العشاء الأخير (دا فينشي)
وادي قدرون في فلسطين ، و بالتحديد جبل الزيتون فيه . شهد قبل ألفي عام حدث لا زال صداه يذكرنا يومياً بالتضحية و الشهادة .
هذا الحدث هو اللقاء الأخير للمسيح عليه السلام مع تلاميذه و قد دونه الرسول لوقا بإنجيله إذ يقول : (( ثم تناول كأسا ، وشكر و قال : خذوا فاقتسموا بينكم ، فاني أقول لكم إني لا اشرب من عصير الكرمة حتى يأتي ملكوت الله . و اخذ خبزاً و شكر و كسر وأعطاهم قائلا : هذا هو جسدي الذي يبذل لأجلكم اصنعوا هذا لذكري )) .
نعم بهذه الكلمات خاطب السيد المسيح تلاميذه و هو يتصدر مائدة عشاء في ((علية)) صهيون ، هي خاتمة حياته أو هكذا أراد أن تكون الله بعد ثلاثة وثلاثون عاماً من التقوى .
لوحة الفنان الإيطالي ليوناردو دا فينشي رسمت في 1498 م.
لمحة
هذا الحدث التاريخي العظيم أراد الفنان الإيطالي ((ليوناردو دافنشي)) أن يعبر عنه بلوحة قبل خمسمائة عام ، أصبحت فيما بعد من اشهر ما خطته ريشة فنان على مدار كل العصور . هذه اللوحة التي جاءت غاية في الإتقان و دقة في التعابير مع مسحة جمالية رائعة .
كانت باكورة أعمله وأخذت منه جهد جبار وهي عبارة عن لوحة زيتية جداريه في حجرة طعام دير القديسة ماريا ديليه غراتسيه ميلانو (Maria delle Grazie).
علي عكس ما يعتقد الكثيرون فإن الرسام لم يستعمل تقنية الفريسكو في هذة اللوحة بل لجأ إلى التلوين المباشر على الحائط وذلك لكي يحصل علي حرية أكبر في تنويع الألوان وأدى ذلك إلى سرعة تلف اللوحة واحتياجها إلى عمليات ترميم متعددة كان أولها بعد عشرين عاما فقط من إنهائها.
أثارت هذه اللوحة الكثير من التساؤلات عن شخصية ليوناردو دا فينشي حيث تحتوي العديد من العناصر التي لا تنتمي إلى المفاهيم المسيحية التقليدية التي رسمت اللوحة أساسا للتعبير عنها. يعتقد البعض أن هذة اللوحة ضمن العديد من أعمال دا فينشي تحتوي على إشارات خاصة إلى عقيدة سرية مخالفة للعقيدة المسيحية الكاثوليكية التي كانت ذات سلطة مطلقة في ذلك العصر.
أثيرت أسئلة كثيرة حول شخصية يوحنا في لوحة العشاء الأخير للفنان ليوناردو دا فينشي والذي كان موقعه فيها إلى جانب المسيح حيث قدمته الرواية على أنه مريم المجدلية، ولكن بكل الأحوال جنح معظم الفنانين المعاصرين لدا فينشي بإيحاء من روايات التقليد الكنسي على تصوير يوحنا في لوحاتهم على أنه شاب يافع جدا لم تنبت لحيته بعد، وهو ذو ملامح أنثوية تماما كالعادة التي درجوا عليها برسم شبان إيطاليا في ذلك الوقت، وتجدر الملاحظة إلى وجود بعض اللوحات لهؤلاء الرسامين تظهر الرسل الآخرين أيضا بذات المظهر الإنثوي
للأسف فإن استخدامه التجريبي للزيت على الجص الجاف الذي كان تقنياً غير ثابت أدى إلى سرعة دمار اللوحة وبحلول سنة 1500 بدأت اللوحة فعلا بالإهتلاك والتلف.
جرت محاولات خلال سنة 1726 لإعادتها إلى وضعها الأصلي إلا أنها باءت بالفشل.
سنة 1977 جرت محاولات جادة باستخدام آخر ماتوصل إليه العلم والحاسب آنذاك لإيقاف تدهور اللوحة وبنجاح تم استعادة معظم تفاصيل اللوحة بالرغم من أن السطح الخارجي كان قد بلي وزال. لتنظم فيما بعد الى جملة أعمال دافنشي عدا عن
الموناليزا
عذراء الصخور
لوحة جينفرا دي بينسي
و هناك من يصنفها الأحسن و الأتقن في العالم على الإطلاق لإرتباطها بالتاريخ الدين و مراودتها للغز معين تم الإفصاح عنه مؤخرا في فيلم "شفرة دافنشي" الفيلم الذي فضح الكاتوليك و الأورثودكس على حد سواء.