الشعور بالذنبيُستعمل مصطلح الشعور بالذنب guilt feeling في التحليل النفسي على نحو فضفاض، فقد يشير إلى حالة عاطفية تتلو فعلاً ما يعده الشخص مدعاة للوم الذات، مع أن تسويغ هذا اللوم قد لا يكون ملائماً، مثل ندامة المجرم على فعل اقترفه، أو توبيخ شديد للذات جراء عمل مشين،... أو يشير إلى شعور عائم بفقدان الاعتبار الذاتي من دون أن يكون لذلك صلة بفعل محدد يتهم الشخص به ذاته. ومن ناحية ثانية يفترض التحليل النفسي أن الشعور بالذنب، بوصفه نظاماً ، من الدوافع اللاواعية، يفسر التصرفات الخائبة والسلوك الجانح والآلام والمعاناة التي ينزلها الفرد بنفسه. ورد مصطلح الشعور بالذنب في الأدب النفسي الذي قدمه فرويد[ر] S.Freud في مقالته «الحداد والسوداوية» عام 1917م، وكذلك في الفصل الخامس من كتاب «الأنا والهو» عام 1923م. ارتبط الشعور بالذنب مع «عقدة أوديب»[ر.العقد والمركبات النفسية] إذ يشعر الطفل في سلم نموه وفي مرحلة معينة يشعر بالعداوة تجاه أبيه، وبالحب نحو أمه، مما يولد في نفسه مشاعر الذنب من جراء هذا الكره اللاشعوري للأب. ومن جهة أخرى تبلور هذا المصطلح من خلال نظرة «فرويد» إلى الجهاز النفسي الذي يتألف من ثلاثة مركبات هي: الهو id والأنا ego والأنا الأعلى superego. فالهو يعمل بحسب مبدأ اللذة، وهو يولد مع الإنسان، ويحتوي على كل ما هو موروث وما هو غريزي في الطبيعة الإنسانية، والأنا هو مجال الشعور، ويتكون بالتدريج من اتصال الكائن البشري بالعالم الخارجي، ويعمل بحسب مبدأ الواقع. والأنا الأعلى هو الدرع الأخلاقية للشخصية[ر]، ويمثل ما هو مثالي، لا ما هو واقعي، وينزع إلى الكمال بدلاً من اللذة. إن شاغله الأول أن يقرر ما إذا كان السلوك صائباً أم خاطئاً حتى يستطيع التصرف بناء على القيم الأخلاقية والاجتماعية. إن كل ما يدينه الوالدان ويعاقبان الطفل على إتيانه ينزع إلى أن يستدخل داخل ضميره، الذي يمثل أحد شقي نظام الأنا الأعلى، وكل ما يوافقان عليه ويثيبانه على إتيانه ينزع إلى أن يستدخل داخل أناه المثالي الذي يمثل الشق الآخر من نظام الأنا الأعلى. إن الضمير يعاقب الشخص، بأن يجعله يشعر بالإثم، ويثيب الأنا المثالي الشخص، بأن يجعله يشعر بالفخر بنفسه. وبتكون الأنا الأعلى يحل الضبط الذاتي محل الضبط الصادر عن الوالدين. وعلى العكس تماماً، حينما لا يتوافق الأمر مع الضمير، يعطي للشخص إحساساً بالذنب قد يصل إلى الشعور بالدونية وانخفاض كبير في تقدير الذات، مما يفسر كثيراً من السلوك الذي ينطوي على معاقبة الذات، وذلك لتخفيف الشعور بالذنب. وعليه فإن الأنماط السلوكية التكفيرية (المقصود التكفير عن الذنب) يقصد بها إعادة الاتزان النفسي عن طريق تخفيف الشعور بالذنب وإعادة قيمة الذات وتقديرها. وهذه الأنماط السلوكية تراوح ما بين السلوك الشعوري، مثل الاعتراف بالخطأ أمام الذات أو أمام الآخرين، والسلوك اللاشعوري مثل الاغتسال القهري في العصاب القهري[ر. العصاب] مثل: هوس النظافة الناجم عن استجابة قهرية يلجأ إليها المريض للتخلص من التوترات اللاشعورية الكامنة أو نسيان الإجابة في الامتحان وتذكرها بعد تسليم ورقة الامتحان، بمعنى معاقبة الذات لتخفيف الألم الناتج من الشعور بالذنب.
غسان أبو فخر