام التربوي الديني» حيث ألقاها في ليالي شهر رمضان المبارك عام 1434هـ. في مسجد الإمام الصادق(ع) في مدينة طهران.

    لقد حاولنا في الجلسات الماضية أن نصل إلى برنامج لرشدنا وارتقائنا على أساس «واقع وجود الإنسان» يعني كيفية وجود الإنسان والغرض من خلقته، وكذلك على أساس «واقع الحياة الدنيا» وكيفية تصميمها. وقلنا إن المحور الرئيس في حركة وجود الإنسان هو «مخالفة أهواء النفس». فلابدّ للإنسان أن يتدرب على التضحية من البداية. لقد انطوى وجود الإنسان على رغبات مختلفة لا يمكن أن ينالها جميعا. وكذلك دنيانا هذه قد ملئت بالآلام والمحن وكثيرا ما تنغص حياة الإنسان. وحتى عندما تعطي الإنسان شيئا وتلبي رغبته في مورد ما، فإنما ذلك مقدمة لسلب ذاك الشيء وإذاقة مرارة الحرمان للإنسان.
    لم تصمّم الدنيا بهذا الشكل، بسبب زيادة قيمة المرارة على الحلا. ومن جانب آخر لا يلتذّ الله سبحانه بمعاناتنا، بل إن هذه المحن والمعاناة قد فرضت من أجل إنتاج القيمة المضافة وإحداث التغيير. إذ لابدّ ومن أجل إنتاج القيمة المضافة وإحداث التغيير أن ندع بعض ما نهواه ونشتهيه، وإلا فإن اتجهنا إلى ما نرغب، فلا أحدثنا تغييرا ولا أنتجنا قيمة مضافة.

    لماذا يجب التأكيد على العناء في هذا الدرب؟

    إذا أردنا أن نزداد ثمنا وتكون حركتنا ذا قيمة وثمن على خلاف النباتات والحيوانات والملائكة، لابدّ أن تجذبنا رغبة إلى ما هو عكس اتجاه الله من جانب، وتجذبنا رغبة أخرى إلى الله من جانب آخر.
    كلما نخالف أهواءنا السطحية، فقد خطونا خطوة قيّمة إلى الله سبحانه. وبما أن هذه المخالفة سوف تحدث دائما في حياتنا، ولابدّ أن تحدث فإذن نحن في معاناة مستمرة في هذه الحياة الدنيا وفي حركتنا إلى الله سبحانه.
    لماذا يجب أن نؤكد على العناء في هذا الدرب؟ لأن الإنسان ولشدّة حبّه للراحة والدعة واللذة، يزعم أنه سوف يصل إليها في هذه الدنيا، فيؤدي به هذا التوهّم إلى غير صواب. فمن أجل أن لا يقع الإنسان في هذا الفخّ، لابدّ أن يدخل عنصر العناء والألم في تفكيره ومنظومته الفكريّة. فلا يجب أن نتحدث عن فوائد الالتفات إلى موضوع العناء والتسليم للعناء وقبوله وحسب، بل لابد أن نأخذ بعين الاعتبار أضرار إهمال هذا الموضوع أيضا.

    ما هي أخطار عدم توطين النفس على المعاناة؟ 1. القعود عن درب الحق الحافل بالمعاناة في المراحل النهائية

    إن لم يحلّ أحد لنفسه قضية المعاناة في الدنيا، ولم ينطلق في حركته من موضوع العناء ولم يصحبه في الطريق، فإنه حتى وإن كان إنسانا صالحا، يحتمل أن يكون صلاحه ظاهريا وحتى قد يصبح إنسانا خطرا. إن بعض المتدينين قد تحملوا العناء في ديانتهم وفي أداء طقوسهم الدينية، ولكنهم لم يوطّنوا أنفسهم على أصل العناء في الحياة الدنيا، فأصبحوا يتربّصون الأيّام ليحصلوا على الراحة في الدنيا ولو عن طريق الدين.
    لماذا وقف الخوارج أمام أمير المؤمنين(ع) مع أنهم كانوا قد قضوا حياتهم في تحمل عناء الزهد والعبادة؟! لأنهم لم يوطنوا أنفسهم على قبول أصل العناء، فما إن فرضت عليهم محنة جديدة من قبل أمير المؤمنين(ع)، لم يطيقوها وشهروا السلاح على أمير المؤمنين(ع). فإن لم يوطّن الإنسان نفسه على تحمل الصعاب والمعاناة في الدنيا بشكل عام، قد يعجز عن مواصلة الطريق في المراحل المتقدّمة.
    وكذلك نجد للمعاناة موقعا خاصّا في حياة النبيّ إبراهيم(ع)، فإنه قد عانا ما عانا من المحن والآلام حتى نال مقام النبوّة، وحتى بعد نبوّته لم يسلم من المحن والآلام. ثم تحمّل العناء والألم سنين حتى رزقه الله ولدا، ثم عانا في تربية ولده وبناء الكعبة مع ولده. ثم بعد كل هذا العناء الطويل، أمره الله أن يقدم ولده قربانا! فيا ترى إلى أين يصل الإنسان في تحمل العناء؟! فمن لم يوطّن نفسه على تحمل «أصل العناء» في الدنيا، يعيى عن المواصلة ويقعد عن الطريق في أواخر المطاف.

    يتبع إن شاء الله...


  7. #67
    صديق فعال

    الطريق الوحيد والاستراتيجية الرئيسة في النظام التربوي الديني 10-2

    لابدّ أن نعلم أن العناء مستمر معنا إلى آخر العمر

    لماذا كل هذا التأكيد في الروايات على حسن العاقبة؟ إذ بقدر ما يعاني الإنسان من أجل الدين والعبادة يزداد خطر سقوطه. من اتقى ونهى نفسه عمرا طويلا، فإن لم يكن قد حلّ قضية المعاناة لنفسه، فهو في معرض الخطر أكثر من غيره، إذ يصبح مدّعيا ويشعر بأنه دائن وطالب بما قدمه من عناء، فإذا أراد الله أن يضيف إلى معاناته محنة أخرى، لم يعد يطيق ويعيى عن مواصلة الطريق. وما أكثر الذين قعدوا عن الطريق وارتدوا عن درب المعاناة في سبيل الله.
    إن بعض الناس وبعد مدة من المعاناة في سبيل الله يسأم من العناء. فمن هذا المنطلق، أحد أسباب ضرورة الاهتمام بموضوع المعاناة، هو أن لا تملّ من المعاناة لطولها واستمرارها، فإنك إن لم توطّن نفسك على استمرار المعاناة في الدنيا قد تعجز عن المداومة وترجع عن الطريق.
    لقد قال الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم: (مِنَ الْمُؤْمِنِینَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَیْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَ مِنْهُم مَّن یَنتَظِرُ وَ مَا بَدَّلُوا تَبْدِیلًا)[الأحزاب/23]. فتدلّ هذه الآية على أن منتظري الشهادة هم في مرتبة الشهداء، إذ قد استقاموا على نهج الشهداء إلى آخر حياتهم. فالمهمّ هو الاستقامة حتى الموت، إذ أن القيمة التي قد أعطاها الله لفئة من المؤمنين ليست بسبب استشهادهم، بل بسبب بقائهم على العهد؛ فمنهم من قضى نحبه أي استشهد ومنهم من ينتظر.
    لماذا أفرز الله هؤلاء المؤمنين عن غيرهم في هذه الآية؟ لأن ليس كل المؤمنين مستقيمين على طريقهم وليس كلهم يطيقون معاناة هذا الدرب حتى نهايته. حتى أن كثيرا من المجاهدين في صدر الإسلام قد انحرفوا عن الطريق بعد طول جهادهم بين يدي رسول الله(ص)، إذ قد يسأم الإنسان المعاناة في سبيل الله بعد مدة، ولعله يشعر بالطلب من الله. فيقول: «إلى متى نعاني من المحن والمشاكل؟ فهل عملنا قبيحا إذ اتقينا الله وسلكنا سبيل دينه وجاهدنا في سبيله؟ ثم بعد كل ذلك لابدّ أن نعاني مرة أخرى؟!»
    بعد أن عانا الإنسان من محنة، لابدّ أن يجرّب محنة على مستوى أعلى. إن عالم المعاناة والمحن في هذه الدنيا يشبه مراحل العلاج الطبيعي، إذ أن العلاج الطبيعي لا يؤلم كثيرا في بادئ الأمر، وتظهر آلامه الشديدة في المراحل النهائية. وهكذا سبيل الدين، إذ لا يعاني الإنسان كثيرا في أوائل الطريق.
    إذا أراد الله سبحانه أن يحصي المسلّمين لقضائه لا ينظر إلى الناس ليرى من المسلّم، بل يمتحن الناس على الدوام ويبتليهم بأنواع الشدائد والمحن ليرى هل قد سلّموا واقعا أم لا؟ حتى أن الإمام الحسين(ع) في آخر لحظات حياته وفي حفرة المذبح ناجى ربه وعبر أنه ما زال مسلّما: «إلهي... تسليما لأمرك»، ويا ترى هل بقيت مصيبة لم ينزلها الله على الإمام الحسين(ع)؟

    ما هي أخطار عدم توطين النفس على المعاناة؟ 2. عدم القفز من الموانع والمرور من جنبها طلبا للراحة

    الدليل الثاني على ضرورة توطين النفس على المعاناة، هو أنه إن لم يوطن الإنسان نفسه على تحمل المعاناة، عند ذلك بدلا من أن يقفز من الموانع، يمرّ من جنبها بلا مغامرة ومن وحي طلب الرّاحة. إن بعض المسلمين قد عاشوا تحت ظل الإسلام عمرا طويلا ولكنّهم عملوا بالإسلام بدهاء وشيطنة، إذ كلما اقتضى دينهم شيئا من المحنة والمعاناة، التفّوا حولها ومرّوا منها كراما. يعني أنهم قد انتقوا من الدين ما طاب لهم ولم يصطدم براحتهم، أما إن أراد الله منهم أن يجاهدوا أنفسهم ليعانوا في هذا الدرب، تركوا ما أراد الله ومرّوا منه. فإننا إن نمرّ من جانب الموانع بلا معاناة بدلا من أن نقفز عليها، لكي نريح أنفسنا من عناء جهاد النفس، فقد أعدمنا فرص رشدنا في الواقع.

    إن بعض الناس يلتزم بالدين ما لم يطالبه بمخاطرة أو مغامرة

    إن بعض الناس غير مستعدين على المخاطرة والمغامرة في الدين، ولهذا فإنهم لا يتخذون موقفا يلامون أو يهانون به، وبعبارة أخرى إنهم مواظبون على أن لا يواجهون مشكلة أو مصيبة في ديانتهم. طبعا لابد أن نعلم أن الله يبتلي الناس ويمتحنهم بحسب قابليتهم. وعلى أي حال إذا كان الإنسان قد وطن نفسه على تحمل العناء في الحياة الدنيا لن يتورط بهذا النمط من التديّن.
    كان محمد بن مسلم إنسانا محترما وثريّا. ذات يوم قال الإمام الباقر له: تواضع، فقبل هذا الرجل نصيحة الإمام. لعله بدأ يفكر ويبحث عن ثغرات دينه التي جعلت الإمام يشير عليه بالتواضع. ولعلّه خرج بنتيجة أنه ما زال لم يقلع الكبر من قلبه، وأن لابدّ من وجود مانع وإلا لكان المفترض أن تصلح صلاته كلّ الشيء. رجع إلى الكوفة وأخذ سلة من تمر وميزانا وجلس على باب المسجد وبدأ يبيع التمر بصوت عال. فجاءه قومه وأبناء عشيرته وقالوا له: لقد أخزيتنا وشوّهت سمعتنا، فما هذا العمل؟... عن أبی النَّصرِ: «سَألتُ عبدَ الله ِ بنَ محمّدِ بنِ خالدٍ عَن محمّدِ بنِ مُسلمٍ فقالَ : کانَ رجُلاً شَریفا مُوسِرا ، فقالَ لَهُ أبو جعفرٍ علیه السلام : تَواضَعْ یا مُحمّدُ، فلَمّا انصَرَفَ إلَى الکوفَةِ أخَذَ قَوصَرَةً مِن تَمرٍ مَع المِیزانِ ، و جَلَسَ على بابِ مَسجِدِ الجامِعِ و صارَ یُنادی علَیهِ، فأتاهُ قَومُهُ فقالوا لَهُ : فَضَحتَنا! فقالَ : إنّ مَولای أمَرَنی بأمرٍ فلَن اُخالِفَهُ ، و لَن أبرَحَ حتّى أفرَغَ مِن بَیعِ ما فی هذهِ القَوصَرةِ . فقالَ لَهُ قَومُهُ : إذا أبَیتَ إلاّ أن تَشتَغِلَ بِبَیعٍ و شِراءٍ فاقعُدْ فی الطَّحّانِینَ ، فهَیّأَ رَحىً و جَمَلاً و جَعلَ یَطحَنُ» [الاختصاص/51].

    يتبع إن شاء الله...


  8. #68
    صديق فعال

    الطريق الوحيد والاستراتيجية الرئيسة في النظام التربوي الديني 10-3

    إن ديانة الإنسان الفارّ من المعاناة ديانة بلا فائدة

    إنّك إن لم تحل قضية المعاناة لنفسك، قد تكون متديّنا ولكن يفرغ دينك من مضمونه وأثره في ترقيتك. فيا ترى ما كنا نفعل لو كنا في مقام محمد بن مسلم وكنّا قد واجهنا الإمام بهذه النصيحة؟ لعلنا كنا نقول: نعم، لابدّ من التواضع. وحسبنا من التواضع هو هذه الابتسامة التي نوزعها على الناس. وهذا يعني المرور من جانب المانع وعدم القفز منه.
    طبعا وبالتأكيد ليس طريق التواضع هو ممارسة الأعمال الرديئة دائما ولا أريد أن أنصحكم بممارسة هذه الأعمال، إذ يختلف دواء الناس باختلاف دائهم فكلٌ بحسبه. ولكن حاولوا أن لا تفروا من المحن والابتلاءات التي يقدرها الله لكم ولا تلتفوا حول ابتلاءاتكم. إن الله يمتحن مختلف الناس بمختلف الابتلاءات والمصائب فلابدّ أن توطّن نفسك على البلاء والعناء. وكذلك لابد أن توطّن نفسك على معاناة سحق الهوى والشهوات.
    رضوان الله على الشهيد شمران إذ كان قد وعى حقيقة المعاناة بكل وجوده ورحب صدره لأنواع البلاء. لقد جاء في كتاباته: «أنا أعتقد أن الله العظيم يثيب الإنسان بقدر المعاناة التي عاشها في سبيله، وأن قيمة كل إنسان بقدر ما تجرعه من ألم وعناء في هذا السبيل وأرى أن أولياء الله قد ابتلوا بالبلاء والألم والمحنة في حياتهم أكثر من أي أحد». ثم كتب هذا الشهيد العظيم مخاطبا ربه: «إلهي أشكرك إذ عرفتني على الفقر لكي أعيش ألم الجائعين وأشعر بمحنة المحتاجين. إلهي أشكرك إذ قد صببت عليّ أمطار التهم والشتم والافتراءات لكي أغرق في عواصف الظلم والجهل والتهمة الموحشة، وينمحي صوتي المنادي بالحق أمام زئير طوفان الأعداء وعواصفهم، فيحتضنني الألم والبلاء ويفتح عليّ نوافذ فطرتي حتى أشعر بمعاناة عليّ(ع) بأعماق روحي».

    أحد الآلام التي يفرضها الله عل الناس هو الموت

    أحد الآلام التي فرضها الله علينا هو الموت. فيا ترى لماذا قد أحاط الله الموت بهالة من الشدّة والوحشة والدهشة بحيث يهدم ذكره جميع اللذات؟! لأنه أراد أن تعيش مع ذكر الموت في حياتك كلّها ولا تنساه. لقد قدّم الله تعالى الموت على الحياة وقال: (الَّذي خَلَقَ الْمَوْتَ وَ الْحَياة)[الملك/2] فكأن الله قد خلق الموت قبل خلق الحياة، وكأنه قد قدّر للناس الموت قبل أن يقدّر لهم الحياة.
    إن ذكر الموت يمثّل أحد أهم الأساليب التربويّة في الإسلام كما قال رسول الله(ص): «کفَی بِالمَوتِ واعِظاً»[الكافي/ج2/ص275] فلا تنسوا الموت وتجرعوا مرارة ذكره، فإن كثيرا من الروايات قد دعتنا إلى هذا الأسلوب التربوي وهو هدم اللذات عبر ذكر الموت وتجرع مرارة ذكره. فهل قد رأيت من يلاقي حتفه أمامك؟ وكم قد شيعت من إخوانك وأنزلت جسدهم في القبر؟ ويا ترى لماذا كل هذا التأكيد على ذكر الموت في رواياتنا؟ وكم له من تأثير إيجابي على النفوس؟ ولماذا جاء هذا التأثير؟
    استمعوا هذه الرواية الرائعة المروية عن الإمام الصادق(ع) وتأملوا فيها. قال(ع): «ذِکْرُ الْمَوْتِ‏ یُمِیتُ‏ الشَّهَوَاتِ فِی النَّفْسِ وَ یَقْطَعُ مَنَابِتَ الْغَفْلَةِ وَ یُقَوِّی الْقَلْبَ بِمَوَاعِدِ اللَّهِ تَعَالَى وَ یُرِقُّ الطَّبْعَ وَ یَکْسِرُ أَعْلَامَ الْهَوَى وَ یُطْفِئُ نَارَ الْحِرْصِ وَ یُحَقِّرُ الدُّنْیَا وَ هُوَ مَعْنَى مَا قَالَ النَّبِیُّ ص فِکْرُ سَاعَةٍ خَیْرٌ مِنْ عِبَادَةِ سَنَةٍ وَ ذَلِكَ عِنْدَ مَا تَحُلُّ أَطْنَابَ خِیَامِ الدُّنْیَا وَ تَشُدُّهَا بِالْآخِرَةِ وَ لَا یَسْکُنُ نُزُولُ الرَّحْمَةِ عِنْدَ ذِکْرِ الْمَوْتِ بِهَذِهِ الصِّفَةِ وَ مَنْ لَا یَعْتَبِرُ بِالْمَوْتِ وَ قِلَّةِ حِیلَتِهِ وَ کَثْرَةِ عَجْزِهِ وَ طُولِ مُقَامِهِ فِی الْقَبْرِ وَ تَحَیُّرِهِ فِی الْقِیَامَةِ فَلَا خَیْرَ فِیهِ»[مصباح الشريعة/171].

    من آثار ذكر الموت رقة الطبع/نصيحة للفنّانين

    إن الفنانين معروفين برقّة الطبع، وقد أعطت هذه الرواية وصفة لرقة الطبع وهي ذكر الموت. فإذا أراد فنان أن يزداد طبعه رقّة عليه أن يكثر من ذكر الموت ويقضي بعض وقته في المقابر! هذه نصيحة صادقة وصريحة جدّا للفنانين. كان المجاهدون في الجبهة يذكرون الموت كثيرا، حتى كانوا يحفرون قبرا لهم في الصحراء ويتعبدون فيه في جوف الليل، كانوا يسجدون فيه وينامون فيه ويبكون فيه. ثم كانوا يرجعون من قبرهم وكأنهم وردة من شدة لطافتهم ورقّتهم. فإذا سالتني: من أين حصل على هذه الرقة واللطافة، أقول: قد أخذها من ذلك القبر الذي بات فيه يبكي إلى الصباح. إن كنت ترى أحدهم لرأيته رؤوفا بالجميع ومتفائل بالخير وله جميع الصفات والحسنات التي تبحث عنها أنت. لقد حظى بجميع تلك الخصال الرائعة حتى بلغ درجة تصدير الصفات والتأثير على غيره. وقد نال كل ذلك بذكر الموت وتجسيم الموت. فانظر إلى أثر ذكر الموت التربوي على النفوس وهو أحد مصاديق الألم والعناء في هذه الدنيا. فإن أردت أن تطوّر نفسك بمعزل عن هذا المنهج تضيع في متاهات.

    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته


  9. #69
    مشرفة منتدى علوم ما وراء الطبيعة
    تاريخ التسجيل: October-2012
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 6,531 المواضيع: 1,158
    صوتيات: 1 سوالف عراقية: 0
    التقييم: 7772
    مزاجي: دومه سيئ
    أكلتي المفضلة: الدولمه
    موبايلي: no
    آخر نشاط: منذ 3 ساعات
    احسنتي

  10. #70
    من اهل الدار
    Lëë Känġ Tu
    تاريخ التسجيل: October-2013
    الدولة: ცẩĜĐẩĐ
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 8,956 المواضيع: 619
    صوتيات: 8 سوالف عراقية: 1
    التقييم: 4403
    مزاجي: نحمد الله ونشكره ع كل حال
    أكلتي المفضلة: اللي الله قاسمه..
    موبايلي: Samsung Galaxy
    آخر نشاط: منذ 8 ساعات
    الاتصال: إرسال رسالة عبر Yahoo إلى ɱŭšⓣăⓕă
    مقالات المدونة: 2
    شكراً لك..ع الطرح

صفحة 7 من 14 الأولىالأولى ... 56 789 ... الأخيرةالأخيرة
تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال