ان التلاعب بالكلام امر وارد،
حيث يهدف من خلاله الاشخاص الى عدم التصريح بمشاعرهم او بما يختلج فكرهم بشكل واضح. السؤال الذي يطرح لماذا لا يقول المحبان،
في اليابان، لبعضهما البعض: أحبك؟
لا يقول العاشقان في اليابان لبعضهما
"أحبك"
فهل يعود ذلك إلى أن "أقصى الغايات في اليابان ليست تعهد المظاهر، ولكنها الاعتناء بما لا يبدو للعيان"؟" لا يقول العاشقان، في اليابان،
لبعضهما "أحبك"، لكنهما يقولان "إن ثمة حبا"، مثلما قد نقول يسقط الثلج، أو انبلج الصبح.
ولا يقولون "إنك تنقصني"، وإنما، "ثمة حزن بدون حضورك". هذا هو كل ما هيج به القارئ بخصوص الكتاب الصادر مؤخرا عند دار أرليا الباريسية،
موقعا باسم إلينا جونفيه، فبقدر ما أثار،
من أثار منا عنوانه، بما تملكه كلمة حب من شحنات، فقد أفضى بنا إلى عوالم أخرى قد لا تكون لأغلبها علاقة مباشرة بالحب.
لأن منتهى ما وصف به العشاق اليابانيين محصور فيما سبق، وفي ما يلي:"العشاق اليابانيون لا يتجاذبون أطراف الحديث في مقهى "دوتور"، لا يمسكون يد بعضهم البعض، إنهم يحدقون في الشاي بالحليب قدامهم. ينقرون معا، ولساعات، كعك "مونبلون"، دون أن ينبسوا ببنت شفة، وقد يخطر لنا أنهم ضجرون،
وقد لا يكون الأمر كذلك. يتثاءب أحدهما أحيانا، فيبتسم الآخر، تأثرا، مميلا رأسه على الجانب. ثم يغادرون بحبهم الذي بلا كلمات، مثل لحن لمندلزون على البيانو وحده".
يبدو واضحا الآن أن هم الكتاب هو تبيان الفروق الكامنة في طرق العيش في اليابان وفي بلاد أخرى، مثل أوروبا. إذا ما أضفنا، كل ما ذكرته إلينا
ـ (نحتفظ بالاسم المثبت على الغلاف وإن كان الكتاب، على الأرجح من تأليف ثلاث نساء فرنسيات) ـ حول الحب وشؤونه، إذ لا يتعانق العشاق اليابانيون في الشارع أو في المترو، كما في باريس، ولا نرى صور العراء في التلفاز، لكن في الوقت نفسه، يقرأ المسافرون في القطار مجلات إيروسية بلا أدنى حرج."
يبدو اليابانيون الذين يقرأون في المترو وكأنهم يفكون طلاسم كتاب واحد مجهول المؤلف وبلا عنوان".دبرت إلينا حيلة ماكرة،
أسست بها لمشروعية كتابها، مانحة له قيمة إضافية، تكمن في اعتبارها العمل استمرارية لكتاب قديم نشره يسوعي برتغالي في القرن السادس عشر، وبالضبط في 1585. يدعى الرجل لويس فرواس، وقد عنون كتابه بـ "الأوربيون واليابانيون: مبحث في تضاد واختلاف العادات".