سمكة المنشار أو أبو سيف أو سَيّاف البحر سمكة كبيرة تعيش في المحيطات، ولها جسم طويل وملفوف، وعينان كبيرتا الحجم، وقد أخذ اسم هذه السمكة من فكها العلوي الطويل المفلطح الذي يأخذ شكل السيف، ويشبه هذا النوع من الأسماك - إلى حد كبير - أسماك المرلين والأسماك الشراعية، ولكنها تختلف عنهما في قصر الزعنفة الظهرية وانعدام الزعانف الحوضية أسفل السمكة . وتعيش هذه السمكة في مياه البحار الدافئة وهي تُعَدُّ - بحق - مكسباً وغنيمة وطعاماً شهياً لممارسي هواية الصيد . وتنتمي سمكة السيف إلى فصيل وحيد حي يعرف باسم “بريتستيداي” والتي تعني في اليونانية القديمة “ناشر” أو “منشار” .


ويصل طول هذه السمكة إلى ما يقرب المترين وتزن نحو 115 كلغم، وأكبر سمكة من هذا النوع تم اصطيادها في تشيلي في العام ،1953 وكانت تزن 536 كلغم، ووصل طولها إلى 4،55م .

وأكثر ما يميز سمكة المنشار خطمها الذي يتخذ شكل المنشار . وتغطي الخطم مسام حساسة تسمح لها بتحديد حركة الفريسة المختبئة تحت قاع المحيط . ويعمل الخطم كأداة حفر لإخراج القشريات المدفونة



أنواعها وتكاثرها


وهناك أنواع عدة من هذه الأسماك، منها سيّاف البحر المخطط الذي يعيش في المحيط الهادئ ويبلغ وزنه نحو 200 كيلوجرام، وسيّاف البحر الأبيض الذي يعيش في المحيط الأطلنطي ويبلغ وزنه 50 كيلوجرام، وسمك الجناح الذي يتميز بزعنفة ظهرية كبيرة جداً تظهر فوق سطح الماء فيظن الناس أنهم يشاهدون أسماك القرش . وهناك نوع من سيّاف البحر يسمى ذو اللون الأسود يزن نحو 700 كيلوجرام ويوجد في مياه جزيرة هاواي ويتغذى على الكائنات البحرية الميتة التي تهبط من مختلف الطبقات السطحية وتتساقط بكميات كبيرة في قاع المحيط .

وتدافع أسماك المنشار عن نفسها أيضاً من خلال هذا العضو الفعال ضد الغواصين المتطفلين والكائنات المفترسة مثل القرش . ولا تعد “الأسنان” البارزة من الخطم أسناناً حقيقية، ولكنها تركيبات معدلة شبيهة بالأسنان . وجسد ورأس سمكة المنشار مسطحان، الأمر الذي يمكنها من قضاء أغلب أوقاتها راقدة في قاع البحر . وتتنفس أسماك المنشار من خلال فوهتي تنفس تقعان خلف الأعين وتسحبان المياه باتجاه الخياشيم . وتغطي الجلد حراشيف جلدية صغيرة جداً تجعل هذه السمكة خشنة الملمس . وعادة ما تكون أسماك المنشار رمادية اللون أو بنية، أو خضراء اللون بدرجة زيتونية .

تفتقر سمكة المنشار إلى المثانة الهوائية وتستعمل الكبد الكبير المملوء بالزيت للتحكم في الطفو ويساعدها على ذلك هيكلها العظمي المكون من الغضاريف .

تكثر أسماك المنشار في المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية في المحيط الأطلسي والمحيط الهندي . وتقطن في المناطق الساحلية مثل الخلجان ومصبات الأنهار، ولكنها تشق طريقها تكراراً إلى الأنهار والبحيرات الكبيرة مثل بحيرة نيكاراغوا . كما تعيش أسماك المنشار في المياه الضحلة والموحلة ويمكن أن توجد في كل من المياه العذبة والمياه المالحة . وجميع أنواع أسماك المنشار لديها القدرة على التنقل بين المياه العذبة والمياه المالحة . وبالرغم من مظهرها المرعب فإنها لا تهاجم الأفراد إلا إذا تمت استثارتها .

ويعرف القليل عن عادات التكاثر لدى أسماك المنشار، فهي تصل إلى مرحلة البلوغ الجنسي وببطء شديد في سن العاشرة، وتتزاوج هذه الأسماك مرة كل عامين، حيث تضع نحو ثمانية أفراد . ويعتقد أن الأنواع الكبيرة لا تصل إلى سن البلوغ الجنسي إلا بعد أن يبلغ طولها 3،5 متر وتبلغ أعمارها من 10 إلى 12 عاماً . وحين خروج الصغار من بطن الأم يكون المنشار داخل كيس تنتزعه الصغار بعد الولادة، وهذا حتى لا يجرح الصغار الأم حين الولادة . . فسبحان الخالق .

حيرة العلماء


تتجول “سمكة المنشار” بهدوء تام بحثاً عن ضحيتها شاحذة “حاستها السادسة” التي تمكنها من إيجاد فريستها في أكثر المياه وحولة وأشدها ظلمة، ومهما كانت براعة الفريسة في ممارسة أساليب التخفي والخداع فلن تجد لها مهرباً .

نالت سمكة المنشار تسمية “القرش النجار” عن استحقاق، فعندما تراها تحسبها قرشاً متنكراً بمنشار ممتد عند المقدمة، وتكفيها ضربتان خاطفتان لتصبح الضحية نصفين! والغريب أن أحداً لم يشاهد من قبل سمكة المنشار وهي تصطاد، وقد حيّر منشارها القاطع العلماء بشأن وظيفته الحقيقية، ولذا كثرت التكهنات حول وظيفة هذا “المنشار” تحديداً، فهل هي تستخدمه لنبش الرمال والوحل في قاع المحيط بحثاً عن فريسة مختبئة؟ أم لتنقض بزوائدها المسننة قاطعة أجزاء من حوت ضخم؟ أم تشق به طريقها في قلب المحيط المزدحم؟

والواقع أن سمكة المنشار تجمع بين استخدامات مجتمعة عدة لمنشارها جاعلة منها سمكة حاذقة مفترسة لا تقهر .

أبحاث “ورينجر”


وكانت الباحثة باربارا ورينجر المتخصصة في علوم الأعصاب الأحيائية بجامعة “كوينزلاند” الأسترالية نجحت في كشف أسرار ما يسمى بالحاسة السادسة عند سمكة المنشار، حيث تقول: “هذه الحاسة تشبه اللمس عن بعد” . وعندما أجرت ورينجر تشريحاً لسمكة منشار نافقة تمكنت من إيجاد عدد من المسام الدقيقة على طول المنشار، وأثبتت أن هذه المسام تعطي السمكة المقدرة على الإحساس بالمجالات الكهربية التي تصدر جراء انبساط وانقباض عضلات وقلوب الكائنات البحرية أثناء حركتها بجوارها وهي سمة تتشارك فيها فصائل القروش والدلافين . ولم تكتف ورينجر بمشاهدة السمكة وهي تصطاد فحسب، لكنها عزمت على تفسير سلوكياتها في استخدام المنشار أداة للحصول على الغذاء، فقامت الباحثة بإنشاء خرائط لأماكن المسام الحساسة على المنشار وقارنتها مع أماكن المسامات لدى سمكة “الرقيطة مجدافية الأنف” . فوجدت أن مسام الإحساس بالمجالات الكهربية عند سمكة المنشار تتركز على السطح العلوي من المنشار .


منقول