العراق تحت حكم المغول
المغول الثانية (1258 – 1335 )
عند وفاة الناصر في 1225 كان المغول تحت قيادة جنكيز خان ( المتوفى في 227 ) قد دمروا ولاية خوارزم شاه واحتلوا معظم اقسام ايران الشمالية. تمكن جيش الخليفة العباسي المستنصر ( 1226 – 42 ) حفيد الناصر من دحر الهجوم المغولي على اراضي العراق العربية. وتحت حكم ابنه المستعصم ( 1242 – 58 ) حاصر المغول بغداد في 1245 دون تحقيق نجاح . وان الفيضانات الفظيعة التي حدثت في الاعوام 1243 ، 1253 ، 1255 و 1256 خلخلت دفاعات المدينة، وخيرات المنطقة وثقة المواطنين.
في عام 1258 طوقت بغداد بقوة مغولية كبيرة يقودها هولاكو غير المسلم، حفيد جنكيزخان، الذي كان قد ارسل من منغوليا خصوصا لكي يتعامل مع العباسيين. وسقطت المدينة في 10 شباط 1258 واعدم المستعصم بعد ذلك بقليل. بالرغم من ان سلاطين المماليك في سوريا ومصر كانوا قد عينوا خليفة صوريا او "ظلا "في القاهرة، وبعد الاحتلال العثماني لمصر في 1517 استخدم السلاطين العثمانيون لقب الخليفة لحين انتهاء الخلافة العثمانية من قبل مصطفى كمال (اتاتورك) في 1924 ، وان موت المستعصم – آخر الخلفاء المعترف بهم عالميا – قد اشرانتهاء اعظم مؤسسة اسلامية دينية سياسية .
لقد دمر معظم مدينة بغداد فعليا ويقال ان 800,000 نسمة من سكانها قد ابيدوا. خفض ت منزلة المدينة اداريا الى مركز ولاية. اما بقية المدن في المنطقة العربية من العراق مثل الحلة والكوفة والبصرة فقد رضخت الى شروط الفاتح وابقيت على حالتها. اما الموصل في شمال العراق فقد اصبحت عاصمة ولاية دياربكر وديار ربيعة. كانت هاتان الولايتان تابعتين مثل المناطق العربية في العراق الى سياسة دولة الخان الثانية المغولية، والتي كان مقرها في اذربيجان . ( وبدورها دولة الخان الثانية كانت تابعة الى دولة الخان العظيم في الصين.)
بالرغم من ان بغداد قد تكون قد احتفظت بعض هالة المجد الرمزي للمسلمين، الا ان مدنا مثل تبريز في اذربيجان قد خلفتها بسرعة كمركز تجاري رئيس وقاعدة سياسية في المنطقة. اخذ حكم المغول في بغداد والموصل عموما طابع الحكم المشترك الذي يشمل الاداريين المدنين من المسلمين والمسيحين واليهود يسندهم آمر معسكر المغول.
على الرغم من انه كانت هناك بوادر في عهد جوفياني العائلة المسلمة من خراسان (1258 – 85) على نهوض بغداد من الدمار الذي عانت منه على ايادي المغول، وبصورة عامة فان العراق مر بفترة من الانهيار السياسي والاقتصادي الذي استمر لغاية القرن السادس عشر. وبعد ذلك وبالرغم من تحول محمود غازان من الخان الثانية(1295 – 1304 ) الى الاسلام والاصلاحات المركزية التي قام بها وزيره راشد الدين ( المتوفى في 1318 ) فاستنادا الى احد المصادر، فان واردات الدولة او الديوان في المنطقة العربية من العراق هبطت من اكثر من 30 مليون دينار قبل العهد المغولي الى 3 ملايين في 1335 – 40 .
الجلايريون ( 1336 – 1432 )
لقد تسلمت السلطة القبيلة المغولية التي ساندت الخان الثانية هوليغو واخيرا اعطوا ورثة سلالة خان الثنية كحكام للعراق واذربيجان. قامت سلالة الجلايرين باتخاذ بغداد عاصمة لهم ( 1336 – 1432 ).
كان حسن بوزرك مؤسس السلالة حاكما لبلاد الاناضول ( رم) تحت ابو سعيد من الخان الثانية ( والذي حكم 1317 – 35 ) . بعد موت ابي سعيد، سعى حسن بوزورك للسيطرة الحقيقية على الامبراطورية مع منافسه الامير الجوباني حسن كوجوك ( وكوجوك معناها الصغير لتميزه عن حسن بوزورك "العظيم")؛ ولقد وضعوا خانات للمنافسة. وبعيد ذلك انفرطت الامبراطورية الى ولايات محلية في الاناضول وايران واذربيجان وجورجيا و أرمينيا.
في هذه الاثناء كان حسن بوزورك قد اسس خطه في بغداد، والذي بدأ منه عمليات اثارة القلاقل ضد الجوبانيين. واخيرا قام ابنه الشيخ عويس ( 1356 –74 ) بفرض السيطرة على اذربيجان من صولدوز الجوباني في 1360 ، وبذا خلق قاعدة له في المنطقة العربية من العراق وفي اذربيجان. ووسع نفوذ الجلاليرين باحتلال اذربيجان (1360) ووضع عاصمة المظفرين فارس تحت سيادته (1361 – 64 ). اضافة الى مآثره ومآثر غيره العسكرية، فقد رعى التجارة وبرز اسمه في رعاية الشعر والرسم واخط. ونفذ بعض المشاريع العمرانية في بغداد.
ولقد تم تطويق واكتناف السلالة من قبل المهاجرين القادمين من الغرب وغزو العديد من القبائل التركية والمغولية. اما خانات الخوردة الذهبية، ورثة باتو فشلوا في الاستيلاء على اذربيجان في 1356 – 59 . قام الجلا ئريون الاواخر باستنفاذ طاقاتهم في مغامرات اجنبية وصراعات داخلية غير مثمرة.
خلال حكم سلطان احمد الجلائري (1382 – 1410)، تيمور ( تيمور بارلاس او تيمورلينك) غاز جديد من اسيا الوسطى، اخذ بغداد وتكريت في 1393 . واجبر السلطان احمد على مغادرة بغداد وطلب حماية المماليك في مصر لغاية موت تيمورلنك في 1405 . وبالرغم من ان السلطان احمد استطاع من اعادة احتلال عاصمته لفترة قصيرة، قام تيمور بمحاصرة بغداد واحتلالها في 1401 ، تاركا اياها خرابا لم تصح منه لغاية العهد الحديث.
ان الادارة التيمورية في المنطقة العربية من العراق، اولا تحت حكم تيمور وبعدئذ تحت حكم حفيده ابو بكر كانت متقطعة وقصيرة العمر: لقد سيطروا على المنطقة خلال السنوات 1393 – 94 ، 1401 – 1402 و 1403 – 05 . بعد وفاة تيمور، استعاد السلطان احمد جلاير السيطرة على بغداد لمدة من الزمن، ولكن كان قد قتل في 1410 في صراع مع حليفه السابق، قره يوسف ( 1389 – 1420 )، رئيس دولة الخروف الاسود ( قره قوينلو) ان الاتحاد القبلي التركماني من شرق الاناضول الذين اكتسحوا التيموريين من اذربيجان. اما ما تبقى من الجلائريين فقد دفعوا جنوبا الى الحلة وواسط والبصرة. واخيرا ابيدوا من قبل دولة الخروف الاسود في 1432 .