الحركة الإختبارية - شهادة النفس الزكية
تكون القوى الفاعلة في مكة عند ظهور المهدي عليه السلام كما تذكر الروايات ، ويدل منطق الأمور ، كما يلي :
الحكومة الحجازية ، التي تجمع قواها رغم ضعفها لمواجهة احتمال ظهوره، الذي يتطلع إليه المسلمون من مكة ، وتنشط له فعالياتهم في موسم الحج .
ومخابرات الدول الكبرى ، التي تعمل في مساعدة حكومة الحجاز وقوات السفياني ، أو بشكل مستقل ، لرصد الوضع في الحجاز ، وفي مكة خاصة .
ومخابرات السفياني ،التي تتعقب الفارين من قبضتها من المدينة ، وتستطلع الوضع لدخول جيش السفياني عندما يقتضي الأمر ، لضرب أي حركة مهدية من مكة .
وفي المقابل: لابد أن يكون لليمانيين دور في الحجاز وفي مكة ، خاصة وأن دولتهم الممهدة تكون قامت قبل بضعة شهور .
كما لا بد أن يكون لأنصاره الإيرانيين وجود في مكة أيضاً ، بل لابد أن يكون له أنصار أيضاً من الحجازيين والمكيين ومن عباد الله الصالحين في قوات حكومة الحجاز .
في مثل هذا الجو المعادي والمؤيد ، يضع الإمام المهدي أرواحنا فداه خطة إعلان حركته من الحرم الشريف وسيطرته على مكة .
ومن الطبيعي أن لا تذكر الروايات تفاصيل عن هذه الخطة ، عدا تلك التي تنفع في إنجاح الثورة المقدسة ، أو لاتضر بها .
وأبرز ما تذكره أنه عليه السلام يرسل شاباً من أصحابه وأرحامه في الرابع والعشرين أو الثالث والعشرين من ذي الحجة ، أي قبل ظهوره بخمسة عشر ليلة لكي يلقي بيانه على أهل مكة .
ولكنه ما أن يقف في الحرم بعد الصلاة ، ويقرأ عليهم رسالة الإمام المهدي عليه السلام ، أو فقرات منها ، حتى يثبوا إليه ويقتلوه بوحشية، داخل المسجد الحرام بين الركن والمقام . ويكون لشهادته المفجعة أثر في الأرض وفي السماء !
تكون هذه الحادثة حركة اختبارية ذات فوائد متعددة ، فهي تكشف للمسلمين وحشية سلطة الحجاز، ومن ورائها القوى الكافرة . وتمهد بظلامتها وتأثيرها لحركة المهدي عليه السلام ، التي لاتتأخر عنها أكثر من أسبوعين ، كما أنها تبعث الندم والتراخي في أجهزة السلطة، بسبب هذا الإقدام الوحشي السريع .
وأخبار شهادة هذا الشاب الزكي في مكة ، متعددة في مصادر الفريقين ، وكثيرة في مصادرنا الشيعية ، وتسميه الغلام ، والنفس الزكية ، ويذكر بعضها أن اسمه محمد بن الحسن .
فعن أمير المؤمنين عليه السلام قال: ( ألا أخبركم بآخر ملك بني فلان؟ قلنا: بلى يا أمير المؤمنين . قال: قتل نفس حرام ، في بلد حرام ، عن قوم من قريش . والذي فلق الحبة وبرأ النسمة مالهم ملك بعده غير خمسة عشر ليلة . قلنا: هل قبل هذا من شئ أو بعده؟ فقال صيحة في شهر رمضان ، تفزع اليقطان ، وتوقظ النائم ، وتخرج الفتاة من خدرها) . (البحار:52/234 )
والظاهر أن عبارة: (قوم من قريش) مصحفة ، حيث لا يستقيم لها معنى .
وفي رواية طويلة عن أبي بصير عن الإمام الباقر عليه السلام قال: (يقول القائم لأصحابه: يا قوم إن أهل مكة لايريدونني ولكني مرسل إليهم لأحتج عليهم بما ينبغي لمثلي أن يحتج عليهم. فيدعو رجلاً من أصحابه فيقول له: إمض إلى أهل مكة فقل: ياأهل مكة أنا رسول فلان إليكم ، وهو يقول لكم: إنا أهل بيت الرحمة ، ومعدن الرسالة والخلافة ، ونحن ذرية محمد صلى الله عليه وآله وسلالة النبيين ، وإنا قد ظلمنا واضطهدنا وقهرنا ، وابتز منا حقنا منذ قبض نبينا إلى يومنا هذا ، فنحن نستنصركم فانصرونا . فإذا تكلم الفتى بهذا الكلام ، أتوا إليه فذبحوه بين الركن والمقام ، وهي النفس الزكية . فإذا بلغ ذلك الإمام قال لأصحابه: أما أخبرتكم أن أهل مكة لايريدوننا ! فلا يدعونه حتى يخرج ، فيهبط من عقبة طوى في ثلاث مئة وثلاثة عشر رجلاً ، عدة أهل بدر ، حتى يأتي المسجد الحرام فيصلي عند مقام إبراهيم أربع ركعات، ويسند ظهره إلى الحجر الأسود، ثم يحمد الله ويثني عليه ، ويذكر النبي صلى الله عليه وآله ويصلي عليه ، ويتكلم بكلام لم يتكلم به أحد من الناس). (البحار:52/307 ).
وطُوى: أحد جبال مكة ومداخلها ، وما ورد فيها عن النفس الزكية قوي في نفسه ، لكن المرجح في كيفية ظهوره عليه السلام أنه وأصحابه يدخلون المسجد فرادى ، كما يأتي .
وقد أورد ابن حماد ص89 و91 و93 عداة أحاديث حول النفس الزكية الذي يقتل في المدينة ، والنفس الزكية الذي يقتل في مكة منها ص93: (إن المهدي لايخرج حتى تقتل النفس الزكية ، فإذا قتلت النفس الزكية غضب عليهم من في السماء ومن في الأرض ، فأتى الناس المهدي فزفوه كما تزف العروس إلى زوجها ليلة عرسها ، وهو يملأ الأرض قسطاً وعدلاً ، وتخرج الأرض نباتها وتمطر المساء مطرها ، وتنعم أمتي في ولايته نعمة لم تنعمها قط ). (وابن أبي شيبة :15/199)
وفي ص91 عن عمار بن ياسر قال إذا قتل النفس الزكية وأخوه ، يقتل بمكة ضيْعةً نادى مناد من السماء: إن أميركم فلان ، وذلك المهدي الذي يملأ الأرض حقاً وعدلاً). انتهى
منقول