كثيرة هي الأمراض والمشكلات الصحية التي قد يتعرّض لها الأطفال، في مختلف فصول السنة. وهذا الأمر يتطلّب إنتباهاً شديداً من الأهل وإستشارة الطبيب المختصّ لتجنّب تفاقم مشكلة بسيطة إلى ما لا تُحمد عقباه. ولعل أكثر ما يعانيه الأطفال هو إلتهاب اللوزتين وما ينتج عنه من مشاكل صحّيّة وتأخّر في النموّ، وحتى إمكان تشوّه في عضّة الفم وسواها من المضاعفات التي لا يكون الأهل على دراية تامة بها.قد يخاف البعض من فكرة تعريض طفل للجراحة، بيد أنّ العملية آمنة وروتينية ومفيدة من نواحٍ عدة، لأنها تشكّل أحياناً ضرورة قصوى.من هذا المنطلق، لا بدّ من الحصول على التشخيص السليم لإتخاذ قرار صائب في شأن إمكان إستئصال اللوزتين، للتخلّص من عواقب إلتهابهما المتكرّر، بعيداً عن الشائعات المغلوطة التي تؤكّد أنّ لهذا الإجراء إنعكاساً سلبيّاً على المناعة والحساسية وغيرها... فمتى يكون الحلّ الأنسب هو الإستئصال؟
عندما يتعلّق الأمر بالأطفال والأمراض، غالباً ما نجد الأهل في حيرة من أمرهم، إذ نراهم يستشيرون عدداً من الأطباء، ويجرّبون مختلف العلاجات والطرق الوقائية، ويلجأون إلى مختلف الوسائل التي يظنون أنّها تفيد أولادهم، وذلك لتفادي الخضوع «لجراحة بسيطة»، من دون أن يأخذوا في الإعتبار أنّ الحلول الجذرية تكون أحياناً ضرورية لا محالة.
إنّ عملية إستئصال اللوزتين شائعة في عمر الطفولة، رغم ما يرافقها من أقاويل. فهي تكون الطريقة المثلى للحدّ من الإلتهابات المتكرّرة أو لتسهيل عملية التنفّس ومنع الإختناق الليلي. وتجدر الإشارة إلى أنّ هذه الجراحة تُجرى أيضاً عند البالغين، وإن بنسب أقلّ.
يشرح الدكتورميشالكنعان، إختصاصيّ طبّ وجراحة أنف أذن وحنجرة، وطبّ وجراحة الوجه والعنق، تقنية إستئصال اللوزتين وأسباب الخضوع لها، موضحاً عواقب الإلتهابات المتكرّرة للوزتين. كما تتطرّق الدكتورةجوسلينقرياقوس، إختصاصية طبّ أطفال، إلى الطرق العلاجية غير الجراحية للوزتين.ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ التشخيص الصحيح هو الذي يحتمّ إتخاذ القرار بإجراء الجراحة أم لا.
اللوزتانومشاكلهما
يقول الدكتور كنعان: «اللوزتان عقدتان لمفاويتان تقعان أعلى الحلق في القسم الخلفي من الفم ويمكن رؤيتهما عند فتح الفم. وهما تساعدان في الحالة الطبيعية على تصفية الجراثيم والعصيات الأخرى، ومنع دخولها إلى الجسم وإحداثها للمرض.
بيد أنّ دورهما غير معروف 100% حتى الآن، ولكن يبدو أنّه يتضاءل مع التقدّم في السنّ».
وتقول الدكتورة قرياقوس: «تتعرض اللوزتان للالتهاب بشكل متكرر عند الأطفال. وأبرز الأعراض تكون الصعوبة في البلع، والحمّى المرتفعة المترافقة مع القشعريرة أحياناً، إضافةً إلى الصداع والوهن العام ونقص الشهية وتغيّر الصوت.
وقد يعاني الطفل الغثيان والتقيؤ والألم في البطن أيضاً.
كما يحدث تورّم وإحمرار في البلعوم واللوزتين وتنتفخ الغدد اللمفاوية تحت الفكّ». كما قد يعاني البالغون ذلك، وإن بنسب أقلّ.
إلتهاباتمتكرّرة
إلتهاب اللوزتين هو مرض من الأمراض الشائعة والمنتشرة بشكل كبير، خصوصاً عند الأطفال. وقد تحدث مضاعفات خطيرة نتيجة الإصابة بإلتهابات متكرّرة. تقول الدكتورة قرياقوس: «إنّ الإلتهابات المتكرّرة قد تؤثّر على النمو السليم للطفل، كما قد تؤدي إلى إلتهابات في الكليتين وإنعكاسات على صمّام القلب.
وتناول المضادات الحيوية لفترات طويلة من شأنه أن يخلّف عواقب صحّيّة أيضاً»، إضافةً إلى الألم وملازمة المنزل والتأخّر في المدرسة وسواها من المعضلات الحياتية. وتجدر الإشارة إلى أنّ إلتهابات اللوزتين تحصل في الشتاء مترافقة مع حرارة وأعراض رشح، كما قد تحدث صيفاً.
متىالإستئصال؟
يرى الدكتور كنعان أنّ «إستئصال اللوزتين يجب أن يتمّ عندما يفوق ضررهما منفعتهما، أي عند المعاناة من الإلتهابات المتكرّرة، أو عند تضخّم حجمهما، مما يشكّل عبئاً على التنفّس، ويسبّب شخيراً قوياً، ويؤدّي إلى إختناق ليليّ Sleep Apnea».
يضيف: «لا سن محدّدة لإستئصال اللوزتين، بل إنّ المضاعفات هي ما يحدّد ذلك. فمتى زادت الإلتهابات عن أربعة أو خمسة سنوياً، باتت الجراحة ضرورية.
ويبقى العامل الرئيسيّ هو مشكلة الإختناق الليلي الذي يقتضي الإستئصال فوراً من دون تردّد». ومع العمر، تكتمل مناعة الطفل عند بلوغ سنّ الخامسة، فإن كان عدد الإلتهابات السنوية مقبولاً، وسمح وضع الطفل بذلك، يمكن التريّث قبل اللجوء إلى الجراحة، ومحاولة العلاج عبر الأدوية.
يؤكّد الدكتور كنعان: «حسب درجة تضخّم اللوزتين ومدى تأثيرهما على مجرى الهواء، تتقرّر الجراحة، وذلك لوقف الضرر الناجم عن الاعتلال. وتكون المساوىء جراحية بحتة، أي إمكان حصول نزف ما بعد الجراحة بنسب ضئيلة، أو تأثير التخدير العام.
كما يجب ملازمة المنزل لنحو أسبوع». ويجب التنبه إلى عدم تجريح المنطقة بعد الجراحة، إذ يجب تفادي تناول المأكولات القاسية والحرّيفة، والإستعاضة عنها بالسوائل والبوظة (آيس كريم). ويجب تجنّب أشعة الشمس والحرّ.
علاجغيرجراحيّ
تشير الدكتورة قرياقوس إلى أنّ «العلاج في حالة المعالجة الفموية يجب أن يستمر عشرة أيام كاملة وذلك حتى نتخلص من الجراثيم العقدية في البلعوم واللوزتين بشكل كامل.
كما يمكن إعطاء خافضات الحرارة مثل الأسيتامينوفين والإيبوبروفن، إضافةً إلى الغرغرة بالماء الدافئ والملح». ويجب إعطاء السوائل بكثرة وإلتزام الراحة، والإبتعاد عن المشروبات الباردة. كما تبيّن أن تناول العسل مفيد.
ولابد من التنبيه إلى ضرورة إكمال العلاج لمدة عشرة أيام وعدم وقف تناول الدواء بمجرد إنخفاض الحرارة أو تحسّن الأعراض الذي يحدث بعد يومين أو ثلاثة من البدء بالمعالجة.
نصيحة
يلفت الدكتور كنعان إلى «ضرورة الحصول على التشخيص الصحيح وفق المعايير المحدّدة، قبل الإقدام على جراحة الإستئصال».
كما يؤكّد أنّ «المفهوم الخاطئ لعواقب إستئصال اللوزتين عار عن الصحة تماماً، إذ لا تسبّب العملية الحساسية أو الربو، كما لا تؤدي إلى إلتهابات في الرئتين».
من جهتها، تختم الدكتورة قرياقوس بالتشديد على «ضرورة متابعة فترة العلاج بالأدوية كاملةً، وعدم وقفها من تلقاء أنفسنا، كما يجب توخّي الحذر من إمكان إنتقال العدوى إلى الأشخاص الآخرين في العائلة، بسبب الإلتهابات، خاصةً في فصل الشتاء».}
هلتعرفين؟
- إنّ التهاب اللوزتين ناتج عن بكتيريا الستريبتوكوكوس. كما يمكن أن يكون فيروسياً أحياناً.
- إنّ إلتهابات الحنجرة مختلفة عن إلتهابات اللوزتين.
- إنّ الصراخ يُجرّح أوتار الصوت وليس اللوزتين.
- إنّ لون اللوزتين الأحمر ليس دلالة إلتهاب حتمي بل هو لونهما الطبيعي.
كتابة: دينا الأشقر شيبان