صفحة 4 من 14 الأولىالأولى ... 23 456 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 31 إلى 40 من 133
الموضوع:

الطريق الوحيد والاستراتيجية الرئيسة في النظام التربوي الديني، للأستاذ بناهيان - الصفحة 4

الزوار من محركات البحث: 108 المشاهدات : 6162 الردود: 132
جميع روابطنا، مشاركاتنا، صورنا متاحة للزوار دون الحاجة إلى التسجيل ، الابلاغ عن انتهاك - Report a violation
  1. #31
    صديق فعال
    تاريخ التسجيل: January-2013
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 609 المواضيع: 210
    التقييم: 146
    آخر نشاط: 22/June/2017

    الطريق الوحيد والاستراتيجية الرئيسة في النظام التربوي الديني 5-3

    قلب الإنسان محط تعارض الأهواء

    ذكرت في الليالي السابقة أن تركيبة الإنسان قد اشتملت على أهواء ورغائب مختلفة، وهذا ما وفّر الأرضية لعناء الإنسان، إذ لا يقدر الإنسان على تلبية جميع رغباته، ولا مناص له من اختيار بعضها على حساب ترك الباقي.
    لقد شاءت إرادة الله سبحانه أن يفرض الكبد والكدح على الإنسان، فأعطاه رغبات وأهواء مختلفة، فبقي الإنسان حائرا بين رغائبه، لا يدري ماذا يصنع. إنه يحب الله وفي نفس الوقت يحب الدنيا، ومن هذا التعارض تبدأ المعاناة والمشاكل. وهذا هو سرّ جهاد النفس.
    لقد اجتمع في قلب الإنسان حبّ الجديد من جانب والأنس بالقديم من جانب آخر فهو ينزع إلى التجدد وفي نفس الوقت يميل إلى السنن وكذلك قد يخالف الظواهر الجديدة وغير المألوفة، وفي وقت آخر قد يرفض الشيء القديم. ولهذا يقول أمير المؤمنين(ع): «لَقَدْ عُلِّقَ بِنِيَاطِ هَذَا الْإِنْسَانِ بَضْعَةٌ هِيَ أَعْجَبُ مَا فِيهِ وَ ذَلِكَ الْقَلْبُ لَهُ مَوَادٌّ مِنَ الْحِكْمَةِ وَ أَضْدَادٌ مِنْ خِلَافِهَا»[تصنيف غرر الحكم/ص66]. هكذا يصبّ الله الكبد والعناء على الإنسان، ومن هذه النقطة المعرفية في وجود الإنسان أي الرغبات المتضادّة يبدأ جهاد النفس. طبعا هذا هو من أبسط نماذج وأساليب جهاد النفس.
    هناك نموذج آخر وهو أن الوصول إلى الرغبات والمشتهيات لابدّ أن يمرّ من التضحية بمشتهيات وأهواء أخرى. فهذا الشاب الهاوي الذي يريد أن يشاهد مباراة كرة القدم في العاصمة مثلا، لابدّ أن يلوي عنق حبّ راحته ويسافر إلى العاصمة وينام في الشارع. هذا الشاب هو نفسه الذي كان حساسا بسريره ومخدّته وشرشفه، أمّا تَرَك هذه الأسباب كلها وراح ينام في الرصيف أو في الحديقة ليشاهد المباراة عن قرب. فهو في الواقع قد جاهد نفسه وضحّى ببعض رغباته في سبيل رغبات أخرى. ولا يمكن لك أن تصل إلى شيء من أمانيك ورغائبك ما لم تغض الطرف عن رغائب أخرى. فقد ركبّ الله سبحانه وجودك على أساس أن يكون جهاد النفس أحد مقتضيات إنسانيتك.

    العالَم الخارجي أيضا يفرض علينا أنواع المحن ويضطرنا إلى جهاد النفس

    ولكن غير التضارب الموجود في داخل الإنسان هناك عوامل أخرى من الخارج، وبودّي في هذه الليلة أن أتطرق إلى هذه العوامل. هناك عبارة فوق الرائعة عن أمير المؤمنين(ع) يقول فيها: «عَرَفْتُ اللهَ سبحانه بِفَسْخِ العَزائِم»[نهج البلاغة/ص511/ح247] وفي الواقع يقف الإنسان حائرا لا يدري كيف يشرح هذه العبارة الرائعة لأمير المؤمنين(ع). إن هذا الرجل العظيم والعارف بالله وأمير العارفين يقول أتدري أين عرفتُ الله وبماذا عرفته؟ لقد عرفته بفسخ العزائم. ما معنى فسخ العزائم؟ يعني عندما يخرّب الله حسابات الإنسان وتخطيطاته وبرمجاته.
    وكذلك الله سبحانه يريد أن يلفت أنظارنا إلى نفسه من خلال إفشال بعض التخطيطات والحسابات، لنلتفت إليه ونراه ونأخذه بعين الاعتبار. فهل قد رأيتَ الله في هذه الحالات؟
    بعد عدّة ليال سوف يقدر الله سبحانه وتعالى مقدرات عامنا القادم في ليلة القدر ومن المؤكد أنه سوف يقدر لنا بعض المشاكل والابتلاءات وإفشال بعض الحسابات والتخطيطات. لقد كشف أمير المؤمنين روحي وأرواح العالمين له الفداء في مطلع كتابه لابنه الإمام الحسن(ع) عن هذه الحقيقة بكل صراحة، فقد بدأ كتابه بهذه العبارة «مِن الوالِدِ الفانِ» وهي عبارة لا تعجب السامع. ثم قال «المُقِرِّ للزَّمانِ» يعني قد أقررت بغلبة الزمان عليّ فلم أتغلب على الزمان بل هو الذي سيطر عليّ. ما معنى سيطرة الزمان؟ يعني إنه يفرض عليك أحداثا لا تهواها. ثم قال «المُسْتَسلِمِ لِلدَّهرِ» فعرف نفسه في سبع عبارات كلها من هذا القبيل تتحدث عن الضعف والموت والفناء. ثم انتقل الإمام إلى ذكر خصائص مستلم الكتاب الذي هو شابّ مقتبل العمر. فقال «إلى المَولودِ المؤَمِّلِ ما لا يُدْرَك» يعني أكتب رسالتي إلى هذا الشابّ الذي لا يدرك مناه ولا يصل ألى آماله في هذه الدنيا. «السالكِ سبيلَ منْ قَد هَلَك»، «غَرَضِ الْأَسْقَامِ» يعني قد استهدفته الأمراض! «رَهِینَةِ الْأَیّامِ» أي مقيّد بالأيام وأحداثها. ـ فلو كنّا إلى جانب أمير المؤمنين(ع) ونرى ما يكتب لابنه الإمام الحسن(ع) لطلبنا منه أن يخفف من لحنه السلبي في الرسالة ولرجونا منه أن يستخدم عبارات إيجابية! ـ «السَّاکِنِ مَسَاکِنَ الْمَوْتَی»، هذا هو الأسلوب الإيجابي لأمير المؤمنين(ع)! يعني الساكن في بيوت الأموات. يعني كان يسكن مكانک في هذا البيت وفي هذا الحيّ إنسان آخر قد مات، فسكنت أنت مكانه!
    إن كتاب الواحد والثلاثين في نهج البلاغة هو أول كتاب أخلاقي وتربوي وتعليمي كتب في صدر الإسلام وعلى يد الرجل الأول في العالم بعد خاتم الأنبياء صلى الله عليه وآله. إنه وثيقة عِلْوية وليست رواية كباقي الروايات. إنه كتاب تعليمي وليس كتاب مطالعة. يشتمل على دورة في المعارف الدينية. ثم في هذه الرسالة يذكر أربع عشرة خصلة لابنه الشابّ وأغلبها سلبية على حدّ قولنا. لقد صارح أمير المؤمنين(ع) ابنه بحقائق العالم وقواعده. فلا يتوهم أحد أن الإمام لم يكن يحبّ ابنه ولولا ذلك لعطف عليه وتحدث معه بغير هذه العبارات!
    انظروا كيف يعبّر أمير المؤمنين(ع) عن حبّه الشديد لولده حيث قال: «أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ فِيمَا تَبَيَّنْتُ مِنْ إِدْبَارِ الدُّنْيَا عَنِّي وَ جُمُوحِ الدَّهْرِ عَلَيَّ وَ إِقْبَالِ الْآخِرَةِ إِلَيَّ مَا يَزَعُنِي عَنْ ذِكْرِ مَنْ سِوَايَ‏ وَ الِاهْتِمَامِ بِمَا وَرَائِي غَيْرَ أَنَّهُ حَيْثُ تَفَرَّدَ بِي دُونَ هُمُومِ النَّاسِ هَمُّ نَفْسِي فَصَدَفَنِي رَأْيِي وَ صَرَفَنِي هَوَايَ وَ صَرَّحَ لِي مَحْضُ أَمْرِي فَأَفْضَى بِي إِلَى جِدٍّ لَا يَكُونُ فِيهِ لَعِبٌ وَ صِدْقٍ لَا يَشُوبُهُ كَذِبٌ‏ وَ وَجَدْتُكَ بَعْضِي بَلْ‏ وَجَدْتُكَ‏ كُلِّي‏ حَتَّى كَأَنَّ شَيْئاً لَوْ أَصَابَكَ أَصَابَنِي وَ كَأَنَّ الْمَوْتَ لَوْ أَتَاكَ أَتَانِي فَعَنَانِي مِنْ أَمْرِكَ مَا يَعْنِينِي مِنْ أَمْرِ نَفْسِي‏»[نهج البلاغة/ك31]
    فتيقن أخي العزيز بأنك لا تصل إلى أمانيك في هذه الدنيا بلا ريب، إذ قد صمّم الله آمالك بالنحو الذي لا تقدر على إنجاز جميعها في الدنيا. ولا سبيل للتخلص من قاعدة الدنيا فقد خلقنا في كبد ولابد أن نتحمل بعض العناء والآلام. وعندما تتقرب إلى بعض آمالك يبعدها الله عنك. فأضف هذه المعلومة في هذه الليلة. إذن هناك تعارض وتضادّ في داخلك بين الأهواء والرغبات يفرض عليك أن تجاهد نفسك، وفي نفس الوقت قد قدّر الله مقدراتك في هذه الدنيا على أن لا تخلو حياتك من العناء والمحن.

    تعلّمْ آداب تحمل العناء

    إذن طأطئ رأسك لهذا القانون وتحمّل العناء بلا اعتراض. وتعلم آداب جهاد النفس والعناء لتعاني معاناة جميلة وتصبر صبرا جميلا وترتقي وتتكامل. فلا وجود لحياة بلا عناء في هذه الدنيا ولا تبحث عنها، فمهما تخطط وتبرمج لإزالة المشاكل عن حياتك يخطط الله لإيقاعك في بعض المشاكل لتعاني في هذه الدنيا. رضوان الله تعالى على شهدائنا فقد رأيت أحدهم في الجبهة وقدأصيب بشضية وقطعت رجله فسقط على الأرض، فذهبت إليه وإذا رأيته يبتسم ويضحك وقال مبتسما ذهبت رجلي! أسأل الله أن نحصل على هذه الروحية في مواجهة المشاكل.

    أفلا ينبغي أن ندبّر حياتنا ونحاول لإزالة المشاكل والموانع في الحياة؟

    هناك سؤال قد يتبادر في ذهنكم أيها الإخوة الأعزاء وأسأل الله أن أجيب عن جميع أسئلتكم في الليالي القادمة بإذنه وبحوله، إذ نحتاج إلى معونته كثيرا لتكملة البحث. ولكن أريد أن أجيب عن أحد أسئلتكم التي قد تبادرت إلى أذهانكم وسألها بعض الإخوة في الليالي الماضية. وهو أنه على أساس الأبحاث التي طرحناها إذن لا ينبغي أن نسعى لإزالة المشاكل بل ينبغي أن نتسقبل الأزمات والمشاكل والمصائب؟! فهل واقعا لابد أن نعيش هكذا وهل هذا أمر معقول؟! لا عزيزي، من قال لك أن تعيش هكذا؟ سوف نقول في المستقبل أن لابد لنا من تلبية بعض غرائزنا وأميالنا ولابدّ أن نتمتع ببعض اللذائذ ولابدّ أن نصل إلى بعض آمالنا.
    أمّا أنت الذي تقول: «إذن لنترك الدنيا وما فيها ولا نسعى لحل مشاكل الحياة ومصائبها» فهل تريد أن تسهّل الأمر على نفسك؟! هل تريد أن تجلس أو ترقد في مكان ولا تسعى ولا تعمل ولا تكدّ ولا تبرمج وترفع جميع المسؤوليات عن نفسك؟! يجب عليك أن تسعى لحلّ مشاكل حياتك فلا تتخلّ عن مسؤوليتك. لعلّك تقول: «هل یجب أن نحارب المصاعب والمشاکل ونتّجه نحو الآمال ونبرمج ونخطط، و في نفس الوقت تفشل بعض برامجنا ونقع في مشاكل، وفي نفس الوقت نبتسم ونرضا بقدر الله؟! فقد نجنّ أو نتّهم بالجنون إن كنّا هكذا!». نعم هذا هو الطريق ولعلك تتّهم بالجنون إن سلكته فلا بأس، فقد قال أمير المؤمنين(ع) في وصف المتقين: «يَنْظُرُ إِلَيْهِمُ النَّاظِرُ فَيَحْسَبُهُمْ مَرْضَى وَ مَا بِالْقَوْمِ مِنْ مَرَضٍ وَ يَقُولُ قَدْ خُولِطُوا وَ لَقَدْ خَالَطَهُمْ‏ أَمْرٌ عَظِيم‏»[نهج البلاغة/خ193]
    يقول أحد الروات زرت الإمام الصادق(ع) لأعود أحد أولاده، فرأيت الإمام(ع) مهتمّا حزينا غير مستقرّ بسبب مرض ولده. بعد فترة جاء من جنب ولده ولم يكن أثر ذلك الهمّ والحزن على وجهه، فاستغربت وسألته عن السبب، فقال الإمام(ع): «إِنَّا أَهْلَ‏ الْبَيْتِ‏ إِنَّمَا نَجْزَعُ‏ قَبْلَ الْمُصِيبَةِ فَإِذَا وَقَعَ أَمْرُ اللَّهِ رَضِينَا بِقَضَائِهِ وَ سَلَّمْنَا لِأَمْرِهِ»[الكافي/ج3/ص225].
    إذن ليس معنى هذا الكلام أن لا يسعى الإنسان لمعالجة مشاكله ولنيل آماله. برمج لحياتك وخطط لحلّ المشاكل ولكنّ الله سوف يبطل بعض مخططاتك. إذ إنْ لم تبرمج لحياتك ولم تعزم على حلّ مشاكلك فكيف يعرقل الله بعض أعمالك وشؤونك. إذن برمج وخطط واسعَ لحلّ مشاكل حياتك لكي تتوفر الفرصة لربّك أن يلعب بأعصابك ويفشل بعض مخططاتك.
    هل ينبغي أن نغضّ الطرف عن اللذات تماما؟ كلا، أبدا! لا يحقّ لك أن تترك اللذات برمّتها (وَ لا تَنْسَ نَصيبَكَ مِنَ الدُّنْيا)[القصص/77]. لعلك تقول: إن ذهبت لأتمتع بمتاع الدنيا ولذّاتها، أولا سوف يفشل الله محاولتي بين حين وآخر، كما سوف لا أحصل عليها بين حين وأخر، فما الفائدة من هذه المحاولة؟ الفائدة هي أنك سوف تحصل على بعض اللذائذ الحلال في الدنيا، ثانيا محاولاتك هي التي تهيئ الفرصة لإفشالها من قبل الله.
    لقد أجبتكم أيها الإخوة بمنتهى الصراحة. إنه موضوع بسيط و واضح جدا. لعلك تقول لي: أما قلت يا شيخنا بأن لابدّ أن نستقبل بعض الابتلاءات والمحن؟! نعم، إنه كذلك. ينبغي لك أن تختار بعض المحن وتجرّها إلى نفسك وحياتك، وهنا مصائب وآلام أخرى ينبغي أن تفرّ منها، ولكنك ستصاب أكيدا ببعض المحن التي فررت منها. فإن أصبت بشيء منها، لا تنفعل ولتظهر على ملامحك ابتسامة الرضا بقدر الله. وما أصعبها من ابتسامة بعد ما خطط الإنسان وبرمج وأعدّ حساباته.

    يتبع إن شاء الله...


  2. #32
    صديق فعال

    الطريق الوحيد والاستراتيجية الرئيسة في النظام التربوي الديني 5-4

    واحدة من أهمّ علامات اتباع هوى النفس والأنانيّة


    لم أستطع أن أكمل البحث هذه الليلة فقد بقي ناقصا، ولكن أضيف إليه كلمة واحدة وهي كلمة متميّزة وخاصّة. أيها الإخوة! هل تعرفون إحدى علامات اتباع الهوى والأنانية؟! هي أن تصعُب حياة الإنسان، فيصعّبها أكثر بلجاجته. لماذا جعل الله جزاء من قتل نفسه نار جهنّم خالدا فيها؟ لأنه لم يتحمّل معاناته في الحياة، ولإنه لم يستطع على إصلاح مشاكله، فأخذ يقضي على حياته.
    لا تنس أخي العزيز! كلما رسمت في حياتك رسما، وحدث خطأ في رسمك، فلا تمزّق الورقة واللوحة كلّها. لماذا لا تسمح لله أن يزعجك في جانب من جوانب حياتك؟ فابتسم لما يفعل الله في حياتك وارض بقدره. ليكن بعلمكم إخوتي الأعزاء بأنّي أعطيكم الآن أحد أروع الوصايا العرفانية! فلا تنظروا إلى حالي الخَرِب.
    أحد علامات الأنانيّة واتباع الهوى هو اللجاجة مع الله؟ عندما تغضب من مشكلة حصلت في حياتك وتخرج من طورك وتخرّب الأول والتالي، فهذا يعني أنك ما عرفت قواعد اللعب في الدنيا.
    اسمحوا لي أن أنقل لكم هذه الرواية بمناسبة هذا الكلام. روي عَنْ الإمام أَبِي جَعْفَرٍ الباقر(ع) قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ(ص) يَوْمَ النَّحْرِ إِلَى ظَهْرِ الْمَدِينَةِ عَلَى جَمَلٍ عَارِي الْجِسْمِ فَمَرَّ بِالنِّسَاءِ فَوَقَفَ عَلَيْهِنَّ ثُمَّ قَالَ يَا مَعَاشِرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ وَ أَطِعْنَ أَزْوَاجَكُنَّ فَإِنَّ أَكْثَرَكُنَّ فِي النَّارِ فَلَمَّا سَمِعْنَ ذَلِكَ بَكَيْنَ ثُمَّ قَامَتْ إِلَيْهِ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ(ص) فِي النَّارِ مَعَ الْكُفَّارِ وَ اللَّهِ مَا نَحْنُ بِكُفَّارٍ فَنَكُونَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ. فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ(ص) «إِنَّكُنَّ كَافِرَاتٌ‏ بِحَقِّ أَزْوَاجِكُنَّ»[الكافي/ج5/ص514] ولعلّه يعني أنهنّ إذا رأين عيبا في أزواجهنّ أو انزعجوا منه بسبب ما، ينكرن فضله كلّه ويبالغن في الاعتراض والاحتجاج ويكفرن بحقّه.
    اللهم ارزقنا الشعور بالسعادة في حياتنا. ولكن لا تنسوا (لَقَد خَلَقنا الإنسانَ في كَبَدِ). اللهم اجعلنا فرحين مسرورين. ولكن (يا أيُّهَا الإنْسَانُ إنَّك كادِحٌ إلى رَبِّكَ كدْحاً فَمُلاقيهِ). اللهمّ اجعلنا باسمين بشوشين مع العلم بما جاء في كتاب أمير المؤمنين: «إلى المَولودِ المؤَمِّلِ ما لا يُدْرَك» ومع علمنا بكلمة أمير المؤمنين(ع): «عَرَفْتُ اللهَ سبحانه بِفَسْخِ العَزائِم». الهي اجعلنا مسرورين مبتهجين متفائلين أثناء ما تفسخ عزائمنا وتمنعنا من نيل آمالنا وتخرّب مخططاتنا.
    إلى أين سوف يصل بحثنا؟ إن له مصيرا جميلا جدا. إذ أنا بدأت معكم من أول العرفان لا من آخره. إن آخر العرفان هو عشق العارفين لله واستغفارهم في الأسحار وبكاؤهم شوقا إلى الله. فما أردت أن نستمع إلى قصص العارفين وحالاتهم ونستأنس بها بلا أن نفهم منها شيئا. فلنعرف طريقهم الذي سلكوه إلى أن وصلوا إلى تلك المقامات. فإن العارفين قد سلكوا هذا الطريق المليئ بالابتلاءات والمحن، وقد هيأ الله لنا نفس هذا الطريق.
    أول ما يفرضه الله عليك هو أن تتخلّى عن رغباتك وأهوائك. ثم يصل إلى نفسك، ولابد حينئذ أن تذبح نفسك. إن تكليفك في أول المطاف هو أن تذبح اسماعيل نفسك. ولكن لا يبقى الأمر بهذا المنوال، إذ سوف تصل النوبة إليك فيجب حينئذ أن تضحي بنفسك وتقدم نفسك قربانا إلى الله.

  3. #33
    من المشرفين القدامى
    ابو منتظر
    تاريخ التسجيل: March-2013
    الدولة: نيبور
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 16,168 المواضيع: 4,113
    صوتيات: 164 سوالف عراقية: 2
    التقييم: 6186
    مزاجي: الحمدلله والشكرتمام
    المهنة: موظف حكومي
    أكلتي المفضلة: ارضئ بما قسم الله
    موبايلي: Nokia
    آخر نشاط: 1/September/2021
    الاتصال: إرسال رسالة عبر MSN إلى عماد الحمزاوي
    مقالات المدونة: 18
    شكرآ للمجهود الرائع والمميز بارك الله فيك

  4. #34
    صديق فعال
    شكرا لك أخي الكريم على التعليق والمشاركة الطيبة

  5. #35
    صديق فعال

    الطريق الوحيد والاستراتيجية الرئيسة في النظام التربوي الديني 6-1

    إليك ملخص الجلسة السادسة من سلسلة محاضرات سماحة الشيخ بناهيان في موضوع «الطريق الوحيد والاستراتيجية الرئيسة في النظام التربوي الديني» حيث ألقاها في ليالي شهر رمضان المبارك عام 1434هـ. في مسجد الإمام الصادق(ع) في مدينة طهران.

    نحن بحاجة إلى تعقل الدنيا قبل تعقل الدين

    لقد قررنا في الأبحاث السابقة على أن نكسب رؤية دقيقة عن الحياة وقواعدها قبل أن نكسبها عن العبادة والعبودية. فنحن بحاجة إلى كسب رؤية دقيقة وواضحة عن الدنيا قبل الدين. فإن حصلنا عليها سوف ننظر إلى الدين كمنقذ لا كمزعج ومزاحم. وعند ذلك سوف لا نمنّ على الله بالتزامنا ولا نغترّ عندئذ بورعنا وتقوانا، كما سوف لا نفرّ من الدين وسوف نشعر بحماقة مخالفته.
    لماذا عندما يتحدث الله سبحانه وتعالى عن الكفار في القرآن، يعتبرهم «سفهاء» «لا يعقلون»؟ نحن نعرف جيدا أن ليس لهؤلاء الكفار طهارة القلب، ونعرف أن لا إيمان لهم، ولكن بماذا أصبحوا لا يعقلون؟ وما هي الحقيقة التي لا يعقلونها؟ بالتأكيد إنّ إحدى الحقائق التي لا يعقلونها ولا يلتفتون إليها هي هذا الواقع والقواعد المحيطة بهم في هذه الدنيا.
    كلما ألفيتم روحكم تفرّ من الأحكام الإلهية وتستصعبها، ارجعوا إلى الواقع وادرسوه بغض النظر عن الدّين. إذ إنّ إدراك الواقع وكشف القوانين السائدة في عالم الوجود، ومعرفة السنن الإلهيّة الحاكمة على حياتنا، يمهّدنا لقبول الدين والالتزام به. واسمحوا لي أن أضيف هنا نقطة واحدة. من السيء جدا أن يكون الإنسان متدينا بلا أن يدرك الواقع، فمثل هذا الإنسان يصبح متدينا سيّئاً. ولا أقول أنّ معرفة الواقع أمر ضروري على من استصعب أحكام الدين وحسب، كلا، بل على جميع الناس أن ينظروا إلى الواقع ويكتشفوا قواعده السائدة في الحياة. كما أنّ أولياء الله هم أكثر اهتماما بهذا الأمر من عوام الناس.
    وأساسا إنْ تديّن امرء بلا أن يكون على معرفة بحقائق العالم وواقعه، قد يصبح عنصرا خطرا، وقد يصبح تديّنه الأعمى هذا ضررا على نفسه وعلى المجتمع، وسوف لا يقدر أحد على إصلاح ما أفسده. لقد رأيت في عمري هذا على الأقل جيلين من الأشخاص الذين كانوا أخيارا في زمن من الأزمان ثم ساءت عاقبتهم. كان بعضهم ممن عاشرتهم عن قرب وحتى كان بعضهم في جبهة الدفاع المقدّس. وهذا يحكي عن أنّ من أصبح خيّرا ومتديّنا بدون أن يعرف الواقع الذي يفرض عليه ذلك، ينحرف على الأكثر.
    فلا تستغربوا من انحراف بعض هؤلاء الذين قضوا عمرهم في الصلاح وصلاة الليل والعبادة. ولا تتعجبوا من كون هذا الإنسان كان يريد أن يسبق الآخرين في التضحية بنفسه في سبيل الإسلام والولاية والثورة، أما الآن فقد أصبح من ألدّ أعداء الثورة. من هم أولئك الذين يتورطون بمثل هذه العواقب؟ هم أولئك الذين صلحوا وتدينوا جزافا. ولكن لا يسمح الله باستمرار هذا النمط من الصلاح. فما إن يرى الله مجتمعا قد صلح جزافا واعتباطا، يمتحنهم بامتحان عسير ويسقط من لم يرتكز إيمانه على دعائم محكمة. وقد شاهدنا هذه الظاهرة في تاريخ الإسلام كما رأيناها في مختلف مراحل تاريخ ثورتنا الإسلامية.

    إن عالمنا مشحون بالمعاناة وقد عزم على إزعاجنا

    من أين ننطلق في حركتنا؟ إن نقطة الانطلاق هي أن تشاهد ضرورة مخالفة هواك في هويتك الإنسانية وكذلك تشاهدها في السنن الحاكمة في حياتك. هذا هو المنطلق.
    لا ينبغي لمثلكم أن يخدع بالكلام الباطل، خاصة وقد بلغتكم تجربة تاريخ الإسلام في ألف وأربعمئة سنة، وقد بلغتكم تجربة العالم البشري من بداية التاريخ ولحد الآن، كما في متناولكم تجربة الغرب، وبإمكانكم أن تتصفحوا أحداث العالم وتقفوا على تجاربه عبر الإنترنت. إن موقعنا ليس في أول التاريخ بل قد اقتربنا إلى نهاية التاريخ، فها هي تجربة البشر أمامنا تحدثنا عما وصل إليه العالم، وهي تجارب مليئة بالمعلومات، فلا يمكن لأحد أن يخدعكم بسهولة.
    هذه هي نقطة الانطلاق، وهي أن تعرف عالمك الذي تعيش فيه. وأهمّ خصائص هذا العالم هو أنه مشحون بالمعاناة وقد عزم على إزعاجك. فلا تسمح لأحد أن يلهيك بمعلومات هامشية لا تسمن ولا تغني من جوع، من قبيل مقدار المياه وعمق البحار وارتفاع الجبال وعدد النفوس. فلا تشغل وقتك في تعلّم المعلومات التي لا فائدة لها، فإن أحد أوصاف المتقين في قول أمير المؤمنين(ع) هي أنهم: «وَقَفوا اَسماعَهُم عَلَی العِلمِ النَّافِعِ لَهُم»[نهج البلاغة/الخطبة193]. وأنا باعتقادي أن الإنسان ليس بحاجة إلى كثرة المعلومات، بل يحتاج إلى معلومات صائبة، بالإضافة إلى ترتيب المعلومات وتبويبها بشكل دقيق وأن يميّز بين الأصلية والفرعيّة منها.
    لقد جاء الدين ليعلمك طريقة العناء، وجاء ليخفف مرارة الفقدان عليك. جاء الدين ليعلمك الكفّ عن الرغائب وجاء ليعلمك أسلوب تحمل الآلام. فهل أنت ممن يريد أن لا يتحمل شيئا من هذه الصعاب في هذه الدنيا لكونك متدينا؟! هذه هي نقطة عزيمتنا، فإن انطلقنا من هذه النقطة، سوف نصل إلى النتيجة بسرعة، وكذلك سوف نعمل بديننا بشكل أسهل، كما سوف يصان ديننا بشكل أضبط، وإن شاء الله لن نتراجع عن ديننا إن سلكناه بهذا الأسلوب، إذ نكون على معرفة بكل ما سوف نواجهه في هذا الدرب فلا نفاجأ بشيء.

    يتبع إن شاء الله...


  6. #36
    صديق مشارك
    تاريخ التسجيل: February-2014
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 95 المواضيع: 1
    التقييم: 5
    مزاجي: معى مسيرة الحيات
    أكلتي المفضلة: بورك
    موبايلي: كالكسي دوز
    آخر نشاط: 7/September/2014
    الاتصال: إرسال رسالة عبر AIM إلى جزرالاحزان
    مقالات المدونة: 1
    بارك الله فيك
    اخر مواضيعيترحبون لو اطلع

  7. #37
    مساعد المدير
    ام محمد
    تاريخ التسجيل: May-2014
    الدولة: روح إيليا وشمس الشموس
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 60,782 المواضيع: 1,000
    صوتيات: 1 سوالف عراقية: 2
    التقييم: 119233
    مزاجي: I do not care about anyone
    المهنة: Graduate without appointment
    أكلتي المفضلة: دولمة
    موبايلي: iphone مال هسة +_-
    آخر نشاط: منذ 7 دقيقة
    مقالات المدونة: 19
    بارك الله بكم

  8. #38
    صديق فعال
    حياكم الله وبياكم وجعل الجنة مأواكم
    شكرا جزيلا لكم على هذه الكلمات الطيبة

  9. #39
    صديق فعال

    الطريق الوحيد والاستراتيجية الرئيسة في النظام التربوي الديني 6-2

    إن الدين برنامج للتضحية بالنفس والنفيس


    يروي الإمام الصادق(ع): «أَتَى رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ (ص) فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي جِئْتُكَ أُبَايِعُكَ عَلَى الْإِسْلَامِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ (ص) أُبَايِعُكَ عَلَى أَنْ تَقْتُلَ‏ أَبَاك‏. فَقَبَضَ الرَّجُلُ يَدَهُ فَانْصَرَفَ ثُمَّ عَادَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي جِئْتُ عَلَى أَنْ أُبَايِعَكَ عَلَى الْإِسْلَامِ فَقَالَ لَهُ عَلَى أَنْ تَقْتُلَ‏ أَبَاكَ‏ قَالَ نَعَمْ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ إِنَّا وَ اللَّهِ لَا نَأْمُرُكُمْ بِقَتْلِ آبَائِكُمْ وَ لَكِنْ الْآنَ عَلِمْتُ مِنْكَ حَقِيقَةَ الْإِيمَان...»[المحاسن/ج1/ص248]. ذات مرة قرأت هذه الرواية في إحدى المحاضرات، فأوشك أحد الشخصيات أن يصدر حكم إعدامي بسبب قراءتها، إذ كان يرى أن هذه الرواية تنفّر الناس من الدين. ولعله كان يتصوّر أنّ باقي محاضراتي جيّدة وإنما كانت هذه الرواية فلتة في محاضراتي، فلو كان يعرف أن كل محاضراتي من هذا القبيل، لما تعلّل في إصدار حكم الإعدام [قالها ممازحا]، لأنني عمّمت هذه الرواية على كل الناس، وأقول إن كل من أراد أن يسلك هذا الدرب لابدّ أن يتحمل العناء والكبد والشدائد والمحن. طبعا بعد ذلك أقول: فإن فررت من هذا الطريق خوفا من شدائده ومحنه، سوف تلاقي أمرّ من ذلك في الطرق الأخرى. هذا هو أسلوبنا في المحاضرات، إذ أردنا أن نكون صادقين مع الناس، وقد تعلمنا هذا الأسلوب من أمير المؤمنين(ع) حيث كان صادقا مع ابنه.
    لماذا أراد النبي(ص) أن يبايع الرجل على أن يقتل أباه مع أنه لن يأمره به أبدا؟! لأنّ الدين هو برنامج للتضحية بالنفس والنفيس. فإن التضحية بالنفس، ليست فضيلة إلى جانب باقي الفضائل، بل هي المحور والمخ. نحن إن شاء الله سوف نتطرق في الجلسات القادمة إلى نطاق أهواء النفس وأنواع تجلياتها بإذنه وحوله وقوته.

    الدين برنامج لمخالفة الأهواء والدنيا أيضا مبرمجة على أساس مخالفة الأهواء

    إن نقطة انطلاقك هي أن تعرف السبب الذي خلقت من أجله. فقد خلقت للعناء والمحن وتحمل الأذى والألم. فالبهائم لا تتألم وكذلك الملائكة لا تتألم، أما أنت فقد حظيت برغائب متضاربة وهذا ما شرحناه في الليالي السابقة وقلنا إنك مجبور على ترك بعض الرغائب من أجل بعض أخر.
    ثم يأتي الدين ويقول لك أن دع رغباتك واسع لنيل رغباتك الخفيّة والعميقة. ولا شك في أن هذا العبور صعب، إذن الدين صعب. لقد قال أمير المؤمنين(ع): «وَ اعْلَمُوا أَنَّهُ مَا مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ شَيْ‏ءٌ إِلَّا يَأْتِي فِي كُرْهٍ وَ مَا مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ شَيْ‏ءٌ إِلَّا يَأْتِي فِي شَهْوَة»[نهج البلاغة/ خ176]. فهل قد أرحتُ بالك أم لا؟ هذه معلومة لابد أن نجعلها نصب أعيننا وهي أن الدين برنامج لمخالفة الأهواء.
    طبعا لا يخلو الدين من لذائذ وليست مرارته بقدر مرارة كلامي، ولكن الكلام المعسول الذي يصوّر أجواء درب الحق كلها أجواء جمال وراحة واستقرار وأزهار وبلابل وعصافير فهذا كلام فارغ لا صحّة له. بل ليس الدين برنامجا لمخالفة الأهواء فحسب، بل باعتبار أن أنسانيتك مرهونة بمخالفة الأهواء، فقد انطوت الدنيا أيضا على هذا البرنامج. فهي تفرض عليك المعاناة ومخالفة الأهواء بأشكال ثابتة ومتغيرة.
    من أشكالها الثابتة هو الشيخوخة. ومن أشكالها الثابتة الأخرى هو فقد الحبيب، كما قال أمير المؤمنين(ع): «الْهِجْرَانُ‏ عُقُوبَةُ الْعِشْق»[بحار الأنوار/ ج75/ ص11]. لا أدري هل أقول هذه الحقائق بصراحة، أو أراعي مشاعركم وقلوبكم، ولكنها حقائق نعيشها في حياتنا الدنيوية، فلابد أن نطلع عليها، بل لابدّ أن ننطلق منها في حركتنا الدينية. وهي أن كل ما تعشقه في هذه الدنيا، فلابد لك من مفارقته يوما، وإن الله يفرق بينك وبين أحبائك في هذه الدنيا.
    كان لي صديق قبل سنين، ثم انقطعت عنه ولم أعرف أخباره. بعد فترة قال لي أحد الإخوة: «هل سمعت أن فلان قد توفيت زوجته؟» فسألته هل كان يعشقها كثيرا؟ قال: من أين عرفت ذلك؟ قلت: إن هذا العشق هو أحد أسباب الفقد والفراق في هذه الدنيا؛ إذ «الْهِجْرَانُ‏ عُقُوبَةُ الْعِشْق»، هذه هي إحدى مرارات الحياة الدنيا وهي سنّة من سنن الله. فإذا أردت أن تكون حياتك الزوجية في غاية العشق والغرام، فقل من الذي تريد أن يموت أسرع؛ زوجتك أم أنت؟! لعلك تقول: شيخنا كلامك مرّ جدا. أقول: أخي كلامي جادّ ومستوحى من قواعد هذه الدنيا، فلا تخدعك أكاذيب الأفلام. بل هذا هو الواقع. طبعا لا أريد أن أقول أنه قانون شامل، لا استثناء له، ولكنه يمثل إحدى القواعد التي لابد أن تؤخذ بعين الاعتبار في معرفة هذه الدنيا.
    أعرف أسرة، كان أهلها حساسين جدا في اختيار الزوج لبنتهم، إذ كانوا يريدون نسيبا بمستوى تدينهم وبمستوى مكنتهم الاقتصادية العالية، وبمستوى إناقتهم العالية، وأن يكون جميلا بمستوى جمالهم، وأن يكون مثقفا جدا يليق بثقافتهم العالية، وأن يكون ألفا وباء وجيما ودالا وكذا وكذا. ولهذا كانوا يرفضون الخطّابة واحدا بعد الآخر. بعد فترة، قالوا: الحمد لله، لقد جاءنا خطيب ينسجم معنا في كل شيء؛ في إناقته، في غناه وثروته، في جماله، في تدينه وبكلمة واحدة «كامل مواصفات». يشهد الله أني خفت عليهم. وسرعان ما أنجبوا طفلا وإذا به كان مشلولا.
    هذا هو واقع حياتنا جميعا. ولا يمكن أن يكون هذا الكلام كذبا، بل هو عين الواقع. طبعا هناك نماذج واضحة جدّا من هذه الابتلاءات فنستشهد بها في أبحاثنا، وإلا فالكل محكومون بهذه السنن. وإذا تمعّن الإنسان الفطن في حياته يستطيع أن يكشف هذه القواعد.

    يتبع إن شاء الله...


  10. #40
    صديق جديد
    تاريخ التسجيل: May-2014
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 23 المواضيع: 3
    التقييم: 5
    آخر نشاط: 12/June/2014
    أجزل الشكر ع النقل القيم بوركت ببركة المولى ورسوله وآل بيته
    لي عودة أخرى لتتمة الموضوع الشيق

صفحة 4 من 14 الأولىالأولى ... 23 456 ... الأخيرةالأخيرة
تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال