المسخ الباطني
إن من المعلوم ارتفاع عقوبة المسخ والخسف في أمة النبي الخاتم إكراماً لمن بعثه الله تعالى رحمة للعالمين ، فكان مثَلَه في هذه الأمة كمثل البسملة للبراءة في أنهما لا يجتمعان ..فلم نعهد انقلاب العباد إلى قردة وخنازير كما في القرون السالفة ، كما لم نعهد إمطار الأرض بالحجارة ، وقلب الأرض عاليها سافلها كما في قوم لوط ..إلا أن هناك عقوبة أخرى شبيهة بتلك العقوبات وهي المسخ في ( الأنفس ) ، والخسف في الأفئدة و( العقول ) ..وهو ما يتجلى لنا في حياة بعض المنتسبين إلى الشريعة الخاتمة ، فنرى (مسخاً ) واضحاً في النفوس يجعلها لا ترى الصواب في العقيدة والعمل ، ولا ترى المنكر منكراً ، ولا المعروف معروفاً ، بل ترى المنكر معروفاً والمعروف منكراً ..كما نرى ( خسفاً ) بيّناً في القلوب ، لافتقاد سلامتها في ترتيب طبقات القلب ، منشؤه الخطايا العظام ..ومن المعلوم أن أثر هذا الخسف في القلوب ، هو جهلها ما فيه رداها ، وبغضها ما فيه حياتها .