حياك الله وبياك وجعل الجنة مأواك وشكرا جزيلا لمروركم
كما اعتز بشهادتكم بجودة الموضوع وحسن الاختيار
المؤمن مبتلى في الدنيا بشكل خاص
هناك آية في القرآن تقول: (وَ لَوْ لا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً لَجَعَلْنا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ وَ مَعارِجَ عَلَيْها يَظْهَرُون)[الزخرف/33] يعني لو لا مخافة أن يكفر الناس جميعا ولا يبقى منهم مؤمن، لجعلنا حياة الكافرين حياة فخمة جدا. ولكن خفّف الله علينا وغيّر قانون العالم وجعل الكبد والمعاناة لكل الناس دون أن يختص به المؤمنين دون الكافرين.
وفي هذا المجال هناك رواية عن الإمام الصادق(ع) يقول: «لَوْ لَا إِلْحَاحُ هَذِهِ الشِّيعَةِ عَلَى اللَّهِ فِي طَلَبِ الرِّزْقِ لَنَقَلَهُمْ مِنَ الْحَالِ الَّتِي هُمْ فِيهَا إِلَى مَا هُوَ أَضْيَقُ مِنْهَا»[الكافي/ج2/ص264]. وقد روي «أَنَّ رَجُلًا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُحِبُّكَ فَقَالَ اسْتَعِدَّ لِلْفَقْرِ فَقَالَ إِنِّي أُحِبُّ اللَّهَ فَقَالَ اسْتَعِدَّ لِلْبَلَاء»[مجموعة ورام/ج1/ص223] ويقول أحد الرواة سألت الإمام الصادق(ع): «أَ يُبْتَلَى الْمُؤْمِنُ بِالْجُذَامِ وَ الْبَرَصِ وَ أَشْبَاهِ هَذَا؟ قَالَ:وَ هَلْ كُتِبَ الْبَلَاءُ إِلَّا عَلَى الْمُؤْمِنِ»[الكافي/ج2/ص258] يبدو أنّ هؤلاء الرواة كانوا يعانون من نفس مشكلتنا، فلعلهم لم ينظروا إلى الدنيا برؤية صائبة ولم يرونها كدار مخالف لأهوائنا. إن مجمل هذه الروايات تفرض على الإنسان المؤمن أن ينظّم حياته على أساس مخالفة الهوى.
واسمحوا لي أن أنقل لكم هذه الرواية أيضا عن رسول الله(ص): «إِنَّ الْعَبْدَ الْمُؤْمِنَ لَيَطْلُبُ الْإِمَارَةَ وَ التِّجَارَةَ» یعني يطلب شأنا من شؤون الدنيا ويطمح إليه «حَتَّى إِذَا أَشْرَفَ مِنْ ذَلِكَ عَلَى مَا كَانَ يَهْوَى» یعني يبرمج ويخطط ويعمل ويشتغل حتى إذا اقترب إلى هدفه «بَعَثَ اللَّهُ مَلَكاً وَ قَالَ لَهُ عُقْ عَبْدِي وَ صُدَّهُ عَنْ أَمْرٍ لَوِ اسْتَمْكَنَ مِنْهُ أَدْخَلَهُ النَّارَ» إذ كان هذا المؤمن يخطط لشيء بضرره «فَيُقْبِلُ الْمَلَكُ فَيَصُدُّهُ بِلُطْفِ اللَّهِ» يأتي الملك ويخرب شغله واللطيف أن هذا التخريب جاء بلطف الله. «فَيُصْبِحُ وَ هُوَ يَقُولُ لَقَدْ دُهِيتُ وَ مَنْ دَهَانِي فَعَلَ اللَّهُ بِهِ...» [التمحيص/ص56] فيبدأ بالبحث عن المقصّر.
لا تلهِ نفسك بالبحث عن المقصّر
إحدى مشاكلنا الناشئة من رؤيتنا الخاطئة عن الحياة هي أن بمجرد أن واجهنا مشكلة في حياتنا، نفتّش عن المقصّر. نعم في المسائل الاجتماعية والقضايا العامّة المرتبطة بكيان الأمة مثلا، لابدّ أن نبحث عن المقصّر أو العدو ومن هنا نرفع شعار «الموت لأمريكا» و لهذا السبب طال ما هتفنا «الموت لصدّام». ولكن حتى في هذه القضايا الاجتماعيّة لابدّ أن ننظر إلى ما وراء هذه الظواهر، كما قال الإمام الخميني(ره): كانت الحرب (يقصد الحرب المفروضة الذي شنّها صدام على الجمهورية الإسلامية) من الألطاف الإلهية الخفية. إذ يعتبر أولياء الله أن البلاء من ألطاف الله على عبده المؤمن كما قالت الرواية: «فَيَصُدُّهُ بِلُطْفِ اللَّهِ». أمّا العدو فهو مسكين شقيّ جنى على نفسه قبل أن يجني علينا، فنحاربه ونقتله، ولكن لا ننسَ الألطاف الإلهية في خضمّ هذه البلايا.
طبعا نحن مازلنا في مقدمات البحث ولم نتقدم فيه إلى الآن، فليس بوسعنا أن نستنتج دروسا كثيرة من هذه الأبحاث ولكن بقدر هذا الشيء القليل الذي طرحناه في هذه الليالي، نستطيع أن نخرج بنتيجتين جميلتين في هذه الجلسة.
إحداهما هي أن لا تبحثوا عن المقصّر والخاطئ كثيرا. فإن المقصّرين ليسوا مقصّرين كثيرا. فقد صنفتهم الروايات وليس كل المقصرين في درجة واحدة. فعلى سبيل المثال قلّ ما يوجد مدير لا يظلمه من تحته. فكن على ثقة من هذه القاعدة ولا تغضب وتقيم الدنيا ولا تقعدها بسبب سوء تصرف موظفيك وأغلاطهم في العمل. لا تصرخ عليهم فإنها من سنن الله. فإن الله هو الذي ينسيهم في بعض القضايا ليمتحن مدى صبرك وحلمك.
لا أريد أن أخوفكم ولا تصفرّ وجوهكم من ذكر هذه القواعد ولكن اعلموا أنه تقريبا، لا يمكن أن تلطف بأحد ثم ترى اللطف والمحبّة منه نفسه. يقول الإمام الصادق(ع): «مَا أَفْلَتَ الْمُؤْمِنُ مِنْ وَاحِدَةٍ مِنْ ثَلَاثٍ وَ لَرُبَّمَا اجْتَمَعَتِ الثَّلَاثُ عَلَيْهِ إِمَّا بُغْضُ مَنْ يَكُونُ مَعَهُ فِي الدَّارِ يُغْلِقُ عَلَيْهِ بَابَهُ يُؤْذِيهِ أَوْ جَارٌ يُؤْذِيهِ أَوْ مَنْ فِي طَرِيقِهِ إِلَى حَوَائِجِهِ يُؤْذِيهِ وَ لَوْ أَنَّ مُؤْمِناً عَلَى قُلَّةِ جَبَلٍ لَبَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَيْهِ شَيْطَاناً يُؤْذِيهِ وَ يَجْعَلُ اللَّهُ لَهُ مِنْ إِيمَانِهِ أُنْساً لَا يَسْتَوْحِشُ مَعَهُ إِلَى أَحَد».[الكافي/ج2/ص249] وقال عليه السلام: «أَرْبَعٌ لَا يَخْلُو مِنْهُنَّ الْمُؤْمِنُ أَوْ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ مُؤْمِنٌ يَحْسُدُهُ وَ هُوَ أَشَدُّهُنَّ عَلَيْهِ وَ مُنَافِقٌ يَقْفُو أَثَرَهُ أَوْ عَدُوٌّ يُجَاهِدُهُ أَوْ شَيْطَانٌ يُغْوِيهِ».[الكافي/ج2/ص250].
ترى بعض الناس قد استشاط غضبا وانتفخت أوداجه. فتسأله ما الخبر. يقول: ما كنت أتوقع أن فلانا يفتن بي حسدا. فلعلّ هذا الإنسان يريد أن نرميه بطلقة لنسرع به إلى الجنة، إذ يبدو أنه لا يطيق قواعد هذه الدنيا.
هيا تسلحوا أيها الإخوة بسلاح الدعاء. اللهم! أزل من قلوبنا الحقد على من ظلمنا وآذانا. لا أدري كم أدركتم معنى هذا الدعاء. فلأترجمه بعبارات أخرى. إللهم! لا تجعلنا مدللين. اللهم لا تجعلنا منقنقين. اللهم لا تجعلنا من أهل الضجر والسأم والجزع والتحجج. فكلها هي عبارات أخرى لدعاء اللهم أزل من قلوبنا الحقد.
وهناك ترجمة عرفانية لهذا الدعاء ولا بأس أن ندعو بها، إذ نحن في ليالي شهر رمضان، فمن الأولى أن نقلل من الكلام ونكثر من الدعاء. فنقول: اللهم! أنت عظيم فاجعلنا عظاما مثلك. اللهم! أنت كريم فاجعلنا كراما مثلك. اللهم! أنت أكبر من كل شيء وأكبر من أن توصف وهذا هو أهمّ ما توصف به وعليّ أن أكرره في صلاتي بعد أذكاري وحركاتي وسكناتي. فعند لقائي بك لابدّ أن يكون تناسب بيننا وبينك، فاجعلنا كبارا يا ربّنا. وأنقذنا من الطفولة والصغر.
يتبع إن شاء الله...
إن إدراك ضرورة المحن والعناء في هذا العالم يسهّل على الإنسان اختيار الدين
لأذكر لكم فائدة أخرى من هذا البحث والتي نستطيع أن نستخرجها الآن. اسمعوا هذه الرواية لتجدوا كم كان الحديث في الليالي السابقة دقيقا وصائبا. لقد شكرني بعض الإخوة في هذه الليالي السابقة، بطريقة وكأنهم لم يسمعوا بهذه المعارف من أحد أبدا. ولكني أريد أن أبيّن لكم أيها الإخوة أن هذا الكلام ليس من ذوقي وفنّي، بل هو ما تصارحنا به روايات أهل البيت(ع). قال الإمام موسى بن جعفر(ع) لهشام: «يَا هِشَامُ إِنَ الْعَاقِلَ نَظَرَ إِلَى الدُّنْيَا وَ إِلَى أَهْلِهَا فَعَلِمَ أَنَّهَا لَا تُنَالُ إِلَّا بِالْمَشَقَّةِ وَ نَظَرَ إِلَى الْآخِرَةِ فَعَلِمَ أَنَّهَا لَا تُنَالُ إِلَّا بِالْمَشَقَّةِ فَطَلَبَ بِالْمَشَقَّةِ أَبْقَاهُمَا»[الكافي/ج1/ص18]. أفهل يسمح الله لأحد أن تخلو حياته من الصعوبات؟! أرجو أن تدققوا في هذه الحقيقة كثيرا.
إحدى الخيانات التي تمارسها الأفلام الغربية تجاه الناس، هي أن تظهر المجتمع الغربي أكثر سعادة من غيره، لنتصور أن سعادته في هذه الدنيا جاءت من ابتعاده عن الدين. أفهل يمكن أن يسعد الإنسان بالابتعاد عن الدين، وهل يمكن أن تخلو الحياة البعيدة عن الدين عن جهاد النفس والمشاكل والمعاناة؟!
ذات يوم كنت في كندا وكان أحد الأصدقاء يعرّفني على القنوات التلفزيونية في كندا. ففي تلك الأثناء قال لي: إن المجتمع الغربي قد حلّ الكثير من هذه المشاكل والقيود التي تعتقدون بها أنتم في علاقة المرأة والرجل. قلت: كيف يمكن ذلك؟ فهل انتفت كل المشاكل بحرية علاقة الرجل والمرأة؟! قال: نعم بالتأكيد فلم تبق مشكلة في هذا المجال، أنتم قد عقدتم القضية بمجموعة من الأوامر والنواهي، أما هنا فالكل مرتاحون ولا مشكلة بعد في هذا المجال. أثناء ما كان يتكلم بهذا الكلام، رأيت في الفيلم فتاة صفعت وجه شاب. فسألته لماذا صفعت الفتاة وجه هذا الولد؟ أنا سألته عن القصة، وإلا فما رأيته كان فيلما وطال ما كذب الغربيون في أفلامهم وقصصهم وصوروا مجتمعهم في قمة السعادة والجمال. فنظر إلى الفيلم وقال: يبدو أن هذين صديقان، ولكن الفتاة قد رأت صديقها مع فتاة أخرى فصفعت وجهه. فقلت له: أما قلت لي الآن أن مشاكل علاقة الرجل والمرأة محلولة هنا؟! فقال: لا، لم تنحلّ إلى هذا المستوى. فرجع إلى نفسه سائلا لماذا قلتُ أن هذه القضايا محلولة في هذا البلد؟!
كان ينظر بأم عينه المشاكل والخلافات والنزاعات والجرائم في المجتمع الغربي، ولكن مع ذلك يشعر بأن المجتمع قد حلّ الملف الجنسي والعلاقة بين الرجل والمرأة! فانظروا كم كانت هذه الإلقاءات السامّة والكاذبة والخادعة قويّة.
بعد أن وعى الإنسان فلسفة هذه الدنيا وهي الكبد والعناء وأدرك ضرورة تحمله العناء، سوف يسهل عليه تحمل العناء ويختار الدين بسهولة. وهذا ما سوف يفرضه عليه عقله.
إن لم تجاهد نفسك فسوف تجاهدك نفسك
قال أمير المؤمنين(ع): «مَنْ سَامَحَ نَفْسَهُ فِيمَا تُحِبُّ أَتْعَبَتْهُ فِيمَا يَكْرَه»[غرر الحكم/ص637] فهذا الذي لبّى رغبات نفسه وأعطاها ما ترغب، سوف تنغّص حياتَه نفسُه. هذه النفس التي أعطيتها زمام أمرك وخدمتها وأطعتها في ما أمرت، يأتي يوم وإذا بها تدوس في حلقومك وتخنقك.
لا أدري هل يمكن أن أتطرق لهذا الموضوع أم لا. وهو أنه في ما إذا لم يجاهد الإنسان نفسه في شبابه، ماذا يلاقي من معاناة ومسكنة في كبره! فهذا ما يصعب علي أن أصرح به. إن نفسه سوف تتعبه وتقتله. شأنها شأن الجسم، فإنك إن أرحت جسمك ولم تتعبه، سوف تصاب بأمراض ولابد لك حينئذ أن تتحمل عناء المرض والنوم في المستشفى.
إن لم تتريض ولم تتعب جسمك، فعندئذ لا تشعر بالراحة إلا إذا جلست على قنفة فخمة وراقية جدا، أما إذا أتعبت جسمك بالرياضة، بعد ذلك حتى لو جلست على صخرة صلبة تشعر بالراحة والانتعاش. الرياضة تتعب الجسم ولكنها تريحه في الواقع. وكذلك إن تتعب نفسك وتجاهدها ففي الواقع تريحها. هذه هي النتائج الفورية لهذه الأبحاث. ولكن أمامنا طريق طويل، فلم نصل في أبحاثنا إلى الله وعبادة الله بعد.
إن إدراك هذه الحقائق تجعل الإنسان شاكرا لله
واحدة أخرى من فوائد هذا البحث ـ وهي من الفوائد والنتائج الفرعية طبعا ـ هي أنك إذا صدّقت بهذه الحقيقة وعرفت أن الدنيا محل لإزعاجك وقد صمّمت أحداثها ضد نفسك وأهوائها، وحتى إن فلتّ من هذه الأحداث واستطعت أن ترتب حياتك كما تحب وتهوى يبعث الله إليك ملكا ليخرّب مخططاتك، وأنا قرأت لك الرواية بنصّها حتى لا تتصور أني أبالغ على المنبر، فإن عرفت الحياة الدنيا وقواعدها وسننها جيدا، تصبح شاكرا لله، وسوف تخاطب الله عندئذ وتقول له: إلهي ما أرحمك، إذ كان المفترض أن تزعجنا وتؤلمنا في هذه الدنيا وتبلونا بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات، ولكنك قد رحمتنا ولطفت بنا ولم تنزل علينا المصائب والنوازل كثيرا.
فإنك إن شعرت بهذا الشعور وناجيت ربك بمثل هذه الكلمات، ففي الواقع قد عرفت معنى الشكر. لعلك تسمع عبارة «شكرا لله» كثيرا من الناس، ولكن الله يقول: (وَ قَليلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُور)[السبأ/13].
يتبع إن شاء الله...
اسمحوا لي أن أشرح لكم معنى الشكر جيدا. فلا تسمحوا لأنفسكم أن تكونوا بسطاء وتشكروا الله ببساطة وبدون تعمق. ما معنى شكرا لله؟ ولماذا تقول: إلهي شكرا لك؟ هل لأنه أنقذك من مرضك؟ طيب، من الذي أمرضك أساسا؟ اذهب وعاتب ربك وقل له لماذا أزعجتني وأنزلت عليّ المصائب؟ هل هديتني إلى طبيب جيّد فداواني؟ فلماذا أمرضتني أساسا؟ وهل قد هديتني إلى قاض جيد ليحكم بيني وبين خصمي؟ لماذا سمحت أن يتنازع الناس بينهم أساسا؟!
أتدرك ماذا أقول أخي العزيز؟! فإنك إن لم تدرك فلسفة الحياة وهي العناء وإن لم تع فلسفة وجودك وهو الكبد، عند ذلك كلما أعطاك الله ورزقك من نعم، لا تزال تشعر بأنك تطلب الله. إذ تقول: هو الذي خلقني فكان لابدّ له أن ينعم علي وإلا لمتّ من الجوع! عند ذلك كلما يقال لك اشكر ربك تقول: لماذا أشكره؟ لماذا أفقرني؟ ولماذا أمرضني؟ ولماذا أوقعني في مشاكل؟
إن لم تدرك فلسفة حياتك وهويتك لا تستطيع أن تشكر الله أبدا. فإن أراحك ونفّس عليك في خضمّ محن الدنيا وآلامها، تعتبرها لا شيء، ثم ينصرف ذهنك عنها إلى مشاكل حياتك وآلامك ومعاناتك. فهل يبقى لك حينئذ شيء باسم الأخلاق؟ وهل يمكن أن يتحدث معك أحد عن الله وشكر الله؟! وهل سوف تعبد الله وهذه رؤيتك عن الدنيا وأحداثها؟ وهل سوف تفهم لقاء الله حتى تشتاق إليه؟ وأساسا هل يبقى لك إمكان لإدراك المعارف المعنوية؟
لابدّ للإنسان أساسا أن يعيش حالة الشكر بكل وجوده. قال لي بعض الإخوة: إنك قد صعّبت الحياة في أبحاثك هذه، ولكن نحن لا نجد هذه المعاناة في حياتنا، فأقول له: إذن اشكر الله على هذه النعمة. وإذا سامحني أقول له كلمة جارحة وهي: «لم يجد الله فيك القابلية على تحمل البلاء والعناء فخفّفَ عليك، وإلا فلو كنت إنسانا راقيا ممتازا لما سمح الله لك أن تمضي حياتك بسلامات». وقد سبق أن قد قرأت عليكم في خصائص عباد الله الصالحين حيث يصفهم الله في حديث المعراج قائلا: «يَمُوتُ النَّاسُ مَرَّةً وَ يَمُوتُ أَحَدُهُمْ فِي كُلِّ يَوْمٍ سَبْعِينَ مَرَّةً مِنْ مُجَاهَدَةِ أَنْفُسِهِمْ وَ مُخَالَفَةِ هَوَاهُم»[بحار الأنوار/ج74/ص24]. فإن عرفت معنى الحياة الدنيا ودورها في فرض المعاناة على الإنسان، عند ذلك تشعر كم قد لطف بك الله وتفضّل عليك.
هل رأيت الإمام الحسين(ع) في دعاء عرفة حيث لا يستطيع أن يترك شكر الله؟ يبكي ويشكر ويصب الدموع ويشكر حتى أنه في آخر لحظات عمره وفي حفرة المذبح كان يعبّر عن شكره ورضاه قائلا «رضا بقضائك».
وصف حال مناجاة غير الشاكرين
لعلك تقول لي شيخنا فلنقيم جلسة دعاء ومناجاة. جيد جدا، ولكن نقيم الجلسة لمن؟ في البداية اذهب وابحث عن أناس شاكرين، وابحث عن من يشعر بالخجل من الله والذي لا يستطيع أن يمتلك نفسه من البكاء شكرا لله. وإلا فما الفائدة من المناجاة إن لم تكن بهذا الدافع ولم يصحبها هذا الشعور؟
إن بعض مناجاتنا أشبه شيء بتسليم طلباتنا لله سبحانه. فلسان حالنا عند الدعاء والمناجاة يقول: ربنا! يبدو أن حدث خطأ في تعاملك معنا، إذ لم تنظر إلينا في فلان قضية، وتركتنا وحدنا في فلان موقف، وفرضت علينا بعض الصعوبات في فلان حادث، ونغّصت عيشنا في ذلك اليوم. فكيف نتعامل معك يا إلهنا وماذا نقول لك؟ وإلى أين نفرّ منك؟ فقد كسرت قلوبنا وأنزلت دموعنا، فانظر كيف قد أبكيتنا! فحلّ مشكلتنا بعد ما بكينا أمامك وإلا فلن نأتيك بعد. فمثل هذا الكلام لا قيمة له، إذ ليس بمناجاة بل عتاب کما جاء في بعض أدعية المعصومين «َ فَإِنْ أَبْطَأَ عَنِّي عَتَبْتُ بِجَهْلِي عَلَيْكَ وَ لَعَلَّ الَّذِي أَبْطَأَ عَنِّي هُوَ خَيْرٌ لِي لِعِلْمِكَ بِعَاقِبَةِ الْأُمُور»[دعاء الافتتاح]
وما أكثر هؤلاء الذين إن خلوا بربّهم لا يناجونه بل يعاتبونه، فلا تنظر إلی ظاهرهم إذ لا حول لهم على الله ولا تصل يدهم إلى الله، وإلا فقلوبهم قد ملئت عتابا.
من الشاكر؟ هو الذي جاء إلى الدنيا ليغرق في بلاياها ومحنها، وسلّم إلى هذه السنّة ووطن نفسه على تحمل الآلام والمصائب، ثم ينظر إلى حياته وإلى النعم التي أنعمها الله عليه وإلى ما نفّس الله عليه بالنعم ورفع المحن وتخفيف المصائب، فيشكر الله ويحمده.
ثلاثة أحزان سلبية يصاب بها الإنسان، لابد أن يجتنب عنها
عندما ينزل الله عليك نعمة من نعمه، يحب أن تتمتع وتهنأ بها، إذ أنت تحتاجها و هي من رزقك. يحب الله أن ترتاح في حياتك وتتمتع بنعمك. ويعزّ على الله أن ينزل علينا الصعاب والبلايا بلا مهلة واستراحة وتنفيس. (فإنَّ مَع العُسرِ یُسراً * إنَّ مع العُسر یُسراً) [الانشراح/5، 6] فمع كل محنة وعسر، يأتيك بيسر، فعندما ينعم الله عليك بنعمة لا تحزن على ماضيك وما فات، ولا تقلق على المستقبل، بل كن سعيدا بما أنعم الله عليك.
اترك الماضي، فكان لابدّ أن تأتيك بلاياه وقد مرت وذهبت مصائبه بحمد الله. وكذلك سوف تأتيك بلايا المستقبل قطعا مهما قلقت منها فاخضع لهذا القانون ولا تقلق ولا تشغل فكرك بما جرى وما سيجري بل اشعر بالسعادة واغتبط بما رزقك الله واشكره. فهل من الصواب أن تحزن في أيام رفاهك ونعمتك؟!
الإنسان يحزن بثلاثة أنواع من الحزن:
الأول: يحزن على أحزانه الماضية والفائتة. أريد هنا أن أدعو بدعاء ولكن أجدكم غير متسلحين إذ لا ترفعون إيديكم. فقد روي عن نبينا(ص): «إن الله حيي كريم يستحيي إذا رفع الرجل إليه يديه أن يردهما صفرا خائبتين»[نهج الفصاحة/ص294]. طبعا لا أريد أن أجبركم على رفع يديكم، ولكني محتاج إلى دعائكم وأرى أن عدد المؤمنين الحاضرين هنا في هذا المسجد أكثر من الأربعين، فإذا رفعوا أيديهم يستجاب الدعاء إن شاء الله، وسوف أحصل أنا المسكين شيئا من دعائكم.
اللهم لا تجعلنا ممن يحزن على مشاكله وبلاياه. وبودّي أن أكرر دعاءنا السابق لأهميته. اللهم لا تجعلنا ممن يحقد على من ظلمه وآذاه.
الثاني: يحزن على أحزانه المستقبليّة والقادمة. أيها الإنسان المسكين المخدوع بإبليس! لقد رزقك الله نعما فقد حان وقت ارتياحك والشعور بالسعادة الآن ولكنّك تبدّل الشعور بالراحة إلى القلق من المستقبل. إللهم أخرج من قلوبنا الحزن والقلق على المستقبل.
الثالث: هذا الإنسان المسكين إما يحزن على ما فات، وإما يحزن على ما سيأتي، وإما يحزن على الحاضر. يعني يحصل على نعمة من الله، ولكن يقايس بينه وبين الغير وهذا ما يسمّى بالحسد. وهذا النوع من الحزن أمرّ وأتعس من النوعين السابقين.
خذ حصّتك وتنعّم بها ولا تقارن بينك وبين غيرك. فكن برزقك وقسمك «راضیا قانعا وفي جميع الأحوال متواضعا». فلو كان الله أراد أن يكلمنا لقال: أنا لم أفرض عليك هذه الأحزان الثلاثة. أنا قلت إني سأبليك بمصائب ومحن ولكن لا بهذه الآلام التعيسة والسخيفة، فلماذا أنت تصعّب على نفسك الحياة أكثر من صعوبتها الحقيقية؟! أنا قلت لأبلوك بمختلف البلايا والبأساء والضراء ولكن كل هذه المعاناة لا تخلو من الحلاوة والجمال، فلماذا تسلب جمالها وتزيدها مرارة؟ أنا قد حرقت قنفات بيتك فقط، فلماذا تصبّ البنزين على بيتك وتحرق البيت برمته؟! أنا قلت: سأفرض عليك بعض العسر، ولكن سأجعل مع كل عسر يسرا، فلماذا تخرب اليسر والنعم التي أنعمتها عليك؟ فكلما امتحنتك بمحنة وبلاء استقبله بصبر جميل، وكلما أنعمت عليك نعمة فاشعر بالسعادة. ثم اشكرني على النعم التي رزقتها بحيث تنسى الآلام والمحن وتغفل عنها.
كيف نكون كذلك؟
إللهم نحن نتكلم ونتحدث بهذه المعارف، فاجعلنا هكذا واجعل حياتنا هكذا. ماذا نفعل وما هو الطريق، إذ لا يصبح الإنسان هكذا بالكلام وحسب.
لابدّ أن نعاشر الأخيار والأبرار ونعاشر الصالحين ونعاشر أهل البيت(ع). يجب أن نكثر من الذهاب إلى جلسات ذكر مصائب أهل البيت(ع) وننادي الحسين كثيرا وننادي عليا كثيرا. إن وجود هذه العترة الطاهرة نور وله تأثير قوي جدا يترك أثره علينا من مسافة ألف وأربعمئة سنة. وأنتم بحمد الله تحظون بالقابلية والاستعداد الجيد لتعاشروا أهل البيت وتأنسوا بصحبتهم.
السلام عليكم يا أهل بيت النبوّة
شكرا
بارك الله فيك
حياك الله أخي الكريم
شكرا جزيلا لك على المشاركة وتسجيل المرور
إليك ملخص الجلسة السابعة من سلسلة محاضرات سماحة الشيخ بناهيان في موضوع «الطريق الوحيد والاستراتيجية الرئيسة في النظام التربوي الديني» حيث ألقاها في ليالي شهر رمضان المبارك عام 1434هـ. في مسجد الإمام الصادق(ع) في مدينة طهران.
إن كثيرا مما يصعب عليهم الدين، لم يقتنعوا بالدين عن عمق
أحيانا لا ينبغي أن نكتفي باقتناعنا ولا سيما إن كانت القناعة سطحية. فلابدّ أن نبني كياننا الفكري من جديد، إذ قد تكون ثغرات في هذا النظام ولعلّنا قد اقتنعنا ببعض العقائد عبر أدلة غير كافية وغير صحيحة، وقد يكون هناك خلل في مقدمات عقائدنا وقد خفي عن أنظارنا، أو لعلّنا رتبنا مقدمات عقائدنا واقتنعنا بها بغير دقّة. فإن لم يطو الإنسان مراحل اقتناعه واعتقاده بالدين بشكل دقيق ومحكم، سيواجه مشكلة في محلّ ما.
وقد تظهر هذه المشكلة في الاستخفاف بالصلاة وفي التساهل في السير والسلوك إلى الله وفي التقصير في الإطاعة وغيرها. إنّ هؤلاء الذين يزعمون أنّهم قد آمنوا بكل شيء واقتنعوا بكلّ شيء ولا مشكلة فيهم سوى أن يصعب عليهم العمل ببعض أجزاء الدين ولا مهجة لهم في بعض الأحيان أو أنهم يفقدون تلك القابليّة العالية للتقوى أو ليس لهم توفيق أولياء الله، فهولاء الذين يتحدثون بمثل هذا الكلام وهكذا ينظرون إلى قصورهم وتقصيرهم في الدين، لا يقولوا بأننا نعتقد بكل شيء ولا يسطّروا محفوظاتهم في العقائد الدينيّة، إذ أنا لا أعتقد بأنهم يعتقدون بكل شيء وليس هناك خلل في عقائدهم وقناعاتهم.
بالتأكيد أنهم مؤمنون ولا أقول أنهم غير مؤمنين! ولكن لي نقاش في اقتناعهم، فإن الكثير من الناس لم يقتنعوا بتعاليم الدين عن عمق. فقد قبلوا بها واعتقدوا بها كالطالب الذي يحترم أستاذه، ولكن بدلا من أن يستدل له الأستاذ على مدّعاه، يرفع له صوته ويؤكد في لحن قوله، فيقتنع الطالب ويرضى بالجواب الضعيف الذي أعطاه أستاذه. فهذا ليس بطريق صائب ولابدّ أن نقتنع عن عمق.
باعتقادي أن كثيرا ممن يصعب عليهم الالتزام بالدين، لم يقتنعوا به عن عمق، بل قد قبلوا ببعض التعاليم وبمجمل الدين بشكل سطحي. فهم لا يستطيعون أن يرفضوا وجود الله سبحانه ولا يقدرون على إنكار نبي الله(ص) وليس بإمكانهم أن يكفروا بيوم القيامة والجنة والنار، فآمنوا بكل هذه العقائد وهم مؤمنون.
ولكن لا تزال أسئلة باقية في أعماق قلوبهم عن بعض الأسباب والغايات والأهداف. إن بعضهم لا يسألون عما يختلج في قلوبهم احتراما لله، فيشعرون بالإساءة إن طرحوا استفسارا عن أصل الدين، ويقولون مع نفسهم: ليس من الأدب أن نسأل هذه الأسئلة، إذ أن الله يعلم الصواب جيدا، ولابد أن هذا الدين لصالحنا ولهذا أوجبه علينا، فمن الأولى أن لا نتدخل في شؤونه ونلتزم بدينه بلا سؤال ونقاش!
إن هذا الكلام كلام صحيح ولكنك لا تستطيع أن تلتزم بالدين بهذا الأسلوب، إذ أحيانا تفرّ من أحكام الله وأحيانا تصعب عليك هذه الأحكام، فليس لك بدّ سوى أن تقتنع بالدين عن عمق. فلا داعي لأن تكتم سؤالك من أجل أن تحترم الله، بل اطرح سؤالك حتى تقتنع بالقضية بكل وجودك.
طبعا أنا أؤمن أنّ بعض الأسئلة غلط من أساسها، وإن بعض الأسئلة إن لم تكن غلط فهي تحكي عن مرض في قلب الإنسان، كما يقول القرآن: (بَلْ يُريدُ الْإِنْسانُ لِيَفْجُرَ أَمامَه * يَسْئَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيامَة)[القيامة/5ـ6]، ولكن السؤال الجيد يشفي قلب الإنسان وينقذه فلا ينبغي أن نتركه. إن السؤال الجيد والنظرة إلى مختلف القضايا من زاوية صحيحة وتحليل القضايا بشكل صحيح، كلها من مقتضيات حياة الإنسان.
إن منطلقنا في هذه الأبحاث هو مشاهدة الواقع في الدنيا وفي حياة الإنسان
من أين انطلقنا في هذه الأبحاث أيها الإخوة؟ إنّنا لم ننطلق من الإيمان. اسمحوا لي أيها الإخوة أن أشرح لكم الأسلوب والمنهج الذي اتخذناه في هذه الأبحاث. نحن لم نبدأ من الإيمان بالله سبحانه في هذه الأبحاث، فمن أين بدأنا؟ بدأنا من دراسة الواقع، فحاولوا أن تشاهدوا الواقع بشكل صحيح. وهذا هو الأسلوب الذي اتخذه أمير المؤمنين(ع) في الكتاب الواحد والثلاثين من نهج البلاغة الذي كتبه إلى ولده الإمام الحسن(ع)، وهذا هو الأسلوب الذي تستطيعون أن تشاهدونه في القرآن بأنحاء مختلفة.
نحن قد انطلقنا من دراسة الواقع، ولا من ذكر الواجبات والمحرمات وأحكام الدين، ولا من الأمور الغيبية التي على رأسها هو غيب الغيوب رب العالمين. فلم نبدأ حديثنا من هذه المواضيع، بل بدأناه بدراسة الواقع. وسوف نصل إن شاء الله إلى الإيمان.
لماذا بدأنا من الواقع؟
لماذا بدأنا من الواقع؟ أريد أن أجعلكم على بصيرة من مسار البحث كما بودّي أن أطلعكم على خلفية هذا الفيلم وهذه السيناريو التي بدأنا بكتابتها معا في هذه الليالي.
إن ما نرمي إليه في هذه الأبحاث هو أن نتعطّش إلى الإيمان بالله قبل أن نصل إليه في بحثنا، ونشعر بالحاجة إلى أحكام الله قبل أن نواجهها، ونريد أن نشعر بالألم والحاجة إلى الطبيب قبل أن يخاطبنا الأنبياء. فإذا جاءني طبيب وسألني عن صحتي وأنا لم أشعر بأي ألم في جسمي، لعلي أستهزء بالطبيب وأجيبه بتكبر واستعلاء إذ لا أشعر بالحاجة إليه، وهذا ما حدث تجاه الأنبياء على مرّ التاريخ (مَا یَأتِیهِم مِن رَسُولٍ إِلا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُن)[يس/30].
فلابدّ للإنسان أن ينقدح في قلبه السؤال ويشعر بالعطش، فإذا دلّوه على عين الدين الصافية، عند ذلك يعرف قدرها ويلتذّ ويرتوي بها، كما يصبح قلبه عند ذلك عينا جارية بالحكمة والمعارف الحقّة.
أما إن أعطيت الدين من لا يشعر بالعطش والحاجة والفقر. يقول مستنكفا: لماذا يجب علي أن ألتزم بهذه القيود؟! أفهل يمكن أن تجيب مثل هذا الإنسان عن هذا السؤال؟! إن هذا السؤال ليس بلا جواب ويمكن أن يجيب عنه الإنسان ولكن باعتباره لا يصدر من قلب سليم، فحتى لو أعطيته الجواب الصحيح لا ينفعه.
إن الإنسان لجوج لا ينصاع للأوامر والنواهي بسهولة، وليس علاجه سوى أن يدرك الواقع بعمق. فإن قلت له: صلّ، يقل: لماذا يجب أن أصلي! ولعلّه يتفلسف ويقول: هل يحتاج الله إلى صلاتي؟ إلى غيرها من الأسئلة... وكلما تحاول على إقناعه لا تقدر على ذلك. لأنك قد أخطأت في اختيار التكتيك وابتدأت معه بذكر الحكم، فأقفل قلبه عليك ولم يفتحه مهما أعطيته من أدلة وبراهين.
فحاول أن يشعر بألم وحزن، ليأتيك ويقول لك: ماذا أفعل بهذا الألم الذي أشعر به في قلبي؟ عند ذلك قدّم له الصلاة كدواء للداء الذي يشعر به ويعاني منه. فيأخذ الصلاة متلهفا لأنها جاءت دواء لألم شعر به في قلبه وماء صافيا يزيل به عطشه.
إن هذا الأسلوب والمنهج يقول: عرّف الناس في بداية الأمر على واقعهم وواقع حياتهم وعرفهم على مرارة هذا الواقع. فإن شاهدوا هذه المرارة وشعروا بها جيدا يبحثوا عن الحلاوة. وهنا تسنح الفرصة لتحلّي حياتهم بحلاوة الدين. هذا هو الأسلوب المعقول والطبيعي لتبليغ الدين.
أنا لا أقول إن باقي الأساليب غلط ولا ينبغي أن يتخذها أحد، ولكن بودي أن تروا هذا الأسلوب وتقفوا عنده. طبعا إذا أردنا أن نتحدث عن هذا المنهج بشكل عام وندافع عنه ونتحدث عن أبعاده نحتاج إلى عشر محاضرات مستقلة، ليس مجالها الآن.
يتبع إن شاء الله...