في زمن اللاصدق علينا أن نتغير ونكون في تجارتنا شياطين وفي أعمالنا كسولين وفي الحب نتلاعب بمشاعر الآخرين.. مع الكاذبين نكون مهادنين ومع الحرباء متجانسين ومع الثعالب ماكرين ومع الأفاعي سموما أقوى في غدد احاقدنا محملين .
بعد أن وجدت إن الكذب قد ساد و إن الحيلة قد كثرت
أصبحتُ أُسئ الظن لأنها مطلب زماننا هذا وليس مطلبي،
لذا عليّ أن أتغير.....
هناك رغبة كبيرة لليقظة في الصباح الباكر لولا رغبتي الأقوى للنوم لعنة على الساعة السابعة في عالمي وجميع العوالم....
وهناك رغبة كبيرة في تغيير نفسي التي لم أكُ أحبذها في الوقت السابق ولم تكُ في حساباتي في يومٍ ما!
طالما المراَة لم تكذب ولا تخفي الحقائق، سألتها هل مر عبر العصور من أمامك من هو أوسم مني؟
صمتت ولم تُجِبْ على سؤالي ففهمت من ذلك أنها لا تريد جرح مشاعري! رغم أنها لم تكُ كذلك لأنها تواجه كل شئ بحقيقته من دون الشعور بالخجل أو الذنب ، فقلت ربما لديها استثناء ما في عدم الرد على سؤالي؟
فأصبحت عندي القناعة الكاملة بأنني لا أتحمل مسؤولية نفسي لذا فالفضولية تسيطر علي!
رحت أتحدث مع أحد اصدقائي وقلت له أنني لا أريد أن أبقى كما أنا!
فقال هل تحب التغير للأحسن؟
فقلت له متأسفاً لم يكُ هناك أسوءَ مما أنا فيه لكي أختاره.
راح يبحث بين الكتب والأقراص المضغوطة وهو يطمئنني بأن هذا الأمر ليس صعباً بما أن العلماء يطرحون الحلول من خلال دراساتهم النفسية بسلوك الإنسان، فأهداني من مكتبته التي ترفل بموسوعة كبيرة من الثقافة قرصاً مضغوطاً عنوانه (كيفية التغيير)!
وقال ما عليك سوى ان تنصت إليه وتتبع الإرشادات بشكل جيد وستجد نفسك في وضع آخر! ولكن ثقتي معدومة في الجميع متخذاً القول المعروف (الثقة بالناس عادة سيئة)
]حكمتي [ وهذه الطبيعة لا أود ولا ارغب في تغيرها، فسألته هل جربت هذه الدراسة على نفسك فرد بنعم.
سكتُّ ولم اقل له أنني سأستفيد منه أو لا، لأنني لم ار في صاحبي أي تغير.. فعزوت ذلك إلى بَلادَتي أو أنني لم اكُ دقيقاً في ملاحظتي!
أحيانا يكون للبلادة طعم جميل في الحياة!
رغم أنها محبطة للذين يكافحون من أجل التغيير دون جدوى، ولكون البلادة التي أحملها كانت سبباً في سعادتي عندما أخذت القرص المضغوط إضافة الى ذلك هناك سبب آخر في تلك السعادة وهي رغبتي الحمقاء في التغيير.
بصراحة مللت من كلمة التغيير التي هي شعارٌ لدى الناس والآن اصبحت هدفي.. يا لها من رغبة حمقاء!
عليَّ أن أجرب وسأتغير وأكون مثل الناس قبل أن تَمَسَّهُم حضارة التغيير ، المهم أنني سأتغير.
دخلت غرفتي وأخذت أنصت للمحاضر الذي طلب مني أن أصغي إليه وأترك كل ما يجول بخاطري وأركز في نقطة واحدة في أعلى السقف، استجبت إلى مطلبه وفهمت من كلامه إن الذين يحاولون التغير عليهم أن يستلقوا تحت السقوف وأخذا في اللغو عن طبيعة الأنهار والطيور والفراشات والقمر والمناظر الطبيعية الخلابة عند غروب الشمس والحب، لا أكتم عليكم خوفي فالأمر أصبح مريباً! لأنني لا أعرف إلى أي نوع من المخلوقات سأتحول، ولكن استمعت إليه بشكل جيد ولم أدعْ أية فقرة تغادرني.
وبعد أن إنتهى المحاضر من توجيهاته القيمة خرجت من غرفتي لأتفاجئ بصدمة لم تكن في الحسبان! فكل من حولي عرفوني! قلت في نفسي لعلهم كانوا يتجسسون على ما أسمع وشملهم التغير الذي طراء عليه فتغيرنا جميعا.
وعند المساء التقيت بصديقي وسألني هل استمعت إلى ما في القرص؟ أحسست أن في داخله شيئاً ما من خلال إلحاحه كأنه كان مسوؤلاً عني!
فأخبرته نعم إستمعت إليه ولم أترك منه شيئاً...
ثم سألني هل إستفدت منه......؟
هذا ما نفعله عندما نهدي شيئاً ما... نحاول معرفة الرأي لكي يمتدحنا لأننا قمنا بعمل ملائكي، ولكن لم أكُ أظنُ من صاحبي أن هذا مبتغاه! فأجبته لكي ارضي غروره، أن لهذه المادة تأثيرٌ فعالٌ وتم تغيير بعض الاشياء ولكن كان التغيير شاقولياً!
فسألني كيف ذلك؟
أجبته أنني أثناء استماعي وأنا في استرخاء تام وتركيزي على نقطة بالسطح وجدت الفلورسن معطوباً وبعض العيوب التي حلت بالسقف من أثر تصدع الزمن فقمت باصلاحهم.
إنها محاضرة رائعة ولكن في المرة القادمة سوف أعلق المحاضرة في السقف لكي أتغير أنا...
للأسف أصبح الصدق صفة مذمومة والطيبون يطالبون أنفسهم بالتغيير.. ماذا جرى في عالمنا هل استخففنا قيمنا أم إن عقولنا أصابها الجنون وقلوبنا مسَّها مرض الشياطين؟؟؟
جاسم الزركاني
14/4/2011