بإمكاننا اليوم أن ندرك جميع القيم بالعقلانية والواقعيّة/ إن أجواءنا ومناخنا من الشفافيّة بمكان بحيث إن أردنا تحقيق مصالحنا الوطنية فقط، فقد حفظنا القيم أيضا
النزاع اليوم بين العقلانية وعدم العقلانية، فلابدّ أن ندافع عن قيم ثورتنا الإسلامية بأساليب عقلانية. لأن تجربة نظام السلطة الفاشلة التي قامت على أركان الكفر والإلحاد ماثلة أمامنا. وحتى ظاهرة النفاق فإن كانت موجودة في مجتمعنا فهو نفاق يتظاهر بالعقلانية والتعقّل.
إن بعض الأشخاص في الأوساط السياسيّة يخدع الناس عبر استغلال العقلانية والواقعيّة. ولكن يجب أن نعرف أن الواقعية التي يهتف بشعارها بعض الناس، ويؤكد عليها الؤمنون بحقّ، أصبحت اليوم عمادا للدفاع عن القيم، فحسبنا اليوم أن نؤكد على هذه الواقعيّة والعقلانية ونستدلّ بها على أحقية مبادئنا وقيمنا. لقد تيسّر اليوم وعبر نموّ العقل والتجارب أن نفهم وندرك جميع القيم بالعقلانيّة والواقعيّة.
کنا نقول قبل ثلاثين عاما: لابدّ أن نراعي مصالحنا الوطنية وفي نفس الوقت لا ينبغي أن ننسى القيم الإسلامية. أمّا الآن فقد أصبح المناخ السياسي في العالم من الشفافية والوضوح بمكان بحيث حتى إن أردنا تحقيق مصالحنا الوطنية فقط، فقد حفظنا القيم أيضا. كما يجب على مختلف التيّارات السياسيّة أن يعيدوا تعريفهم عن أنفسهم ويحدّدوا موقعهم الدقيق تجاه العقلانية السياسية اليوم.
يودّ بعض الناس أن يحقّق الأمان والرفاه في هذا البلد عن طريق تحسين العلاقات السياسية والدوليّة وإرضاء هذا وذاك فقط. فعلى سبيل المثال كانت سورية قد اتخذت هذه السياسة فهي كانت تحافظ على أمنها واستقرارها عبر معادلات المنطقة، يعني كانت تعتمد في حفظ أمنها على تحسين علاقاتها مع بلدان المنطقة دون أن تسيطر سيطرة كاملة وشديدة على حدودها. ولكن قد اتضح أن هذا الأمن أمن هشّ واهن، إذ إن أرادت دول الجوار أو بلدان المنطقة ولأي سبب كان أن يدخلوا جيوشا من الإرهابيين في البلد، كيف يمكن السيطرة عليها عندئذ؟!
من الذي لا يعرف أن التراجع أمام العدو اليوم مخالف للمصالح الوطنية، ومن الذي لا يعرف أن العدو بصدد التوغل واقتحام البلد في أي لحظة، ولا يمكن أن نرى منه أي نصح؟ فلا يحتاج فهم هذه الحقائق إلى عقائد ثورية راسخة.
العقل يقمع الأهواء السيئة بالرغائب الحسنة/ اتباع الهوى عدوّ العقل
يتمّ جهاد أهواء النفس والرغائب السيئة عبر الرغائب الحسنة. فإذا قيل أن العقل هو الذي يحارب أهواء النفس فمعنى ذلك أن العقل يقمع الأهواء السيئة بالرغائب الحسنة.
يقول أمير المؤمنين(ع): «أَعْقَلُ النَّاسِ أَنْظَرُهُمْ فِي الْعَوَاقِب» [غرر الحكم/ص217/الحديث542] إذن بطبيعة الحال أعقل الناس من أخذ يوم القيامة أيضا بعين الاعتبار والأعقل منه من ينظر في درجات الجنّة ويصبو إلى الصعود إلى أعلى درجات الجنان.
عدو العقل اتباع الهوى. لأنه يأمرك أن تتبع المشتهيات والرغبات القريبة التي في متناول يدك بلا أن تفكّر في يوم غد! أمّا العقل فيفكّر بيوم الغد وحتى بالمستقبل البعيد.
إن هوى النفس عدوّ للعقل وكذلك عدوّ للعشق/ إن رُشّت بذور اتباع الهوى في المجتمع، يمت العشق/ النساء أول المتضرّرين من السفور
ليس العقل هو الوحيد في مجاهدة هوى النفس، بحيث إذا تغلّب الهوى فنى العقل، بل إن الهوى هو عدوّ للعشق ويحاربه. العشق بمعناه المستعمل في أدبياتنا العرفانية هو الحبّ الشديد الذي يحصل في القضايا المعنوية أكثر من المادّية.
إذا استطعنا أن نرسّخ هذا المفهوم في المجتمع، سوف يتصّدى النساء أنفسهم للحفاظ على الحياء والحجاب، إذ سوف تعي المرأة بأنها إن لم تحافظ على حجابها فإنها قد ساهمت بترك حجابها في ازدياد أرضية اتباع الهوى في المجتمع، وعندئذ سوف تكون هي المتضرّرة الأولى من تفشّي ظاهرة اتباع الهوى. وذلك لأنه إن رُشّت بذور اتباع الهوى في المجتمع، يمت العشق أي الحبّ الشديد والطويل المدى، وسوف يعجز الرجال عن عشق أزواجهم وحبّهنّ الشديد. وسوف تنقص سنيّ عزّ المرأة إلى سنيّ فترة لعب لاعبي كرة القدم، كما أن اليوم أصبحت سنوات عزّ المرأة في الغرب قصيرة جدّا وسرعان ما تُرمى بعد مضيّ سنين قصيرة. وبما أنه ليس لهنّ أي أسرة فيضطرن إلى الحياة في باقي عمرهن مع قططهن وكلابهنّ. وكأن المرأة الغربيّة قد رضت بذلك. هكذا يتعامل المجتمع الغربي معها كسلعة سرعان ما تنتهي مدّة استعمالها.
لقد أدى اتباع الهوى إلى فناء العشق والحبّ في الغرب/ ما هي الأكذوبة التي تسوّق على الشباب في كثير من الأفلام
لقد أدى اتباع الهوى إلى فناء العشق والحبّ في الغرب. ومع الأسف قلّ ما أنتج فيلم أو مسلسل أو فيلم وثائقيّ يعكس هذا الواقع إلى أبناء مجتمعنا من النساء والرجال. يمكن إنتاج أفلام كثيرة في موضوع العلاقة بين المرأة والرجل، بحيث تكون جذابة من جانب و تقضي على الفسوق والفجور بدلا من تعزيزها من جانب آخر.
من المؤسف أن الكثير من الأفلام تكذب على شبابنا فهي تلقي لهم هذا المعنى الكاذب وهو أنه بإمكان الشباب والشابات أن يعشق بعضهم بعضا ويسعدا مع بعض بالرغم من فسقهم واتباعهم الهوى.
يتبع إن شاء الله...