رمز للقوة ومثال العفة والإخلاص
تنتابنا حالة من الرعب عند رؤية الأسد أو سماع زئيره ، ولكن لله في خلقه شئون ، ومملكة الحيوانات لها عجائبها وعالم خاص جداً ، لا نتوقف أمامه كثيراً لفهم غرائبه وطبيعته المختلفة عنا نحن بني البشر.
أما إذا كنت المحبين لملك الغابة ، فيمكن التوصل إلي جزء مهم من جوانب شخصيتك التي يرجعها خبراء علم النفس إلى شخصية تحمل نوع من الشراسة ونقطة ضعفك هي أنك فريسة لرغباتك وعواطفك وأهوائك، والإغراءات ، التي تعترض طريقك, ودائماً تعتقد انه لم تتح لك فرص كفاية في حياتك حتى الآن، ولكنك تؤمن بأن أمنياتك ستتحقق، عاجلاً أم آجلا..
حيوان مخلص
وبكل الأحوال يظل الأسد كحيوان متوحش رمزاً للقوة والبأس والسيادة ، كونه أقوي الحيوانات وأشدها فتكاً وشراسة ، وعلى مر التاريخ كان يستخدم الأسد كإشارة أو رمز في البلاط الملكي خاصة على الدروع والشارات والبيارق ليشير إلى القوة والعظمة.
كان الأسد حيواناً مقدساً عند قدماء المصريين وقد عاشت الأسود في أنحاء عديدة من أوروبا خلال العصر الذي ولد فيه المسيح ، ومع حلول عام 500 م، قتلت جميعها.
واليوم، تكثر الأسود في أفريقيا وفي منطقة واحدة من الهند ، وهذه الأماكن المذكورة تعتبر المناطق الوحيدة في العالم التي تتجمع فيها الأسود بشكل طبيعي .
وعن طباع الأسد ووفائه الذي لا يعلمه كثيرون ، ذكر د.مصطفي محمود في كتابه "رأيت الله " الذي أشار إلى قصة الأسد "سلطان" الذي اغتال مدربه "محمد الحلو" وقتله غدراً في أحد عروض السيرك بالقاهرة ، وما نشرته الجرائد بعد ذلك من انتحار الأسد في قفصه بحديقة الحيوان ، ليضع بذلك نهاية عجيبة لفاجعة مثيرة من فواجع هذا الزمن.
القصة بدأت أمام جمهور غفير من المشاهدين في السيرك حينما استدار محمد الحلو ليتلقى التصفيق بعد نمرة ناجحة مع الأسد "سلطان" ، وفي لحظة خاطفة ، قفز الأسد على كتفه من الخلف ، و أنشب مخالبه وأسنانه في ظهره!
وسقط المدرّب على الأرض ينزف دماً ومن فوقه الأسد الهائج ، واندفع الجمهور والحرّاس يحملون الكراسي ، وهجم ابن الحلو على الأسد بقضيب من حديد وتمكن أن يخلص أباه بعد فوات الأوان ، ومات الأب في المستشفى بعد ذلك بأيام ، أما الأسد سلطان فقد انطوى على نفسه في حالة ، اكتئاب ورفض الطعام ، وقرر مدير السيرك نقله إلى حديقة الحيوان باعتباره ، أسداً شرساً لا يصلح للتدريب.
و في حديقة الحيوان استمر "سلطان" على إضرابه عن الطعام فقدموا له أنثى لتسري عنه فضربها في قسوة
وطردها وعاود انطواءه وعزلته واكتئابه .. وأخيراً انتابته حالة جنون، فراح يعضّ جسده وهوى على ذيله بأسنانه فقصمه نصفين!
ثم راح يعضّ ذراعه، الذراع نفسها التي اغتال بها مدرّبه ، وراح يأكل منها في وحشية ، وظل يأكل من لحمها حتى نزف ومات واضعاً بذلك خاتمة لقصة ندم من نوع فريد، ندم حيوان أعجم وملك نبيل من ملوك الغاب عرف معنى "الــوفـــــاء" وأصاب منه حظاً لا يصيبه الآدميون .. أسدٌ قاتل أكل يديه الآثمتين.
كانت آخر كلمة قالها "الحلو" وهو يموت : "أوصيكو ماحدش يقتل سلطان .. وصية أمانة ما حدش يقتله"
هل سمع الأسد كلمة مدربه .. وهل فهمها؟ .. يبدو أننا لا نفهم الحيوان ولا نعلم عنه شيئاً
. ولماذا ندهش حينما نقرأ أن الحيوانات أمم أمثالنا ستحشر يوم القيامة؟
(وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرطنا في الكتاب من شيء ثم إلى ربهم يحشرون)
ألا يدلّ سلوك ذلك الأسد الذي انتحر على أننا أمام نفس راقية تفهم وتشعر وتحس وتؤمن بالجزاء والعقاب والمسؤولية! نفس لها ضمير يتألّم للظلم والجور والعدوان!
الراقص مع الأسود
ولعل المدرب الأمريكي كيفين ريتشارد سون يضرب مثالاً فريداً لعلاقة الحيوان بالإنسان ، وخاصة الأسود الذي استطاع أن يروضها بعشقه لها ، ويتميز ريتشارد بأنه يعامل حيواناته بطريقة خاصة جداً يملؤها العطف والحب ، وأصبح يلقب بالراقص مع الأسود .
يتمتع ريتشارد 35 عاماً بجرأة كبيرة ، ويعتبر أشهر مرود للأسود فى العالم ، فهو يدرس سيكولوجية الحيوان بل يتصرف معها بطريقتها بأن ينام معها ويشرب بنفس طريقتها أثناء تواجده بينهم ، ويعيش معهم حياة البرية.
ونشرت صحيفة "الديلي ميل"، تفاصيل قيامه بالركوب على ظهر الأسد الأبيض، والذي يعد من أشرس فصائل الأسود، الأمر الذي وصفه الخبراء بمثابة انتحار، إلا أنه استطاع تحطيم الرقم القياسي في تعامله مع الحيوانات المفترسة.
يعيش ريتشارد في الحديقة التي يديرها مع الأسود البيضاء والنمور والضباع بالقرب من جوهانسبرج بجنوب أفريقيا، موضحاً أن حياته مع الحيوانات المفترسة تمده بالكبرياء والفخر ويتعلم منها الكثير ، وتعامله حيوانته التي تضم أكثر من 36 أسداً مفترساً