السفر إلى خراسان:
هجرة الإمام الرضا(ع) من المدينة إلى خراسان
كان مسلسل التشريد والتنكيل بأئمة أهل البيت عليهم السلام في الأزمنة التي عاصروا فيها سلطات الجور كالسلطة الأموية والعباسية التي جنت جناية كبرى في حق الأئمة المعصومين عليهم السلام ..
على إثر تلك الأحداث التأريخية الجارية كانت هجرة الامام الرضا(عليه السلام) من المدينة الى خراسان في 25 ذو القعدة سنة 200 للهجرة ..
لكي ينجز المأمون العباسي أهدافه المذكورة، بعث بعض من مأموريه الخاصة به إلى المدينة المنورة في خدمة الإمام الرضا (عليه السلام) لكي يجبروا الإمام للسفر إلى خراسان. و أيضاً أمر أن يسيروا بالإمام من دربٍ يقل فيه عدد شيعته. كان المسار الأساسي في ذلك الزمان إلى مرو عن طريق الكوفة، جبل كرمانشاه، ثم قم، و هذه المناطق كانت المراكز الأساسية للشيعة.
أخمن المأمون أن من الممكن أن يثير و يهيج الشيعة بمجرد رؤية الإمام و يمنعوه من إكمال رحلته حتى يبقى معهم، و قد يزيد هذا من مشاكل الحكومة. فلذا، ساروا بالإمام عن طريق البصرة، أهواز، فارس، ثم إلى مرو. و كان المأمورين يترقبون تحركات الإمام و يبلغوا المأمون بها.
قال الراوي: ولمّا ورد البريد بإشخاص الرضا (عليه السلام) خراسان، كنتُ أنا بالمدينة، فدخل المسجدَ ليودّع رسولَ الله (صلى الله عليه وآله)، فودّعه مراراً كلّ ذلك يرجع إلى القبر ويعلو صوتُه بالبكاء والنحيب، فتقدّمتُ إليه وسلّمت عليه فردّ السلام وهنّأته، فقال (عليه السلام): "زرني، فإنّي أخرج من جوار جدّي رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأموت في غربة وأدفن في جنب هارون"، قال: فخرجتُ متّبعاً لطريقه حتى مات بطوس ودُفن إلى جنب هارون الرضا (عليه السلام):
قال الرضا (عليه السلام): "إنّي حيث أرادوا الخروج بي من المدينة جمعتُ عيالي فأمرتهم أن يبكوا عليّ حتى أسمع، ثمّ فرّقتُ فيهم اثني عشر ألف دينار، ثم قلت: أما إنّي لا أرجع إلى عيالي أبداً..
لماذا اختار الإما الرضا أرض خراسان ((طوس)) ؟
ورد في الأثر عن المعصومين عليهم السلام أن أرض طوس مقدسة وتهبط فيها ملائكة السماء وهي بقعة اختارها الله لوليه وحجته الإمام الرضا(ع) وإنّ من جملة الأخبار الدالّة على فضيلة تلك الأرض المقدّسة والبقعةالمباركة ما رواه الشيخ الطوسيّ رحمه الله في باب الزيارات من كتابه تهذيب الأحكام أنّ الرضا عليه السّلام قال: إنّ في أرض خراسان بقعةً من الأرض يأتي عليها زمان تكون مهبطاً للملائكة، ففي كلّ وقت ينزل إليها فوج إلى يومِ نَفْخ الصور، فقيل له عليه السّلام: وأيُّ بقعة هذه ؟ فقال: هي أرض طوس، وهي ـ واللهِ "روضة من رياض الجنة".
ورُوي أيضاً عن الإمام الصادق عليه السّلام قال: أربعة بقاع من الأرض ضجّت إلى الله تعالى ـ في أيام طوفان نوحٍ، من استيلاء الماء عليها، فرحمها الله ـ تعالى وأنجاها من الغرق، وهي: البيت المعمور، فرفعها الله إلى السماء، والغريّ، وكربلاء،وطوس...
حديث سلسلة الذهب:
أينما وقف الإمام على مدى سفره إلى مرو، كان وجوده يجلب الكثير من البركات على أهل المنطقة. من إحدى النقاط في رحلته، دخل الإمام إلى وسط مدينة نيشابور، فاستقبل الإمام وفد كبير من الناس حينما علموا بقدومه. حينها، جاء اثنان من العلماء و من حفظة الحديث النبوي الشريف مع عدد من علماء أهل الحديث و عرضوا غليه قائلين: يا أيها الإمام العظيم و يا ابن الأئمة العظماء، نسألك بحق آبائك و أجدادك الطاهرين أن تُريَنا وجهك الكريم وتنقل لنا أحاديث من آبائك و جدك رسول الله (ص) لتكون عبرة لنا.
ومن ثم أمر الإمام بالوقوف. امتلئ وجوه الناس بالبهجة والفرح عند رؤية الإمام الى درجة بدؤا بالبكاء من شدة ولهتهم للإمام، واللذين كانوا قريبين منه كانوا يُقبّلون مركبة الإمام. وقد أضجّت المدينة بقدومه، وطلب كبار القوم أن يلتزموا بالهدوء لكي يستمعوا الى حديث الإمام. وبعد لحظات من السكوت بدأ الإمام ينقل لهم حديثا ً حرف بحرف عن آبائه الكرام وأجداده الأطهار والذي نقل عن لسان رسول الله (ص) عن جبرائيل (ع) عن الله عز وجل: كلمة لا اله الا الله حصني فمن دخل حصني أمن من عذابي. ومن ثم قال الإمام: بشرطها و شروطها، وأنا من شروطها. في بيان هذا الحديث، ان من شروط قول كلمة لا إله إلا الله، و الذي هو أصل التوحيد، الإقرار بإمامته و طاعة أوامره و قبول كلامه و أعماله و الذي هو من عند الله. و في الحقيقة ان من معتقدات الإمام إن التوحيد هو الأمان من العذاب، و شرط التوحيد هو قبول الولاية و الإمامة.
زيارة الامام الرضا عليه السلام
السلام على انيس النفوس وغريب ارض طوس سيدي ومولاي السلطان اباالحسن علي بن موسى الرضا عليهما السلام