في خضم تصاعد أعمال العنف في العراق وثقل حركة العملية السياسية، وقع أبرز قادة البلاد، أمس، بمبادرة من نائب رئيس الجمهورية خضير الخزاعي، على "مبادرة السلم الاجتماعي"، المتضمنة "وثيقة الشرف"، والهادفة إلى تحقيق السلم الاجتماعي بين المكونات العراقية واعتماد مبدأ الحوار الايجابي البناء للوصول إلى حلول للمشكلات السياسية وحماية البلاد من أعمال الإرهاب.
وبموازاة اجتماع القادة العراقيين، برز بالأمس تفويض السلطات المحلية في محافظة نينوى المحافظ أثيل النجيفي في توقيع اتفاقات مع الشركات النفطية الأجنبية بشكل مستقل عن الحكومة المركزية في بغداد، التي تعارض تلك الخطوة وتصفها بأنها غير دستورية.
وهذه الخطوة من مجلس محافظة نينوى تسير على خطى إقليم كردستان، شبه المستقل، الذي انتهج سياسة مستقلة بشكل متزايد في مجال الطاقة في السنوات السابقة. وتقول الحكومة العراقية إنها السلطة الوحيدة المسؤولة عن أنشطة التنقيب والتصدير في قطاع النفط والغاز في البلاد، لكن إقليم كردستان ومحافظات أخرى تقول إن الدستور يسمح باللامركزية في صناعة القرار.
وفي وقت لم تعرف بعد ابعاد هذا القرار وخلفياته بشكل واضح وجلي، وفي أول رد من بغداد، قال مسؤول حكومي كبير "لن تتسامح الحكومة مع مثل هذا القرار سواء من نينوى أو أي محافظة أخرى. مصادر الطاقة في العراق خط أحمر وننصح مجلس نينوى بعدم تخطيه".
وخلال اجتماع القادة العراقيين للتوقيع على المبادرة في بغداد، اعتبر رئيس الوزراء نوري المالكي أن "أهم أسباب نجاح هذه الوثيقة هو خطورة ما نمر به داخليا وما يرتكبه جهالنا من هدر للدم وسحق للكرامات وإثارة للفتن الطائفية التي يستحيل معها البناء والإعمار والوفاق"، مضيفاً أنّ "العامل الثاني هو ما تمر به المنطقة من أحداث خطيرة لأن العراق في قلب العاصفة وما يجري حولنا يمثل عناصر ضاغطة، وأننا استطعنا أن نبعد العراق عنها لكن ذلك لا يعني أننا سنكون في منأى عن تداعياتها"، مشيراً إلى أنّ الوثيقة "ليست بديلاً عن الدستور وسلطات الدولة".
وأكد في سياق حديثه أن "أهمية الوثيقة تأتي من كونها انطلقت من تشخيص دقيق للفتنة التي نعيشها إذ لا توجد فقرة من الفقرات .. نختلف عليها. فهي تمثل ثوابت متفق عليها وما أصابنا هو شيء من الغفلة عنها".
من جانبه، عبّر رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي عن دعمه للمبادرة بقوة، لكنه اعتبر في نفس الوقت أن الحكومة أخفقت في منع التهجير والحد من عمليات القتل. وقال "نؤكد دعمنا للمبادرة .. لكن إهمالها لاحقا أو تجاوزها أو تطبيقها انتقائيا مجتزأة أو التعاطي معها على أساس عرقي أو طائفي، وليس على أساس وطني، أو اعتبارها لتجاوز مرحلة سيكون أمراً خطيراً لا نتمناه إطلاقا"، مضيفاً "أقول بإخلاص إن اعتبارها كسابقاتها سيكون المسمار الأخير في نعش التفاهمات السياسية بيننا".
وتتضمن المبادرة 15 بنداً، أهمها "تشكيل لجنة عليا برئاسة نائب رئيس الجمهورية وعضوية عدد من قادة الكتل السياسية يتفق عليها وعلى عدد المشاركين فيها بهدف تبني برنامج السلم الاجتماعي في العراق واعتماد كل الآليات المفضية إلى تحقيقه وتفعيله. معالجة الخلافات التي قد تستجد أو تحصل في المشهد السياسي بشكل توافقي وبما لا ينتقص من الصلاحيات الدستورية للسلطات ذات الاختصاص. الحرص على السلم الاجتماعي وتطوير العملية السياسية عبر تكريس المزيد من الديموقراطية والالتزام بالدستور واستكمال بناء مؤسسات الدولة والعمل على تقويتها واعتماد مبدأ الفصل بين السلطات. ما يصدر من اللجنة هي توصيات محترمة يسعى المشاركون في المبادرة لخلق الأجواء المناسبة لتنفيذها وبما يحقق مصلحة العراق وشعبه. مواجهة ظاهرة الإرهاب والميليشيات بكل أبعادها وتحديد سبل القضاء عليها نهائيا. يتبنى مجلس الوزراء وبالتنسيق مع رئاسة الجمهورية صياغة مشاريع القوانين اللازمة لحل المشكلات التي تبحثها اللجنة".
وكان الاجتماع الوطني انطلق بحضور الرئاسات الثلاث ورئيس "التحالف الوطني" إبراهيم الجعفري ورئيس "المجلس الأعلى الإسلامي" عمار الحكيم ورئيس "الكتلة الكردستانية" فؤاد معصوم وممثل رئيس إقليم كردستان روز نوري شاويس وعدد كبير من الوزراء والنواب وشخصيات عسكرية وعشائرية. كما حضر الاجتماع رئيس الوقف السني عبد الغفور السامرائي ورئيس الوقف الشيعي صالح الحيدري. في المقابل، فقد كان ابرز الغائبين رئيس الوزراء الأسبق اياد علاوي وزعيم "التيار الصدري" مقتدى الصدر ونائب رئيس الوزراء صالح المطلك.
في غضون ذلك، أعلن مصدر في وزارة الداخلية أن "عناصر من الشرطة عثروا على عشر جثث مجهولة الهوية ومصابة بطلقات نارية ... خلف معمل للأدوية" شرقي بغداد.
ولقي عشرة آخرون حتفهم إثر انفجار قنبلتين مزروعتين على جانب الطريق، إحداهما داخل سوق في أبو غريب غربي بغداد والثانية قرب متجر في منطقة النصر والسلام شرقي مدينة الفلوجة.