عـــجـــبـــت مـــن ربـــي
عجبت من حلم ربي على آثمٍ يعصيه ,
كيف يطعمه و يسقيه , و نعيمَ الدنيا يعطيه ,
و بِبَنينَ و أحفادٍ يجتبيه , و بذنبه لا يعجل له النار بها يصليه ,
حتى علمت أن الدنيا بيد الرحمن يقلبها كيف يشاء ,
فإن أعطى آثماً فرصة و لحظة بها يعصيه ,
فالويل له من باقي الزمان , من ينجيه ؟
و عجبت من عفو ربي على عاصٍ له , قد أقَلَّ من الذنوب و أكثَرا ,
قد أتاه تائباً ومن ذنبه مستغفرا , كيف محا له خطاياه و أبدله حسناتٍ بدل سيئاته التي أصغرَ و أكبرا ,
حتى علمت أن المذنب قد أصبح في الخطيئة مهاناً و محتقرا ,
وأن الكريم لا يرضى لمن أراد الطهر تكسيراً و تكسرا ,
بل يجبره بعفوه و عطائه و هو المتفضل على عباده دهوراً و أشهرا .
وعجبت من حلم ربي على مجرم قد ارتضى الكبائر عقيدة ,
و ملأ حياته بالرذيلة تلو الرذيلة , و شهر سكينه ذبحاً بالنفوس البريئة ,
و خنجره طعناً بالشيوخ والنساء الكريمة , و سَلَب الدور و البيوت في الضحى و الليالي البهيمة ,
و ما تعود الصدق و لا أحب الفضيلة , حتى علمت أن إمهال ربي لأمثاله ليس غفلة منه و لا خطيئة ,
و إنما ليثبت المجرم على نفسه الذنوب الكبيرة ,
فيأخذه ربه أخذةً شديدة أليمة , يعذبه بها في جهنم أحقاباً طويلة ...
...................................