ذكرى دخول مسلم بن عقيل الكوفة سفيراً ومبعوثاً من قبل الإمام الحسين (عليهم السلام)….محمد الكوفي.

خروج سفير الحسين و ثقته و ابن عمة مسلم ابن عقيل )عليهما السلام.( من المدينة المنورة (يثرب.(
متوجهاً .( إلي مدينة الكوفة العلوية المقدسة في الخامس عشر من شهر رمضان سنة (60هـ ) ،
ثم واصل السير نحو الكوفة حتى دخلها في الخامس من شهر شوال المكرم)ألسنه 60 للهجره ,,
************
لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم و صلى الله على سيدنا محمد وآله أجمعين وصحابته الغر الميامين.
“أن الشهداء من حقهم علينا أن تحفر أسماءهم في ذاكرة التاريخ لأنهم قدموا أغلى ما لديهم إلى الإسلام “. نعرج بأرواحنا إلى مدينة الكوفة لنرى ما جرى على مسلم بن عقيل (ع.(في مثل هذه الأيام من سنة (60هـ ) ، ولنتتبع سيرة ذلك الإنسان منذ دخوله الكوفة وإلى أن قيد جسده بحبال ليسحب بها في الأسواق ليتبين لمن يبحث عن حقيقة المصائب التي وقعت على كل من ناصر الإمام الحسين(ع.( سواءا في كربلاء أو في الكوفة ومدى الوحشية التي يتعاملون بها حكام بني أمية مع عترة المصطفى (ص.( ومن له علقة بهم من قريب أو بعيد,
************
رسالة شكر وتقدير أقدمها لكل من الأخوة والأخوات القراء الأعزاء والأخوة الطيبين العاملين في موقع
موقع رسالتنا اون لاين الموقرة والمحترمة ،»، بالخصوص المسؤول والمشرف والكادر العام المحترمــين جميعاً، وأصحاب المواقع الإسلامية والعلمانية المحترمة، وذلك بمناسبة دخول سفير الحسين و ثقته و ابن عمة الشهيد مسلم بن عقيل }عليهما السلام{ إلي مدينة الكوفة العلوية المقدسة.
************ بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وعلى آله الطيبين الطاهرين المعصومين (عليهم السلام) الحمد لله نحمده، ونستعين به ونسترشده، ونعوذ به من شرور أنفسنـا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إقراراً بربوبيته وإرغامـاً لمن جحد به وكفر،
والصلاة والسلام على رسوله النبي المنذر الأمين ، وعلى آله السادة الميامين. الظالم مهما قويت سواعده وكثر أنصاره وامتدت مدة بقائه ، فإنه ضعيف ، لأن الله سبحانه وتعالى صاحب القدرة المطلقة في مقابله ، فهو عز وجل دائماً بالمرصاد للظالمين والمجرمين ، يعذ بهم وينزل عليهم أنواع البلاء في الدارين. وهكذا كان حكم الله سبحانه وتعالى أمام من ظلم الحسين وقتله وانتهك حرمة آل بيته (ع) ، فأذاقهم الله العذاب والبلاء في دار الدنيا ، ويوم القيامة عذابهم أشد وأعسر. فالله سبحانه دائماً في عون المظلومين الذين ظلموا لأجل الدفاع عن الحق وإعلاء كلمته ،
****** « 1 » ******
بسم الله الرحمن الرحيم
1} ــــ «- سيرة حياة سفير الإمام الحسين {ع}. مٍسلم بن عقيل {ع}.
كان مسلم ابن عقيل من أشجع المقاتلين دفاعاً عن أهل البيت {ع}. كما أنه كان عالماً فقيهاً بالإسلام وعلومه حيث رعاه عمه الإمام علي {ع}. بعد وفاة أبيه عقيل الذي ترعرع في حجره. وبذلك نهل من علوم الإمام علي {ع}. وكان معه محارباً شجاعاً كما كان الأمر في معركة صفين وكان يلقبه أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب بثقتي. انه طليعة الشهداء من اهل بيت النبوة بين يدي الثورة الحسينية مسلم بن عقيل {ع}.
هناك محطات كثيرة منيرة في حياة مسلم بن عقيل رضوان الله عليه يقتبس منها الإنسان الدروس والعبر، ويستلهم منها الفضائل، فتنير له دربه في حياته اليومية، ويتزود منها بما يقربه إلى الله عز وجل ورسوله وأهل بيته {ص}. والقرب من الله عز وجل يكون بعبادته وطاعته، والقرب من الرسول{ص}. وأهل بيته {ع}. يكون بطاعتهم، وحيث أن الإشارة إلى بعض تلك المحطات يتوقف على إطلالة على عرض مختصر لشخصيته، فإننا سنقدم تعريفا موجزا حوله تمهيدا لذلك. * تعريف مختصر.» { 1}.
****** « 2 » ******
2} ــــ «- والده {ع}: والده هو عقيل بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم، وعمه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب{ع}. وعمه الآخر جعفر الطيار الشهيد في مؤتة، فهو من أكرم الأصول وأطهرها، ومن الذين نشئوا بين خير الآباء والأعمام. » {2}.
****** « 3 » ******
3} ــــ «- أمه {ع}: أمه أم ولد (أي جارية) يقال لها علية اشتراها عقيل بن أبي طالب. (مقاتل الطاليين ص-52)) وكانت أم مسلم أم ولد تسمى (علية) بالتصغير أصلها من أشراف النبط وهم سكنت العراق (الكوفة) قبل الإسلام وكانت لهم مملكة عريضة قبل الفرس فتغلب الفرس عليهم فاختلطوا بهم وانتسبوا أليهم ثم جاء الإسلام فأسلم الكثير منهم وازدلف الآخرون إلى ملوك الفرس .
أما زوجة مسلم فهي رقية بنت أمير المؤمنين{ع}.
كنيته: أبو داود. ( مروج الذهب (الثقات لابن حبان ج5 ص391. » {3}.
****** « 4 » ******
4} ــــ «- اسمه ونسبه: {عليه السلام}: سفير الشهادة مٍسلم بن عقيل {ص}. انه طليعة الشهداء من أهل بيت النبوة بين يدي الثورة الحسينية مسلم بن عقيل بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن غالب بن فهر بن مالك بن قريش بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.
كما تشرق كتب ألسيره والأنساب بسلسلة نسبه الوضاح التي هي سلسلة النبوة والإمامة والمتصاعدة الحلقات إلى الجد الأعلى شيخ الأنبياء والمرسلين إبراهيم خليل الرحمن {ع}. كان أبوه عقيل ثاني أبناء أبيه الأربعة طالب وعقيل وجعفر وعلي {ع}. وكلهم من أم واحدة هي فاطمة بت أسد ابن هاشم بن عبد مناف من طلائع المسلمات المؤمنات وهي أول هاشمية ولدت لهاشمي كما عليه عامة المؤرخين ويقول المؤرخون وأرباب النسب إن بين كل واحد من أولائك البنين الأربعة عشر سنين في الولادة طالب ثم عقيل ثم جعفر ثم علي {ع}. وأعقبوا ألا طالب فلم يعرف له عين ولا اثر بعد معركة بدر الذي دعه المشركون إليها مع بعض الضعفاء من بني هاشم دعا كما هو مفصل في عامة كتب السير وترك عقيل من البنين زهاء العشرين من أمهات شتى أمثلهم وأفضلهم بطل الكوفة وطليعة الشهداء مسلم بن عقيل {ع}. والكثير منهم حضروا واقعة ألطف واستشهدوا بين يدي الإمام الحسين {ع}. وكان عقيل اثر من بقية أخوته بحب أبيه فقد ذكر السيد علي خان في الدرجات والعمري في المجدي وبعض غيرهما إن النبي {ص }. وعمه العباس جاءا إلى أبي طالب{ع}. وكان فقير الحال ليخففا عنه بعض عياله فقال لهما أذا خليتما عقيلا فخذا من شئتما. » {4}.
****** « 5 » ******
5} ــــ «- ولادته : {عليه السلام}: ولد سفير الشهادة مسلم بن عقيل بن أبي طالب{ع}. في المدينة المنورة سنة ( 22 هـ ) على أرجح الأقوال ،
في دار أبيه عقيل التي ألت بعد ذلك إلى مقبرة لعموم آل أبي طالب وهي أول البقيع ولم يضبط لنا المؤرخون والنسابون سنة ولادته على التحقيق وكل مايوثر عنهم في هذا الشأن قولهم انه يوم استشهد في التاسع من ذي الحجة من سنة 60 هــ كان عمره الشريف 34 أو 38 سنة على الخلاف ولعل الأخير اصح فان عامة المؤرخين يذكرون له يوم صفين مواقف بطولية ومنازلات حربيه وكان على ميمنة أمير المؤمنين{ع} في صف الأمراء والقواد من بني هاشم كالحسن والحسين وعبد الله بن عباس وإضرابهم وقد نشأ مسلم في بيت أبيه عقيل علامة العرب في أخبارهم وأنسابهم وآدابهم وتربى وترعرع في كنف عمه أمير المؤمنين {ع} وانتهل من علومه ومعارفه وهو باب مدينة علم النبي {ص } وكذلك واكب نشأته مسيرة ابني عمه الإمامين الحسن والحسين سيد شباب آهل الجنة فنهل من علوم ومعارف هولاء الأفذاذ في طليعة الفجر الإسلامي من حيث العلم والمعرفة والأخلاق والممارسات الاجتماعية والسياسية واقتبس من أنوار النبوة والإمامة وتمرس وبرع في كثير من المناهج الإسلامية والصفات الإنسانية تلك من المميزات التي أهلته لان يحتل ذلك المقام العظيم المتمثل بسفارته الواسعة في الثورة الحسينية وتحمله بكفاءة لرسالتها العظيمة» {5}.
****** « 6 » ******
6} ــــ «- زوجاته وأولاده: {عليه السلام}: وكان قد تزوج بابنة عمه رقية بنت أمير المؤمنين {ع}. المعروفة برقية الصغرى،التي أنجبت له ذرية صالحة. ذكر المؤرخون منهم عبد الله وإبراهيم اللذين استشهدا في تلك الواقعة الأليمة على شاطئ الفرات، وبنتاً لعلها (حميدة) وقيل أكثر من ذلك، وأيا كان فانه فدى ذريته في الله، فلا عقب له. *كتب البيعة و المهمة
«2 » وقد رافقت زوجته رقية أخاها الإمام الحسين{ع}. مع ابنها عبد الله في خروجه من مكة، فاستشهد عبد الله في كربلاء وأمه تنظر إليه على يد عمرو بن صبيح لعنه الله، حيث أصابه بسهم وكان واضعا يده على جبينه ليتقيه، فأصاب السهم كفه ونفذ إلى جبهته فسمرها به، ولم يستطع تحريك يده فطعنه آخر برمح في قلبه. (أمالي الصدوق ص217 المجلس30 ح1، مقاتل الطلابيين ص62، إبصار العين ص224، الإرشاد ج2 ص107)
كما تزوج مسلم بأم ولد فولدت له محمدا الذي كان يبلغ من العمر 10 سنين في نفس السنة. استشهد في كربلاء على يد أبي مرهم الأزدي ولقيط بن إياس الجهني. (مقاتل الطالبيين ص62) له من الأولاد خمسة بنون وبنت واحده وهي حميده(أو رقية) وكانت مع عائلة الحسين{ع}. بألطف التي كانت تبلغ 5 أو 6 سنوات من العمر في تلك السنة.فسلام عليه يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حيا. أولاده الأربعة كانوا في قافلة الإمام الحسين ورحلوا معها من المدينة. . » {6}.
****** « 7 » ******
7} ــــ «- كما نقل الشيخ الصدوق في أماليه قصة طفلين صغيرين لمسلم بن عقيل أسرا من معسكر الإمام الحسين ({ع} منهم عبد الله وإبراهيم اللذين استشهدا في تلك الواقعة الأليمة على شاطئ الفرات، عبد الله الذي كان يبلغ سنة 60 للهجرة سنة عاشوراء 15 سنة “وإبراهيم الذي كان يبلغ وقتها من العمر 8 سنوات. ثم أخذا إلى عبيد الله بن زياد عليه اشد لعنات الله تعالى فأوصى السجان بالتضييق عليهما في المأكل والمشرب وغير ذلك، فكانا يصومان النهار فإذا جنّهما الليل أفطرا على قرصين من شعير وكوز من الماء، ثم تذكر الرواية كيفية خروجهما من السجن وهروبهما حتى إلقاء القبض عليهما ثم قتلهما بقطع رؤوسهما. (الأمالي المجلس 19ح2) وهناك مقام لهما بالقرب من مدينة المسيّب. » {7}.
****** « 8 » ******
8} ــــ «- النشأة في بيت الرسالة: }. روى الصدوق في أماليه مجلس 37 بسنده عن ابن عباس عن علي {ع}. كان عقيل بن أبي طالب أنسب قريش وأعلمهم بأيامها، وكان والده أبو طالب يكن له حباً جماً، وقد أحبه رسول الله كثيرا وقال في حقه بعد أن سأله أمير المؤمنين علي{ع}.} عن حبه لعقيل. } يارسول الله انك لتحب عقيلا ؟قال أي والله واني لأحبه حبين حبا له وحبا لحب أبي طالب له وان ولده لمقتول في محبة ولدك فتدمع عليه عيون المؤمنين وتصلي عليه الملائكة المقربون قال علي {ع}. ثم بكى رسول الله {ص}. حتى جرت دموعه على صدره ثم قال:(إلى الله أشكو ماتلقى عترتي من بعدي .
وقد رزق الله عقيلا مولودا مباركا سماه مسلماً، حيث ترعرع ونما في البيت الهاشمي، حيث مهبط الوحي. ومحور حركة الأمة وقطب الحياة الدينية والسياسية، فرعته التربية المتميزة لهذا البيت الرفيع فلما شبّ التحق كسائر أترابه بالجيش الإسلامي الذي كان يجوب يومئذ الآفاق. عظم الله أجورنا وأجوركم» {8}.
****** « 9 » ******
9} ــــ «- صفاته الخلقية: {عليه السلام}: عرف بقوة البدن والفتوة، ففي بعض كتب المناقب: أرسل الإمام الحسين{ع}. مسلم بن عقيل إلى الكوفة وكان مثل الأسد، وكان من قوته أنه يأخذ الرجل بيده فيرمي به فوق البيت. (بحار الأنوار ج44 ص354) كما أشارت بعض المصادر إلى شبهه بالنبي (ص) ، فعن أبي هريرة أنه قال: “ما رأيت من ولد عبد المطلب أشبه بالنبي (ص) من مسلم بن عقيل. (التاريخ الكبير للبخاري ج7 ص266، الثقات لابن حبان ج5 ص391) » {9}.
****** « 1o » ******
1o} ــــ «- سيرته وفضائله: {عليه السلام}: كان مسلم بن عقيل {ع}. من أجِلَّة بني هاشم ، وكان عاقلاً عالماً شجاعاً ، وكان الإمام الحسين {ع}. يلقبه بثـقتي، وهو ما أشار إليه في رسالته إلى أهل الكوفة . ولشجاعته أختاره عمُّهُ أمير المؤمنين {ع}. في حرب ( صفين ) ، سنة 37هـ ولبسالته وشجاعته جعله أمير المؤمنين {ع}. على ميمنة العسكر مع الحسن والحسين {ع}. وعبد الله بن جعفر الطيار، بالرغم من أن عمر مسلم لم يبلغ آنذاك الثامنة عشر عاما.
اشترك مسلم في حروب الردة الأموية منضوياً تحت راية عمه الإمام علي (ع (، واستبسل في الدفاع عن الإسلام النقي الأصيل، ضد الجاهلية المغلفة بغلالة من الطقوس الظاهرية: أمالي الصدوق. » { 1o}.
****** « 11 » ******
11} ــــ «- كُتُب أهل الكوفة: تتابعتْ كتبُ أهل الكوفة- كالسيل – إلى الإمام الحسين (عليه السلام)، وهي تحثُّه على المسير والقدوم إليه، لإنقاذهم من ظلم الأمويِّين وعُنفهم،
وكانت بعض تلك الرسائل تحمِّلُه المسؤولية أمام الله والأمة إن تأخر عن إجابتهم .
فأنفذوا جماعةً معهم نحو مائة وخمسين صحيفة, من الرجل والاثنين والثلاثة والأربعة، يسألونه القدوم عليهم، وهو مع ذلك يتأنَّى ولا يجيبهم، فورد عليه في يوم واحد ستمائة كتاب، وتواترت الكتب حتى اجتمع عنده منها ـ في نُوَبٍ متفرِّقة ـ اثني عشر ألف كتاب.
وهي تحثه على المسير والقدوم إليهم لإنقاذهم من ظلم الأمويين وعنفهم، وكانت بعض تلك الرسائل تحمله المسؤولية أمام الله والأمة إن تأخر عن إجابتهم .
ثمَّ لم يمسِ الحسين (عليه السلام) يومه ذلك، حتى ورد عليه بشر بن مسهر الصيداوي وعبد الرحمن بن عبيد الأرحبي، ومعهما خمسون كتاباً من أشراف أهل الكوفة ورؤسائها. ثمَّ قدِم عليه صباحاً هاني بن هاني السبيعي وسعيد بن عبد الله الحنفي بهذا الكتاب، وهو آخر ما ورد على الإمام الحسين (عليه السلام) من أهل الكوفة، وفيه:
بسم الله الرحمن الرحيم
(إلى الحسين بن علي , من شيعته من المؤمنين والمسلمين أما بعد ..
أما بعد، فجئ أهلاً،(1)، فان الناس ينتظرونك، لا رأي لهم غيرك، (2)،فالعجل العجل، ثم العجل العجل، والسلام) (3). وجاء في بعضها : (أما بعد فقد اخضر الجناب، وأينعت الثمار، واعشبت الأرض، وأورقت الأشجار، فإذا شئت فاقبل على جند لك مجندة والسلام عليك ورحمة الله وبركاته وعلى أبيك من قبلك)
وهكذا تواترت الرسل والرسائل حتى بلغت اثني عشر ألف كتاب، حسب بعض المصادر.
ورأى الإمام – قبل كل شيء – أن يختار للقياهم سفيرا له يعرفه باتجاهاتهم، وصدق نياتهم، فان رأى منهم نية صادقة، وعزيمة مصممة فيأخذ البيعة منهم، ثم يتوجه إليهم بعد ذلك،
وقد اختار لسفارته ثقته وكبير أهل بيته، والمبرز بالفضل فيهم مسلم بن عقيل {ع}. وهو من أفذاذ التاريخ، ومن أمهر الساسة، وأكثرهم قابلية على مواجهة الظروف ، وللصمود أمام الأحداث، وعرض عليه الإمام القيام بهذه المهمة.
فصلَّى الإمامُ الحسين (عليه السلام) ركعتين بين الركن والمقام، وسأل الله الخِيَرة في ذلك.
ثمَّ طلب ابن عمِّه مسلم بن عقيل، وأطلعه على الحال، وكتب معه جواب كتبهم يعدهم بالقبول.
فاًستجاب له عن رضا ورغبة، وزوده برسالة رويت بصور متعددة وهي :
جواب الحسين (عليه السلام) لأهل الكوفة
كََتَبَ الإمامُ الحسين (عليه السلام) إليهم جميعاً كتاباً واحداً، ودفعه إلى هاني بن هاني وسعيد بن عبد الله، نسخَتُه:
فسرّحه مع قيس بن مسهر الصيداويّ وعمارة بن عبد السلوليّ وعبـد الرحمن بن عبـد الله الأرحبي، وأمره بتقوى الله وكتمان أمره واللطف، فإنْ رأى الناسَ مجتمعين مستو سقين عجّلَ إليه بذلك.
بسم الله الرحمن الرحيم
الكتاب الأول: رواه أبو حنيفة الدينوري وهذا نصها : ” مِن الحُسينِ بن عَلي إِلى مَن بلغهُ كتابي هذا مِن أوليائِه وَشيعَتِه بالكوفة ، سلامٌ عليكم ، أما بعد : فَقَد أتَتْني كُتُبكُم ، وفهمتُ ما ذكرتُم مِن مَحبَّتِكم لِقُدومِي عَليكم ، وأنا بَاعثٌ إِليكم بِأخي وابنِ عَمِّي وثِقتي من أهلي مسلم بن عقيل ، لِيعلمَ لِي كُنْهَ أمْرِكُم ، ويكتبَ إِليَّ بما يَتبَيَّن له من اجتماعِكُم ، فإن كان أمرُكم على ما أتَتْني بِه كُتُبُكم ، وأخبَرَتني به رُسُلُكم ، أسرعتُ القُدومَ إليكُم إِن شَاء اللهُ ، وَالسَّلام. (1).
الكتاب الثاني : رواه صفي الدين وقد جاء فيها بعد البسملة :
” أما بعد فقد وصلتني كتبكم، وفهمت ما اقتضته آراؤكم، وقد بعثت إليكم ثقتي وابن عمي مسلم بن عقيل، وسأقدم عليكم وشيكا في أثره إن شاء الله.. (بحار الأنوار) (2).
وهذه الرواية شاذة إذ لم يذكر فيها مهمة مسلم في إيفاده إليهم من أخذ البيعة له، وغير ذلك مما هو من صميم الموضوع في إرسال مسلم .
الكتاب الثالث : رواه الطبري وقد جاء فيها بعد البسملة :
” من الحسين بن علي إلى الملاء من المؤمنين والمسلمين أما بعد :
فان هانئا وسعيدا (3) قدما علي بكتبكم، وكانا آخر من قدم علي من رسلكم وقد فهمت كل الذي اقتصصتم، وذكرتم ومقالة جلكم، أنه ليس علينا إمام فاقبل لعل الله يجمعنا بك على الهدى والحق .
وقد بعثت لكم أخي وابن عمي، وثقتي من أهل بيتي، وأمرته أن يكتب إلي بحالكم وأمركم ورأيكم، فان كتب أنه قد اجتمع رأي ملاكم وذوي الفضل والحجى منكم على مثل ما قدمت علي به رسلكم، وقرأت في كتبكم، أقدم عليكم وشيكا إن شاء الله، فلعمري ما الإمام ألا العامل بالكتاب والأخذ بالقسط والدائن بالحق، والحابس نفسه على ذات الله والسلام.. (4). وحفلت هذه الرسالة – حسب نص الطبري – بالأمور التالية :
1 – توثيق مسلم والتدليل على سمو مكانته، فهو ثقة الحسين.
2 – تحديد صلاحية مسلم باستكشاف الأوضاع الراهنة، ومعرفة التيارات السياسية، ومدى صدق القوم في دعواهم، ومن الطبيعي أنه لا تناط معرفة هذه الأمور الحساسة إلا بمن كانت له المعرفة التامة بشؤون المجتمع وأحوال الناس :
3 – انه أوقف قدومه عليهم بتعريف مسلم له بإجماع الجماهير ورجال الفكر على بيعته، فلا يقدم عليهم حتى يعرفه سفيره بذلك .
4 – انه تحدث عما يجب أن يتصف به الإمام، والقائد لمسيرة الأمة من الصفات وهي :
أ – العمل بكتاب الله
ب – الأخذ بالقسط
ج – الاداناة بالحق
د – حبس النفس على ذات الله
ولم تتوفر هذه الصفات الرفيعة إلا في شخصيته الكريمة التي تحكي اتجاهات الرسول (ص) ونزعاته .
وتسلم مسلم هذه الرسالة، وقد أوصاه الإمام بتقوى الله، وكتمان أمره(5)
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــ
(1)- الأخبار الطوال (ص 210) . (2) وسيلة المال(ص 186) من مصورات مكتبة الإمام الحكيم. (3) هما : هانئ بن هانئ السبيعي، وسعيد بن عبد الله الحنفي .(4) الطبري 6 / 197. (5) تاريخ ابن الاثير 3 / 267 .» {11}.
****** « 12 » ******
12} ــــ «- خروجه: مسلم بن عقيل{عليه السلام}: الفتى السفير والدبلوماسي القدير إلى الكوفة : ارتأى الإمام الحسين {ع}. أن يُرسل مندوبا عنه إلى الكوفة لكي يهيئ له الأجواء ، وينقل له واقع الأحداث ، ليستطيع أن يقرر الموقف المناسب ، ولابد لهذا السفير من صفات تؤهله لهذه السفارة ، فوقع الاختيار على مسلم بن عقيل {ع}. وهكذا انطلق مسلم، سلام الله عليه من مكة حاملا هموم أمة أرادها الله خير أمة. وأرادها الدخلاء والطلقاء مطية لأهوائهم .
وقد كان مسلمُ بن عقيل قد خرج معه من المدينة إلى مكَّة، فقال له الحسين (عليه السلام): يا ابن عم، قد رأيتُ أن تسير إلى الكوفة، فتنظر ما اجتمع عليه رأي أهلها، فإن كانوا على ما أتتني به كتبهم، فعجِّل عليَّ بكتابك، لأُسرع القدوم عليك، وإن تكن الأخرى، فعجِّل الانصراف (.
تَسلَّم مسلمُ الكتاب، وغادر مكَّة ليلة النصف من رمضان، {6 }. لما كان يتصف به من الحكمة والشجاعة والإخلاص وعرج في طريقه الى المدينة يثرب حيث مرقد الرسول {ص }. وحيث أهله الأقربون. فصلى في مسجد الرسول{ صلى الله عليه وآله }. عند قبر صاحب الرسالة ركعات وطاف بضريحه، وودع قائد الأمة، ثم ودع أهله وأصحابه وكان ذلك هو الوداع الأخير لهم،{7 }.على خوف من فراعنة عصره. واتخذ طريقا إلى العراق على غير الجادة.
وكان ذلك هو الوداع الأخير لهم، واتجه صوب العراق وكان معه قيس بن مسهر الصيداوي، وعمارة بن عبد الله السلولي ، وعبد الرحمن بن عبد الله الازدي، واستأجر من يثرب دليلين من قيس يدلانه على الطريق
{8 }. وسارت قافلة مسلم تجذ في السير لا تلوي علي شيء، يتقدمها الدليلان وهما يتنكبان الطريق خوفا من الطلب، فضلا عن الطريق، ولم يهتديا له وقد أعياهما السير واشتد بهما العطش، فأشارا إلى مسلم بسنن الطريق بعد أن بان لهما، وتوفيا في ذلك المكان حسبما يقوله المؤرخون {9 }.وسار مسلم مع رفقائه حتى أفضوا إلى الطريق، ووجدوا ماءا فأقاموا فيه ليستريحوا مما ألم بهم من عظيم الجهد والعناء.
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــ
(6) مروج الذهب 2 / 86(7) تاريخ الطبري 6 / 198(8) الأخبار الطوال (ص 231) تاريخ ابن الأثير 3 / 267. (9) الإرشاد (ص 227 )
مرت بالركب أهوال ومخاطر ومتاهات كان أشدها على مسلم بن عقيل {ع}. هو أن الدليلين اللذين كانا معه ضلا طريقهما ، فنفذ الماء وماتا من العطش .
تعذر على مسلم {ع}. حمل الدليلين فتركهما وسار حتى اكتشف الطريق ، ولاحت له منابع الماء فحط رحاله وهو منهك من التعب.» {12}.
****** « 13 » *****
13} ــــ «- وَذَلِكَ بعد وفاة الإمام الْحَسَن بن علي {ع}. وموت معاوية بن أبي سفيان ، وانقضاء مدة الصلح وتخلف معاوية اللعين عن بنود الصلح أرسل الإمام الحسين بن علي {ع} له مندوبا إلى أهل الكوفة بعد أن كتبوا إليه الكتب يشكون الحال لذا اختارالامام الحسين بن علي {ع} أرجل ولد عقيل وأشجعها ، فقدمه الْحُسَيْن بن عَليّ{ع} إلى الكوفة حين كاتبه أهلها ، ودعوه إليها وراسلوه فِي القدوم ، ووعدوه نصرهم ومنا صحتهم ، عرض الإمام الحسين {ع}. على مسلم ابن عقيل أن يأخذ ابنيه محمد وإبراهيم معه إلى الكوفة لتأكيد النية الحسنة والمسالمة التي كانت تهدف إليها قافلة الإمام الحسين {ع}.» { 13 }.
****** « 14 » ******
14} ــــ «- دخول سفير الحسين و ثقته و ابن عمة مسلم بن عقيل {ع}. إلى الكوفة العلوية المقدسة في الخامس من شهر شوال من نفس السنة ،
سفيراً ومبعوثاً من قبل الإمام الحسين (ع) قادما من المدينة المنورة (يثرب).
وأمره أن يكتم أمره ، ويعرف طاعة الناس لَهُ [1]. وكان النعمان بن بشير الأنصاري يومئذ عامل يزيد بن معاوية عَلَى الكوفة ، وَكَانَ رجلا حليما يحب العافية ، فلما بلغه خبر قدوم مسلم ، خطب الناس فدعاهم إلى التمسك بالطاعة والاستقامة ، ونهاهم عَن الفرقة والفتنة ، وقال : ” إِنِّي والله لا أقاتل إلا من قاتلني ، ولا آخذ أحدا بظنة وقرف وإحنة “
فأقبل مسلم حتّى دخل في بيت المختار: وسار مسلم يطوي البيداء حتى دخل الكوفة فاختار النزول في بيت المختار بن أبي عُبَيْد الثقفي ، {14}. واتخذها مقراً لعمله السياسي في الكوفة.واختلفت إِلَيْهِ الشيعة ، وهو من أشهر أعلام الشيعة وأحد سيوفهم، ومن أحب الناس وأنصحهم للإمام الحسين. {ع}. لقد اختار مسلم النزول في بيت المختار ابن أبي عبيد الثقفي دون غيره من زعماء الشيعة وذلك لوثوقه بإخلاصه للإمام الحسين،{ع}. وتفانيه في حبه، كما أن هناك عاملا آخر له أهميته، فقد كان المختار زوجا لعمرة بنت النعمان بن بشير حاكم الكوفة، ولا شك أن يده لن تمتد إلى مسلم طالما كان مقيما في بيت صهره المختار، وقد دل ذلك على إحاطة مسلم{ع}. بالشؤون الاجتماعية.{14}.» {14}.
****** « 1 » ******
15} ــــ «- وفتح المختار أبواب داره لمسلم، وقابله بمزيد من الحفاوة والتكريم ودعا الشيعة إلى مقابلته فاقبلوا إليه من كل حدب وصوب، يظهرون له الولاء والطاعة {14}.
ابتهاج الكوفة : وعمت الأفراح بمقدم مسلم جميع الأوساط الشيعية في الكوفة ، وقد وجد منهم مسلم ترحيبا حارا، وتأييدا شاملا، وانثال عليه الناس زرافات ووحداناً يهتفون بالترحيب به وهم فقرأ عليهم كتاب أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) وعرفهم أنه مجيبهم إلى ما يريدون إن لزموا العهد وتدرعوا بالصبر على مكافحة أعدائهم وبعد أن فرغ من التعريف بأمر البيعة الذي يريد منهم تدافع الناس يمسحون أيديهم على يده هاتفين بالرضا والتسليم كما فعل الأنصار مع النبي (صلى الله عليه وآله) ليلة العقبة وقريش يوم الفتح . وهم يبكون، ويبدون التعطش لقدومه، والتفاني في نصرته، لينقذهم من جور الأمويين وظلمهم، ويعيد في مصرهم حكم الإمام أمير المؤمنين على(عليه السلام) مؤسس العدالة الكبرى في الأرض، وكان مسلم يوصيهم بتقوى الله، وكتمان أمرهم حتى يقدم إليهم الإمام الحسين {ع}.
ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
(14) الإرشاد (ص 226) تاريخ ابن الأثير 3 / 267، وقيل نزل مسلم في بيت مسلم بن عوسجة، وقيل نزل في بيت هانئ بن عروة جاء ذلك في كل من الإصابة 1 / 332 وتهذيب التهذيب. »{ 15}.
****** « 1 » ******
16} ــــ «- وهنالك اتخذ مبعوث الإمام الحسين {ع}. قراره الحاسم بالقيام انطلاقا من الكوفة، ضد الطغمة الأموية الفاسدة،
واستقبلوا هناك في بادئ الأمر بحفاوة كبيرة وحسن ضيافة من الكوفيين.
فلمَّا وقفوا على الكتاب استبشروا بإيابه, فأنزلوه في دار المختار بن أبي عبيدة الثقفي،
وأقبلت الشـيعة تختلف إليه، فكلّما اجتمع إليه منهم جماعةٌ قرأ عليهم كـتاب الحسـين بن عليّ {عليهما السلام }.وهم يبكون. فبايعوه جمعاً ولم يستغرق الأمر طويلاً حتى اجتمع حوله ما يقارب 18000 ثمانية عشر ألفاً من الكوفيين الذين بايعوا الإمام الحسين {ع}. في حضرته. » {16}.
****** «» ******
14} ــــ «- ظكلمة عابس ألشاكري : وانبرى المؤمن الفذ عابس بن شبيب ألشاكري فأعرب لمسلم عن ولائه الشخصي واستعداده للموت في سبيل الدعوة إلا انه لم يتعهد له بأي أحد من أهل مصره قائلا : “
أما بعد : فاني لا أخبرك عن الناس، ولا أعلم ما في أنفسهم ، وما أغرك منهم، والله إني محدثك عما أنا موطن عليه نفسي، والله لاجيبنكم إذا دعوتم، ولاقاتلن معكم عدوكم، ولأضربن بسيفي دونكم حتى القي الله، لا أريد بذلك إلا ما عند الله…
وقد صدق عابس ما عاهد عليه الله، فلم يخن ضميره ففدى بنفسه ريحانة رسول الله (ص) واستشهد بين يديه في كربلا..
وانبرى حبيب ابن مظاهر فخاطب عابسا قائلا له : ” رحمك الله، فقد قضيت ما في نفسك بواجز من قولك، وأنا والله الذي لا إله ألا هو على مثل ما أنت عليه”.
واندفع سعيد الحنفي فأيد مقالة صاحبيه {17}. وهؤلاء الأبطال من أنبل من عرفهم التاريخ صدقا ووفاء، فقد بذلوا أرواحهم بسخاء إلى الإمام الحسين{ع}. واستشهدوا بين يديه في كربلا :
(17) تاريخ الطبري 6 / 199.
البيعة للحسين: وانثالت الشيعة على مسلم تبايعه للإمام الحسين، ( عليه السلام ) ، وكانت صيغة البيعة الدعوة إلى كتاب الله وسنة رسوله، وجهاد الظالمين، والدفع عن المستضعفين وإعطاء المحرومين، وقسمة الغنائم بين المسلمين بالسوية، ورد المظالم إلى أهلها، ونصرة أهل البيت،{ عليهم السلام }. والمسالمة لمن سالموا، والمحاربة لمن حربوا وقد شبه السيد المقرم هذه البيعة ببيعة الأوس والخزرج للنبي ( صلى الله عليه وآله ) ، {15 }. وكان حبيب بن مظاهر الاسدي يأخذ البيعة منهم للحسين {15}.
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــ
(15) الشهيد مسلم بن عقيل (ص 103) . (16) الحدائق الوردية 1 / 125 من مخطوطات مكتبة الإمام كاشف الغطاء العامة. » {15}.
****** «» ******
16} ــــ «- عدد المبايعين : وتسابقت جماهير الكوفة إلى بيعة الحسين على يد سفيره مسلم بن عقيل، وقد اختلف المؤرخون في عدد من بايعه، وهذه بعض الأقوال :
1 – أربعون ألفا(18).
2 – ثلاثون ألفا ومن بينهم حاكم الكوفة النعمان بن بشير (19) .
3 – ثمانية وعشرون ألفا (20).
4 – ثمانية عشر ألفا، حسب ما جاء في رسالة مسلم إلى الحسين يقول فيها :
” وقد بايعني من أهل الكوفة ثمانية عشر الفا فعجل الإقبال ” (21).
5 – اثنا عشر الفا..(22).
ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ
(18) شرح شافية أبي فراس 1 / 90 من مصورات مكتبة الإمام الحكيم مثير الإحزان لابن نما (ص 11) .
(19) دائرة معارف وجدي 3 / 444، حقائق الأخبار عن دول البحار، روضة الأعيان في أخبار مشاهير الزمان (ص 67) لمحمد بن أبي بكر المتوفى سنة (730 ه) من مصورات مكتبة الحكيم، مناقب الإمام علي بن أبي طالب (ص 13) وجاء فيه أن النعمان قال : يا أهل الكوفة ابن بنت رسول الله (ص) أحب إليكم من ابن بنت بجدل .
(20) تاريخ أبي الفداء 1 / 300 .
(21) تاريخ الطبري 6 / 224.
(22) مروج الذهب 3 / 4، الصراط السوي في مناقب آل النبي (ص 86) من مصورات مكتبة الإمام الحكيم، تهذيب التهذيب 2 / 350. الإصابة 1 / 332، الحدائق الوردية 1 / 117 . » {16}
****** « 15 » ******
كتاب مسلم للحسين (عليه السلام) رسالة مسلم للحسين : {ع}: ازداد مسلم إيماناً ووثوقاً بنجاح الدعوة حينما بايعه ذلك العدد الهائل من أهل الكوفة، فكتب للإمام يستحثُّه فيها على القدوم إليهم، وكان قد كتبها قبل شهادته ببضع وعشرين ليلة، وهذا نَصُّها: (23) ” أما بعد : فان الرائد لا يكذب أهله، وقد بايعني من أهل الكوفة ثمانية عشر ألفا(24) فعجل حين يأتيك كتابي، فان الناس كلهم معك ليس لهم في آل معاوية رأي ولا هوي ” (25).
لقد كتب مسلم هذه الرسالة لأنه لم ير أية مقاومة لدعوته، وإنما رأى إجماعا شاملا على بيعة الإمام، وتلهفا حارا لرؤيته، وحمل الكتاب جماعة من أهل الكوفة، وعليهم البطل العظيم عابس ألشاكري، وقدم الوفد مكة المكرمة، وسلم الرسالة إلى الإمام، وقد استحثوه على القدوم إلى الكوفة، وذكروا إجماع أهلها على بيعته، وما قالاه مسلم من الحفاوة البالغة منهم، وعند ذلك تهيأ الإمام إلى السفر للكوفة .
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــ
(23) انساب الأشراف ق 1 ج 1 . (24) وفي رواية البلاذري ” إن جميع أهل الكوفة معك ” . (25) الطبري 6 / 224. » {14}.
****** « 15 » ******
15} ــــ «- لقد كان مسلم فقيها قائدا، وبطلا باسلا، وقد صاغته آيات الكتاب، وسوح الجهاد وعبادة الأسحار؛ حتى رفعه الله مقاما محمودا .
كانت حياته أرخص شيء عنده إذا أحس بأدنى خطر على الدين… لقد وسّعت آيات الكتاب آفاق بصيرته، فكان ينظر إلى الدنيا أنها مجرد متاع في الآخرة. وان اللبيب من يشري نفسه ابتغاء مرضاة ربه .
وكان ابن عقيل عارفا بخطورة المهمة التي يتجه أليها، أولم تكن واقعة عاشوراء ميراثا فكريا لآل بيت الرسول يتواصون بها، ويتساءلون عن تفاصيلها؟ أو لم يبشر الرسول {ص }. أمير المؤمنين عليا {ع}. بان ولد عقيل يقتل في محبة ولده، أو لم يسمع مسلم هذه الرواية ووعاها؟ لقد ودعه الإمام الحسين {ع}. بالقول: إني موجهك إلى أهل الكوفة وسيقضي الله من أمرك ما يحب ويرضى، وأرجو أن أكون أنا وأنت، في درجة الشهداء فامض ببركة الله وعونه.
ومنذ وصول مسلم بن عقيل{ع}. إلى الكوفة ، أخذ يعبئ أهلها ضد حكم يزيد ويجمع الأنصار ، ويأخذ البيعة للإمام الحسين{ع}. حتى تكامل لديه عدد ضخم من الجند والأعوان ، فبلغ عدد مَن بايعه واستعد لنصرته ثمانية عشر ألف رجلاً سراً للحسين{ع} كما ورد في كتاب ( مروج الذهب ) . وكانوا يترددون عليه بشكل علني، فأرسل كتابا إلى الإمام الحسين {ع}. بتاريخ 12 ذو القعدة مع عابس بن شبيب ألشاكري يخبره ببيعة أهل الكوفة له وكان الحسين {ع} رد على أهل الكوفة بكتاب واحد دفعه إلى رسولين من أهل الكوفة يخبرهم أنه قد بعث إليهم ابن عمه مسلم بن عقيل ، وأنه أمره أن يكتب إليه بحالهم ورأيهم . .
في الخامس من شوال المكرم » سنة 60 للهجرة ورد مسلمُ بن عقيل{ع} الكوفةَ مستدرك سفينة البحار: 5 / 214 ؛ شرح إحقاق الحق: 33 / 649 ؛ الشهيد مسلم بن عقيل {ع}: وحفَّ أهلُها لاستقباله، واستمعوا لرسالة الإمام الحسين {ع} التي جاءهم بها، وبايعه ثمانية عشر ألفاً، فكتب مسلمُ بن عقيل{ع} إلى الإمام الحسين{ع}. يخبره ببيعة الكوفيين له ويدعوه للمجيء إلى الكوفة. بايعه أكثر من 18 ألف نفر لم يبق منهم سوى أفرادٍ معدودة. مسلم بن عقيل ؛ دخول مسلم إلى الكوفة ؛ رسالة الحسين لأهل الكوفة ؛ بيعة الكوفة ؛ بيعة الكوفيين.
) أننا نفهم من هذا القول أنه أكبر دليل ثابت لما مضى من الزمان وللحاضر وللمستقبل على عدالة ووثاقة وقرابة مسلم بن عقيل لآل النبي (ص). وكما قال الشاعر السيد باقر الهندي رحمه الله :
رسـول حسين ونعم الرسول * إليهـم من العثرة ألصالحه
لقد بايعــوا رغبــة منهمُ * فيا بؤس للبيعة ألكاشحه
وقد خذلـوه وقد أسلمــوه * وغدرتهـم لم تزل واضحة
فيا ابن عقيـل فدتك النفوس * لعظم رزيتـك الفادحــة
لنبك لها بمـذاب القلــوب * فما قـدر أدمعنــا المالحة
بكتك دمـا يا ابن عم الحسين * مدامــع شيعتـك ألسافحه
ولا برحت ها طلات العيون * تحييـك غاديــة رائحــه
لأنك لم ترو مـن شربــة * ثناياك فيها غـدت طائحــه
رموك من القصر إذ أوثقوك * فهل سلمت فيك من جارحـه
وسحبا تجــرّ بأسواقهــم * ألست أميرهــم البارحــه
أتقضي ولم تبكك الباكيــات * أما لك في المصر من نائحـه
لئن تقضي نحبا فكم في زرود * عليك العشية من صائحــة. » {15}.
****** « 16 » ******
16} ــــ «- * النعمان بن بشير: كان النعمان هذا والي الكوفة عندما دخلها مسلم بن عقيل رضوان الله تعالى عليه.. (1) أما موقف النعمان بن بشير (26) – والي الكوفة – من الثورة فقد كان موقفاً يتسم باللِّين والتسامح ، وقد اتَّهمَهُ الحزب الأموي بالضعف ، أو التضاعف في حفظ مصلحة الدولة ، والاهتمام بسلامتها ، فأجابهم : لأَنْ أكونَ ضعيفاً وأنا في طاعة الله أحَبُّ إليَّ من أن أكون قوياً في معصية الله ، وما كنتُ لأهتك ستراً ستره الله .
” (27) . ودافع النعمان عن نفسه بأنه لا يعتمد على أية وسيلة تبعده عن الله ، ولا يسلك طريقاً يتجافى مع دينه ، وقد استبانَ للحزب الأموي ضعف النعمان ، وانهياره أمام الثورة .
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
تفرد ابن سعد في الطبقات6/53 بخلاف ذلك. أنظر: بالإضافة إلى الطبري في موارد عديدة: البخاري، التاريخ الكبير6/ 533 والدينوري، الأخبارالطوال225و227و229و233 وابن حبان، الثقاة2/307. وهو مستفيض في المصادر. » {16}.
****** « 17 » ******
17}ــــ «- موقف النعمان بن بشير: وقد أعطى الشيعة بموقفه هذا قوة، وشجعهم على العمل ضد الحكومة علنا، ولعل سبب ذلك يعود لأمرين :
1 – إن مسلم بن عقيل كان ضيفا عند المختار وهو زوج ابنته عمرة فلم يعرض للثوار بسوء رعاية للمختار.
2 – إن النعمان كان ناقما على يزيد وذلك لبغضه للأنصار فقد أغرى الأخطل الشاعر المسيحي في هجائهم فثار لهم النعمان كما ألمعنا إلى ذلك في البحوث السابقة، ولعل لهذا ولغيره لم يتخذ النعمان أي أجراء مضاد للثورة .
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
(26) النعمان بن بشير الأنصاري الخزرجى كان قد ولاه معاوية الكوفة بعد عبد الرحمن بن الحكم، وكان عثماني الهوى يجاهر ببغض علي ويسئ القول فيه، وقد حاربه يوم الجمل وصفين، وسعى بإخلاص لتوطيد الملك إلى معاوية، وهو الذي قاد بعض الحملات الإرهابية على بعض المناطق العراقية، ويقول المحققون : إنه كان ناقما على يزيد ، ويتمنى زوال الملك عنه شريطة أن لا تعود الخلافة لآل علي، ومن الغريب في شان هذا الرجل أن يزيد لما أوقع بأهل المدينة وأباحها لجنده ثلاثة أيام لم يثار النعمان لكرامة وطنه وقومه، وفي الإصابة 3 / 530 انه لما هلك يزيد دعا النعمان إلى ابن الزبير ثم دعا إلى نفسه فقاتله مروان، فقتل وذلك في سنة (65 هـ) وكان شاعرا مجيدا له ديوان شعر طبع حديثا .
(27) سير أعلام النبلاء 3 / 206. » {17}.
****** « 18 » ******
18}ـــ «- خطبة النعمان : وأعطى النعمان للشيعة قوة في ترتيب الثورة وتنظيما، وهيا لهم الفرص في أحكام قواعدها مما ساء الحزب الأموي، فأنكروا عليه ذلك ، وحرضوه على ضرب الشيعة فخرج النعمان، وصعد المنبر فأعلن للناس سياسته المتسمة بالرفق، فقال بعد حمد الله والثناء عليه .
” أما بعد :
فاتقوا الله عباد الله، ولا تسارعوا إلى الفتنة والفرقة فان فيها تهلك الرجال وتسفك الدماء، وتغضب الأموال.
إني لم أقاتل من لم يقاتلني، ولا أثب على من لا يثب علي، ولا أشاتمكم، ولا أتحرش بكم، ولا آخذ بالقرف (28) ولا الظنة ولا التهمة، ولكنكم إن أبديتم صفحتكم لي، ونكثتم بيعتكم، وخالفتم أمامكم فو الله الذي لا إله إلا هو لأضربنكم بسيفي ما ثبت قائمه في يدي، ولو لم يكن منكم ناصر ، أما أني أرجو أن يكون من يعرف الحق منكم أكثر ممن يرديه الباطل ” (29) .
وليس في هذا الخطاب أي ركون إلى وسائل العنف والشدة، وإنما كان فيه تحذير من مغبة الفتنة وحب للعافية، وعدم التعرض لمن لا يثب على السلطة، وعدم أخذ الناس بالظنة والتهمة كما كان يفعل زياد بن أبيه والي العراق، وعلق أنيس زكريا على خطاب النعمان بقوله :
” ولنا من خطبه – أي خطب النعمان – في الكوفة برهان آخر على أنه كان يرى الفتنة يقظى، ولا بد أن تشتعل، وانه لن يهاجم القائمين بها قبل أن يهاجموه، فجعل لأنصارها قوة وطيدة الأركان، ويدا فعالة في ترتيب المؤامرة وتنظيمها على الأسس المتينة ” (30) .
ـــــــــــــــــــ
(28) القرف : التهمة .
(29) تاريخ ابن الأثير 3 / 267.
(30) الدولة الأموية في الشام (ص 41) .
وكان النعمان بن بشير واليا على الكوفة من قبل بني أمية، فلما بلغه خبر ابن عقيل صعد المنبر وألقى خطابا فهم منه أهل الكوفة، انه متردد من مناهضة الحركة حيث قال: أني لا أقاتل من لا يقاتلني، ولا أتي على من لم يأت علي، ولا أنبه نائمكم، ولا أتحرش بكم، ولا أخذ بالتعرف، ولا الظنة، ولا التهمة. فاتهمه رجال بني أمية بالضعف،» {18}.
****** « 19 » ******
19}ــــ «- سخط الحزب الأموي : وأغضبت سياسة النعمان عملاء الحكم الأموي فانبرى إليه عبد الله بن مسلم الحضرمي حليف بني أمية، فأنكر خطته قائلا : (إنه لا يصلح ما ترى ألا الغشم (31)
فقال له عبد الله بن مسلم : هذا الذي أنت عليه، فيما بينك وبين عدوك، رأي المستضعفين؟ ! ” (32) .
ودافع النعمان عن نفسه بأنه لا يعتمد على أية وسيلة تبعده عن الله ولا يسلك طريقا يتجافى مع دينه، وقد استبان للحزب الأموي ضعف النعمان، وانهياره أمام الثورة .
وان أكون من المستضعفين في طاعة الله، أحب إلي من أن أكون من الاعزين في معصية الله.
وهكذا كتب عبد الله بن مسلم إلى يزيد يحرضه على النعمان، ويتهمه بالضعف، الأمر الذي دعا يزيد لاختيار عبيد الله بن زياد الذي كان والياً على البصرة، وذلك بتوصية من مستشاره الرومي (سرجون) لمعرفته بالطبيعة الاجرامية والدموية لابن زياد.
ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ
(31) الغشم : الظلم . (32) تاريخ ابن الأثير 3 / 267. » {19}.
ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
هذه المعلومات
مأخوذة من الكتب العربية و الفارسية الشيعية والسنية ومن مكاتب مواقع الانترنت:
ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــ
1}ــــ « -الهوامش 1- المراجع: أنساب الأشراف للبلاذري ص275ــ – الملهوف على قتلى الطّفوف | دخول مسلم بن عقيل الكوفة. »{1}.
2}ــــ « -كتاب الفتوح – أحمد بن أعثم الكوفي – ج ٥ – الصفحة ٥٥»{2}.
3}ــــ « - مستدرك سفينة البحار: 5 / 214 ؛ شرح إحقاق الحق: 33 / 649 ؛ الشهيد مسلم بن عقيل (عليه السلام): 151″>(1)، »{3}.»{4}إطلالة على الكوفة (مسلم ابن عقيل سفير الحسين(ع)إلى الكوفة)..محمد الكوفي. »{4}.
ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــ