الصباح/بغداد- هناء كاظم:اعتادت النساء قبل سنوات طويلة على ارتداء العباءة فهي تضيف جمالاً وحشمة وكانت تدلل على اناقة السيدة في المجتمع الدافىء حيث العلاقات الاجتماعية المتماسكة وتعاملات المحلة والحارة.
نشاهد المرأة العاملة والفلاحة في الحقول والمزارع وهي ترتدي العباءة بلفها حول خصرها بطريقة مميزة حتى لا تضايقها اثناء العمل مع مراعاة بقائها على الرأس دلالة على الحشمة والمكانة .
عطر الحياة
كانت المرأة ترتدي عباءتين السفلى منهما حرير والعليا بريسم حياكة وهنالك عباءة مخصصة للخروج الاجتماعي والمناسبات المهمة وعادة ماتكون ثمينة وحريرية وناعمة الملمس والنوع الاخر هو مخصص لزيارة العتبات المقدسة المنتشرة في انحاء العراق وتكون سميكة وتظهر مدى مكانة المرأة المادية وهي كذلك تكون باهظة الثمن بالنسبة للثريات من النساء بينما تكون عباءة المتواضعة عبارة عن عباءتين الاولى حرير بسيط والثانية خشنة ومقلمة بلونين اما التي تكون للعمل فهي من الكريب وعادة ماتكون رخيصة الثمن وبمتناول العاملات وتتحمل قساوة العمل بالحقول وشمسها اللاهبة .
والعباءة راس واطراف ونسميها (فجة فوك وفجة جوة) واحيانا يستخدم جزء من العباءة ليغطى به الوجه خمار(بوشيه).
وتكون احيانا تحت الخمار(البوشية) مقنعة محاكة بخيوط حرير و(كلبدون) تظهر منها العيون السوداء الكحيلة .
ستر وحشمة
ام رسل من بغداد 42 عاما تعتبرها زياً اجتماعياً يمثل مرحلة زمنية اختفت بنسبة كبيرة في المدن الكبيرة وعادت للظهور بفضل حرية الفكر والتوجه الديني اما عن القرى والارياف فهي متداولة ولم تختفي ولا يشذ في ارتدائها هناك الا القليل من مجتمع الريف .
وعن سؤالنا للنساء هل اضفت العباءة والخمار على النساء انوثة وجمالاً أو انها مجرد رداء ستر اجتماعي وهل هي زي يرتبط بالدين، فأجابت ام رسل " عن مسألة الجمال بانها نسبية ففي الماضي كانت المرأة تخفي جمالها بخمار وعباءة وتكون غامضة بعيون الرجل حتى يتخيل صورتها بذهنه اما الان فهو يجعل شخصيتها غير واضحة ويفقدها جمالها ولا اظن شاباً يمكن أن يتقدم لشابة من دون ان يراها الا من وراء خمار ، العباءة تبقى ستراً لانها تستر الجسم وتظهر الوجه والى الآن البسها بالزيارة للمراقد الدينية وحتى عندما اخرج من منزلي لدكان قريب ".
وتبين ازهار السلطاني 46 عاما " الخمار دينيا غير واجب ولم يركز الدين عليه انما اتخذ كمادة جمالية والدليل أن الخمار بكل العصور كان شفافا ويعد مكملاً للزينة ويصل سعر العباءة بالعملة الصعبة وهي مرغوبة ومحترمة بين الناس حتى لوكانت عرفاً تقليدياً.
العباءة الخليجيه سيأتي يوم وتنحسر وتأتي عباءة مغربية واخرى اردنية وتبقى العراقية ﻻمحالة ﻻن كل شيء يأتي بسرعة يتبخربسرعة ".
وتجد ندى الكعبي 23 عاما رغبة في نفسها لارتداء العباءة غير انها لا تستطيع وتعلل ذلك قائلة "بسبب ظرف عملي وتنقلي بالسيارات فهذا صعب اضافة الى انني اعيش في بغداد و لن انجح ابدا اذا ما ارتديت عباءة لان نظرة الشباب من هم بعمري تصف كل من تلبسها بإنها شابة لاتواكب العصر وغير متعلمة رغم حصولها على درجات علمية ".
عباءة الزمن الجميل
تصف ام عبد الله 72 عاما وهي من سكنة الباب الشرقي في بغداد ايام شبابها حيث كانت في العشرين من عمرها تتمايل في مشيتها بعباءة رقيقة الملمس وتحتها ثياب حرير وفوقها هاشمي شفاف بخيوط ذهبية مطرز بالنجوم والورود
وأضافت ام عبدالله " عندما يبلغ عمر الفتاة 10 اعوام تشتري لها امها عباءة تسترها واذا كانت العائلة من السادة او الوجهاء فانها تضيف لعباءة الصغيرة (بوشية) تكون مكملة لهيبة عائلتها اجتماعياً".
واذا كان هذا حال نساء المدن على اختلافاتها من الشمال الى الجنوب فان نساء القرى تعيش نفس الاجواء تقريباً مما ينعكس بالتالي على نوعية العباءة وانحسار البوشية بسبب عمل النساء واحتياجهن الدائم للظهور مع الملاحظة ان اللثام في عمل المزارعات ضروري لحماية وجوههن من حرارة الجو واشعة الشمس ولا يعد بديلا عن الخمار ان وجد من ترتديه في القرية .
وتلف المرأة القروية عباءتها من مكان الخصر حيث تسحب طرفيها الى عقدة تلف منتصف قامة السيدة لكي لاتعيقها اثناء العمل في المزرعة او اي شأن من شؤون الحياة الزاخرة بالخضرة والزروع .