هنا

[وسـام]

كثيرا ما يسرق الزمن الانسان من ارض الواقع، بالاخص خلال فترات الراحة والاسترخاء بعد عناء العمل او الاجهاد او بعد الازمات المختلفة، ليطوح به في افاق متشابكة من عالم ساحر لذيذ تتمازج فيه الاوهام بخيوط السراب وربما بسحب التمنيات البعيدة لتنسج امنيات بعيدة وربما مستحيلة تدغدغ النفس وتغرق القلب بانثيالاتها لتشكل حدود عالم خاص، ذلك هو عالم احلام اليقظة الذي كثيرا ما يكون ترجمة لما يجول في اعماق النفس الانسانية من آمال واحلام وامنيات.
فهنالك من يتخيل نفسه رئيسا وهو يحلم بتغيير العالم او بتغيير بلاده، ومنهم من يحلم ان يكون مليارديرا ليغرق حبيبته بأنفس الهدايا، ومنهم من يحلم بأن يكون ساحرا ليخلب الألباب، ومنهم من يحلم ان يكون طائرا ليكون في لحظة مسروقة من الزمن الى جانب من يحب، ومنهم من يحلم بامتلاك ادوية سحرية لشفاء جمميع المرضى من مختلف الامراض المستعصية ومنهن من تحلم بان تكون سندريلا ليخطفها الامير ويطير بها على ظهر فرسه التي تسابق الريح. بغية التعرف على ماهية احلام اليقظة وتأثيراتها، (صوت الآخر) تسللت الى هذا العالم اللذيذ، وابحرت في رحابه مع اختصاصي الامراض النفسية، الدكتور وسام خالد المعماري الذي حاول عبر حوارنا معه اضاءة جوانب حيوية من افاق هذا العالم اللامتناهي. طبيعة الاحلام *ما هي احلام اليقظة؟ -تعتبر احلام اليقظة من الحالات المرتبطة بالاحلام فهي حالة تشبه الحلم لكنها لا تحدث اثناء النوم، هي جزء من تكوين الدماغ اي انها حالة طبيعية، تنشأ عن شبكة من الخلايا العصبية المعقدة في الدماغ مهمتها تحويل الافكار الى صور خيالية او تسلسل احداث يستعرضها الوعي بشكل احلام شيقة وهذه الشبكة العصبية لا تعمل عند الانهماك في العمل بل اثناء الاسترخاء وفي اللحظات التي يشعر خلالها الانسان بالفراغ. * هل لهذه الاحلام فوائد؟ وما سلبياتها؟ - إن الانسياق الى عالم احلام اليقظة يفيدنا في معرفة وفهم مشاعرنا الحقيقية تجاه احداث حياتنا، وكذلك ينمي التخيل المبدع والتفكير الخلاق ويعزز الحوافز التي تدفعنا باتجاه تحقيق طموحاتنا، ويقلل من توترات الحياة اليومية، لكن الاستغراق الطويل فيها يصبح اضاعة للوقت وللجهد النفسي والعقلي وانفصالا عن الواقع الحقيقي، وقد ينجر البعض الى ادمان هذه الاحلام لتصبح وسيلة للتلذذ بالخيال لكن على حساب النشاطات الحياتية والعلاقات الاجتماعية. إن الكثير من احلام اليقظة قد تكون سلبية تزيد من توترنا ومن شعورنا بالعجز، كالاحلام المرعبة او الجنسية وا نا انصح الجميع بأن لايقاوم احلام اليقظة الايجابية لانها مفيدة لنا وان لا يستغرق فيها ايضا. بل يجب ان تحدد وقتا خلال اليوم للتأمل والتفكير في طموحاتك ومشاكلك ولكن دون استغراق طويل، كذلك استمتع باحلامك الايجابية وحاول توجيهها بحيث تساعد على ايجاد الحلول لتحقيق اهدافك في الحياة والابتعاد عن احلام اليقظة السلبية والمقلقة ومحاولة جعلها ايجابية ومتفائلة. * هل يمكن السيطرة على احلام اليقظة؟ - للتوقف عن احلام اليقظة علينا الانشغال بالاعمال الفكرية او البدنية التي تعد من اهم الامور التي تمنع حضور احلام اليقظة، ومن الافضل محاولة ايجاد التوازن بين العيش في اللحظة الواقعية وبين ترك العقل يهيم في دنيا الاحلام، فالاحلام هي اساس الاشياء العظيمة لكن لجعل الاشياء العظيمة تحدث علينا ان نتذكر ان الواقع هو المكان الذي يمكن ان تتحقق فيه تلك الاحلام. ترى ماذا يقول الحالمون والحالمات عن احلام يقظتهم؟ حلم لم يتحقق *يقول السيد زبير توفيق (35) عاما: -من حق اي انسان ان يحلم لكي ينسى مرارة الواقع الذي يعيشه احيانا، وبالنسبة لي كان حلمي الوحيد ان احظ بالتعيين، هذا الحلم كان يراودني في منامي ويقظتي، وكنت آمل في احلام يقظتي كيف ساشغل منصبا مهما في وظيفة حكومية واكون من الموظفيين المتميزين واتسلق بجهدي سلم المسؤولية بسرعة لاكون مسؤولا رفيعا بعد ذلك، الا ان هذا الحلم لم يتحقق الى الآن للاسف الشديد حتى يئست لاني لم احقق ما كنت احلم به منذ ان تخرجت والى هذا اليوم. الفتاة الحلم *ويقول السيد سوران برهان/ كاسب: -ما حلمت به تحقق، فقد كنت احلم دائما بفتاة ذات مواصفات معينة لأتزوجها ونبني أسرة ونعيش معا، وفي بعض الاحيان تصورت ان حلمي ذاك مجرد خيال بعيد عن الواقع كوني لا املك الامكانات المادية التي تؤهلني لطلب يد الفتاة التي احببتها واحبتني، خصوصا بعد رفض اهلها لي ومنعها عني، وقد عشت اياما تعيسة حقا لم تكن عيناي خلالها قادرتين على اغماض جفنيهما، وكنت اغرق خلال تلك الايام باحلام اليقظة وانا طول الوقت اتأملها وأحلم بيوم زفافنا وكيف ستتحقق هذه الامنية، ولقد كان حلمي ذاك دافعا لي الى المزيد من العمل المتواصل ليل نهار لتوفير الاحتياجات المادية والعودة الى طلب يدها ثانية واكمال زواجنا، ذلك الحلم الذي تمنيته تحقق فعلا ومن يومها لم اعد احلم لانشغالي بالعمل من اجل بناء اسرتي الجديدة والحمدالله الذي ساعدني في تحقيق حلم يقظتي وجعله حقيقة. *وتقول الانسة مها عبدالله/ جامعية: -ربما تضحكين على احلامي، فانا كثيرا ما حلمت ان اكون احدى موظفات الامم المتحدة او سفيرة للنوايا الحسنة واسافر الى دول كثيرة لانني احب السفر والتعرف على حياة الشعوب وثقافاتهم وحضاراتهم، هو حلم بعيد لكنه ليس مستحيلا. *ويقول السيد دلير عبدالخالق 25 عاما: -كان هناك حلم يراودني دائما فقد حلمت بشراء سيارة وبيت وبناء اسرة والحمدلله تحققت احلامي، فبالعمل والسعي من اجل لقمة العيش حققت حلمي الذي زاد من اندفاعي. حلم مزعج *وتقول السيدة دينا جميل/ موظفة: -عندما اكون جالسة وقت الفراغ، أحلم احيانا باشياء مزعجة من بينها أنني سأعيش وحيدة ولا اعلم لماذا، لذلك كلما عاد هذا الحلم ليراودني من جديد احاول ان ابقى متيقظة واشغل نفسي بامور اخرى لينشغل فكري بها والحمدالله قل عندي هذا الحلم ،اتمنى ان انساه نهائيا ربما سبب ذلك تعلقي الشديد باسرتي والمقربين لي. *وتقول السيدة زينة منذر، استاذة جامعية: -كنت احلم يوميا بالكثير من احلام اليقظة، ومن بينها انني حلمت مرة في وقت الفراغ بأني ساحصل على شهادة الدكتوراه حتى انني استغربت لانني لم افكر بذلك من قبل، لكن ذلك الحلم بدأ يراودني دائما حتى حققته فعلا وحصلت على شهادة الدكتوراه. *اما السيدة نادين علي- ربة بيت فتقول: -لا اعتقد ان هناك احلام يقظة اعتقد انها تهيؤات يختلقها الانسان للهروب من الواقع وتعقيداته الى عالم الخيال فالشخص الذي يحلم بشراء سيارة مثلا او دار او ان يصبح مسؤولا كلها ناتجة عن شعور بالنقص والحرمان وبالامكان ان يحقق الانسان اهدافه بالعمل والمثابرة، اما الاحلام الاخرى غير الواقعية فاعتقد بانها كلها من ايحاءات ابليس فالانسان التقي والذي يصلي دائما يبتعد عن هذه الاحلام السلبية لذا علينا بالصلاة للتخلص من هذه الاوهام.

[أبن ذي قار]

شكرا

[وسـام]

العفوو
اهلا